مواضيع اليوم

مقتطف من محاضرة برتراند راسل: لماذا لست مسيحيا؟

رشيد أوراز

2009-01-03 22:39:15

0

 

يقول برتراند راسل:

 

إنكم تتذكرون الجلبة التي أحدثتها رواية صامويل بتلر والمعنونة بـ Erewhon Revisited وهذه الرواية تتحدث عن شخصية هيجز الذي يسافر إلى بلدة نائية، وبعد إمضاءه لبعض الوقت هناك قرر أن يهرب بمنطاد مصنوع من البالون، وبعد عشرين سنة، ثاب إلى نفس البلدة، ووجد أن الناس كانوا قد ابتدعوا ديانة جديدة كانوا يعبدونه فيها، ويسمونه " ابن الشمس ". وقد آمنوا أن هيجز قد سافر إلى الجنة، ووجد أن موسم الاحتفال السنوي بصعوده إلى الجنة قد اقترب. وقد استمع خلسة إلى رجلين يتحادثان، وهما الكاهن هانكي والكاهن بانكي، ويقولان لبعضهما أنهما لم يحظيا بالفرصة لمقابلة السيد هيجز، وأنهما لا يرغبان أبداً بذلك، لأنهما كانا كهنة الديانة. شعر هيجز بالغيظ يملأ صدره، ثم ذهب إليهما، وقال .. سأكشف كل هذه الألاعيب، وسوف أخبر الجميع أنني لست إلا رجلاً سافر بالمنطاد فحسب ولست إلهاً لهم. ثم أجاب عليه الكهنة وقالوا: يجدر بك أن لا تفعل هذا، لأن كل أخلاقيات البلدة تأسست على هذه الخرافة، فإذا عرف الناس هنا أنك لم تسافر إلى الجنة سيجحدون أخلاقهم وينحطون. واقتنع هيجز بما قاله الكاهنان، وقرر أخيراً أن يمضي بصمت عن هذه البلدة.

إن هذه هي الغاية من فكرة أننا سنصبح منحطين إذا ما تخلينا عن الدين المسيحي. يبدو لي أن الأشخاص الذين تدينوا كانوا هم الأكثر ذنباً. ولسوف تجدون هذه الحقيقة على درجة من الخطورة، فكلما ازدادت قوة الدين وصلابته في أي عصر من العصور، ازدادت الوحشية والقسوة وانقطعت الصلة في علاقات البشر. ففيما يسمى بعصور الإيمان، عندما كان المسيحيون يؤمنون قلباً وقالباً بتعاليم المسيح، كان هذا هو نفس الوقت الذي انتشرت فيه محاكم التفتيش ذات الجرائم الشنيعة، وهو نفس الوقت الذي أُحرقت فيه ملايين النساء بتهمة الشعوذة، وهو نفس الوقت الذي مورست فيه كل أشكال البشاعة والعنف ضد الناس وباسم الدين.

إنكم ستلاحظون في كل أنحاء العالم، أن كل دعوة للإنسانية، وكل تطور في مجال القانون، وكل دعوة لمناهضة الحرب، وكل دعوة لمناهضة العنصرية والعبودية، وكل دعوة إنسانية وأخلاقية حقيقية، ستلاحظون أن كل هذه الدعوات اتفقت كل الكنائس على محاربتها والتصدي لها بضراوة. إنني أصرح – وبكل ما أوتيت من ثقة – أن الدين المسيحي الممثل بكنائسه ومؤسساته، إنه هو الخطر الأكبر الممحق بأخلاق الإنسان.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات