مواضيع اليوم

مفاوضات مانهاست بين المغرب و البوليساريو

إدريس الهبري

2009-02-24 12:57:10

0

 انتهت بمانهاست بضواحي نيويورك، الجولة الأولى من المفاوضات التي جمعت المملكة المغربية بجبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب)، و التي جاءت تلبية لقرار مجلس الأمن رقم 1754 الصادر في 30 أبريل / نيسان المنصرم، و الذي دعا الطرفين إلى مفاوضات غير مشروطة، تحت إشراف الأمم المتحدة بهدف التوصل لحل سياسي متفق عليه، قد يضع حدا لنزاع دام أزيد من ثلاثين عاما، هذا وقد وجهت الأمم المتحدة الدعوة إلى كل من الجزائر و موريتانيا لحضور المفاوضات بصفتهما ملاحظين، إضافة إلى مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية (فرنسا وبريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة وروسيا) غير أن هؤلاء، حسب مراسل وكالة فرنس بريس بنيويورك، لم يشاركوا في المباحثات، التي تمت تحت إشراف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء السيد بيتر فان فالسوم.
و تأتي مفاوضات مانهاست بعد مرور عشر سنوات على مباحثات هيوستن (1997) تحت إشراف السيد جيمس بيكر المبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة؛ هذه المفاوضات التي يعلق عليها الكثيرون آمالا كبيرة لإخراج القضية من دائرة اللاحل.
غير أن تصريحات الطرفين قبل بدء جلسات التفاوض كانت متناقضة تماما، مما أوحى للمراقبين بأن لا نتائج ترجى من خلف هذه المفاوضات، و لعل رصدا سريعا لبعض ما جاء على لسان طرفي النزاع يدلل على اتساع الهوة بينهما، فبينما صرح وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية محمد نبيل بنعبد الله، قائلا أن "المغرب سيذهب إلى المفاوضات المتعلقة بقضية الصحراء انطلاقا من قرار مجلس الأمن، أي بحسن نية"، موضحا "أننا نتعامل مع المنتظم الدولي بهذه الروح الإيجابية وعلى هذا الأساس سنحضر هذه المفاوضات"، كان محمد عبد العزيز زعيم البوليساريو صرح في مايو/ أيار الماضي "إن الفشل في كسر الجمود قد يدفع الحركة إلى العودة للنضال المسلح" و شكك محمد عبد العزيز حتى قبل بدء المفاوضات في نية المغرب معتبرا أن "سلوكات الطرف الآخر في النزاع لا تدل إطلاقا على وجود نية حسنة وإرادة صادقة للوصول إلى حل سياسي متفق عليه".
أما خلال بدء المفاوضات فقد كانت التصريحات أيضا متباينة ومتباعدة بشكل يوحي بأن التوصل لتحقيق نتائج إيجابية أمر مستبعد؛ ففي الوقت الذي اعتبر فيه الوفد المغربي المحادثات باللحظة التاريخية مؤكدا أن المغرب جاء ليمد يدا أخوية لكل من البوليساريو والجزائر، راح رئيس وفد جبهة البوليساريو المحفوظ علي بيبة يشكك في اللحظة نفسها قائلا "اليوم، وبهذه المناسبة التي قد تكون تاريخية".
إن جوهر التباعد بين الموقف المغربي و موقف الجبهة، هو كون المقترح المغربي كما تحدث عنه الملك محمد السادس قد "حظي بالموافقة والتشجيع الدوليين الواسعين والوازنين، ولأنه قبل كل شيء يندرج في إطار احترام السيادة المغربية والوحدة الترابية، ويلائم توجهنا الاستراتيجي، القائم على الديمقراطية، والجهوية، واللامركزية، والحفاظ على استقرار المغرب العربي، وتوطيد وحدة شعوبه، بدل تمزيقها بافتعال كيانات وهمية"، في حين لم تستسغ الجبهة هذا الدعم الكبير للمقترح المغربي من لدن العديد من الدول العظمى، إضافة إلى الكثير من الدول التي عبرت عن مساندتها للطرح المغربي، نتيجة الحركة النشيطة للدبلوماسية المغربية التي سبقت القرار الأممي 1754، فكان الأخير أحد إنجازاتها.
في حين يرى المحفوظ علي بيبة أن "محاولة العمل على طرح وجعل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والأمم المتحدة تقبل ما يسمى بمشروع "الحكم الذاتي" الذي تتأسس نقطة انطلاقه على اعتبار الصحراء الغربية جزء من التراب المغربي هي جوهر الخلاف المستحكم الذي ما تفتأ عواقبه تزداد سوءا يوم بعد يوم"، وإلى ذلك طالب وفد البوليساريو بضرورة اللجوء إلى استفتاء تقرير المصير الذي يشمل الخيارات التي تم الاتفاق عليها من قبل الطرفين وتم تبنيها من قبل مجلس الأمن ودعمها من قبل المجموعة الدولية"، أما امحمد خداد عضو وفد الجبهة في مفاوضات مانهاست فقال إذا أصر المغرب على أن يكون مشروعه للحكم الذاتي قاعدة العمل الأساسية في المفاوضات، فإن هذه الأخيرة سيكون مآلها الفشل، وبالتالي فإن الشعب الصحراوي سيضطر للدفاع عن نفسه بوسائله الخاصة".
والمثير للانتباه أن قياديي جبهة البوليساريو قبل وأثناء المفاوضات قد روجوا كثيرا لشعار "إما الحل وإما العودة إلى السلاح"، وهو ما يعكس حالة الخيبة وانسداد الأفق والشعور برجاحة و قوة الطرح المغربي والدعم الدولي الذي حصده، في حين بدأ وهج المقترحات التي تسوق لها الجبهة يخفت، وصار الاعتقاد بضرورة حل النزاع على أساس قاعدة "لا غالب و لا مغلوب" هو السائد داخل المنتظم الدولي، وهو ما يفسر المساندة القوية و اللافتة التي لقيها المقترح المغربي، على اعتبار أن مشروع الحكم الذاتي الموسع يمنح الصحراويين سلطة التدبير المحلي لشؤونهم، لكن في إطار السيادة المغربية دائما.
و في الأخير، لابد من القول بأن اتفاق الطرفان على عقد جولة ثانية للمفاوضات خلال شهر غشت/ آب المقبل، يؤشر على الاستنتاج بأن هنالك آمال تعقد على هذه المباحثات، كما يحيل إلى أن التصريحات التي واكبت الجولة الأولى و التي ستواكب الجولات اللاحقة لا تعدو أن تكون مجرد تصريف لخطابات موجهة للاستهلاك الإعلامي.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !