مواضيع اليوم

مقترحات إيران لا تمنع غضب الكونجرس

ممدوح الشيخ

2009-11-11 14:40:41

0


مقترحات إيران لا تمنع غضب الكونجرس

خبير: إيران ما زالت تملك أوراق مساومة كثيرة
مشروع بالكونجرس: حظر على البنزين يليه حظر ملاحي يتوسع ليشمل الطيران

بقلم/ ممدوح الشيخ

 

 

بينما تقدمت إيران بحزمة مقترحات للحوار مع الغرب تعود مرة أخرى للكونجرس بقوة نغمة فشل سياسة الحوار والاحتواء التي تبناها الرئيس أوباما، وتواجه إدارته حاليا ضغوطًا متعددة لحسم موقفها من الملف النووي الإيراني، وتحديد النهج الذي سوف تتبعه حيال برنامجها النووي واستمرارها في أنشطة تخصيب اليورانيوم لاسيما بعدما أعلن المندوب الأميركي بالوكالة الدولية للطاقة الذرية جلين ديفيس تخوف بلاده من أن طهران تسعى لامتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي‏، مشددًا على أن إيران تمتلك أو تقترب من امتلاك كميات كافية من اليورانيوم اللازم لتصنيع سلاح بمجرد اتخاذ قرار رسمي بهذا الشأن.
ومع بداية دورة انعقاد الكونجرس يبدأ مجلسا الشيوخ والنواب بحث فرض عقوبات جديدة على طهران إذا لم تستجب للجهود الدبلوماسية وترد بصورة إيجابية على دعوة أوباما للتفاوض برنامجها النووي في مهلة أقصاها نهاية سبتمبر الجاري. السيناتور زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ اعتبر أن الكونجرس يحاول منح أوباما أدوات جديدة قد تصيب الاقتصاد الإيراني بالشلل التام في فشل الحوار.
وقد عقد في مايو 2009 المؤتمر السنوي للجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية أيباك رعاية 3 من أعضاء مجلس الشيوخ الموالين لإسرائيل هم: إيفان بايه وجوزيف ليبرمان وجون كايل مشروع قانون يتضمن عقوبات جديدة تم تأجيل طرحه للتصويت في الكونجرس إلى دورة الانعقاد الحالية. وقد أيد المتحدث باسم إيباك جوش بلوك تفعيل مشروع القانون سالف الذكر إذا رفضت طهران وقف التخصيب، ولا يستبعد محللون في واشنطن أن يكون طرح الاقتراح الإيراني محاولة استباقية لإجهاض توجه الكونجرس لفرض عقوبات أشد وطأة.
وبدأ الإعداد لبحث تشديد العقوبات على طهران في إبريل الماضي عندما تقدم النائب الديمقراطي هوارد بيرمان رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب بمشروع قانون لفرض عقوبات على الشركات والمستثمرين الأمريكيين الذين تتجاوز استثماراتهم حوالي 20 مليون دولار في القطاع النفطي الإيراني. بالإضافة لفرض عقوبات على الشركات التي تقوم بتصدير البنزين المكرر إلى طهران استغلالاً لاعتماد طهران على استيراد حوالي 40 % من استهلاكها المحلي من البنزين. ينص مشروع القانون على معاقبة الشركات الأوروبية والأجنبية التي تصدر البنزين لإيران بحرمانها من عقود التوريد لأميركا أو الحصول على ضمانات بنكية وقروض من البنوك ومؤسسات التمويل الأميركية.
ولم يكن فرض عقوبات على مصدري البنزين لطهران سوى تطوير لمقترح أوباما خلال حملة الانتخابات الرئاسية. ففي تصريح له في أكتوبر 2008 قال إنه "إذا تمكنت أميركا من منع ورادات إيران من منتجات النفط المكرر فستتمكن من الضغط عليها لإعادة تقييم سياستها النووية".
ومن ناحية أخرى شهد مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون مماثل للعقوبات على طهران من قدمه الأعضاء إيفان بايه وجوزيف ليبرمان وجون كايل يشمل تشديد العقوبات على فروع الشركات الأميركية في الخارج التي تعقد صفقات تجارية بشكل غير مباشر مع شركات إيرانية بما يتجاوز حدودا مالية معينة في مختلف القطاعات. وفي أغسطس 2009 طالب كل من: السيناتور جون كايل والسناتور جوزيف ليبرمان مكتب المحاسبة بتوسيع قائمته للعام 2007 المكونة من 30 مستثمرًا أجنبيًّا محتملاً في قطاع الطاقة الإيراني "بحيث تشمل أي كيان وكل الكيانات" التي تصدر البنزين وسائر المنتجات البترولية المكررة إلى إيران. فضلاً عن جميع الكيانات ذات الصلة بتجارة المنتجات البترولية المكررة مع إيران مثل تلك التي توفر السفن لنقل المنتجات النفطية والشركات التي تؤمن على الشحنات.
