صباح المشمش يا أدباء الكويت !
سامي القريني
اختلف العلماء فيما بينهم حول التعريف الأنسب للنوم، بعضهم قال أنّ النوم لا يكون نوماً إلاّ إذا كان مرتبطاً بمعاييره الرئيسية وهي : الحركة الضئيلة، والاسترخاء التامّ أو الركود، والانعكاسيّة والتي تعني استيقاظ النائم. والبعض الآخر مازال حائراً بين سؤالين مهمَّين : هل النوم حالة فقدان للوعي ؟ أم هو تغيّر فسيولوجي للوعي ؟ لا شكّ أنّ النوم الذي يشغلنا اليوم لا يرتبط بالنوم الطبيعي الذي نعرفه جميعاً، والذي نحتاجه - ككلّ الكائنات - لكي نمارس حياتنا بكامل حيويّتنا ونشاطنا. إنّه «فايروس النوم الثقافي» الذي يسيطر على السواد الأعظم من المثقفين والأدباء في الكويت. إنّ دراسة الحركة الثقافية تجعلنا نسلّط الضوء على ثلاثة جوانب مهمّة : الجانب الأول هو قراءة وتحليل دور تلك المؤسسات الثقافية المعنيّة بتطوير برنامجها الموضوع من قِبَل أعضاء المؤسسة. والجانب الثاني هو تنوير الجيل القادم بكتب المعرفة الحقيقية، لا بالكلام المعبّأ بالحقد والتفرقة العنصريّة، أو بالمصطلحات «الهيدروجينيّة» التي سرعان ما تشتعل قبل وصولها إلى الأذهان. والجانب الثالث والأهمّ هو التخلّي عن «الكراسي» وترك المجال والفرصة للأجيال القادمة للتعبير عن وجهات النظر المختلفة والإصغاء إلى المقترحات بكل أريحيّة من أجل تحقيق «تنوير» فعلي جادّ، لا أن يكون «تنويراً» كلامياً فحسب. لقد وصف الفيلسوف الألماني «إمانويل كَانْتْ» التنوير على أنه بلوغ الإنسان سنّ الرشد أو سنّ النضج، ولكنّ الطّامة الكبرى هي أنّ من بلغوا سنّ الرشد الثقافي - عندنا - تركوا نضجهم على رفوف جهالتهم وأتوا باسم التنوير. ألا تبّاً لكم ولتنويركم الشاذّ! لقد اعتاد «شهريار» في الماضي السحيق أن يغمض عينيه على حكايا «شهرزاد»، أمّا هنا فالحالة تختلف كثيراً، لأنّ الجهات الثقافية اعتادت أن تغمض عينيها على حسرات مثقّفي البلد ! إلى متى سيستمر هذا الوضع المتأزّم ؟ نعلم جيّداً أنّ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب يموت سريرياً - كان الله في عونه -، ونحن بانتظار الرجل «القادم» -قريباً- لينهض به من جديد، لا أن يعجّل موته ! أما بالنسبة إلى رابطة الأدباء فهي ليست سوى إسفنجة، إنْ عصرتَها سالت منها «سوالف» أعضائها التي لا تقدّم ولا تؤخّر في المشهد الثقافي. أخشى أنْ يقترح الأعضاء في يوم من الأيام وضع «الشيشة» في الديوانية كنوع من «كسر الرتابة» لتتحوّل من رابطة للأدباء، إلى رابطة «للمشيّشين» ومتابعي دوري كرة القدم!، عجبي ! أنا لا أريد أنْ أشنّ هجوماً «شبابياً - غيرَ مدروس» على أحد، ولا أريد أن ألصق شتائمي على جدران مؤسساتنا الثقافية «النائمة»، أريد إيصال رسالتي بكل وضوح، لأنّ غيرتي على الثقافة تكاد تنفصد ملء شراييني وأوردتي. متى سيحمل المثقف الكويتي قلمه ليضع النقاط على الحروف ويتكلم بصراحة شديدة من دون مجاملة فلان وفلان ؟ ومتى سنتجاوز الأزمة التي وضعنا أنفسنا داخلها ليصل صوتنا إلى العالم ؟ لن يتغيّر مُناخنا الثقافي إذا كان متروكاً بأيدي أصحاب الرأي الموثوج، الذين يداهنون الكبير والصغير من أجل الوصول إلى أهدافهم الإدارية. نريد أنْ تكون أرضنا الثقافيةُ خضراءَ مثمرة، لا أن تكون أرضاً مودوسةً جُرزاً. سألَنَا صديقٌ عربيّ/زائر في الأيام القليلة الماضية سؤالاً بريئاً، إذ قال وهو يرتشف فنجان قهوته : متى يتوقّف النشاط الثقافي في البلد ؟ أجابه الآخر : في شهور الصيف القادمة. وبعد خمس ثوانٍ بادرته قائلاً : إنه متوقّف على مدار العام يا صديقي ! لماذا نخدع أنفسنا إذا كانت الحقيقة كذلك ؟
ألا عفوَكِ يا ثقافة !
لأنتِ أسمى من هؤلاء المتعلّقين بأردانك، والملتصقين بكِ أينما جلستِ ليُثبتوا أمام الآخرين أنّهم منكِ، وأنّكِ منهم .. لقد أساؤوا إليك كثيراً، فاعذرينا. ألا عفوَكِ أيتها الكاظمة، الصّامتة، الصابرة !
التعليقات (0)