بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه . أما بعد:
فبعد دراستي لكثير مما كتب في مقدار الصاع بالمقاييس الحديثة تبين لي أن قرب الأقوال إلى الرجحان أن المد يساوي 508.75جرام
ومعلوم أن الصاع يساوي أربعة أمداد ،فإذن الصاع يساوي بالمقاييس الحديثة :
508.75 × 4 = 2.035 جرام .
أي كيلوان وخمسة وثلاثون جراماًَ كما جاء في معادلة الأوزان والمكاييل الشرعية بالأوزان والمكاييل المعاصرة للخطيب في مجلة بيت الزكاة 9/158 .
و مقدار الصاع بوحدة قياس الحجم "المللِّتر" عن طريق قياس حجم وزنه بالجرام ؛ وهو (2.035 جرام) وهي تعادل(2,430) مللتر من البر الجيد المتوسط ، أي لتران وأربعمائة وثلاثين مليلتر . إذا تبين ذلك فأشرع في الكلام عن ثلاث مسائل من حيث المقدار الذي يخرج فيها وهي :كفارة اليمين ،وفدية الإطعام لمن عجز عن الصوم ،و مقدار زكاة الفطر. وهي مسائل تمس الحاجة إلى العلم بها . 1ـ كفارة اليمين :من حلف بالله أو اسماءه أو صفاته أو حرم على نفسه ما أحله الله ثم حنث في يمينه لزمه كفارة ذلك وهو مخير بين ثلاثة أشياء :وهي :إما إطعام عشرة مساكين ،أو كسوتهم ،أو تحرير رقبة .
ومعنى إطعام عشرة مساكين :هو تمليكهم لذلك أي إعطاءهم المقدار الواجب في الإطعام، ليتصرّفوا فيه تصرّف الملاّك فيما يملكون. لكل مسكين مُدٌّ من البر، أو نصف صاع من غيره وهو قول ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت وعطاء و مالك والشافعي
ومقدار مد البر هو : 508.75جرام أما إذا كان الطعام من غير البر فيجب فيه مدين وهما نصف صاع ويساوي 1,0157.سواء من الأرز أو التمر أو الزبيب أو نحو ذلك من الطعام الذي يقتات.
والمراد بالكسوة :هو الثوب الذي يسترالرجل في الصلاة بحيث تصح الصلاة . وللمرأة درع وخمار .والدرع هو :القميص . والخمار هو :غطاء الساتر للرأس.
والمراد بتحرير رقبة :هو عتق الإنسان المملوك لأخر وهو ما يسمى بالرقيق أو العبيد ،وهذا لايكاد يوجد في عصرنا غالباً ،ولابد أن يكون هذا الرقيق مسلماً .
فمن عليه كفارة اليمين فهو مخير بين هذه الكفارات الثلاث فإن فعل أحدها فقد فعل الكفارة ،فإن عجز الإنسان عن فعل أي منها فيكفيه أن يصوم ثلاثة أيام .فلا يجوز أن يعدل المكفر عن الإطعام أو الكسوة أو العتق إلى الصيام إلا في حالة العجز عن إحدى الثلاث، فالصوم لم يكن على سبيل التخيير بل كان في حالة العجز فقط عن فعل شيء من الثلاثة ،وهي (العتق، أوالإطعام، أوالكسوة) فإن عجز عن ذلك فإنه يعدل حينها إلى الصوم.
قال الله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89] ولا تجزئ إباحة الطعام لهم بأن يطبخه ويأذن في أكله ،بل يجب عليه تمليكهم له دون طبخ، لكي يتصرفوا فيه كما يريدون ، فلو طبخه فغدّى المساكين أو عشّاهم فلا يجزئ، لأنّ المنقول عن الصّحابة الإعطاء ، ولأنّه مالٌ واجبٌ للفقراء شرعاً، فوجب تمليكهم إيّاه كالزّكاة.وطبخه لهم لايحصل به من الفائدة لهم كما لو تملكوه ليتصرفوا فيه كما يحبون بما أجازه الله تعالى.وهذا خلافاً لمن أجاز طبخه لهم وهوما يسمى بالإباحة وهو قول لبعض العلماء رحمهم الله تعالى .واما التمليك فلا خلاف في جوازه قال الإمام الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن (ولا خلاف في جواز التمليك) 4/117 ط دار إحياء التراث العربي .
2ـ فدية الإطعام عند العجز عن الصيام :إذا عجز المسلم عن صيام رمضان بسبب المرض الذي لايرجى أن يبرأ منه أي ليس هناك أملاً في الشفاء حسب التقارير الطبية فلايلزمه الصيام ويجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكين واحد، مد بر أو نصف صاع من غيره .كما سبق بيانه في كفارة اليمين .
كذلك لومات الإنسان وعليه أيام من رمضان ولم يبادر إلى قضاءها بل سوّف حتى مات فإنه يطعم عنه وارثه عن كل يوم مسكين .مدبر أو نصف صاع من غيره.كما سبق في كفارة اليمين . ومقدار مد البر هو : 508.75جرام أما إذا كان الطعام من غير البر فيجب فيه مدين وهما نصف صاع ويساوي 1,215ويساوي 1,0157..سواء من الأرز أو التمر أو الزبيب أو نحو ذلك من الطعام الذي يقتات.وإن كان معتمد مذهب الحنابلة لايجيز الانتقال عن الأصناف الخمسة إلا في حالة العجز عنها والأصناف الخمسة هي:البر والشعير والتمر والزبيب والأقط .فإن لم يجد جاز له غير ها من حبوب قوت البلد كالأرز والعدس والفول ونحوها .ولكن في المذهب رواية بجواز إخراجها من أي قوت في البلد وهو قول الجمهور وفيه توسعة على الناس وهو أيسر .
3ـ مقدار زكاة الفطر: يخرج عن الشخص الواحد:صاع ويساوي 2.035 جرام .
أي كيلوان وخمسة وثلاثون جراماًَ تقريباً .من برأوتمر أو زبيب أو شعير ويجزئ دقيق البر والشعير إذا كان وزن الحب و ما يقوم مقامه من حب يقتات كذرة ودخن وباقلا والأرز ونحوها من الأطعمة التي تقتات .بخلاف الأطعمة التي لاتقتات مثل الملح أو السكر أو البهارات أو نحوها فلا تصح في زكاة الفطر ولا في الكفارات لأنها ليست بقوت بل هي محسنات فقط.
تنبيه مهم
حدد بعض الباحثين مقدار الكفارة(3كيلو جرام ) وبعضهم (2600)جرام أي كيلوان وستمائة جراماً. وبعضهم قال (2157) جرام أي كيلوان ومائة وخمسة وسبعون جراماً.فمن أراد أن يحتاط لنفسه فيخرج حسب أحد هذه الأقوال فهو أفضل له .ليضمن أنه أخرج المقدار الواجب وما زاد فهو صدقة .وإن أقتصر على المقدار الأقل الذي ذكرته في البحث كما تبين لي من بحث الشيخ الغفيلي وغيره فله ذلك .والأمر فيه سعة والاحتياط أكمل وأحسن.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
كتبه:ماطر بن عبدالله آل غنيم الأحمري
التعليقات (0)