منذ أن استفاقت الشعوب العربية من غيبوبتها الاإرادية الشبه الدائمة أواخر سنة 2010 ومطلع سنة 2011 وأزاحت عنها نصب الخوف الرهيب الذي كان جاثما بقوة الظالم الجبان على صدورها خانقا أنفاسها وكاتما لآهاتها ولزفراتها ، وانفجر بركان غصبها بغتة وعلى حين غرة وفي غفلة من ذئاب عصابات أنظمتها التي فر منها من فر مذعورا واستسلم منها من استسلم مذلولا وقتل منها من قتل منحورا ، ولبست أخرى على مضض جلابيب الوقار المزيف فوق قدسية دكتاتوريتها وفساد طاقمها وأرشت شعوبها برشاوى ملغمة مالية كانت ( كالرفع المنوم من الأجورالزهيدة ) أو شبه سياسية ( كالإصلاحات الدستورية التضليلية ) ، في حين استماتت أخرى بقوة في التمسك بتلابيب العناد المذل وركبت حصانها الأسود وارتمت بين أمواج الدماء فقط للحفاظ على باطلها وحرامها في السلطة والثروة واستمرارية قدسيتها المزيفة ..
منذ ذلك الانفجار الثوري الشعبي ومع هذا الفوران البشري العربي المتنامي الغير المعهودين بدأت جل الشعوب الغربية تتململ بأدب ديمقراطي حيث شهدت معظم شوارع كبريات المدن الأمريكية ومازالت تشهد من حين لآخر غضبا شعبيا عارما ، ومنها انتقل ذلك التململ الاجتماعي الصاخب إلى شوارع المدن اليونانية والأيرلندية والإيطالية والبرتغالية والفرنسية والإسبانية .. تعبيرا منها عن ضيق حالها وشغف عيشها الغير المألوفين من دون أن تركبه ( ذلك التململ ) تيارات سياسية أو نقابية أو دينية أو اقتصادية .. لتخرق القوانين الديمقراطية والانقلاب على آبائها ( الدساتير ) واغتيال مؤسساتها وسحق آلياتها للسيطرة بدونها على السلطات والثروات .. لأن تلك القوانين التي شارك في تسطيرها كل فئات تلك الشعوب بطريقة أو باخرى هي فوق كل مكوناتها ، فلم ولن يجرء أحدها على تخطيها وتجاوزها مهما اختلف أفرادها وجماعاتها ومهما تعددت وتنوعت أطيافها ومعتقداتها ومهما تضاربت مصالحها فهي فيها المولى والسيد والحاكم الفعلي الواحد والأوحد ، الكل ملتزم وملزم من وفي موقعه باحترامها وبالدفاع عنها وحمايتها وبتطبيقها . لذا فباسم تلك القوانين ( الدساتير ) المقدسة ( بعد الله ) فتلك الشعوب نفسها لم ولن تسمح وتغفر لمن حاول ويحاول ركوب تململها وغضبها ، ولم ولن تقبل بمن يرتزق بهمومها لأنها بفضلها ( القوانين ) تعلمت وتنورت ووعت واكتسبت حرية مهذبة وفاعلة أولا وعلوما وحظارة وكرامة ثانيا لا حدود لها ، وإرادة وشجاعة لا يهزمهما الطمع والجشع مهما عظما وتغولا ، وقلوبها ونفوسها شبعت حتى ملت لم ولن تدفعها إلى الإفلاس الفكري والأخلاقي حتى ولو جاعت بطونها ، وغرائزها اعتادت وتعودت على الانظباط لم ولن تفقدها إنسانيتها حتى ولو عظمت وهاجت شهواتها .
