مفهوم القوامة قديما وحديثا
بعد القضية التي اثير غبارها مؤخرا حول تعديل أحكام الإرث والمساواة بين الجنسين وتجريم التعدد في الزواج الى حد التصادم بين فكر الدين والعلمانية
لكل نص قرآني له بعد نظر وغايه لم ينزله الله سبحانه وتعالى عبثا لما يقول (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ }النساء34)
ليس تفضيلا لجنس على جنس،كنظرة عنصرية، لأن الرجل يعتبر اكثر عقلا وقوة، يعطيه الحق لقهر المرأة واستعبادها؛ كما يفسر حديث النساء ناقصات عقل، المنسوب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،تفسيرا خاطئا من طرف بعض الجهلاء؛ تكريسا لممارسة الجهل ،فالمرأة والرجل متساويان في التكليف وفي التشريف، الكثير منا يفهم ان القوامة هي فقط في القوة وسلطة المال،لا حق للمرأة في مشاركة القرار، وأن الإسلام قد سلب المرأة حريتها، بمعنى تفسير القوامة ؛أي سلطة المجتمع الذكوري، فليس من السهل كل رجل قادر يتحمّلها، ما بالنا بالنساء ،أي امرأة لا تقدر ان تكون مسؤلة عن زوجها وأسرتها بدلا منه؛ إنما المساواة هي تحديد الدور لكليهما في المجتمع، حسب المؤهلات الطبيعية مسألة القوامة، هي القدرة على تحمل المسؤلية ،مثل البلد الذي يعتمد فيه على حماية الرجل، في الدفاع عن مقوماته ولا شيء غير هذا.
حين حدد الشرع التعدد على اغنياء القوم ،في أربع زوجات بعد العصر الجاهلي، الذي لا يعرف فيه معنى التحديد كانت عادة جاهلية ليست من صميم الدين، لا يمكن في ذلك الوقت منعها لكن فرضه في الاسلام بشرط العدل بين النساء ؛لما له من اضرار مادية ومعنوية، لو لم يحدد الشرع، لاحتاج الناس الى نظام ينظم فيه الزواج للأغنياء؛ لكن للأسف لازال يستغل هذا الشرع حاضرا ،من طرف البعض حتى اعتبر التعدد من مبادئ الاسلام وهو بريء، منه الا للضرورة جعلوها اختيارا، رغم انه لا يوجد في يومنا مشكل طرح التعدد ،نظرا لتغير الوضع الإجتماعي؛ الذي صار عبئا ثقيلا على قوامة الرجل، الا بشكل نادر جدا ،عند البعض ولو لم يتقيد بشرط العدل فيه ،ما قد يتنافى مع عقيدة الاسلام وهو عدم العدل، القضية ليست وحدها مادية، بل قضية معنوية ايضا، اما بالنسبة للفقراء المشكل غير وارد؛ ولا يلزم التحدث فيه ،هناك من لا يستطيع الزواج بواحدة، فحكم التعدد مثل حكم الطلاق وهو ابغض الحلال عند الله، صعب بث القرار فيه كيف يحله وفي نفس الوقت يبغضه ان كان أمرا طيبا مادام التعدد فيه ضرر، بالنسبة للرجل اكثر ضررا من المرأة اليس من المناسب الآن من أي وقت مضى صارت فيه المرأة مساوية للرجل في العمل ،ان يكون التعدد موضوعا مطروحا ،في صالحها افضل للتي ارادت ان تحصن نفسها أمام العنوسة ،اذا كانت ذات مال ما فائدة المال ان لم تقدر ان تكوّن به اسرة ،وهل يمكن ان ترضى برجل تتساوى معه في الواجبات ؛حين طلبت جمعيات بتعديل أحكام الإرث في اتجاه المساواة بين الجنسين وتجريم التعدد،فالذين يثيرون المشكل هذه الأيام؛ لم يقدموا حلا وانما عرضوا مشكلا بمشكل اكبر،الا هو تعدد العلاقات خارج إطار الزواج ،وانجاب الأطفال مجهولي النسب وكثرة الإجهاض؛ جردوا فيه المرأة من طبيعتها واعتبروها كائنا مستقلا عن الرجل، يمكن فصله بطرح موضوع المساواة ،حصرها في المشكل المادي فحسب ،الذي يدور حوله الجدال في جميع المناسبات؛ كأن لا علاقة بينهما غير المادة دون العلاقة النفسية ، فأي مساواة اذا شذت عن طبيعة الإنسان، في زمن كثر فيه الشذوذ الجنسي؛ صرنا لا نعرف الرجل من المرأة، هل نقول ان هؤلاء من الطبيعي أن يطالبوا بحقوقهم في المساواة، ألا يمكن العامل السيكولوجي يؤثر في العامل البيولوجي، لما يصير الرجل يرى في نفسه امرأة والعكس منذ الولادة ،والا فما تفسير ظاهرة الشواذ ؛لاشك خلف كل ظاهرة سبب، كون المرأة استقلت ماديا واشتغلت ان سقط مفهوم القوامة، لا يعني انها ستقوم بنفس الدور الذي يقوم به الرجل، الا في مجال محدود يجعلها في موقف قوة، لأن تصنع وتبتكر، لكن لا مجال للمقارنة علميا وعمليا كي تكون المرأة رجلا غير نفسها .
التعليقات (0)