مواضيع اليوم

مقاومة الصهيونية

Ahmad Ahmad

2009-07-28 09:44:57

0

 المقاومة اللاعنفية الشاملة للصهيونية: مسؤولية الجميع الأخلاقية و التاريخية 

 

 أهناك من قيم و أسس مطلقة تجعل من المقاومة بشكل عام، و المقاومة للصهيونية تحديدا في حالتنا هذه، ضرورة أخلاقية وإنسانية؟ ما هي أطر العمل المقاوم اللا عنفي تحديدا و ما ارتباطها بمنظومة القيم هذه؟ وهل في ظل هذا يكون استرداد الأرض أو بعض الحقوق هدفا نهائيا للنضال ضد الصهيونية، وهل تكون "الحلول" طريقا مؤديا بنا إلى تقبلها، أو حتى الإعتراف بحقها في الوجود؟
-

مفهوم الصهيونية


يعرفها قاموس أوكسفورد لديانات العالم ك:"حركة عالمية سياسية ايديولوجية هدفها إعادة أرض إسرائيل الى الشعب اليهودي"، ولكن هذا التعريف، رغم النكهة العنصرية التي تفوح منه (حيث أنه لا يذكر أو يقيم وزنا لشعب كامل يسكن هذه الأرض)، لا يروي القصة كاملة. قد يفيد الذكر أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 بتاريخ 10-11-1975 وبعد نقاش مطول في آليات عمل الأنظمة العنصرية، تحالفاتها، وحقوق الإنسان قرر اعتبار الصهيونية وجها للعنصرية والتمييز العنصري (تراجعت الجمعية عن هذا القرار بموجب القرار 46
86 عام 1991 بعد تقدم مفاوضات "السلام").

أعتقد أنه لا يمكن تعريف الصهيونية فعليا بدون فهم الممارسات التي صنعتها منذ نشأتها، والتي دأبت الحركة على تطويرها و تحويلها الى الرافعة الي قامت الفكرة عليها، و "جسَدت" وجودها بها، وهذا لأن الصهيونية فعليا هي حاصل جمع كل هذه الممارسات التي تحولت الى مكونات فكرية وايديولوجية وعملية.
إن الصهيونية يرتبط وجودها – مبدئيا – بالتطهير العرقي لشعب يسكن "يرتز يسرائيل"، مع كل ما يشتمل عليه هذا التطهير من تشريد وإرهاب وقتل، وتحريض واستخفاف بالإنسان وأبسط حقوقه بسبب التسليم المطلق بحق العنصر اليهودي (الذي يصبح حتما متفوقا عنصريا لأنه دائما "أحق") بهذه الأرض. إن وجود الصهيونية واستمراريتها كما هي يعني تشريع ما سبق من جرائم، التعايش مع منطق القوة، والتسليم بالدونية العنصرية (فعليا، لا كلاميا) للشعب الفلسطيني (إقرأ العربي).

 

ألمقاومة اللاعنفية تحديدا
-
إن المقاومة بشكل عام تمثل حقا ناتجا عن قيم العدالة والمساواة والحرية، ولكنها في حالتنا هذه تكتسب قيمة مضافة من كونها تصير صراعا وجوديا، و نضالا ضد النظرة الدونية للشعوب العربية ورفضا لإيديولوجية القوة الظالمة، وهي ليست بأي شكل مبدأ قوميا عربيا أو دينيا إسلاميا فقط، ويجب ألا يكون هدفها النهائي محاربة الشعب اليهودي أو إزالة "دولة إسرائيل"..

الهدف الواضح والمبدئي للمقاومة يجب أن يكون "إزالة الإيديولوجية الصهيونية". هذا فعل صراع وجودي، ويجب الا نتهيَب من الجهر بالرفض المطلق لهذه الإيديولوجية ونتاجها (هذا ليس كرها للحياة أو تعبيرا غير حضاري) حتى في كل حواراتنا ونقاشاتنا مع أشخاص من الغرب (والذين كثيرا ما يتجاوبون بعد هذا الشرح!). إن معاهدات السلام لم تقدم أي شيء يذكر في ما خص هذا البعد المركزي من أبعاد الصراع، رغم أن إلغاء الصهيونية لا غنى عنه للتعايش السلمي والتناغم في منطقتنا.