في الغرب لا تحتدم الصراعات ( السياسية والسلطوية والإدارية والمالية والنقابية والإعلامية ) المهذبة والمتخلقة بين السياسيين وبين السلطويين وبين البورجوازيين وبين النقابيين وبين الإعلاميين إلا على الصدق في خدمة الوطن أرضا وشعبا وفي إطار القانون بدرجة أفضل وأحسن وأجود ، والبحث عن السلطة والمنصب أو التمسك بهما خارج القانون هما من كبائر المحرمات ، والتنازل عنهما أو الانسحاب منهما هما من أبسط وأيسر البديهيات والمسلمات في الحياة العمومية :
ففي ذلك الغرب - الذي هو معبود وقديس عصابات الأنظمة العربية – الأخلاق والكفاءة والانظباط هم أهم شروط ومقومات العمل السياسي والسلطوي والإداري والاقتصادي والاجتماعي ..
في الغرب – الذي هو سلطان وسيد عصابات الأنظمة العربية بتقدمييها وممانعيها وبرجعييها وبأصولييها - لغة الشعب هي لسان وقلم ومنبر فخر كل مواطن من القمة إلى القاعدة أينما حل وارتحل وقام وقعد وفي كل الظروف ، وفي ذلك الغرب نفسه دين الشعب هو الخريطة الخفية الأمامية والخلفية للسياسة وملهم السياسيين وموحد المواطنين ، وقساوسته قائمون وسائرون خلف وحول كل الشعب رغم بعدهم عن السلطة المباشرة .. في نفس الغرب لا تحارب ولا تهان اللغة الوطنية ، ولا يحارب دين الشعب ولا تحتقر مظاهره ولا يطارد معتنقوه بأي سلاح ولا بأية وسيلة ولا بأي أسلوب ، ولا لأي سبب ولا تحت أية ذريعة .. من حق كل المواطنين ، أفرادا أو جماعات ، أن يكون لهم رأي ديني أو سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو أمني أو عسكري .. وأن يعبروا عنه ، بأذب واحترام ولياقة أخلاقية ، بكل الأساليب والأدوات المهذبة والمحترمة من دون المساس ، علانية أو خفية ، بمشاعر وكرامة وحقوق وحرية الغير ، والقانون الذي ارتضوه قائدا لهم فوق وحول الجميع .
في الغرب - الذي يتعبد في محرابه بخشوع عميق كل أفراد عصابات الأنظمة العربية وكل المنتفعين من جرائمها – إذا نزل خبر ، حتى وإن كان موجزا في نصه ومضمونه وبسيطا في تأثيره ولو على هامش جريدة هامشية ومغمورة ، قد ينتفخ ويتمدد ويتعاظم بسرعة البرق ويطيح تلقائيا بوزير أو يسقط شرعا حكومة وقد يلقي برؤوسها الكبيرة في غياهب السجون وتدفن في مزابل تاريخ السياسة الوطنية والدولية ..
في الغرب - أين ترتاح أرواح ونفوس وأجساد عصابات الأنظمة العربية - استطلاع للرأي حتى وإن كان محدودا قد تنجزه جهة ما ولو كانت مصداقيتها ضعيفة فمفعول نتيجته حتما يكون إجابيا لتلك النسبة الساخطة أو المنتقدة ( بكسر القاف ) حتى ولو كانت أقلية الأقلية ، حيث تسارع الجهة المنتقدة ( بفتح القاف ) مهما سما أو دنا شأنها ( رئيس الدولة كان أم الحكومة أو البرلمان أو رئيس أركان الجيوش .. أو المجلس البلدي ، أو الشرطي أو المدرس أو الإعلامي .. أو رئيس شركة أو مدير معمل .. أو زعيم حزب أو قائد نقابة .. ) تسارع إلى الإعلان عن احترامها التام لرأي المنتقدين ( بكسر القاف) من الشعب وتبادر على الفور إلى تلبية ما اساطاعت من مطالبهم بتغيير سياساتها وأسلوب وأدوات عملها على الواقع المحسوس والملموس بإحدى حواسهم ما يطمئنهم على مصير انتقاداتهم وعلى قيمة آرائهم ..
في الغرب – أين اقتنت وشيدت وتقتني وتشيد كل عصابات الانظمة العربية بعرق وبدماء شعوبها ضرائحها وفردوساتها الافتراضية ليوم قيامتها – لا يمكن لرئيس الدولة أو لرئيس الحكومة أن يتخذ قرارا أو إجراءا حتى ولو لم يكن استراتيجيا من دون استشارة الشعب مباشرة أو من خلال ممثليه الشرعيين في الموظوع والحصول على موافقته أو على رفضه حتى وإن كان قانون ذلك الشعب ( الدستور ) يعفيه من تلك الاستشارة ولا يلزمه بها .. والأدلة على كل هذا وأكثر قوية ومبهرة لا حصر لها آخرها ما تعلق منها بالحرب التي كانت مفترضة على إحدى عصابات الأنظمة العربية التي ارتكبت في سوريا جرائما بشعة في حق شعبها تجاوزت بإصراريتها وبوحشيتها وبفضاعتها تلك التي ارتكبها النازيون والفاشيون في حق أعدائهم ..
في الغرب – أين ترتشف عصابات الأنظمة العربية كؤوس دماء شعوبها وتنهش شرائح لحومها وتهدر أرزاقها في كازينوهات فساده ، وتمرغ كراماتها ( شعوبها ) على صفحات وأمواج وشاشات إعلامه – قانون الشعب هو الحاكم الأعظم والمقدس الفعلي .. المسير والموجه والمراقب والمحاسب الأسمى لكل السلط والمؤسسات ، لا يتجاوز عن ظالم أو فاسد من قمة هرم الدولة إلى قاعدته ، ولا يميز بين الأفراد وبين الجماعات أو بين الفئات .. ولا بين الحاكم والمحكومين .
في الغرب وفي كل الدول الغير العربية رقي وتقدم وازدهار وعظمة وسلامة الوطن ( الأرض وما حولها والشعب ولغته وعقيدته وكرامته وسعادته ) هم أوائل وأواسط وأواخر ومفاصل الثوابت في العمل السياسي والسلطوي والإداري والاقتصادي والعلمي والاجتماعي والأمني ..
في كل الدول الغير العربية – حتى في تلك التي كانت بالأمس القريب غارقة في ظلام وفساد الدكتاتورية المتوحشة ، بل حتى في تلك الخارجة لتوها إلى الوجود – الأرض والشعب هما الوطن و سيادته وعظمته وهيبته .. هي كل مقدساته .
أما في الوطن العربي فالصورة مغايرة على طولها وعرضها وفي لونها ومضمونها ، وواقع الحال مشبع حتى الانتفاخ بمرارة الماضي السحيق وغارق حتى الوريدين في ظلام الحاضر العميق :
فالعرب منذ أن كانوا عاشوا وما زالوا مهووسين بالسلطة والزعامة وبالثروة والغنى وبالجسد الناعم ، وبمسك الخيال الدائم .. رصيدهم التاريخي من غير ذلك الجهل والكسل والجبن والغباء ، والتسيب والفساد المطلقين بكل أصنافهما ، والانهزامات المذلة الدائمة ، والصراعات والحروب والاقتتال فيما بينهم .. قوتهم الأولى والأخيرة تتوحد في النفاق والتحايل والتضليل والكيد لبعضهم البعض .
دساتيرهم الثابتة في الحكم الثابت الدائم توجز وتختزل - في أعرافها أو في نصوصها إن وجدت - الوطن كله بأرضه وشعبه وتاريخه وبماضيه وحاضره ومستقبله في الزعماء وسلالاتهم .. فصولها وموادها تنص من أولها إلى آخرها وبين طياتها على قدسية وعزة وخلود زعماء العصابات المتسلطة والمهيمنة بالباطل على الأرض وعلى الشعوب وعلى السلطات وعلى الثروات ، وكل قوانينهم تبجلهم في الأرض وتعظمهم فوق الشعوب وفوق الدين واللغة وفوق كل المؤسسات والآليات .. كل أفراد " الرعية " في كل قطر عربي يركعون ويسجدون للزعيم (مكرهون ) في خشوع عميق ، ويتبركون باسمه وبطلعته وبحكمه ( بكسر الحاء ) ، ويمدحون ويمجدون - بأسلوب هستيري - سياسته وخططه وخطواته مع كل طلوع وغروب الشمس والقمر .. ومع سقوط الأمطار والثلوج .. وفي المساجد والكنائس ، وبين أدغال الطبيعة والحياة ، بل وحتى بين كؤوس مرارة الاحتظار .. حتى وإن نحر كل الشعب فردا فردا ، أو أغرق الوطن دفعة واحدة في البحر أو في جوف بركان .
