مقتل الطفلة جولماكي محمد كريم
الحرب الأمريكية في أفغانستان أصبحت محل سخرية كل العالم بعد أن تكشف للجميع بمن فيهم الرأي العام الأمريكي مدى المأساة المتمثلة في الإستهزاء بأرواح البشر من المدنيين في حرب غير حقيقية وشبه ألكترونية وعشوائية في أحيان كثيرة لا طائل من ورائها ولا هدف حقيقي تحققه على الواقع في الأرض وبعيدة كل البعد عن أهدافها المعلنة أو إنجازاتها المزعومة .. وأن العمليات الحربية هناك لا تعدو كونها خروج دوريات عسكرية بين الحين والآخر للتجول في طرقات آمنة أو وسط قرى بدائية تحت ستار الخوف والحرص على الحياة تنتهي عادة بقصف صاروخي لا ينتج عنه سوى ضحايا من المدنيين الشيوخ والأطفال والقواعد من النساء.
قصة مقتل الطفلة الأفغانية "جولماكي" ذات الأربعة عشر ربيعا قدمها إلينا المصور الأمريكي "آدم فيرجسون" موثقة بعيون الكاميرا لتفضح المزيد من حجم المهزلة التي تدور في أفغانستان.
في 28 يوليو 2010م أثناء مرور دورية من الكتيبة الثالثة التابعة لقوات المارينز الأمريكية المحتلة في أفغانستان من أمام قرية شمال "مورجان" . سمع أفراد الدورية صوت طلق ناري قطع الصمت السائد فصرخ الجنود "هجوم" وركضوا متدافعين للإختباء خلف ساتر عبارة عن حائط متهالك من الطين كان قريبا منهم .
حاول الجنود تحديد موقع مطلق الرصاصة (رجل يتوارى خلف كومة من القش موضوعة أمام بيت من بيوت القرية على بعد 250 متر من مخبأهم خلف حائط الطين القديم.
إتصل الملازم "جوهان" قائد الدورية يقاعدته العسكرية القريبة وطلب منهم المساعدة بعد أن حدد لهم الموقع الجغرافي للهدف بدقة عبر الأجهزة الألكترونية التي تحملها الدورية .
وإن هي إلا دقائق حتى تساقطت القذائف بغزارة على كومة القش وخلفها وتعالت أصوات الإنفجارات المدوية ثم إنتهى القصف وساد المكان الصمت الرهيب من جديد وجنود المارينز لا يزالون مختبئين داخل حجرة طينية في بيت خالي لجاؤا إليه أثناء القصف. دون أن يجرؤ أحدهم على الذهاب إلى الموقع الذي تعرض للقصف للتأكد ما إذا كان المجاهد الأفغاني مطلق الرصاصة قد قتل من عدمه.... سبحان الله لايقاتلونكم إلا في بروج مشيدة (دبابات وطائرات وبارجات) أو من وراء جـدر (جمع حوائط أو إستحكامات).
يقول المصور "فيرجسون" الذي كان مرافقا للدورية :
رأيت جنود الولايات المتحدة بعد فترة من نهاية القصف يتبادلون فيما بينهم الإبتسامات ويقسمون بسعادة أنهم تمكنوا من تصفية الهدف .
ولكن الإيتسامات لم تستمر طويلا . فيعد ساعة ونصف الساعة وخلال بحث الجنود عن ملجأ آمن لهم داخل القرية إقترب منهم رجل أفغاني عجوز أبيض الشعر ليخبرهم أن إبنة شقيقه البالغة من العمر (14) سنة قد لقيت حتفها بعد أن إخترقت شظايا القذائف الصاروخية الأمريكية جسدها الصغير.
خوفا من أن يكون في الأمر خدعة وكمين فقد آثر جنود المارينز عدم الذهاب إلى الموقع الذي تعرض للقصف للتحقق من صدق قول العجوز الأفغاني أو التأكد عما إذا كان مطلق الرصاصة قد قتل أم هرب . ولكن بعد قليل عاد العجوز الأفغاني يقود تراكتور يحمل في مقطورته والد الطفلة القتيلة وأفراد أسرتها وجثة الطفلة القتيلة "جولماكي".
قائد دورية المارينز الملازم "كيفان جوهان" أثناء مواجهة أسرة القتيلة جولماكي له.
العربف " ناثانيل ماتوس" يخجل من النظر إلى جثمان ضحيته البريئة الطفلة جولماكي
من خلال إستعانته بالمترجم المرافق للدورية إستفسر قائدها عن إسم والد الطفلة القتيلة فعرف أنه "محمد كريم" . وتوجه إليه الملازم بالحديث مبديا أسفه ومعبرا عن إعتذاره مما جرى ....... أو على رأي كوكب الشرق أم كلثوم "يبوس القدم ويبدي الندم على غلطتو في حق الغنم" .... ولم لا فقد علموه في بلاده أن المسلمين والعرب ليسوا ببني آدميين.
...
سخر الأب الحزين "محمد كريم" من حديث الملازم الأمريكي وقال له : والآن ماذا أفعل بالأسف؟ هل سيعيد طفلتي إلى الحياة ؟ .... ثم حملت الأسرة جثمان فقيدتهم الصغيرة ببطء وغادرت المكان
جثمان الطفلة القتيلة "جولماكي" مسجى داخل منزل أسرتها قبيل إنهاء ترتيبات دفنها.
فإلى جنات الخلد أيتها الصغيرة البريئة وذنبك يوم الحساب معلق على رقبة كل من تسبب في سلبك حياتك دون وجه حق
التعليقات (0)