حين نقول الدولة في بلدنا ( المغرب ) نقول - حسب ما ألفناه مع أجدادنا وآبائنا - النظام الحاكم بترسانته المخزنية ( أصحاب السلطة المطلقة ) وترسانته الاقتصادية وترسانته السياسية وترسانته القانونية كل منها تعمل من موقعها بآلياتها المتخصصة وتتقاطع فيما بينها عند هدف واحد هو تجريم الشعب باسم القانون كلما تأفف أو صرخ وحماية وترسيخ هذا النظام باسم الشرعية حتى وإن كانت غير شعبية ..
ودون أن نعود إلى ما اسطلح عليه بسنوات الرصاص وما سبقها وما تلاها لأن الحديث عن ذلك أصبح رتيبا ومملا لم ولن يغير من واقع الحال ما دامت العقليات المتعفنة متوارثة أتوماتيكيا ، ونكتفي فقط بتحليل أحوالنا في الشهرين الأخرين من زمننا والأولين من عمر الحكومة المولوية ((الجديدة )) : قبل الخامس والعشرين من نونبر 2011 أي خلال الحملة الانتخابية وحتى قبلها بل ومنذ بداية 2011 التي يمكن اعتبارها سنة انتصار الشعب على خوفه المزمن وانفجار غضبه الكاسح ،
كانت الأحزاب والنقابات والجمعيات بل حتى المفكرون والمحللون والاعلاميون التي تشكل ترسانة النظام السياسية تكافح وتصارع بجهد جهيد الغضب الشعبي كل من موقعه وبأسلوبه للحيلولة دون وقوع خلل في منظومة المجرة الحاكمة . ومثل هذا العمل كان وسيبقى ، من حيث المبدأ ، عملا جيدا ورائدا لو كان خارجا عن سياقه المألوف والمعروف بالكذب والتحايل والنفاق لامتصاص غبار الزوبعة فقط وهو ما تأكد في الشهرين الأخيرين بل مع ميلاد الدستور " الجديد " لتبقى دار لقمان على حالها وعقلية النظام تزداد تعفنا .. معظم الأحزاب والمتحزبون الذين استفادوا مباشرة من تعفن النظام المستدام وعدوا الشعب الغاضب بطلوع شمس وقمر العرب وكل الإنسانية من المغرب وتأثيثه بكل النعم واستعادة الفردوس المفقود ، أما أقليتهم ( المنتفعون المتسترون بالراديكالية ) فأمسكت - بدهاء المنافقين - بلجام الغاضبين لبوصلتهم وفق ما يحفض شموخ دار لقمان .. ذهبت الرياح كما أريد لها أن توجه وعين الملك (( رئيس )) الحكومة ، واغرورقت عيون عبد الاله بنكيران وإخوانه وجفت ألسنتهم من شدة الفرح بما لم يحلموا به وفاضت قريحتهم بالوعود وبنكهة ملكية أكثر مما فاضت به خلال الحملة الانتخابية .. من أغرب وعود (( رئيس )) الحكومة المعين بقربها لقلوب المغاربة كانت تلك التي قال فيها وبلهجة الشعب : " ... لن أتعامل مع غير الملك مباشرة .. " و " ... أعاهد المغاربة أني لن أتردد في الاستقالة إذا ما مورست علي تدخلات في مهامي .. " و " ... قد لا أقول كل الحقيقة للمغاربة لكني لن أكذب عليهم .. "
... بدأت المناورات لتوزيع مناصب الشعب فغاب عبد الاله بنكيران عن الأنظار الشعبية وتناسلت الآراء والتصريحات والتناقضات ، وتكاثرت التنازلات والتراجعات .. وعاد وجه السلطة القبيح بقوة وشراسة إلى ميدان الشعب .. ولم يجد عبد الاله بنكيران ومصطفى الخلفي غضاضة في الركوب على نفس الفرس الأسود الذي دأب أسلافهما الركوب عليه منذ عقود خلت .. تهديدات وتبريرات ووعود ووعيد ونفاق في إطار القانون .. القانون الذي لم يضع منه الشعب ولا حرفا .. القانون الذي كان بنكيران وإخوانه وزملاؤهم يلعنونه مع كل طلوع للشمس والقمر .. بهذا القانون عنف المواطنون في الرباط وفي تازة وفي بني ملال وعودة للرباط وفي بني بوعياش وجيرانها .. وأينما فاض صدر الشعب بصبر لا حدود له يعنف بوحشية باسم القانون الذي به جرد المواطن من كرامته بحرمانه من الشغل والكسب الشريف ، وفرضت عليه ارتفاعات في فواتير الماء والكهرباء وفي كل المواد الأساسية لعيشه إلى درجة لا تطاق .. وبه فقد حريته في التفكير والتعبير ، وبه فقد هويته وآماله .. على أعتاب هذا القانون تغتصب البنات والنساء بل حتى القاصرات ، وتحت أنظاره ينتشر جراد الجريمة القاتلة ، وبحمايته ورعايته انتشر وينتشر يوميا الفساد بكل أصنافه وأدواته وفي حضرته يزداد تغولا .. أليست هذه من أفضع الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها الدولة يوميا في حق شعبها باسم القانون الذي صنعته فقط لحماية نفسها ؟؟
محمد المودني - فاس .
التعليقات (0)