كل زعماء وأفراد عصابات الأنظمة العربية يعضون بالفكين على سلطانهم ومناصبهم بما تحمله وتجره ، رافعين وملوحين بشعارهم الرهيب الموحد الوحيد الخالد مع خلودهم الافتراضي فوق إنسانية وكرامة " رعاياهم ".. شعار ينص بكلمتي الحديد والدم على اختيارين لا ثالث لهما : " أحكمكم أو أقتلكم " .
في الوطن العربي لا يحتدم الصراع الشرس والاقتتال الهمجي بين فصائل وجماعات وأفراد العصابات الحاكمة إلا على السلطة والجاه والثروة وعلى الفساد والإفساد ، أو بين أقطاره إلا على زعامته وتزعم عصاباته وعلى بلقنة أرضه وشعبه ، وعلى سلخه من هويته وتاريخه وطمس لغته ودينه :
اليهود تشبثوا بهويتهم الدينية واللغوية .. آلاف السنين ( وهذا من حقهم ككل البشر ) ، وبذلوا كل جهودهم وقواهم على مدى عشرات القرون لتقويتها وإثباتها ( وهذا كذلك من حقهم ككل الخلق ) حتى تمكنوا من فرضها وكيانهم على كل أمم الكون بالدسائس والمكر والسياسة والحنكة أولا وبالقوتين المالية والعسكرية ثانيا .. نعم ، ونجحوا في ذلك نجاحا باهرا بالوفاء والإخلاص لما يعتبرونها ثوابتهم المقدسة (هويتهم الدينية واللغوية والجغرافية والبشرية ) ، وبالتلاحم والتآزر فيما بينهم وبالاجتهاذ والانظباط في العمل وأداء المهام .. ولم تحتدم بينهم الصراعات والتناحرات على السلطة ولا على الثروات ، ولم ولا يحارب بعضهم البعض باسم الهيمنة والاستبداد أو باسم الإرهاب الفكري أو العرقي أو اللغوي أو الديني بل عوض ذلك واصلوا بإصرار كبير خوض كل أنواع الحروب ( السياسية والاقتصادية والإعلامية والأمنية والعسكرية وحتى النفسية ) لتحقيق حلمهم الكبير بالسيطرة على كل دول العالم ، وركزوا ويركزون في ارتكاب جرائمهم القذرة – من أجل ذلك الحلم - على الدول الإسلامية لسلخ شعوبها من هويتها وتاريخها واستضعافها وطردها بالقوة والعنف من أراضيها ومن محيطها وبيئتها .. - وهذا ما ليس من حقهم لأنه الباطل بعينه وجريمة إنسانية كبرى هي في كل الديانات الإلهية ومن بينها اليهودية الأصلية الموسوية وفي كل الأعراف والأخلاق الإنسانية من كبائر المحرمات – رغم أن كل المسلمين ومنذ عهد نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم وبوصية منه استضافوهم في كل بلاد الإسلام وجاوروهم بالمعروف وعاملوهم بالحسنى ولم ولا يثبت التاريخ عكس هذه الاستضافة الطيبة طيبة الإسلام ونبي رسالته .
ومثلهم فعل النصارى في الماضيين البعيد والقريب وهو ما يفعلونه في عصرنا .. فمن أجل دينهم ولغتهم ( رغم تشرذمها ) وتاريخهم وحضارتهم واقتصادهم خاضوا حروبهم الصليبية ، بكل ما أوتوا من حنكة ومكر وقوة ، على المسلمين بل وحتى على اليهود الذين ما لبثوا وأن تآمروا معهم بالأمس القريب ومازالوا يتآمرون إلى اليوم بعنف شديد على كل المسلمين والعرب منهم على الخصوص ومعهم كل الشعوب المستضعفة . وما سهل ماموريتهم في إذلال الشعوب العربية والإسلامية هو اعتناق زعماء وأفراد عصابات الحكم في الوطن العربي للفكر الصهيوني ( الذي تكفر به وتحاربه طائفة كبيرة من اليهود الحقيقيين ) وللفكر الصليبي المعاديين للإسلام وللمسلمين ، واجتهادهم المنقطع النظير على نشرهما في بلدانهم بكل الأساليب الماكرة وتطبيقهما بكل قواهم المضللة والعنيفة في مجتمعاتهم .
وإذا كان اليهود تشبثوا بهويتهم الدينية واللغوية آلاف السنين والنصارى عشرات القرون فزعماء وأفراد وجماعات العصابات الحاكمة في الوطن العربي لم يكن الإسلام ولا العروبة في واقع سياساتهم ، على مدى حقب طويلة من الزمن وإلى اليوم ، سوى مسكنا لاستغباء واستغفال شعوبهم وسلما قصيرا وآمنا للركوب على هامتها والقبض على شكيمتها بالتشدق ، الكاذب الماكر ، بمفرداتهما وبمسطلحاتهما الناطقة والصامتة ..
الحكام العرب كانوا دائما هم السبب المباشر في مصائب الإسلام والمسلمين .. كانوا دائما عبر تاريخ الأمة الإسلامية ومازالوا هم بلائها الأعظم .. هم من شرذموها وفتتوا وحدتها الجغرافية والبشرية والدينية واللغوية وأضعفوا شعوبها :
فهم المسؤولون المباشرون عن سقوط الأندلس ، وبعدها سبتة ومليلية وما جاورهما .. وهم الذين كانوا السبب في تقزيم خريطة المغرب من شماله إلى شرقه فإلى جنوبه ومازال " العاطي يعطي " ، وهم الذين أضعفوه واستضعفوه بعدما كان الذراع اليمنى العتيدة للأمة .. هم الذين تآمروا مع الصليبيين ومن خلفهم الصهاينة على تقسيم شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين والشام إلى كنتونات .. هم السبب المباشر في سقوط فلسطين وتشريد شعبها ..
هم الذين شرذموا لبنان ثم العراق فالسودان .. وهم من أشعل اليوم النيران في سوريا لحرق شعبها وتاريخها ثم في مصر وليبيا لبلقنتهما وفي تونس لافتتان شعبها .. وهم الذين يقتلون ويهجرون اليوم شعوبهم باسم الإرهاب الإسلامي كما فعلوا معها في الماضي القريب باسم الإرهاب الشيوعي واليساري عموما .. هم إذا من فتح للصهاينة وللصليبيين حضن الأمة الإسلامية وأباح لهم حرمتها وشرفها ودمها بل وحتى عورتها .. فقط لنيل رضاهم حتى يؤمنوا لهم ، ضدا على رغبة شعوبهم ، قدسيتهم وسلطانهم ومناصبهم وثرواتهم وملذاتهم المتسخة .. وهذا هو ما كان ومازال كل همهم وصلب ومحور صراعاتهم واقتتالهم كما أسلفنا .
