"حدث أن كان هناك اجتماع بين السيد الرئيس " محمد حسنى مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلى فى " شرم الشيخ " منذ فترة ليست بعيدة لا أذكرها تحديدا ، وكان الاجتماع مخصصا لبحث مسألة السلام الشامل ، وحل القضية الفلسطينية ، وفى يوم الاجتماع ضربت الطائرات الإسرائيلية غزة ، ردا على صاروخ أطلقه الإخوة المجاهدون فى غزة أصاب الفراغ فى إحدى المستوطنات الإسرائيلية وأعلنت وزارة الخارجية المصرية احتجاجها على ضرب غزة ، وعلى توقيت الضرب - جزى الله وزارة الخارجية خير الجزاء - ، والخارجية المصرية فعلت ذلك الاحتجاج - وهو ليس من طبعها - خوفا من أن يترسب فى ذهن وعقل وقلب المواطن المصرى والعربى أن توقيت ضرب غزة أمر مقصود ومتفق عليه بين القادة المجتمعين فى شرم الشيخ وحتى لا يدعى المزايدون : أن هؤلاء القادة قد اجتمعوا على القتل بدلا من اجتماعهم على السلام ، واعتذرت الخارجية الإسرائيلية محتجة بأن الضرب كان ضروريا ردا على الصاروخ الذى أصاب الفراغ فعكر صفو الهواء فى المستوطنة ، ثم مرت فترة وجيزة - لا أذكرها تحديدا - وجاء رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى شرم الشيخ فى لقاء قمة ضم الرئيس مبارك والعاهل " الأردنى " الملك عبد الله " ورئيس السلطة الفلسطينية " أبو مازن رجل السلام القوى لبحث موضوع السلام - كذلك - وفى صباح هذا اليوم أصدر القضاء المصرى حكما بالمؤبد على مهندس مصرى متهم بالتخابر لصالح إسرائيل ، إضافة إلى حكم آخر ضد ضابطين إسرائليين هاربين ، ولم تحتج وزارة الخارجية الإسرائيلية ، ولم تعلن أن توقيت صدور الحكم أمر مقصود لإفشال محادثات السلام فى شرم الشيخ ولكن الروح المعنوية فى الشارع العربى ارتفعت ، وصار هناك مؤشر قوى على أنه لا توجد ضغوط على المؤسسات العامة فى الدول العربية ، وأن اتخاذ القرار بعيد عن أية ضغوط ومع ذلك فلم تمض فترة وجيزة حتى تصدرت الأنباء والأخبار قضية " أشرف مروان " ، وجريمة قتله ، والغموض الذى أحاط بهذه الجريمة ، واتهام أشرف بالتجسس لصالح إسرائيل وخروج هذه التهم الخرقاء من إسرائيل نفسها - لا بارك الله فيها - ودار جدل واسع حسمه الرئيس " مبارك " بتصريحات واضحة وصريحة مفادها أن أشرف "مروان وطنى شريف ولا شك فى وطنيته وأنه قدم خدمات جليلة لمصر ، وأنه لا يصح الكشف عن أسرار الدولة - الآن - على الأقل ، ولا يمكن القول أن الرئيس مبارك سيغامر بهذه التصريحات فى حالة وجود أى شبهة ولو صغيرة ضد أشرف مروان ، الأمر الذى برأ ساحة أشرف مروان ، ورفع الر وح المعنوية للمواطن المصرى والعربى ، وأكد أن هناك رجالا يخدمون بلادهم فى صمت ، ولكن كان هناك - أيضا - وما زال حالة من الغيظ والغضب والرغبة فى الأخذ بالثأر من قتلة أشرف مروان ، وهؤلاء القتلة السفاحون المتمرسون على القتل لا يخرجون عن كونهم تابعين لجهاز الموساد، أو تابعين لعصابات تهريب السلاح ، أو تابعين للاثنين معا ، ولم تخفف من حدة الغضب الشعبى المكبوت الأخبار التى أعلنت موت جاسوس إسرائيلى كان معتقلا فى مصر يدعى الفيلالى ، أمضى فترة العقوبة وكان على أهبة الاستعداد للخروج من السجن ولكنه بدلا من أن يخرج حيا خرج ميتا ، وهذا الخبر لم يخفف حدة الغضب الشعبى ، ولم يكتم أصوات المطالبين بالأخذ بثأر أشرف مروان لأن ما حدث للفيلالى قد حدث قضاء وقدرا ولا توجد أى شبهة جنائية فيه ، إنه موت من عند الله عز وجل لا يصلح أبدا أن يكون " مزيلا " لجريمة قتل أشرف مروان فى لندن ...!!!
إذا كنا قد اتفقنا على أن اشرف مروان بطل مصرى خدم بلاده خدمات جليلة ، وشارك فى خطة الخداع وتمويه العدو فى حرب 73 ، وإذا ثبت أنه قتل عمدا فى لندن فإننى مع الأصوات الداعية لمواصلة التحقيق فى قضيته ، وكشف غموض الحادث البشع ومن ثم محاكمة القتلة محاكمة عادلة وبالقانون نفسه الذى يطبق فى لندن .!!!
التعليقات (0)