مواضيع اليوم

مقال : الله أكبر .. شمس العرب قد تطلع من المغرب

محمد المودني

2013-05-29 18:49:17

0

ألله أكبر .. ألله أكبر .. أبشروا يا مغاربة شمس العرب بدأت تطل من المغرب .. ألله أكبر نبيلة منيب في بيتنا .. نعم نبيلة منيب ببيتنا الغارق في الفقر والبؤس ، فلتحيى الديمقراطية .. ؟؟

زمان كانت أمطار فصل الشتاء تغرقنا في الأوحال والفيضانات والثلوج والبرد القارس والظلام الدامس بالليل والنهار وتلفنا بالجوع الشامل الشبه الدائم على امتداد أربعين يوما متتالية ومثلها بالتقسيط ، وعندما كانت تطل علينا بعدها أو خلالها أشعة الشمس ذات صباح يبدأ سكان القرية يسابقون ساعاتها القصيرة في إنجاز أشغالهم المتراكمة وجلب وتخزين مواد تغذيتهم وأعلاف أنعامهم ، بينما كنا نحن الصغار نفرط في الفرح والمرح واللعب ونكبر ونهلل لطلوع الشمس وهبوب دفئها على قريتنا وكأننا ننتقم لأنفسنا من أيام وليالي " الليالي " التي كانت بحكم الطبيعة  تقسو علينا بتعنيف أجسادنا الشبه العارية وبطوننا المنطوية على أمعائنا الفارغة ، وكان آباء آبائنا ينصحوننا بعدم الإفراط في  الفرحة حتى لا تتراجع الشمس عن طلوعها ويعود المطر ليكتسحنا بعنف أشد .

لكن مع بداية ثمانينيات القرن العشرين وبعدما غضبت علينا الطبيعة من شر أعمالنا وأفعالنا وانعكست فرائضها وسننها ضدا علينا انتقاما منا حينما طاب بالشمس المقام في سمائنا واستقرت بها لا تبارح طبيعتنا على مدار فصولها حتى عدنا نحن لأيام وليلي ا" الليالي " السبعينيات وما قبلها فعاد آباؤنا ينصحوننا بعدم فتح ورفع مظلاتنا فوق رؤوسنا عندما كانت تتكرم وتجود علينا السماء بغفرانها فتنزلق منها بعض الزخات المطرية بعد حين ، وكانوا يوبخوننا بأقوالهم : (( .. آويلي سدوا داك المظالات وخليوا الشتا طيح قبل متعمل بناقص من غسل زغاب ريوسكم ووجوهكم .. وترجاعلكم الشمس لتحرق الباري والمتهوم .. )) ..

مع مطلع عهد نظام حكمنا الجديد بدأت تلوح في سماء حياتنا أشعة الكرامة عندما بدأت بعض مظاهر الذل الإنساني تتوارى عن الأنظار كالطقوس المخزنية من ركوع وسجود ومجروراتهما وحمولاتهما ، وعندما بدأت تنهال علينا شعارات عمرية أو لينينية : كالمفهوم الجديد للسلطة ، والإصلاح السياسي ، والعمل الديمقراطي ، ومحاربة الفقر والهشاشة ، والتنمية البشرية المستدامة .. وما إلى ذلك من حكم ونظريات لم يسبق لنا أن قرأناها في مقررات مدارسنا ولا على صفحات جرائدنا ، ولا سمعناها على أمواج وشاشات إعلامنا .. ففرحنا ومرحنا ولعبنا رغم كبر أجسادنا وأمخاخنا وانكماش جلود وجوهنا وغرق عقولنا في عمق سباتنا ، وبدأنا نردد في منامنا ويقظتنا بصوت عال : (( إن شمس العرب قد تطلع من المغرب .. )) . لكن ما أن استوى الملك على العرش وأخذ كل الأهل والأحباب والأصدقاء والزملاء والمناظلون والرفاق مواقعهم واستأمنوا على أرزاقهم وطوقت القلعة بحصنها الحصين حتى عاد العهد القديم لينبعث من جديده لكن بوجه أبشع من قديمه ..

قبل ثلاثة سنوات أو أقل أو أكثر من ذلك ( لا أتذكر ) استضافت إحدى قنواتنا التلفزية في أحد برامجها الحوارية الليلية مجموعة من الضيوف فاجأنا من بينهم وجود البطل الشجاع عبد الحميد أمين ، فكانت له صولات وجولات في الحوار أشفى بها غليلنا . بعدها عظمت شخصيا الرجل وتمنيت رأيته وسماعه ولو كل سنة مرة مثلما رأيته وسمعته حينها رغم اختلافي العقائدي الكامل معه ومع اليساريين الأصليين الأبطال بصدقهم وبمصداقيتهم لأن في رأيي وحسب اعتقادي يمكن لليساري الصادق أن يصلي ويصوم ويزكي بصدق  ويغير على زوجته وبناته وبالتالي على وطنه ، وليس عيبا ولا نفاقا أن يكون الإسلامي اشتراكيا صادقا : فالإسلام جاء بالاشتراكية السياسية والاشتراكية الاقتصادية والاشتراكية الاجتماعية ، وبحقوق المرأة والطفل في كل شيء كما هي حقوق الرجل يبقى الحل فقط في الاقتناع بها والقناعة بتفاصيلها وتفعيلها وتطبيقها . بعد نهاية البرنامج بدأت أسأل نفسي :  

هل فعلا ستطلع شمس العرب يوما من المغرب ؟ طبعا لا وألف لا ، فهذا مستحيل . ليس لأن نظامنا سيمنعها من ذلك بل لأن للكون مجرى واحد بمقياس رباني قائم على توازن دقيق إذا ما اختل انهار الكون وانتهت الحياة .. والعلم لله وحده . لكن كل خير يأتي به الإنسان بإذن ربه يكون نورا من نور الشمس والقمر .. فلما لا يطلع على العرب النور من المغرب ويكون منه وبه عليهم خيرا عميما لطالما تمنوه وانتظروه طويلا ؟

لكني عدت وحذرت نفسي من الإفراط في الفرحة والتفاؤل ونصحتها بالتريث العميق .. منذ تلك الحلقة من ذلك البرنامح في تلك الليلة غيب السي عب الحميد أمين وزملاؤه ونظراؤه عنا دفعة واحدة ولم نعد نسمع عنه شيئا ولا عن شجاعته وصدقه حتى رأيناه بين أيادي قوات القمع وهي تجرجره في صورة لا إنسانية على صفحات الجرائد ليوم الثلاثاء 28 ماي 2013 .. صورة شفافة تبطل ديمقراطية النظام القديم بوجهه الجديد .

في ليلة نفس اليوم ( الثلاثاء 28 ماي 2013 ) استضافت القناة الأولى لتلفزتنا المحترمة في برنامجها الحواري الأسبوعي " قضايا وآراء " فريقين من اليسار :

فريق منهار لا طعم ولا لون له رغم عضوية عبد الحميد الجماهري المعروف بصدقه وتوازنه في الحوار ، وفريق لم نعهده على إعلامنا وبين إعلاميينا الذي فاجأنا بمثلثه الشجاع والقوي بصدقه وخصوصا بطلته وبطلة اليسار نبيلة منيب التي داست على كل أقزام السياسة المنافقين في بلدنا وهشمت زجاج وطابوهات استديوهات إعلامنا حيث هي الأولى في تاريخه كامرأة والثانية بعد عبد الحمين أمين تهاجم نظامنا صراحة بانتقادات جد لاذعة من قلب إحدى أعتد قلاعه التي لم يدخلها غير منافقيه .. كنت أصغي للحوار الساخن من جهة والبارد من الأخرى وأنا في نفس الوقت أسأل نفسي بداخلي : ألا يكون صقور قناتنا ومجروراتها قد اطلعوا على مقال " إعلام الزور وديمقراطية الباطل " الذي انتشر بشكل واسع على الإنتربيت ؟ مستحيل ، فحكامنا ومسؤولونا لا يقرؤون وإن قرؤوا لا يفهمون وإن فهموا لا يبالون . في الحقيقة لست أدري ما سبب هذه الخطوة الفريدة لكنها جريئة على كل حال وبالتأكيد مؤشر عليها مسبقا إن لم تكن مطلوبة .. ما نتمناه من الثلاثي البطل أن لا يكن قد جاء لبيوتنا فقط للعب دور عصى موسى ، كما نتمنى من قناتنا أن لا تكن فقط فم آكل الزجاج .. وعلينا نحن أبناء الشعب التريث ، والتريث العميق وأن لا نفرط في الفرح والمرح واللعب قبل الأوان تحت أشعة خافتة قد تغيب في أية لحظة ، وأن لا نطلق العنان لمظلاتنا لمجرد سقوط قطرات مطرية بعد طول عقود الجفاف العجاف .

 - محمد المودني - فاس .

  ( ماي  2013 ) 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات