مقابلة حول المثقف الفلسطيني والاغتراب

مقابلة حول المثقف الفلسطيني والاغتراب

أجرى المقابلة باحث من جامعة بيت لحم

1. كيف ترى الواقع الثقافي في الفترة الحالية؟؟
ان كان المقصود هنا الوضع الثقافي العام للمجتمع الفلسطيني، فلا يمكن تقييمه على عمومه، لكن تجاوزا يمكن الحديث أن المجتمع الفلسطيني يمتلك جزئيا أحد مقومات البناء الثقافي، وهو الرأي، أو بمعنى أدق الانسان الفلسطيني لديه كيان ذاتي متمايز عن الاخرين، ربما بحكم انخراطه كرها او طوعا في الميدان السياسي، لكن هذه الجزئية التي يمتلكها لم تتغذى ثقافيا بمعنى الوعي، فبات الرأي جدارا حصينا أمام تقبل الاخر، او الجزئيات الثقافية الجديدة غير الموروثة، وهذا يعود لجملة من العوامل أهمها غياب الدور الفعال للمؤسسات بمجملها.

2.كيف ترى وضع المؤسسات الثقافية ؟
في المجتمع الفلسطيني هناك غياب للمؤسسات الثقافية، هي في الغالب مؤسسات تدعي الدور التثقيفي، والسبب في فقدان تلك المؤسسات لمضمونها، وعدم تأديتها للدور المنوط بها، هو تحميلها مسؤوليات غير تلك المتعلقة بالتنمية الثقافية، مثل لعبها ادوار سياسية، أو حصرها في اطار العمل الجهوي الفلسطيني. اضافة لذلك فإن هناك مؤسسات ما زالت تلعب دورا أقوى من أي مؤسسات ثقافية مثل المؤسسات الدينية او الحزبية، ومشكلة هذه المؤسسات انها توصل لون واحد من الثقافة.

3.برأيك، إلى أي مدى تشعر أن المؤسسات الأكاديمية تؤدي دوراً ثقافياً؟
السائد في عملية الثقيف أنها طوعية، ومؤسساتنا الأكاديمية كفلسفة وأداء هي الزامية، ومنهجية، وبالتالي تفتقد لأي دور فعال في مجال بناء الانسان المثقف، ويمكن ان تجد العديد من الامثلة في مؤسساتنا الاكاديمية التي تغلب المنهج والعمل الالزامي على اي نشاط تثقيفي آخر. يمكن ان تقوم بدارسة احصائية تبين فيها مثلا كم مدرسة فلسطينية قامت بندوة تثقيفية؟! الجامعات لا تقل سوء، فنشاطاتها في المعظم سياسية حتى الثقافية منها تصبغ بلون سياسي.
4.ما مدى مشاركتك في هذه المؤسسات؟
المشاركة موجودة لكن متواضعة، وقد تجد الكثير مثلي، لكن ليس لغياب القدرة او الرغبة، وانما لتكاليف المشاركة، والمقصود هنا التكلفة المعنوية، التي قد تتطلب منك ثمنا سياسيا او رأيا او موقفا مع كل مشاركة، حتى لو كانت خارج الحقل السياسي.
5.برأيك، من هو المثقف، وهل الأكاديمي مثقف؟
المثقف برأيي من امتلك مصادر المعرفة وسخرها في خدمة الأنا والنحن، عبر تشكيل الرأي والرؤى والتوجه والسلوك، بعيدا عن اي عوامل خارجة عن حدود العقل. لا يمكن ان نسمي شخصا يعلم كم هي عدد أسنان الفيل بالمثقف، فيما ذات الشخص لا يعرف سببا واحدا لميوله الحزبية او انتمائه السياسي. الثقافة مرتبة من الرقي الذاتي قد يمتلكها من لا يقرأ ولا يكتب، وكنت دقيقا حين اشرت الى ان الثقافة في امتلاك مصدر المعرفة، ولم اقل المتعلم، الاكاديمي تصنيف قطاعي للمجتمع، فنقول اكاديمي، وتاجر وسياسي، لكن لا يعني ان يكون الشخص حاملا لشهادة أكاديمية أن يكون حاملا لثقافة تؤهله أن يكون في المكان المناسب من هذا الكون.
6. إلى أي مدى تسهم في عمل ثقافي مع مثقف آخر ؟
لا أبذل أي جهد في هذا المجال، وأعلم أن هذه مشكلة، لكن أجد نفسي في ظل المنظومة الثافية الحالية، أقدر على العمل لوحدي من المشاركة مع الاخرين، وهذا ناتج عن ان التقاء الاراء المتباينة في المجتمع تأخذ نمط فرض الرأي، لا منطق المشاركة والامتزاج.
7. ما تقييمك لأداء المثقفين الآخرين في الوقت الحالي؟
متواضع بحاجة الى مؤسسات لرعايته وتنميه.
8. برأيك، ما هو دور المثقف الفلسطيني كما تراه ؟
المثقف الفلسطيني اليوم، هو أداة بيد الساسة، ودوره المنشود أن يخرج الفلسطيني من القوالب الجامدة للفكر نحو نمطية جديدة من التفكير.

