المصطلحات السياسية و السلطوية في القرآن
( من كتابي الحكمة بين الإله و السلطان )
لم يرد في القرآن الكريم أي مصطلح أو كلام يدل على وجود الأمر السياسي السلطاني أو يعبر عنه ، و لم يرد هناك أي مدلول يأمر بإنشاء دولة إسلامية أو حتى سلطة إسلامية ، و لم ترد أية إشارة إلى القيام بالفتوحات باعتماد على حد السيف . و لم ترد أية إشارة على أن الإسلام قائم على الأمر أو السلطة السياسية . كذلك لم يرد أي شيء من شأنه الإشارة إلى دولة إسلامية أو كيان سياسي إسلامي أياً كان نوع هذا الكيان أو النظام . لا بل على العكس من ذلك ، فإن معظم الدلالات و المفردات التي من الممكن أن تعبر عن مقومات الدولة و نظام الملك في القرآن الكريم ، وردت بالذم و الاستهجان و الاستنكار .
و لقد بحثنا عن معظم – إن لم يكن كل – المفردات التي تدلل على الأمر السياسي أو السلطوي الحاكم ، فلم نجد لها أثراً في القرآن الكريم ، و الذي وجدناه منها ، جاء بصيعة الاستنكار و الاستهجان ، أو جاء لحالة و ظرف معينين و محددين ارتبط بهما و ارتبطا به ، كحالة القتال مثلاً التي جاءت فحسب ، في حالات الحروب الدفاعية التي خاضها الرسول (ص) ضد أعدائه من قريش و غيرهم و الذين ما فت عضدهم في مهاجمته و محاولة القضاء عليه و على الإسلام . هذه المصطلحات هي :
1) – الدولة : لم ترد إلا مرة واحدة في القرآن الكريم ، و قد جاءت بصيغة الذم و الاستنكار ( مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الحشر – 7 )
جاء هذا المصطلح بصيغة النهي و لم يخصص الله تعالى أي مال لأجله ، بل كله لأجل اليتامى و ذي القربى و ابن السبيل ، أي حالة إنسانية أخلاقية روحية بحتة .
2) – المُلكْ ( بمعنى التملك و الحكم ) : جاءت في آيات عدة في القرآن الكريم . لكنها جاءت كلها منسوبة فقط إلى الله عز و جل ، ما عدا آية واحدة نسبت إلى النبي سليمان (ع) الذي أعطاه الله الملك صراحة و بنص قرآني ، و آية نسبت إلى فرعون مصر . و منها على سبيل المثال لا الحصر ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( آل عمران – 189 ) .
( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ( المائدة – 40 ) .
( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) ( النور – 42 ) .
( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ) (البقرة – 107) .
( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( (المائدة – 120) . ( أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ ( (صّ –10) . و هي الآية الأخيرة ، آية استنكارية لموضوع ملك الناس و الذي هو مختص بالله وحده .
( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ) ( الزخرف –51) . هي آية متممة لسابقتها و تعني أن كل من يدعي الملك ، هو مثل فرعون تماماً و أن الملك لا يدعيه و يعمل لأجله إلا شخص مثل فرعون تماماً . و تأتي الآية التالية لتقطع الشك باليقين من أن الملك هو لله وحده فحسب و ليس لغيره .
( الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) ( الفرقان – 2) .
3) ـ المَلِك ( بمعنى الحاكم ) : جاءت منسوبة إلى الملائكة ، و في صيغة الاستنكار و النهي بالنسبة إلى البشر ، بالإضافة إلى نفي صفتها عن الرسول (ص) .
( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ... ) ( البقرة – 102 ) .
( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ( ( الأنعام – 50 ) نفي صفة الملك عن الرسول (ص) .
( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ) ( الكهف – 79 ) جاء الملك بالجانب السلبي و جانب الظلم و القهر .
( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) ( الفرقان – 7 ) .
( مَلِكِ النَّاسِ ) ( الناس – 2 ) و هي آية واضحة تماماً بأن الحاكم بصيغة الملك على الناس هو الله و ليس أحد آخر .
4) ـ وزير : جاءت في آيتين فحسب ، و بمعنى المساعدة و المعاونة و لم تأت أبداً بالصيغة السياسية و اختص بها النبي هارون فحسب و بناء على طلب موسى (ع) ذلك من الله ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ) ( طه – 29 ) .
( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً ( ( الفرقان – 35 ) .
5) ـ قائد ، قيادة ، قود : لم ترد بالقرآن الكريم أبداً و لا بأي صيغة أو شكل .
6) ـ زعيم : جاءت فقط بمعنى القول و ليس بمعنى القيادة و الرياسة ، و في آيتين فحسب هما ( قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ) ( يوسف – 72 ) .
( سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ) ( القلم – 40 ) .
7)ـ الجند – الجنود : جاءت في القرآن الكريم كجنود في خدمة الله تعالى و الذين لا يعلمهم أحد ، و بالنسبة إلى البشر جاءت بصيغة الذم و السلبية ماعدا الذين ، اختصهم الله تعالى صراحة بالقيادة و الملك كالملك سليمان و طالوت ( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ( البقرة – 249 ) .
( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) ( النمل – 17 ) .
( وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ( البقرة – 250 ) .
( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ( يونس – 90 ) .
( فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ) ( طه – 78 ) .
( ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ) ( التوبة – 26 ) .
( وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ) ( الشعراء – 95 ) .
( وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) ( القصص – 6 )
( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) ( القصص – 8 ) .
( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ) ( القصص – 39 ) .
( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) ( القصص – 40 ) .
( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ( ( الملك – 20 ) .
جميع هذه الآيات تحدثت عن صفة الجند بشكل سلبي جداً و بالعداء لله تعالى ثم تأتي الآيات التي تتحدث عن الجنود الملائكة التابعين لله تعالى و منها
( وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ ) ( يس – 28 ) .
( وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) ( الصافات – 173 ) .
( ... فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة – 40 ) .
( ... وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) (المدثر:31) دلالة الآيات السابقة على أن الجنود غير مرئيون عياناً .
( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) ( الفتح – 4 ) .
( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) ( الفتح – 7 ) .
ثم جاءت الآية التي تتحدث عن صراع جنود الإنسان مع جنود الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) ( الأحزاب – 9 ) .
8) ـ السلطة و السلطان : لم تأت بالصيغة السياسية للسلطة و الحكم و القيادة ، بل جاءت بمجملها بصيغة البرهان و الإثبات و الحجة و القوانين العلمية و إغواء إبليس لأتباعه ، و تحكم أشخاص بأشخاص كعقاب من الله .
( سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ) ( آل عمران – 151 ) .
( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ) ( النساء – 90 ) .
( سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُبِيناً ) ( النساء – 91 ) أي أذن من الله و هي آية ظرفية وقتية .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً ) ( النساء – 144 ) .
( وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) ( الأنعام – 81 ) .
( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) (الأعراف – 33 ) .
( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) (هود – 96 ) .
( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) ( الحجر – 42 ) .
( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) ( النحل – 99 ) .
( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) ( النحل – 100 ) جاء السلطان في الآيات الثلاث الأخيرة ، بالإغواء للناس .
( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) ( الرحمن – 33 ) .
9) ـ الحكم : جاءت بحالة مشابهة لحالة السلطان و الملك ، و جاءت بمعنى القضاء بين الناس و بشكل يأخذ الحالة الاجتماعية البحتة البعيدة عن الأمر السياسي تماماً ، و جاءت أيضاً بمعنى الدقة و الضبط و هذه الآيات تبين ذلك
( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ... ) ( آل عمران – 7 ) .
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) ( آل عمران – 23 ) .
( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) ( آل عمران – 55 ) .
( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ) ( آل عمران – 79 ) .
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) ( النساء – 58 ) .
نلاحظ هنا أنه تعالى قال ( و إذا حكمتم بين الناس ) و لم يقل ( و إذا حكمتم الناس ) أي أن الحكم هنا هو حكم قضاء و ليس حكم سلطة بمعنى القيادية و التوجيه .
( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) ( النساء – 65 ) . و هذه الآية و بالرغم من أنها تنفي بشكل قاطع الإيمان إلا بشرط الاحتكام إلى الرسول (ص) عند أي خلاف بين المؤمنين ، إلا أنها لا تجبرهم على ذلك و يبقى لهم الخيار ، فالله قال ( لا يؤمنون ) و لم يقل ( لا يسلمون ) أي أن هذه الآية تتعلق بالجانب الإيماني الروحي . يضاف إلى ذلك أنها تحدثت عن الاحتكام و ليس الحكم فالاحتكام إلى شخص شيء ، و أن يحكمك هذا الشخص شيء آخر .
( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً ) ( النساء – 105 ) . نلاحظ أيضاً أن الحكم هنا آل للرسول (ص) لكي يحكم بين الناس و ليس ليحكم الناس ، و هذه إشارة قوية من الله تعالى لهذه النقطة و هي شبيهة تماماً بالآية السابقة ، و يلاحظ أيضاً شرط الحكم بين الناس هو الكتاب و بما أراه الله تعالى . و يلاحظ أنها اختصت الرسول (ص) بالذات و لم تجمل معه أحداً .
( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) ( المائدة – 42 ) . إشارة واضحة و قوية إلى أن الرسول (ص) ليس ملزماً بالحكم بين الناس بل هو مخير و بخاصة المنحرفين على الحق الضالين عن سبيل الله ، مع التشديد على تطبيق العدل في الحكم بينهم .
( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ( ( المائدة – 43 ) . لاحظ ورود كلمة الاحتكام و التركيز الإلهي عليها .
( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( المائدة – 45 ) . يلاحظ في هذه الآية أن الحكم بين الناس هو في العلاقات المدنية البشرية الاجتماعية وليست الدينية التي اختص الله تعالى بها وحده فحسب دون غيره .
( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) ( المائدة – 48 ) . العبرة الإلهية في هذه الآية ، هي أنه لا يجوز إجبار أي أحد في المجال الديني على اتباع القوانين التي هي من خارج منهج و صلب عقيدته الدينية ، و في الوقت نفسه تصريح و إشارة إلى الحرية الدينية و ذلك من عبارة ( و لكل منكم جعلنا شرعة و منهاجاً ) .
و يتضح ذلك الأمر من الآية التي تليها في القرآن الكريم و هي ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ( ( المائدة – 49 ) . أي أنهم إذا لم يرضوا بما حكمت بينهم فليسوا ملزمين تجاهك و ليس لك عليهم حق الإجبار و الإكراه القسري ، بل هو أمر عائد إلى الله تعالى و لغاية أرادها لهؤلاء القوم .
( قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) ( الأنعام – 57 ) إشارة واضحة و قوية إلى رفض مفهوم التكفير و إن الحكم فيما بين الطوائف هو لله وحده و هو خير الفاصلين .
( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ( ( الأنعام – 62 ) تأييد للآية السابقة و إشارة إلى أن الحكم بن الطوائف الدينية هو في النهاية من اختصاص الله تعالى وحده .
( وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) ( الأعراف – 87 ) .
( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) ( يونس – 109 ) عدم الاكتفاء بأن الحكم هو لله وحده ، بل التأكيد أن من يقوم بتطبيق هذا الحكم هو الله أيضاً و في الوقت الذي ترتئية الحكمة الإلهية . الذي قد يكون يوم القيامة و الحساب و هو ما أتى مدعماً بالآيتين التاليتين
( الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) ( الحج – 56 )
( اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) ( الحج – 69 ) .
( إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ) ( النمل – 78 ) .
( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) ( صّ – 26 ) .
( إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ) ( صّ – 22 ) .
يلاحظ أن الحكم هنا جاء في القضاء فحسب و ليس من مفهوم القيادة و التسلط و الملك و ذلك من عبارة ( فاحكم بين الناس ) و ( فاحكم بيننا بالحق ) و لم يرد ( فاحكم الناس ) ، كما أن التصوير الإلهي لمشهد دخول الرجلين على النبي داؤود (ع) يوحي بأنه ليس في حالة القيادة و الملك ، بل في حالة القضاء و ذلك من عبارة ( إذ دخلوا على داؤود ففزع منهم ) و هي حالة توحي بأنه كان وحيداً معزولاً و ليس في قصر يحيط به الحرس و الخدم و الجنود لكي يخاف من رجلين دخلا عليه يطلبان منه القضاء بينهما .
10) ـ الحرب : وردت في أربع مواضع من القرآن الكريم منها ما جاء بصيغة الحرب المعنوية و ليست الحرب التقليدية التي يسيل لها لعاب طلاب السلطة و التسلط باسم الدين و منها
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ) ( البقرة 278 – 279 ) . واضح هنا أن الحرب هي معنوية و عقاب من الله و مقاطعة من الرسول (ص) لأن الخطاب موجه بالأساس إلى الذين آمنوا و من غير المعقول أن تكون حرب تقليدية بين المؤمنين و من أجل الربا .
( الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) ( الأنفال 56 – 57 ) . جاءت هذه الآية الحربية للإشارة على الذين ينقضون العهود و المواثيق باستمرار مع الرسول (ص) في أثناء الحرب و هو ما يعرف بالخيانة كما حصل في معركة الخندق و غيرها و هي أيضاً آية ظرفية وقتية جاءت خلال فترة الرسول (ص) و من الطبيعية محاربة الخونة و ناقضي العهود .
( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) ( محمد – 4 ) و هي آية حربية تبيح القتل في حالة الحرب فحسب ، و تنتهي هذه الحالة بانتهاء السبب الا و هو الحرب و ذلك من عبارة ( حتى تضع الحرب أوزارها ) .
( ... كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) ( المائدة – 64 ) آية واضحة تمام الوضوح عن رفض الله لمفهوم الحرب بأشكاله كافة إلا الحرب الدفاعية الاضطرارية ، لا بل إنها تتحدث عن التدخل الإلهي لإيقاف أي حرب و التي هي حسب منظور الآية القرآنية من باب الفساد في الأرض .
11) ـ الغزو – الغزوة : لم ترد في القرآن الكريم مطلقاً ، بل جاءت كلمة متشابهة لها مرة واحدة فحسب و في حالة متشابة ليس فيها أية إشارة للغزو ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (سورة آل عمران 156 ).
جاءت كلمة ( غزى ) مبهمة غامضة و بمعنى الانتشار في الأرض لكسب الرزق أو ما شابه لأنها جاءت مسبوقة بعبارة ( ضربوا في الأرض ) التي تعني السفر و التنقل و الارتحال و يبدو أن هذه الآية تحث على التنقل لكسب الرزق و عدم القعود و الركون ، و تحدث أيضاً عن مفهوم القضاء و القدر ، بمعنى أن الإنسان ممكن أن يموت في مكان حتى و لو كان في بيته . و لم يأت معها أية عبارة أو كلمة لحرب أو قتال أو ما شابه ، و فوق كل ذلك جاءت مرة واحدة في القرآن الكريم ، أما خارج القرآن فهي ما شاء الله تملأ كتب المفسرين و الفقهاء و خطب المنابر بحيث جعلت أساس القرآن .
12) ـ جيش – جيوش – كتيبة – كتائب – سرية – سرايا – عسكر – معسكر – عساكر : كل هذه الكلمات التي تصف هيئة و قوام أداة الحرب البشرية غير موجودة في القرآن مطلقاً و لا أثر لها حتى على مستوى الجذر .
13) ـ سلاح : لم ترد إلا مرة واحدة في القرآن الكريم و في حالة حربية تكتيكية ثانوية بحتة تحث على الحذر في أثناء الصلاة في الحرب ( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ) ( النساء – 102 ) . و يلاحظ أن هذه الآية جاءت خطاباً للرسول (ص) أي أنها تتحدث عن الحرب التي خاضها الرسول (ص) و كان موجوداً فيها و ذلك من عبارة ( و إذا كنت فيهم ) .
14) ـ سكين : وردت مرة واحدة في القرآن الكريم و كأداة استعمال لتقشير الفواكه و ليس للقتل و الطعن و الغزو و النهب و السلب ( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ) ( يوسف – 31 ) .
15) ـ رمح : لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة و لأجل الصيد و ليس لأجل الغزو ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( المائدة – 94 ) . لا بل نلاحظ أن عبارة ( و من اعتدى بعد ذلك ) للنهي عن استعمال الأسلحة وتسخيرها خدمة للنفس التي ألهمها صاحبها فجورها و طمعها و تسلطها باسم الدين ، فضلاً عن أن عبارة ( ليبلونكم الله بشيء من الصيد ) جاءت أيضاً بصيغة عدم استحباب .
16) ـ السيف : لم يرد في القرآن الكريم أبداً لا هو و لا أسماؤه .
17) ـ فتوح – فتوحات : لم ترد في القرآن الكريم مطلقاً و إنما جاءت كلمة الفتح و هي بمعنى المساعدة من الله و النصر على المشركين في الحروب التي خاضها الرسول (ص) في مكة و المدينة و جوارهما .