وأكدا النائبان أن "إعداد هذه القائمة سيكون ذات فائدة عظيمة للكونجرس إذا بحث تعديل قانون عقوبات إيران لفرض مزيد من الضغط على تلك الكيانات التي تزاول أنشطة تجارية في إيران" لاسيما على مستوى تحديد نوع "العلاقة التجارية" القائمة بين الشركات الموردة للوقود والحكومة الأميركية. ومن شأن التشريع المزمع أن يمنع بنك الصادرات والواردات الأمريكي من تقديم قروض للشركات الأجنبية التي تمد إيران بالبنزين.
وقد بدأ المشروعان في مجلسي الشيوخ والنواب في اجتذاب تأييد قيادات وأعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي على السواء بحيث من المرجح أن يحظى التصويت على مشروعيهما للعقوبات بأغلبية تسمح بتمريرهما دون تعقيدات، حيث يحظى المشروع المقدم لمجلس الشيوخ بتأييد حوالي 71 عضوًا، بينما يحظى المشروع المقدم لمجلس النواب بتأييد حوالي 260 عضوًا. وتم تأجيل طرح المشروع للتصويت في دورة الانعقاد الماضية انتظارًا لما تسفر عنه الجهود الدبلوماسية المبذولة من جانب إدارة أوباما.
والمشروع يتوقع أن يدفع الشركات الأميركية والأجنبية للاختيار بين التعامل التجاري مع إيران التي لا يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي 250 مليار دولار أو الإفادة من فرص الاستثمار في الاقتصاد الأمريكي الذي يتجاوز حجم ناتجه المحلي الإجمالي حوالي 13 تريليون دولار، حيث الجمع بين التعاملات التجارية مع الدولتين في آن واحد لن يكون متاحًا بأي حال. والعقوبات الجديدة التي تضمنها المشروعان سالفا الذكر يشكلان مخططا متكاملا للضغط على إيران يتضمن 3 مراحل رئيسة لحصارها اقتصاديًّا: تعتمد المرحلة الأولى على تقويض ركائز قطاع الطاقة في إيران، بتقييد كميات النفط المصفى التي تستطيع إيران استيرادها، بالتوازي مع فرض عقوبات مالية على طهران، كمنع تأمين صفقات اقتصادية إيرانية وفرض عقوبات على النشاط الخارجي للبنوك الإيرانية وبينها البنك المركزي الإيراني، وهو ما سيضع عراقيل أمام التجارة الدولية الإيرانية. المرحلة الثانية تتضمن فرض حظر على السفن الإيرانية، ومنعها من أن ترسو في الموانئ الأوروبية والأميركية، على أن تشمل المرحلة الثالثة منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في أي من المطارات الأوروبية أو الأميركية
وبشكل عام أسهمت المنظمات اليهودية الموالية لإسرائيل في بلورة توافق تشريعي حول فرض عقوبات جديدة على طهران، ففي 10 سبتمبر الجاري عقدت لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية أيباك اجتماعًا لقادة الكونجرس الأمريكي والمسئولين بإدارة الرئيس باراك أوباما، لبحث السبل الكفيلة بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. وحضر الاجتماع أعضاء بارزون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مثل النائب الديمقراطي هوارد بيرمان رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب وجون بوينر زعيم الأقلية الجمهورية. بالمجلس فضلاً عن عقد القيادات اليهودية الأمريكية للقاءات موازية مع سفراء ومسئولي دول بينها إيطاليا والهند وروسيا لشرح أهمية وجود جبهة دولية موحدة ضد إيران.
ويأتي هذا التحرك النشط من جانب المنظمات اليهودية الموالية لإسرائيل قبيل أيام من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الجاري ومن المرجح أن يحضرها الرئيس الإيراني. وأكد جيس هورديز مدير منظمة مناهضة التشهير اليهودية في واشنطن أن العقوبات قد تكون بداية ضغوط أميركية جادة تدفع طهران لتغيير سياساتها.
وفيما يتصل بفاعلية العقوبات يرى جال لوفت رئيس هيئة تحرير دورية أمن الطاقة الصادرة عن معهد تحليلات الأمن العالمي أن العقوبات الجديدة قد لا تكون ذات فاعلية كبيرة في الضغط على إيران مرجحًا أن إيران ستتمكن من الاستمرار في برنامجها النووي بعد إقرارها وذلك بالنظر إلى تغير واقع قطاع الطاقة الإيراني وهيكل الاستثمارات به خلال العام الجاري. وقد شملت التغيرات تقلص الواردات الإيرانية من البنزين خلال عام 2009 إلى حوالي 25 % من الاستهلاك المحلي، ومن المرجح ألا تتجاوز خلال عام 2010 حوالي 15 % فقط من استهلاكها، وبحلول عام 2012 ستتمكن طهران من الاكتفاء ذاتيًا من إنتاج البنزين المكرر إذا استمر نمو الصناعات التكريرية على مستواه الراهن، وهو ما توازى مع إعلان الحكومة الإيرانية عن برنامج للاعتماد على الغاز الطبيعي كبديل للبنزين في السيارات والمصانع مع توفير دعم حكومي كامل لهذا الاتجاه، وبخاصة أن إيران تمتلك ثالث أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم بما يقدر بحوالي 16% من إجمالي الاحتياطات العالمية. أي أن إيران أنجزت بالفعل إحلال حوالي 10 % من استهلاك البنزين المحلي بالغاز الطبيعي، ومن المرجح أن تتصاعد هذه النسبة بالنظر إلى انخفاض سعر الوحدة الحرارية من الغاز بالمقارنة بالبنزين.
من ناحية أخرى فإن الشركات الأميركية لا تعد بأي حال من الموردين الأساسيين للبنزين المكرر لإيران والموردون الأساسيون يمكنهم تأسيس فروع مستقلة بإيران لتوريد البنزين بحيث لا تتأثر بالعقوبات الأميركية وتعتمد على التمويل والضمانات البنكية الإيرانية. وتعتمد إيران على الاستثمارات الصينية في برنامجها لتوسيع نطاق صناعاتها التكريرية وتقوم شركة سينوبك الصينية Sinopec في المرحلة الراهنة بزيادة القدرة الإنتاجية لمصانع التكرير الإيرانية في تبريز وشازاند بإضافة حوالي 3,3 مليون جالون يوميًّا لإنتاجهما من البنزين، كما أن اتجاه إيران للاستثمار في معامل تكرير مشتركة خارج أراضيها في ماليزيا وإندونيسيا وسوريا سيؤدي لمضاعفة إنتاجها اليومي من البنزين.
فضلا أن إيران تعد من أكبر منتجي الميثانول في العالم وهو أحد مشتقات الإيثانول الذي يتم اشتقاقه من المنتجات الزراعية إلا أن إيران تعتمد على الفحم والغاز الطبيعي في إنتاجه ولدى إيران حوالي 4 معامل كبرى لإنتاج الميثانول وتقوم حاليًا بإنشاء معملين جديدين لزيادة طاقتها الإنتاجية من الميثانول بحوالي 60%. كما وقعت إيران في مايو الماضي تعاقدات مع باكستان لإنشاء خط أنابيب غاز لإمداد السوق الآسيوي بالغاز الإيراني، كما أعلن وزير البترول الهندي عن رغبة بلاده في مد خط الغاز الإيراني إلى نيوديلهي للاعتماد على واردات الغاز الإيراني في توليد الكهرباء، وتواكب ذلك مع توقيع طهران تعاقدات مع تركيا لربط القارة الأوروبية بخط غاز إيراني يمر بمنطقة تركمنستان ليرتبط مع خط الغاز الأوروبي الجديد في نابوكو Nabucc الذي يمكن أن يدفع صادرات الغاز الإيرانية لقلب القارة الأوروبية، وبالتالي بإمكان إيران المساومة لفترة طويلة لاستبدال واردات البنزين بصادرات الغاز مع شركائها في أوروبا وآسيا.
ويحمل جال لوفت رئيس هيئة تحرير دورية أمن الطاقة الصادرة عن معهد تحليلات الأمن العالمي لواء الدعوة إلى أن العقوبات الأميركية التي يسعى الكونجرس لفرضها على طهران لن تكون بالفاعلية التي يتصورها قيادات الحزبين الجمهوري والديمقراطي كما أن تطبيقها على الشركات والمؤسسات الأجنبية لن يكون يسيرًا كما أن الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني أصبح مصلحة وطنية بالنسبة لبعض الدول وبخاصة الصين وروسيا ولذا تعارضان تصعيد الضغوط الاقتصادية على إيران لارتباطهما بشراكة تجارية متعددة المسارات معها.

ش




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !