مفهوم الشريعة في الإسلام ؟
@Zina Amraoui هل تقبلون بدستور ينص على تطبيق احكام الله ؟ اتصور ان هذا ابعد من الخيال اما ان كنتم تقبلون من القران فقط قيمه فانتم ما اختلفتم ابدا عن بقية الديانات لان هذا الامر انساني كوني فحتى البوذي ينادي بها ...
سيدتي ، بدءا أشكرك على هذا السؤال الجدي ، كما يبدو ، ثانيا ، اعلمي سيدتي أن الله قد أنزل أنوارا و حدودا و لم ينزل أحكاما ، كما تتوهمين ، و الفرق واضح ، وهو كالتالي : الأحكام و القوانين المنظمة لحياة الإنسان هي قيود و ضوابط ظرفية يستنبطها الإنسان ، قصد تنظيم حياته السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و غيرها من مجالات الحياة ، و هذه القيود و الضوابط و القوانين ، لا يمكن أن تكون إلا نسبية تتغير بتغير الظروف و الملابسات التي تحياها البشرية ، و الظروف الحضارية التي يحياها الناس ، لذلك لا نجد دستورا بشريا واحدا قد قاوم عوامل الزمان و المكان ، فتونس مثلا صارت ترنو اليوم بعد ثورة 14 جانفي 2011 إلى تغيير جذري للدستور الذي حبره التونسيون بعد الاستقلال ، وهو دستور أقرب للقانون و الضوابط المتغيرة منها للدستور الذي يفترض فيه أن يكون صالحا لقرون ... !!
و نعود للقرآن المجيد الذي يمثل دستور الله للبشرية جمعاء منذ خلق البشر و وجودهم على الأرض ، بما يعنيه من كلام أزلي صالح لكل زمان و مكان ، فهو إذن كلام مطلق ، يجيب عن كل تساؤلات أبناء آدم في حياتهم الدنيا و بعد مماتهم ، و يعطي حقائق عن عالم الغيب و عالم الشهادة ، و لكل هذه الأسباب لم يتضمن كتاب الله قيدا واحدا أو قانونا واحدا محدد المعالم ، ما يسهل على البشرية أن تستنبط على ضوئه ، ما تراه يصلح لها معيشتها و يحقق لها القوة و الرفاهية التي ينشدها كل البشر ، و لكي لا يبقى كلامي غامضا ، سأضرب لك أمثلة كالتالي ، بدءا بالمعاملات البسيطة و انتهاء بالحدود التي سميتها أنت بالأحكام ، و ما هي بالأحكام ... !!
ففي مجال التحية مثلا يأمرنا الله قائلا : "فحيوا بأحسن منها أو ردوها" ، ما يجعل البشر يتخيرون ما شاءوا من التحايا ، و ليس بالضرورة أن تكون كما يتوهم الإسلاميون بـــــــــــــ" السلام عليكم " و "عليكم السلام"،
فالآية لم تحدد مطلقا نوعية السلام ، المهم أن نرد على التحية بخير منها أو بمثلها .. ؟
و في المجال الممارسة الجنسية ، لم يحدد الشارع أي طريقة محددة للممارسة الجنسية فــــــــــــــــ"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم .."
بشرط أن يتجنب المؤمن الصالح / "الحيض و الدبر " كما أمر الله عباده المتقين..
و في مجال الزواج فقد حدد الشارع الحد الأدنى "زوجة واحدة "
و الحد الأقصى للتعدد وهو 4/
تاركا للقوانين الظرفية التي يستنبطها المسلمون لتحديد العدد المناسب للمجتمع المسلم و الظروف الحضارية التي يعيشونها ... !!
و في مجال العقوبات ، قد حدد الشارع كذلك الحد الأقصى لعقوبة السرقة و لعقوبة الزنا ، تاركا للسلط القضائية أن يختاروا من العقوبات الملائمة للجريمة المرتكبة في حدودها الدنيا ، كغض الطرف عن الزاني المحروم ، بسبب الصعوبات في وجود 4 شهود لإثبات الجرم ، أو تخطئته أو سجنه قبل الوصول لمعاقبتهما ب100جلدة وهو الحد الأقصى لعقوبة الزنا الذي فيه استهانة بقيم المجتمع المسلم و تحريض على الفوضى ، ما دام الزاني و الزانية قد مارسا جريمتهما أمام مرأى أكثر من 4 شهود ... !!
على عكس الفكر السلفي الوثني الذي يدعو للانتقام من أفراد المجتمع المسلم لمجرد شبهة الزنا بالرجم و القتل لكليهما ، و دون إثباتات قاطعة ، و الحاصل أنا مع اتخاذ كلمات الله بصائر لإقامة العدل بين الناس و لست مع المفهوم السلفي الوثني لمفهوم الشريعة الذي لو طبقناه على "السلفيين أنفسهم" لما أبقينا منهم نفرا واحدا بسبب من العقلية الإجرامية التي يعاملون بها المجتمع المسلم .. ما جعلنا أكثر شعوب الأرض تخلفا حضاريا واستبدادا اجتماعيا و تظالما ممنهجا استشرى في كل هياكل المجتمع و مكوناته !!
التعليقات (0)