ليس سهلا أن تكون شجاعا .. وليس صعبا أن تكون كذلك أيضا ..
فإذا كانت الشجاعة بابا عريضا لمفاهيم واسعة من الحماسة وفروسية الأخلاق ، فهل ما زلنا نحتاجها اليوم ، وقد تراجعت تلك المفاهيم لصالح مقولة " وأنا ما لي ، اللهم أسألك نفسي " أو " كل شاة برجلها تناط " ؟!
ومع ذلك ، لا بأس من استعراض بعض مفاهيمها :
1 ـ هي التضحية فداءً للوطن .. والتضحية تكون : بالنفس وبالمال والغالي والرخيص .. وتكون التضحية بالإخلاص في العمل وأداء الواجبات ، وسيادة روح التعاون والمحبة والإيمان والثقة بأن ما نقوم به خالص لوجه الله والوطن ..
والتضحية تكون بأن يؤدي كل منا واجبه تماما تجاه أخيه المواطن وتجاه وطنه ، وفي أي مجال من مجالات العمل .. فكل من يؤدي واجبه على الوجه الأكمل ، إنما هو أحد المضحين من أجل الوطن ..
2 ـ هي الاعتراف بالخطأ ، والعمل على تجاوزه ، وتصويب مساره ، وإزالة نتائجه وكل ما ترتب عليها إن أمكن .. ورد الاعتبار لمن أخطأنا بحقه ، حتى يصفح عنا ويسامحنا ..
3 ـ هي التصدي للظالم ، والوقوف في وجهه ومنعه من الاستمرار في ظلمه وعدوانه على الآخرين ، ومساعدة المختصين بالقصاص منه ، واسترجاع ما يمكن استرجاعه منه لرده إلى المظلومين .. أو إجباره بالتعويض عما اقترفت يداه .. وفق الأصول القانونية والشرعية المتبعة ..
فإذا أوقفتُ الظالم عند حده ، أكون قد نصرته على نفسه ، وأوقفت عدوانه على غيره ، وبهذا أمنع عنه القصاص الذي قد يودي بحياته ، وهو تفسير لـ " انصر أخاك ظالمًا " ..
4 ـ هي الانتصار للمظلوم بغض النظر عن أي اعتبار آخر غير إنسانيته .. والوقوف إلى جانبه ، ودعمه ، ومواساته ، ورفع الظلم المادي أو المعنوي عنه ومحاولة مساعدته في استرجاع حقه .. وهو تفسير لـ " انصر أخاك مظلوما " ..
وأخوك ، هو أخوك في الإنسانية ..
5 ـ هي في قول الحق ، والجهر به ، وعدم المناورة في ذلك طمعا أو رهبة .. فالحق حق .. والباطل باطل ..
6 ـ هي الكرم والبذل والجود ، بحيث لا يكون المرء أول من يهجم على موائد الآخرين ، وآخر من يدعو الآخرين إلى مائدته ..
وليس هذا سوى شكل واحد من أشكال الكرم .. فالكرم أسّ الفضائل وعنوان مكارم الأخلاق .. ومنبع الكرامة ..
فالكريم : كريم في كل شيء ..
7 ـ هي في العفو عند المقدرة ..
هل يحتاج إلى الشجاعة من هو مقتدر ؟! نعم .. فالمقدرة قد تغري صاحبها وتدفعه للعدوان أو الانتقام .. فإن كان ضعيف النفس هوى في شر أعماله .. وإن كان غير ذلك نجا هو ومن معه بالعفو الكريم رغم مقدرته ..
8 ـ هي في التواضع ولين الجانب وسماحة الخلق .. وكل ذلك ، يجب أن يترافق مع الحزم بدون شدة وقت الضرورة ، وحسن التدبير وصواب الاختيار ، ووضع الأمور في نصابها ..
9 ـ هي الإيثار .. بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى .. فإذا لم تؤثر الآخرين على نفسك ، فعلى الأقل : لا تؤثر نفسك على الآخرين .. وما ساد الناسَ رجلٌ لا يتمتع بالكرم والإيثار ..
وما أحبَّ الناسُ سيدَهم ما لم يتمتع بالكرم والإيثار ..
10 ـ هي المروءة .. فإذا قبلنا بأن الشجاعة مروءة ، فإن للمروءة مزايا لا يحوزها إلا ذو مروءة حقيقية ..
فالمروءة : هي الكرم والإيثار ..
هي الصدق والنبل والوفاء ..
هي إغاثة الملهوف ، ونصرة الضعيف ..
هي الوفاء بالوعد ، والالتزام بالعهد ..
هي التواضع والسماحة والرحمة ..
فإذا كان الكرم أسّ الفضائل ومكارم الأخلاق ، فإن المروءة أسَّ الإنسانية ، والشرائع السماوية كلها ..
ولو ساد بين الناس جزءٌ يسير من المروءة ، لعاشوا في الهناء والسرور الذي تحكي عنه القصص الرومانسية وحكايات الفروسية والنبل ..
ما رأيكم ؟
أما زلنا نحتاج للشجاعة ومقولاتها ومضامينها أم لا ؟؟!!
الإثنين ـ 18/04/2011
التعليقات (0)