 

إن البندقية والصاروخ، على الدور المهم الذي تلعبه في الصراع، ليس لديها كلمة الحسم العالية و مسموعة في ميدان المعركة الحضارية، الفكرية والإنسانية، ويجب علينا أن نفهم دور المقاومة الشاملة التي صار الآن (أكثر من أي وقت مضى) للشعوب العربية القدرة والمصلحة الكبرى في خوضها بطريقة تلعب دورا مهما في وضع حصار على الصهيونية والعنصرية. ترتبط هذه المقاومة اللاعنفية الشاملة ارتباطا وثيقا بقيمنا و بحضارتنا و تاريخنا.
-

إتجاهات المقاومة

 

لطالما شكونا من غياب التنظيم الصحيح، والدعم العربي الرسمي لحركات المقاومة، ولكن في ظل العولمة السريعة، القرية العالمية و عصر المعلومة والإعلام القائم على المساهمة الفردية تقل أهمية المجهود المركزي لصالح قدرة شبكات الأفراد ومساهماتهم وهذه الشبكات المستقلة من الأفراد الفاعلين في مختلف المجالات صار لها فرصة مهمة في إيصال صوتها والعمل الفاعل المنتج. إن المقاومة اللاعنفية تستفيد من الظروف العالمية الحالية، و صار يمكن (ويجب) العمل ضمن مختلف الأبعاد و الإستفادة من الزخم الذي يمكن كسبه من تناغم العمل، على المقاومة ذات:

 

1- البعد المعرفي (الحضاري التربوي التعليمي): إن هذا البعد هو الأكثر اتباطا بدوافع المقاومة، ويشكل الرافد المنطقي لباقي أوجهها. إدراك دوافع و أسباب الصراع، و فهم العدو وأساليبه و سبب العداوة يسهم بتوثيق العلاقة بين منظومة القيم المؤمنة بالعدالة والإنسانية وبين فعل المقاومة، و باقي وجوه الصراع. يجيب هذا البعد عن ال"لماذا" و ينمي الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية والحس الإنساني. لا بد أن تشمل المقاومة مناهج تعليمية حول القيم الإنسانية التي تدافع عنها، و لا بد للعمل الفكري و الحضاري أن يلاحق الصهيونية عبر الآداب و الفنون و باقي الإسهامات الثقافية. هذا دور مهم للأهل، المعلِمين، الباحثين، الكتَاب و المثقَفين..

 


2- البعد الإعلامي والعلاقات العامة: وهو ذو قسمان: داخلي موجَه للجمهور العربي، مثقفا إياه حول المعركة وعمقها ومقاصدها ووسائلها، و أهميتها الحضاريَة الإنسانية لا القومية الدينية ، وخارجي موجَه للرأي العام العالمي.للرأي العام العالمي دور مركزي في الصراع الحضاري العام أكبر من تأثيره في الصراع المادي، والان مع تطور وسائل نقل الخبر لتستفيد من العامل الفردي - الشخصي (و للحرب الإلكترونية أهمية تستوجب أن نكرُس لها بحثا، قريبا) لا بد من أن يكون لنا وجود في هذا الحقل ,وعمل فاعل في حقل العلاقات العامة. أدرك الصهاينة هذا من البداية، وهكذا وجدت ال"هسبره" التي استفادت من مراكمة الخبرات و أصبحت نموذجا يحتذى في الضغط وتلميع صورة إسرائيل. وهناك عدد كبير من المواقع الإلكترونية الإسرائيلية التي تهتم ب"تثقيف" المتطوُعين الإسرائيليين حول كيفيُة تفنيد الإتهامات التي تطال الصهيونية، وسائل الضغط وتنظيم المجموعات، ووسائل تنظيم حملات العلاقات العامة "التفسيريَة"، و الإستفادة من قدرات الشبكات العفوية الجاهزة للدعم. لا بد لنا أن نستفيد من، وأن نطور هذا الجانب ليسهل مساهمة الكثيرين الكثيرين ممن يؤمنون بالقضية ولكن ينقصهم الوسيلة المناسبة.

 


3- البعد السياسي-الإجتماعي:وهنا لا أعني السياسة من حيث ارتباطها المباشر بالصراع العسكري. إن السياسة هي ترجمة السلطة وتطلعات الشعب و من هنا يجب أن تعكس آماله بالحياة الكريمة المشرفة وثقافته وتجعل همها الأول تأمين أفضل مستقبل ممكن له، و تأمين قيادته نحو الرفاهية والعيش الكريم الذي يدعم إيمانه بقيم العدالة. يجب أن يعبر المجتمع المدني كوحدة متكاملة عن قيم المقاومة والعدالة والمساواة ويحمل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية كجزء من وجوده.

 


4- البعد الإقتصادي و المالي: وهذا سلاح مهم جدا فشلنا في استعماله بجدية حتى الآن. أقل ما يمكن فعله هو عدم شراء منتجات الشركات التي "تلتزم" رفاهية و اقتصاد إسرائيل. لست أدعو هنا لماقطعة شاملة للبضائع الأميركية لما فيه من صعوبة، ولكن لمقاطعة "جراحية" للشركات المكرسة قدراتها لتطوير ودعم إسرائيل بعد إخبار هذه الشركات بوضوح عن أسباب مقاطعتها. يحتوي موقع مجلة الآداب على شرح وتفصيل لهذه الشركات، و يكفي البدء بأخطر 5 شركات مثلا (يجب تفصيل أي شركات تقدم دعما مستمرا و كبيرا مؤثرا بتطوير إسرائيل مباشرة). تفعيل الاستثمار التطويري في قطاعات منتجة وعلمية رغم ما قد يحمله من عائد أقل من التجارة والتبادل عنصر مهم، وكذلك توجيه الإستثمارات المالية العربية الضخمة نحو شركات "نظيفة" من هذه الناحية، والإستثمار في وسائل إعلامية عالمية ذات
حضور..

 


5- البعد القضائي: ملاحقة الأفراد الإسرائيليين ودولتهم المسؤولين عن كل الجرائم (كل المجازر والإغتيالات والتشريد والخطف والقرصنة و... منذ 1897) و إغراق المحاكم الدولية و مؤسسات حقوق الإنسان بالدعاوى التي تغطي كل مساحة الإرتكابات الإسرائيلية على كل الأصعدة، لهذا دور ثانوي يتمثل في لفت النظر لكثرة المجازر والإرتكابات. لا بد أن يشمل هذا كل المؤسسين والمساهمين بنصرة الصهيونية (حتى الأموات منهم) ليعرفهم الحاضر و التاريخ -علميا- كما هم: مجرمون. هنا لا بد من جسم مركزي ينسق جهود مجموعات بحثية وحقوقية عديدة. كذلك لا بد من جهد موحد من أجل إيجاد تشريعات خاصة توضح العلاقات الخاصة أحيانا بين الصهيونية وممارساتها وجرائم الحرب تاريخيا.

 

إن كل ما سبق ذكره من جوانب المقاومة اللاعنفية هو في صميم إرادة الحياة وحب الحياة الكريمة.. الإيمان بقيمة المقاومة والعدالة لا يمكن أن يكون سلبيا وإنما هو قيمة مضيئة تقوي النزعة الإنسانية وتشجع تقدير قيمة الحياة، كما أن تنفيذ ما سبق ليس من الصعوبة بمكان. هو تنفيذ عفوي وطبيعي وبسيط للقيم الآنف ذكرها في مختلف مجالات الحياة. يأمل الملايين من البشر أن تتاح لهم الفرصة لمواجهة الصهيونية و أخطارها،و لا يجدون الوسط الملائم للمساهمة..

هنا يأتي الدور المهم لمجموعة من "المحركين" في خلق الوسط الملائم للمساهمة الجماعية الشاملة ضمن الأبعاد المذكورة، وتسهيل التوصل إلى نتائج عملية وفعالة واستغلال المشاركة البسيطة والدعم العام "المهدور" عفويا عادة.
يجب توجيه الجهود الى أصل المشكلة لحلها، و أصل المشكلة هنا واضح، أما الإحتلال.. فمجرد عارض.
--
--

 

http://nth-word.blogspot.com/2009/03/broad-nonviolent-resistance-to-zionism.html

http://electronicintifada.net/v2/article10394.shtml
http://www.paltelegraph.com/index.php?option=com_content&view=article&id=272:broad-nonviolent-resistance-to-zionism&catid=68:views&Itemid=194




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !