يقول تعالى :
(عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ )
والسؤال البريئ هو :
لماذا قـرن َ الله تعالى كلمة ( يتبين ) مع الصدق .. في حين قرن ّ ( العلم ) مع الكذب ؟؟
قبل البدء علينا تعريف بعض المفاهيم قرآنيا ً :
مفهوم العلم :
العلم هو الوقوف على حقيقة الاشياء .. والحكم عليها حكما ً جازما ً تاما ً لا يقبل التراجع .. و ( العلم ) يختلف عن ( المعرفه) فالمعرفة هو المرور على ظواهر الاشياء خارجيا ً وبشكل سطحي دون التعمق فيها ولا الوقوف على حقيقتها .
مفهوم ( التبيان ) :
التبيان هو ببساطة شديده التوضيح .. هو اشبه ما يكون بعمليه استبيان وتجميع معلومات وربط المقدمات بالنتائج ومحاولة اعطاء حكم نهائي بمسالة ما حسب مايتم التوصل اليه من استبيان وتوضيح .. فأن وقف المستبين على حقيقة المسألة ومن خلال استبيانه تبين له انه يستطيع ان يصدر حكم جازم وواضح لا يقبل التراجع تحول التبيين مــن ..تبيين الى عــلـم ....
أما اذا لم يستوفي الاستبيان حقه وبقيت المسألة فيها شك لا تطمئن اليه النفس فيبقى التبيان بساحة التبيان فقط ولا يتحول الى علم ...!
ألان رجوعا ً لبدء وجوابا لسؤالنا :
اقترن العلم مع الكذب ...لأننا نتستطيع ان نعلم الكاذب بمجرد ان نكتشف له كذبة واحدة لذلك جاءت بصيغة العلم اي الوقوف على حقيقة الاشياء ..
اما الصادق فاننا لا نعلمه علم جازم يقيني حتى لو صدق مرة واحدة او مرات عديدة معنا لانه بمجرد تكذيبه لكذبة واحدة تنهار عنده امبراطورية الصدق... ولذلك فأنت لا تستطيع ان تقول في معيار القران الكريم :
علمت ان فلان صادق ...
وانما تقول : تــَبـيـن لي ان فلان صادق .....
بينما تستطيع ان تقول عـَـلـمـت ان فلان كاذب ..
لأنك من خلال كذبه واحده تحكم عليه بالعلم وبحكم نهائي أنه كاذب لأنك وقفت على هذا الكذب بشكل واضح جدا وحقيقي وتستطيع ان تحكم حكم ( علم ) انه .. كاذب ...!
يعني ببساطة :
قد تتبين شيء ومن خلال استبيانك هذا تطلق حكم كامل ...يعني ( علم ) ....... مثل ( وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ )
وقد تتبين شيء ولكن تقتصر باستبيانك عليه فقط ولا تطلق حكم ولا علم كامل مثل ( يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ )
مثال :
يقول تعالى :
( فَلَمَّا تَـبـَـيـَّنَ لَهُ قَالَ أَعْـلَـمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
تذكرون الرجل الذي مرّ على قرية وهي خاوية..... (العزير) :
( أوكَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة : 259]
فذلك الرجل عندما استيقض من موتتهِ تلك قيل له كم لبثت ايها السيد ؟
قال : يوم
قيل له بل 100عام .
.هنا بدأ العزير يشك ولكنه بدأ ايضا ً يستوضح ويعمل استبيان ( تبيان ) ويستجمع معلومات لكنه الى الان لايستطيع ان يصدر حكم نهائي على حقيقة مايشاهده فالمساله لا تبدو منطقيه الى حد كبير ..
ولكن عندما قيل له انظر الى عظام حمارك وهي تــُنشز ثم تـُكتسى باللحم ادرك ان هذا العمل عمل رب وإله .. سبحانه
وان مايشاهده هو حقيقة فعلا ً...ولأنه وقف فعلا ً على حقيقة المسالة اصبح قادرا ً على ان يحكم ويصدر حكما ً نهائيا ً بـ ( علم ) ان الله على كل شيئ قدير...!
ولو اسقطنا هذه المفاهيم على مايسمى بـ ( علم الحديث ) مثلا ... هو ليس ( علم ) أبدا ً من المنظور القراني ولا باي حال من الاحوال لأنه ليس علما ً اصلاً .. بل ليس علما ًحسابيا اورياضيا ً مبني على ارقام مثلا ً نستطيع ان نحكم بعلم لا يخطيئ انه صحيح قاطع ...فما يسمة بعلم الحديث مبني من اساسه على الظن والتقريب والتأريخ وهو علم انساني خاضع لهوى الانسان ...وبتالي لا يمكن بحال الحكم بـ ( علم ) على سلسلة رجال الروايه انهم عدول كالارقام الحسابيه التي لا تخطيئ مثلا ً ...مايسمى بـ ( علم الحديث ) خطأ هو علوم انسانية لا تخظع للقياس اليقيني التام الكامل لأنه مبني على الظن الخاطئ فهوم منقول بتزكية فلان لفلان و بمصداقية فلان لعلان !! .. في حين ان الله تعالى نهانا على ان نحكم على أي رجل بالصدق لأنه ببساطة قد يكذب باي لحظة !! بعد قليل او كثير... اليوم او ربما غدا ً... فهو ليس من الرسل المعصومين الذين لا يخطئون حتى نحكم عليه بعد ذلك بعلم ان الرواي فلان يروي بعلم كامل مطلق لايكذب نستطيع ان نقف من خلاله على حقيقة سند تلك الرواية ..
وكيف نحكم اصلا ً على فلان بالصدق ونلك تزكيه للنفس نهانا الله تعالى عنها فقال :
( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )
وقال بأخرى :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً)
ومنه نستطيع ان نقول :
هذا الحديث غير صحيح ....
ولكن لا نستطيع ان نقول هذا الحديث صحيح ...!!!
فما يسمى بعلم الحديث هو علم مخروق من اوله الى آخره من المقدمات الى النتائج ... فهم مختلفون فيما بينهم اصلاً فكيف يكون الحديث صادق ويصل الى درجة العلم اليقيني انه حديث صحيح وهم مختلفون في كل شيئ ولم يتفقوا اصلا ًعلى شيئ :
1- اختلفوا في تعريف الصحابي .. اختلفوا هل الصغير يعد صحابي مثلا ً ؟ اختلفوا هل من رآه النبي ص ولومرة واحده يكون صحابي؟؟ فاين اليقين بهذا ؟؟؟ اين العلم ؟؟
2- اختلفوا في تعديل الرجال .. فرجال البخاري المعّدلين غير رجال مسلم المعـّدلين.. وللعلم اليقيني اكثر من1000 راوي مختلف بينهما ...فالبخاري يضعف ويكذب الراوي فلان..... ومسلم يقويه ويصدقه ويجعله من الاتقياء
3- اختلفوا في درجة المحدّث
4-اختلفوا في تعريف المعـّدل ..ففلان صادق عند شعيط ...و ذات الراوي يكون كاذب عند معيط جرار الخيط
5- اختلفوا في الروايه ذاتها ..فالروايه الصادقة عند شعيط المحدث تكون ذاتها كاذبه عند معيط المحدث جرار الخيط
ولذلك نكرر اين العلم اليقيني بتلك الروايات المزعزمه .. فتسمية علم الحديث غلط من اساسه ولا ينبني عليه أي يقين ولا يرتكن عليه أي مرتكن .... اضافة الى ان تلك الروايات هي سبب كل ذاك التشرذم وسبب كل تلك العصبيات والعصبيه حيث تحول الرجال الى اصنام مقدسين .. كانت نتيجتها عصبيات عمياء وطوائف وما الطوائف إلا خلاف سياسي تحول الى دين مع مرور الزمن ...!
اكبر طعن يـُطعن في الاحاديث هو ما يسمى بـ السند ذاته ... فلو ان السنه كتبت امام النبي ص لما احتجنا الى العنعنه عن فلان وعن فلان ..ولما احتجنا الى.. اخبرنا وحدثنا وفلان عن فلان .... وكان سيكتب مثلا ً هذا ما كـٌتب امام النبي ص ثميوقع النبي على الحديث وخلص تنتهي القصه ....!! لكن هذا الامر لم يحدث فجائونا بـ ما يسمى بالسند الذي يتفاخرون به وهو ذاته أكبر دليل على ان السنه لم تكتب امامه ص ولم يأمر النبي ص بكتابتها اصلا ً ...والزعم بأن السنه كـُتبت في زمن النبي ص هو أكذوبه .. بل هي اكبر اكذوبه افتريت على الناس وبقيت تـُمرر وتخدع بها الناس والى اليوم !!! فنحن نعيش خدعة ...طرية جازجه ويوميا ً!!
وبتالي فهذه ليست سنه بل روايات فيها من الحق بمقدار مايوافق القران الكريم وفيها من الباطل بمقدار ما تختلف معه ..!!
اخيرا:
لا علم إلا بهذا القران الكريم وما سواه ....... شك او تبيان ..!!
فرقد المعمار
التعليقات (0)