مفاتيح المعرفة
للمعرفة مفاتيح وأدوات ووسائل أيضاً , فهي ضرورية للتغيير والتحديث والخروج من منطقة الصفر والظلام إلى النور والتحليق في سماء الإبداع .
الحضارة البشرية لا تٌبنى بالأمنيات واستذكار الماضي والعيش في التراث والتاريخ القديم , بل تٌبنى بالمعرفة والتنمية والعلم والتعايش والتعددية والتسامح والعمل من أجل الإنسان كإنسان بغض النظر عن أي انتماء آخر .
لماذا وكيف وماذا وماهو وأين ومتى أدوات ومفاتيح للمعرفة فطرح التساؤلات عن أي شيء بداية فعلية وخطوة أولى في طريق المعرفة الطريق الطويل الذي لا يمكن وضع القدم على خط بداياته دون تفعيل لتلك المفاتيح .
للأسرة دورٌ كبير في تفعيل تلك المفاتيح عبر الحوار وتنمية وتشجيع المواهب واستغلال الوقت الأمثل فالأسرة اللبنة الأولى لكن هناك مسؤولية عظيمة تقع على عاتق المؤسسات التعليمية والأكاديمية والمعرفية والحضارية والثقافية الخ فتلك المؤسسات لا تضع الخطوط ولا تعمل وفق إستراتيجيات واضحة لتصل بالمجتمع لبغيته التي يرتضيها وهي الإنسانية والاعتماد على الذات والتحليق في سماء الإبداع وجه الحضارة المٌشرق .
ماذا ينقص المؤسسات التعليمية والأكاديمية والمعرفية والحضارية في الوطن العربي لتٌحقق تطلعات وأمنيات المجتمعات العربية التي تٌغرد خارج سرب الحضارة البشرية منذ عدة قرون , ماذا ينقصها لتلحق بركب الأمم وتتخلص من الماضي بتعقيداته وتراثه التاريخي ماذا ينقصها لتنسى عقدة الأنا وتتخلص من عقد الماضي والتفاخر بتاريخ لم تٌسهم في كتابته وصياغة أحداثه ماذا ينقصها لترسم على وجه السماء صورة مختلفة ناصعة البياض صورة إنسانية لا تمييز فيها ولا عنصرية صورة تعايش وتعددية وتسامح وقبول للآخر وتفاعل مع الآخر وتواصل معرفي وحضاري مع الأمم المختلفة ماذا ينقصها يا تٌرى ؟
بكل تأكيد ينقصها الشيء الكثير ولعل الإرادة هي العامل الأكثر تأثيراً فالإرادة ليست مقتصرة على فئات معينة فصٌناع القرار ونٌخب المجتمعات وقياداته وكل فرد شٌركاء في تفعيل الإرادة ولكل فرد وفئة طريقة ووسيلة لتٌصبح الإرادة نافذة وعاملة , المجتمعات العربية لم تستثمر تنوعها العرقي والمذهبي والديني بل حولت ذلك التنوع لأداة صراع وتنافر وأحدثت قضايا كان الجنس العربي في غنىً عنها واستدعت التاريخ القديم وحولته لعامل هدم بدلاً من تحويله لعامل بناء وحولته لكراهية متناسلة , تتفاخر بالقديم وتتشبث به دون وعي وإدراك تحن للماضي القديم بصورتيه السلبية والايجابية وتهرب من المستقبل واستحقاقاته للخلف تاركةً الغاية الحقيقة لوجود الجنس البشري على الأرض " عمارة الأرض " فأين الحل يا تٌرى بعدما عرفنا الخلل أو جزء منه وهذا هو الصحيح والصواب ؟!.
الحل ليس بالأمر اليسير وليس بالأمر الصعب والمٌعقد الحل يكمن في إعمال العقل وتفعيله عبر استخدام تلك الأدوات في البحث والتعليم وعبر نقد التراث القديم فالمؤسسات التعليمية والأكاديمية والمعرفية والحضارية والثقافية تٌغرد خارج سرب الحضارة تٌكرر الماضي وتستحضر المنقولات دون إضافة أو على الأقل نقد ما تستحضره , إعمال العقل ليس جريمة كما يعتقد ويتصور البعض بل هو فريضة فالقرآن خاطب العقول ففي " القرآن الكريم " 56 أيه تدعو لإعمال العقل بالتفكير والتأمل فالتفكير والتأمل يعني بداية الانطلاق نحو المستقبل وهذه هي النتيجة .
على المؤسسات التعليمية والأكاديمية والثقافية والحضارية والمعرفية تغيير نمطها القديم واستبداله بطرق حديثة وعلى المجتمع الانتقال من النمط القديم نمط التلقي إلى نمط التفكير وطرح التساؤلات والبحث عن المعلومة والإجابات العلمية المنهجية الصحيحة في كل أمرٍ مهما كان ذلك الأمر , المهمة شاقة والهم الذي يشغل أهل المعرفة والتنوير أكبر من أن تٌحيط به الأقلام لكن متى يتم تفعيل أدوات المعرفة وتٌستخدم المفاتيح ليلحق العرب بركب الحضارة ويبنون صروح يتفاخرون بها مثلما يتفاخر غيرهم فالفخر ليس في الماضي بل في المستقبل والحاضر أيضاً وسؤال الفخر ماذا قدمت للإنسان كإنسان !.
التعليقات (0)