دوستو تمو
سمعنا الكثير من الفتاوى الشرعية باسم الدين في الاونة الاخيرة، وجميعها تحمل على عاتقها مهمة ارتداد الدين الاسلامي ببعده التراثى والقيمى والفكرى عن مسيرة حضارية طويلة من الرقى الإنسانى كفتوى منع ارتداء النساء لبنطال الجينز، وفتوى تحريم الفيسبوك، حتى اننا اعتدنا على فتاوى تحليل الذبح والسلخ البشري.
ولكن كل هذا الابداع في تحريف الدين وتسييسه من قبل المرجعيات الدينية في جهة، والفتوى التي قرأتها قبل كتابة هذا المقال في جهة مغايرة كلياً، كالفتوى التي تبيح الجنس الجماعي وهي صادرة عن مقتدى الصدر أحد القيادات(الدينية/السياسية) الشيعية في العراق، ومؤسس جيش المهدي الذي اعلن عنه منذ تموزعام 2003، وتتضمن هذه الفتوى منح الموافقة لمجموعة من النساء اللواتي يلقبن انفسهن بالزينبيات لقضاء حفل متعة جنسية جماعية مع اعضاء جيش المهدي في احدى الحسينيات ويطلب مقتدى الصدرمنهن في موافقته عدم التبخل باجسادهن على جيش المهدي لان اجرهن سوف يكون اكبر، ولم يحدد اذا كان الاجر دنيوي ام اخروي(صورة عن النسخة الاصلية لموافقة الصدر مرفقة بالمقال)
يبدو أن الإباحية و الجنس الجماعى ما هما إلا وسيلة لاجتذاب الأتباع، والإمعان في إلغاء عقولهم، وسلب ارادتهم، وتحويلهم الى مجرد ادوات بشرية دوغمائية متشددة مطيعة ومنفذة لغايات سماحة السيد المجاهد الذي سخر الدين لخدمة مخططاته السياسية، ومارس به ومنه دوراً تخريبياً، وتحريضاً طائفياً في العراق من خلال التفنن باصدار الفتاوى التي تبيح ذبح المسلمين السنة، وتهجيرهم من بغداد، والاعتداء على اموالهم واعراضهم، وتشريد اطفالهم.
كما ان المثير في هذه الفتوى هو انها لاتمت الى تعاليم الدين الاسلامي بصلة لان ممارسة الجنس الجماعي لبلوغ ذروة اللذة تعتبر احدى شعائر عبادة الشيطان (كتاب " الجنس الجماعى الشيطانى عبر القرون " للمؤلف الفرنسي رولاند بريفان " المنشور في باريس عام 1904 م).
وعلى الرغم من ذلك فهم المؤمنون فقط، وكل من يخالفهم فى اعتقادهم الديني المنحرف يعتبر بمفهومهم كافراً، ومرتداً، ومصيره جحيم سيوفهم في الدنيا.
هذا التطرف الديني والمذهبي الذي ابتلا به الشعب العراقي، ولازال يعاني منه المواطن العراقي البسيط الباحث عن الهدوء والسكينة والعيش بسلام، ادى الى تطرف سياسي بعد دخول الاتجاهات الدينية والمذهبية والطائفية في العملية السياسية تحت ستار الديمقراطية الشعبية، ولكنها لازالت ترفض الاخر المتمايز عنها فكراً وعقيدة وقومية.
وبطبيعة الحالة الديمقراطية فإن التصنع واستخدام الشعارات الديمقراطية البراقة كوسيلة لبلوغ السلطة ينسف اسس المنطق الديمقراطي الفعلي القائم على التعددية والمشاركة والتوافق والحوار، ويكون كفيلا بايقاف عجلة التطور الحضاري في العراق الجديد.
لان مفهوم الديمقراطية ليس مجرد اسلوب للادارة، بل ايديولوجية عامة قابلة للتطور والتكيف مع العصر، وهي بعيدة كل البعد عن الثنائيات الطبقية والقومية والدينية والمذهبية والفكرية الحادة والمتصارعة والمتناحرة، وتؤسس الدولة على اساس المواطنة واحترام حقوق الانسان وتطبيق القانون وتحقيق العدالة والمساواة، وتؤمن ببقاء كل قومية او مذهب او طائفة محتفظة بما لديها من ثقافة خاصة دون الخوف من خطر الانغماس اوالابادة اوالضياع الحضارى.
dostocan@gmail.com
http://www.elaphblog.com/dosto
http://www.facebook.com/home.php?ref=home
التعليقات (0)