في مقابلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة الفضائية ( برنامج بلا حدود ) بتاريخ 29/9/1999 م، تحدث الدكتور زغلول النجار (أحد أبرز علماء الأرض في العالم، والأستاذ السابق في جامعات عين شمس، والملك سعود، والكويت، وقطر، والملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة (ويلز) في بريطانيا، و(كاليفورنيا) في (لوس أنجلوس) في الولايات المتحدة الأميركية، وقد نشر له أكثر من 150 بحثاً، و10 كتب، كما أنه أشرف على أكثر من 35 رسالة ماجستير ودكتوراة، وهو عضو في كثير من المحافل، والجمعيات العلمية الدولية، وعضو هيئة تحرير عدد من أبرز المجلات والدوريات العلمية التي تصدر في الولايات المتحدة، وفرنسا، والهند، والعالم العربي) تحدث عن بعض فوائد الزلازل قائلا:
سطح الأرض تأكله عوامل التعرية، تبريه عوامل التعرية بمعدل ثلاثة من مائة من المتر كل سنة، والزلازل والبراكين مع أضرارها البالغة هي وسيلة من وسائل إعادة بناء سطح الأرض من جديد، فالبراكين تثري سطح الأرض بالخامات وبالمعادن، وتثري تربة الأرض بما يحتاجه النبات من غذاء، وتؤدي إلى رفع سطح الأرض لمقاومة عملية التعرية، فليست كلها أضرار، ولكن لها فوائد كبيرة..
لولا هذه الهزات الأرضية اللي تحدث وتدمر، بالرغم من دمارها وقتلها للناس لانفجرت الأرض كقنبلة نووية هائلة! فهي نوع من أنواع تنفيس الطاقة الزائدة في داخل القشرة الأرضية، وما دون القشرة الأرضية.
هذا في الواقع بعض ما توصل إليه الإنسان من خلال إعمال عقله التجريبي الذي سيظل قاصرا عن إدراك كل الحكمة أو كل العلل، ولكنه يكشف عن جوانب كانت مجهولة عند الإنسان من قبل.
إننا ننظر لبعض الأمور على أنها شر محض، ولكنها في الواقع ليست كذلك، فمثلا لو كنت تقود سيارتك وأصاب مسمار إحدى العجلات فخرقها، فأين الشر في ذلك؟ هل هو في كون العجلات مطاطية، والحال أن ذلك كمالها في الوقت الراهن؟ هل هو في كون المسمار ثاقبا، والحال أن ذلك كماله؟ أم هو في حدوث الثقب في العجلة وذلك في الواقع أمر عدمي، أي أنه عدم اتصال نسيج العجلة مع بعضه في موضع الثقب؟ وهذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة إن شاء الله.
في رده على من وصف زلزال سومطرة وما أعقبه من مد بحري بأنه انتقام إلهي، يقول الأستاذ علي سعد الموسى في مقال له بجريدة الوطن ( العدد 1557) بتاريخ 22/11/1425 هـ:
شاهدناه يدمر بلدة “باندا آتشي” الإندونيسية المسلمة التي يعيش فيها الآلاف على دخل “دولارين” في الشهر الواحد ويقضون مع الفقر والجوع والأمراض قبل الطوفان ما أشغلهم عن كل ملذة في هذه الحياة. إنهم دموع مثقلة لشظف الحياة قبل وبعد الطوفان وهم في جهاد مع هذه الحياة وفي كفاح لها منذ الولادة حتى الموت. نسبة كبيرة منهم لا تملك قبل الطوفان ما يمكن له أن يدمره على الإطلاق ونسبة منهم لا يوجد لديها من الملبس إلا ما غرقوا به مع الطوفان فلماذا هذه الشماتة والتشفي وإطلاق الإشاعات؟ وإذا كانت هذه نظرية الانتقام فلماذا لم يذهب الطوفان إلى سواحل الذين اكتنزوا خيرات الله على الأرض وقضوا الليالي والأيام بين منتجع وآخر وسكنوا من البيوت بحسب المزاج وناموا فوق الأرائك الأثيرة واستغرقوا الصباح على أبواب البنوك ودور الفنون ومكاتب السفر والمطارات؟
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما ذنب هؤلاء المساكين؟
والجواب: إن الظواهر الطبيعية تحدث في مناطق الفقراء كما تحدث في مناطق الأغنياء، فالأعاصير تضرب السواحل الأمريكية كل عام، والزلازل تصيب المدن اليابانية الحديثة. والفرق أن هؤلاء الفقراء لا يملكون أجهزة الرصد والإنذار المبكر التي تجعلهم يقللون من الخسائر والأضرار. أما كون هؤلاء فقراء في هذه المنطقة، وأولئك أغنياء هناك، فذلك أمر يرجع إلى الإنسان نفسه، إما من جهة سعيه، أو من جهة سوء توزيع الثروات والموارد الطبيعية.
فالإنسان إذن يمكنه أن يتعامل مع بعض الظواهر إذا فهمها وأحسن التعامل معها. ونقول بعض الظواهر لأن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن ينزل البلاء عقابا على أحد فلن يعجزه شيء.
﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ. أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ. أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ (45-47) سورة النحل
5 / 1 / 2005م
التعليقات (0)