9. برأيك، هل أنت قادر على أداء هذا الدور ؟
أسعى لذلك في كل مشاركاتي، وغيري أقدر على تقييمي.

10.إلى أي مدى تشعر بأنك عنصر منتج؟
أشعر بأني منتج كفرد وبلغة الاجتماع السياسي، هذه حالة من الاغتراب حين ترى انجازك في اطار ذاتك فقط لا في اطار المجتمع، والسبب عدم الرضى عما يفعله الاخرون. هناك مثل عامي يقول (اذا انجنوا جماعتك- عقلك ما بنفعك) اظنه مثلا سلبيا، لكنه يجسد الحالة بوضوح.

11.إلى أي مدى تشعر بان المجتمع الفلسطيني يقدر عملك ؟
التقدير في إطار المعارف، أي بشكل فردي.

12.إلى أي مدى تشعر بالانتماء للثقافة الفلسطينية؟
كلمة الثقافة في سؤالك تختلف عما تكلمنا عنه سابقا، فإن كنت تقصد هنا الثقافة الفلسطينية بمعنى الهوية فأنا انتمي لها حتى النخاع، وأخشى عليها من مضيفات طائرات العال الاسرائيلية اللواتي يرتدين الثوب الفلسطيني التقليدي فيما فتاياتنا يخجلن منه، بحكم أنه (شغل عجايز).

13.إلى أي مدى تشعر أن الدين يؤثر على الحياة الثقافية الفلسطينية؟
الدين عامل مؤثر على كل الثقافات، والمنطقي أن دوره ايجابي وفي الاسلام دعوات كثيرة في مضمونها حث على الثقافة والتفكير، لكن السؤال الذي أجده أكثر اثارة، ما هو دور المؤسسات الدينية او رجال الدين في ذلك؟ الاجابة قطعا سلبية.
14.كيف ترى علاقتك بالثقافات الغربية والعالمية؟
أتقبل الثقافات الاخرى. اختلاطي فيها محدود.

15.كيف ترى الوضع السياسي في الفترة الحالية؟
يرسم بريشة رديئة هي أحزابنا والسلطة، تحملها يد شخص لا علاقة له بالفن، ويتذوقها بسذاجة أناس طيبون، يبدون اعجابهم بها كي لا يتهموا بأنهم سذج.

16. ما مدى مشاركتك السياسية في الفترة الحالية ؟
وجدت لنفسي مكانا بين السطور، أقرأ وأكتب، ولا اجبر الاخر ليقرأ ما كتبت.
 

17.إلى أي مدى تشعر أن الإنتاج الثقافي يؤثر على السياسة؟
ان صيغ بذكاء، له تأثير الحكماء.

18.كيف ترى الوعي السياسي للشعب الفلسطيني في الفترة الحالية؟
سأسوق لك مثالا، منه اقتبس الجواب. في إحدى محاضرتي في مساق القضية الفلسطينية، رأيت جمهورا من الطلبة في المدرج يلفون رقابهم التي لا تكاد تظهر بحكم غياب الثقافة الرياضية، بوشاح الشبيبة الطلابية، سألتهم عن فتح، حركتهم الام، فالتزموا الصمت، لم يكونوا على علم  أن هناك مؤتمرا سادسا على الابواب، وفاروق القدومي بالنسبة لهم هو صاحب المكتبة المجاورة للجامعة (مكتبة القدومي).
19.ما الآليات المطلوبة في المجتمع الفلسطيني لتفعيل دور المثقفين والحركة الثقافية بشكل عام ؟
أن نحيل الثورة من كونها ثورة على اسرائيل، الى ثورة على ساساتنا ومؤسساتنا، لنبني قاعدة رصينة.

20.كيف ترى المستقبل وما هي طموحاتك المستقبلية كمثقف فلسطيني؟
"المكتوب مبين من عنوانو"، المستقبل هم الشباب، والمثال السابق كافي.

إضافات أخرى ؟................
"بكفي - هلكتني"

انتهت الأسئلة

مع الشكر والتقدير