18) ـ سفك الدماء : جاء مرتين فحسب في القرآن ، و في آيتين ، الأولى استهجنته تماماً و الثامية حرمته بشكل مطلق
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ( البقرة – 30 ) .
( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ) ( البقرة – 84 ) .
19) - الاعتداء و العدوان و البغي : جاءت كلها بصيغة النهي و الاستهجان و التحريم ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) ( البقرة – 65 ) .
( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ) ( البقرة – 190 ) . هذه الآية هي آية واضحة و هي من المحكمات و لا تحتاج إلى أي جهد في تأويلها و تفسيرها و هي تعني أن القتال هو فحسب و حتماً و حصراً حالة دفاعية بحتة من باب الدفاع عن النفس ، و جاءت التشديد فيها بذلك بالعبارة الأخيرة منها ( لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) و هي حاكمة و ضابطة لكل آيات القتال في القرآن الكريم .
( الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) ( البقرة – 194 ) . تصديق و تثبيت لمفهوم و روح الآية السابقة من أن القتال و الأذى هو للدفاع عن النفس فحسب . و جاءت عبارة ( بمثل ما اعتدى عليكم ) لتمنع نهائياً أي ظلم أو جور أو اعتداء على الغير و منعاً لدخول أية غايات سياسية من جراء ذلك الأمر .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) ( المائدة – 87 ) .
( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) ( الأعراف – 55 ) .
( لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) ( التوبة – 10 ) .
( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ ) ( ق 24 – 25 ) .
( مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ) ( القلم – 12 ) .
( وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ) ( المطففين – 12 ) .
( وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) ( المائدة – 62 ) .
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) ( المجادلة – 8 ) .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) ( المجادلة – 9 ) .
على العكس من كل ذلك ، فقد جاء مفهوم السلم و العفو و الأخلاق كحجر أساس و ركن زاوية في المفهوم القرآني و الإرادة الإلهية و إشارة واضحة لا تباين فيها لاعتماد هذه المصطلحات كركيزة للإيمان و الإسلام . و نحن لن نعقب كثيراً على ذلك و نخوض في غمار التحليل ، لأن الآيات القرآنية بحد ذاتها كافية لتعبير عن نفسها و عن الإرادة الإلهية .
( ... فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( سورة البقرة – 109 ) .
( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ( سورة المائدة – 13 ) .
( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) ( الحجر – 85 ) .
( وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( النــور – 22 ) . ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) ( الزخرف – 89 ) .
( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ( سورة الأعراف – 199 ) .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( التغابن – 14 ) .
و أما آيات العفو من قبل الله عزو جل ، فهي كثيرة في القرآن الكريم و منها على سبيل المثال لا الحصر
( ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( البقرة – 52 ) .
( فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) ( سورة النساء – 99 ) .
( إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ) ( النساء – 149 ) .
( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) ( الشورى – 30 ) .
في الختام فقد جاءت الحكمة السلطانية في القرآن الكريم تحت مسمى الملأ و هم القوم الذي ، يتحكمون في مجرى قيادة الناس و من تحت حكمهم سواء بالدين أم السياسية ، و هي الفئة التي جمعت الأمرين معاً ، و سخرت الأمر الديني خدمة للأمر السياسي ، بعد أن عادته و حاربته بداية و نترك للقارئ أن يقيّم هذا المصطلح من خلال الآيات التي تحدثت عنه و هي .
( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) ( الأعراف 59 – 60 ) .
( قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) ( الأعراف – 66 ) .
( قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ) ( الأعراف – 75 ) .
( قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ) ( الأعراف – 88 ) .
( وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ ) ( الأعراف – 90 ) .
( قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ) ( الأعراف – 109 ) .
( وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) ( الأعراف – 127 ) .
( فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) ( هود – 27 ) .
( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ) ( يوسف – 43 ) .
( فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ) ( المؤمنون – 24 ) .
( وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ) ( المؤمنون – 33 ) .
( قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ) ( النمل – 29 ) .
( وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) ( القصص – 20 ) .
( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) ( القصص – 38 ) .
( وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ) ( ص 4 – 6 ) .
نهاية .. نختم بالآية القرآنية التالية
( مالكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم ) ( القلم 36 – 40 )
من كتابي ( الحكمة بين الإله و السلطان ) الفصل الأخير
نزار يوسف .
التعليقات (0)