لو سألت أكثر الشباب في مجتمعاتنا العربية: كم كتابا تقرا بالشهر؟ وما نوعية التي تحب قراءتها وأي وقت هو المفضل لديك للقراءة؟ لوجدت الجواب صفرا. فلن يحتاج المواطن العربي إلى صفحات، أو سطور حتى ليعبأ إجابته عليها، بل جل ما يحتاج إليه هو قصاصة ورق صغيرة.
أو قد تكون إجابته نعم قرأت في المدرسة والجامعة، لكن ليس هذا ما أسعى إليه من سؤالي، بل اقصد كم كتابا تاريخيا، أو سياسيا، أو حتى رواية، أو قصة قد قرأت.
سكان البلاد العربية القوا قراءة الكتب في سلة المهملات، على عكس البلاد الغربية التي تجد القراءة منتشرة في كل مكان، فإذا ركبت قطارا هناك تجد الكل يتثقف نفسه، ليس بكتب تافهة او مجلات إباحية، بل بكتب علمية تصقل العقول وتنمي القدرات، وحتى في عطلة نهاية الأسبوع، كثيرا منهم يحملوا كتبهم المفضلة، ويتجهون لأقرب حديقة عامة هادئة ليصفّوا دهنهم وتفكيرهم بقراءة الكتب. في حين ترى العربي عندما يركب الحافلة "يبصبص" يمينه ويسرى، أو يثرثر مع أصحابه، وقد تجد شخصا يقرا في كتاب لكن انتظر لا تفرح كثيرا، لان كتابه يكون عبارة عن مجلة إباحية، أو كتابا تافها لا يقدم معلومة مفيدة.
لكن يبقى السؤال: ما سبب عزوف شبابنا وشاباتنا وابتعادهم عن القراءة؟ حتى أصبحنا شعب متدني الثقافة، ومع الأسف أصبحت القراءة عادة غير محببة بين أواسط الشباب، بل أصبح من يقرأ منهم أضحوكة لرفاقه، ويصفوه بأنه رجعي متخلف لا يتبع التطور التكنولوجي.
فالتكنلوجيا دمرت القراءة والقراء، وحلت صفحات الويب والمواقع الالكترونية على الانترنت محل الكتاب. وفي رأيي لعبت وسائل الإعلام على اختلاف أشكالها، وتعدد أصنافها دورا في الحد من المطالعة والقراءة، وذلك بالتركيز على الأمور الترفيهية، والترويحية بها فبقي الشباب دون ثقافة. فصرنا نبصر مجموعات من الشباب، عاكفين أمام شاشات التلفاز يقضون ساعات طويلة في متابعة الأفلام، والبرامج، والمسلسلات التي تدق مشاعر، وأحاسيس الشباب بموادها الهابطة فكريا، والتي لا تجعل للشاب حتى الوقت التفكير بالقراءة، أضف إلى عصر السرعة الذي نعيش فيه، والذي جعل الرغبة لدى الشباب في الحصول على المعلومة بأسرع وقت وقل جهد.
والسؤال الجوهري الذي يجب أن يطرح هنا: كيف تجعل حب القراءة من العادات المحببة لدى الشباب؟ حتى تصل إلى حلول عملية تنقذ جيلنا الحالي من الجهل المعرفي، كون القراءة هي المفتاح للتعرف على العالم من حولنا.
هيا بنا جميعا نفتح أبواب المعرفة أمامنا، لتتسع آفاقنا، وتنار عقولنا. هيا إلى قراءة راشدة، وإطلاع نافع، وثقافة مفيدة، حتى لو وصل بنا الحال إلى قراءة صفحة واحدة في اليوم، كي لا تستمر المجتمعات الأخرى بإطلاق جملة "امة اقرأ لا تقرا".
التعليقات (0)