من المفارقات الغريبة والعجيبة والصادمة التي لا يمكن للعقل البشري المسلم بل وحتى لعقل من لا يصلي ولا يصوم أن يتصورها وهي أن أدولف هتلر ( هطلر ) كان يقتل الصهاينة وأشقائهم من الصليبيين انتقاما لشعبه بينما العصابات الحاكمة ، بالباطل ، في الوطن العربي قتلت وتقتل يوميا المسلمين باسم الإرهاب الإسلامي انتقاما لألئك الصهاينة والصليبيين .. نعم علينا أن نصدق كل شيء في هذا الزمن الفاسد ، فمن يدري قد يكن في دم بعض أفراد تلك العصابات شيء من دمهم ، فالصهاينة والصليبيون لم يتركوا موقعا ولا مكانا ولا جسما على الخريطة الإسلامية لم يلوثوه ، والحكام العرب كانوا دائما ومازالوا على استعداد للتحالف مع الشياطين ضد شعوبهم فكيف بهم لا يبيعون حتى لحومهم للصهاينة وللصليبيين فقط من أجل المنصب والقدسية المزيفة والمال القذر وهم أشد قوم نفاقا وخيانة؟؟
إنهم " مسلمون " .. مسلمون في شكلهم ، يحاربون الإسلام بالمال والفساد أولا وبالدم والفساد ثانيا ، ويطاردون معتنقيه فوق الأرض وتحتها باسم محاربة الإرهاب الإسلامي نيابة عن الصهاينة والصليبيين .. وعلماؤهم على نفاقهم ثابتون لا يظهرون إلا لنصرتهم وتزكية سياساتهم وشرعنة ، باسم الإسلام البريء من صفاتهم ، عدوانيتهم على الإسلام والمسلمين .. لأنهم لو جهروا بالحقيقة لسقطت تلقائيا منابرهم وسقطت معها الدولارات والدراهيم من أفواههم وربما حتى أرواحهم . أشباه العلماء لا علم يعلمونه غير علم التقديس والتبجيل والمديح ، ولا كرامة يلبسونها غير جلابيب الركوع والسجود لسلطان السيف والدولار والدرهم متناسين عن يقين سلطان رب السلاطين . علماء هذا الزمن العاهر جامدون صامتون لا يصدرون فتاويهم إلا فيما هو دون الحزام .. علماء " النافخ وجيلالة " مجتهدون وجادون بنفاقهم فقط في مؤازرة ، وبشدة إلى آخر رمق ، عصابات الحكم في الوطن العربي وسياسييها ونقابييها وبورجوازييها ومثقفيها وفنانيها وإعلامييها على تثبيت وترسيخ الاستبداد ونشر الفساد والرذيلة ومظاهرهما :
الفساد ، الفساد ومظاهره - وأوله الديني والانحطاط الخلقي - في الوطن العربي أصبح خلال هذا الزمن الرديء رمزا للتحرر وللتمدن والتحضر ، واعتناقه وممارسته ونشره بطولة يستحق بطلها التتويج والتكريم والتوشيح . أما مظاهر الصلاح والفلاح وسمو الأخلاق أمست رمزا للتخلف ، وشبهة يستحق المشتبه بها مطاردته بل بتر لسانه وسلخ جلده عن جسده .. لذا فعلى كل من يرغب ، من شعبنا العربي ، في نيل عفو وصفح العصابات الحاكمة ورضاها والعيش والصعود من عمق الفقر والشقاء عليه أن ينبذ التخلف ومظاهره .. عليه إذا أن يتمرد على الإسلام ويرتد عن اعتناقه ويحاربه بممارسة الفساد ونشر وتشجيع مظاهره . هكذا تكون إذا روح القومية الإسلامية والعربية والغيرة عليها .. هذا هو الوطن العربي ، وطن السادة والعبيد .. وهذه هي دساتير وقاوانين العصابات المغتصبة للسلطة وللثروة في الوطن الهامد ، وهذه هي ديمقراطية حكمها الرشيد الفريدة والعجيبة بين ديمقراطيات العالم كله .. ومن لم يرض بها فلينتحر بإرادته قبل أن تنحره دسائسها ومكائدها .
معظم العرب يدينون بالإسلام لكنهم لا يعبدون الله رب العالمين بل يعبدون حكامهم مكرهين في خشوع عميق وبنفاق منقطع النظير .. فإلى متى ستستمر هته المأساة الرهيبة ؟؟
- محمد المودني – فاس .
( أكتوبر 2013 ) .
التعليقات (1)
1 - جميل
ازهر مهدي - 2013-11-05 15:01:31
لا اقول الا كلمة واحدة جميل جميل جميل شكرا لك