مواضيع اليوم

مع المترجم الايطالي فرانشيسكو ليجيو

kamel riahi

2009-09-04 09:24:20

0

أو الطريق الآمنة إلى لغة دانتي

حوار:كمال الرياحي
kamelriahi@yahoo.fr
فرانشيسكو ليجيو أكاديمي ومترجم ايطالي.متحصل على دكتوراه في الدراسات والأبحاث في المغرب العربي والشرق الأدنى من صدر الاسلام إلى العهد المعاصر من جامعة نابولي بأطروحة حول تواجد العناصر اللهجوية في السرديات المعاصرة بالعربية في تونس والجزائر.وكان قد تخرّج في اللغات الأجنبية شعبة اللغات الشرقية بكلية الآداب والفلسفة من جامعة "لوريينتالي"بنابولي.وقدم رسالة بحث في اللغة والأداب العربية بعنوان"الآفاق النقدية في روايات موسم الهجرة إلى الشمال".ترجم العديد من البرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية حول مسلمي صقلية وشارك في عدد منها وعُرض بعضها في الفضائيات العربية.يُعرّف بالأدب العربي والثقافة العربية الإسلامية في ايطاليا.يدرّس العربية والترجمة بجامعات باليرمو وباري ونابولي وأستاذا زائرا في كثير من الجامعات العربية.
نقل عديد الروايات العربية الحديثة والمعاصرة إلى لغة بوكاتشو ,الايطالية, أهمها رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح من السودان ورواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي ورواية" البق والقرصان" لعمارة لخّوص من الجزائر .كما نقل عديد البحوث النقدية العربية إلى الايطالية .نزل هذه الأيام تونس ,ولما كنّا التقيناه أكثر من مرة في ايطاليا وفي بلدان أخرى وخبرنا ثقافته العالية وحبه الكبير للعربية ولآدبائها,لم نفوّت الفرصة لنلتقيه في حوار خاطف نحاول من خلاله أن نعرّف بهذا المترجم والباحث الإيطالي الذي يهمّ بترجمة عيون الروايات التونسية المعاصرة والمؤسّسة.ونحاول أن نقترب من عوالمه الفكرية وهواجسه الجمالية التي تحرّك قلمه المترجم .حتى نفهم أسباب اختياره لنص دون غيره موضوعا للترجمة .كما يسعى هذا الحوار إلى طرح أسئلة الترجمة الكبرى. هذا إلى جانب معرفة سرّ العلاقة التي تربطه بتونس والتي يتردد عليها باستمرار منذ سنوات وإن كان الكثير من الخلق الأدبي لا يعلم ذلك.

 

لماذا نترجم؟ ماذا نترجم؟ كيف نترجم؟
ثلاثة أسئلة اساسية في كل مشروع للترجمة.طرحها أدونيس يوما وحاول الإجابة عنها.كيف يجيب عنها فرانشيسكو ليجو اليوم من زاوية نظر أوروبية؟
دعني أقول بادئ ذي بدء أن الأمر لا يتعلق عندي بزاوية نظر أوروبية أو غير أوروبية، فأنا أفضل أن أرى الأمور من زاويتي أنا الشخصية جدا ولا أعتبرني مثالا لهذه الزاوية أم تلك.
لماذا نترجم؟
لا شك أن الترجمة تضطلع بدور رئيس في التبادل والتفاعل الضروريين لحياة المجتمعات،ويمكن النقاش فيما إذا كان ازدهار الترجمة في مجتمع ما مؤشرا تنمويا أم لا، ولكني أرى أن عمل المترجم خاضع لدوافع أخرى أيضا. فترجمة الأدب بالنسبة إلى المترجم محنة يمتحن بها كل ما لديه من قدرات تعبيرية ومهارات جمالية وكفاءات لغوية ومعلومات حضارية لنقل نفس النص من لغة إلى أخرى، متشبثا بهذا النص تارة ومبتعدا عن حرفيته تارة ومبعثرا عناصره تارة أخرى، وذلك لاستخلاص أكثر ما يحتويه النص من طاقة وإخراجه إلى لغة أخرى شكلا ومضمونا ومفعولا.
والظاهر أن الترجمة الأدبية تضمن لصاحبه حرية محدودة حدودا غير متفق عليها قد تشد المترجم شد الأصفاد وقد تطلق له العنان لإيجاد الحلول المناسبة التي تلبي حاجيات القارئ المفترض. وتكمن في هذه العملية بالذات متعة المترجم الذي عليه أن يتماهى مع المؤلف إلى درجة أنه يخيل إليه أنه حل محل المؤلف رغم القيود التي أشرت إليه.
كما أن الترجمة نوع من التبرع بثروة علمية أو ثقافية من المترجم للمتلقي المنتمي إلى مجتمع ذي لغة غير لغة النص الأصلي، وبذلك تتيح للناس فرصة التعرّف على ما قاله أوما اعتقده أو ما اخترعه الإنسان في مكان آخر وفي زمان آخر تعرّفا شبه مباشر دونما وساطة إلا الوساطة اللغوية. ولذا فإنها حاجة كغيرها من الحاجات الإنسانية تسد عوز الذين لا يتقنون لغة أجنبية وتقضي حاجة المترجم إلى التباري مع المؤلف ومع نفسه في آن واحد.

ماذا نترجم؟
باختصار شديد: نترجم الجميل والمهم والمطلوب والمشهور من النصوص.ولو كان الأمر بيد المترجم فقط لاقتصر الاختيار على ما يعتبره جميلا من النصوص دون غيره،لأنه لا شيء أكثر إعياء ومشقة وعذابا وإملالا من ترجمة نص لا يثير في نفس المترجم بل في أمعائه الرغبة الجارفة في الترجمة.إلا أن الجمال ليس مقياسا موضوعيا ولحسن الحظ تدخل في عملية اختيار النصوص للترجمة عوامل أخرى، منها دور النص في مجتمع ما أو نجاحه التجاري وهي عوامل قد لا يلتفت إليها المترجم لسبب من الأسباب. ولا ننس أيضا أن ما يجري في الواقع هو اختيار المترجم بعد اختيار النص وهكذا يكون دور المترجم يقتصر على قبول الأمر الواقع أو رفضه.
وإذا خرجنا عن وجهة نظر المترجم المضيقة وجدنا أن الجواب على سؤال «ماذا نترجم» يعتمد على وجهة نظر واحدة ولا تأخذ بعين الاعتبار احتمالات أخرى واردة.فيقترح أدونيس مثلا «إعداد لائحة مختارة من الكتب القديمة والحديثة، مما لا نجد ما يماثله في الآداب الاخرى، وإذن مما سيضيف إليها قيما فنية لا تعرفها، ويفتح أمامها أبوابا جديدة لمعرفة جديدة، وقيم إنسانية وفكرية جديدة». من عسى أن يكون المكلف بإعداد هذه القائمة؟ هل سيتم الاختيار بالإجماع أو بالأغلبية؟ ولكن هذه المسائل تافهة مقارنةً بما قد ينجم عن مثل هذه الاقتراحات من استبعاد احتمال أن الترجمة كانت وسيلة لاكتشاف أعمال ذات قيمة لم يكترث لها أهل ثقافتها،ومثال ذلك إعادة النظر في ألف ليلة وليلة في الأدب العربي بعد نشر ترجمتها الإنكليزية التي وقعت من جرائها ترقيتها إلى مرتبة التحفة الفنية الخالدة.أو ما حدث لموسم الهجرة إلى الشمال التي أصبحت ترجمتها الإنكليزية أحد النصوص الرئيسية في الدراسات المتعلقة بالعلاقات بين الثقافات.

كيف نترجم؟
هذا السؤال يقتضي حديثا مطولا أكثر من سابقيه إذ لا بد للجواب أن يتناول جوانب فنية تقنية قد تسبب في مقتل القارئ مللا ونعاسا. فلا يمكن تعميم القول في مادة اختصاصية مثل هذه دون الاستناد إلى النظريات اللغوية التي تطورت حديثا هذا الميدان.

- ترجمت روايات عربية خطيرة حققت نجاحا كبيرا في المشرق والمغرب مثل موسم لهجرة الى لشمال و ذاكرة الجسد...ما الذي دفعك الى ترجمة هذه النصوص دون غيرها؟ هل لأنها اشتهرت كثيرا أم لجودتها؟
في الحقيقة ترجمت ثلاث روايات منشورة وهي موسم الهجرة إلى الشمال وذاكرة الجسد الشهيرتين والرواية الأولى للكاتب الجزائري عمارة لخوص بعنوان «البق والقرصان»، لكل منها ظروفها الخاصة أدت إلى ترجمتها. فبدأت بترجمة موسم الهجرة إلى الشمال في إطار تحرير رسالة تخرجي وسرعان ما شعرت بأنني أمام عمل فني رفيع المستوى وبأن نشرها كان من باب الضرورة الثقافية القصوى، فأتممت الترجمة واقتنع بها دار نشر معروفة بالجودة والأناقة في إصداراتها في باليرمو وهكذا صدر الكتاب في وقت كانت الترجمة من العربية ما تزال محصورة في أوساط المستشرقين الضيق ولم تتجرأ النشر الإيطالي على الرهان بالأدب العربي لا المعاصر ولا القديم. ولا بد أن عدد الطبعات التي أحزرتها الترجمة الإنكليزية آنذاك ووجود ترجمتين فرنسيتين قد لعب دورا حاسما في إقناع الناشر الإيطالي.
أما ذاكرة الجسد فلم تنشر من مبادرتي وإنما من مبادرة إيزابيلا كاميرا دافليتو بصفنها مشرفة على سلسلة جديدة مخصصة للسرديات العربية المعاصرة وكان ذلك على إثر النجاح الواسع الذي تميز به صدور هذه الرواية في العالم العربي.
أما رواية "البق والقرصان" فأمر هذه الرواية يخرج عن المألوف تماما، إذ التقيت بعمارة لخوص في جامعة نابولي يوما وهو جاء يصاحب أستاذ علم اجتماع زائرا من جامعة روما فدار الحديث بيننا حول رواية كتبها لما كان في الجزائر ولم تنشر بعد وذكر لي أنه أطلع عددا من أصدقائه المشارقة ولم يفهموا من الرواية أكثرها لكونه يستعمل الدارجة الجزائرية استعمالا واسعا في الكتابة، في الحوار الخارجي وفي الحوار الداخلي أيضا. ولما اقتنع أثناء الحديث بكفاية إتقاني للهجة الجزائرية – التي لا تبعد كثيرا عن اللهجة التونسية في الكتابة- اقترح علي أن أترجمها فقبلت الاقتراح قبولا مبدئيا شريطة إعجابي بالرواية. وهذا ما كان.

موسم الهجرة الى الشمال.تبدو رواية مكتوبة للشرق عن الغرب.لأنها تروّج للبطولة العربية والفحولة الشرقية.كيف أقدم عليها القارئ الغربي؟
للإجابة على سؤالك لا بد أن أكون قد أجريت استطلاعات رأي القراء لموسم الهجرة إلى الشمال وأن أكون قادرا على تحليل نتائج الاستطلاع. ما يمكنني قوله هو أنني لا اشاطرك الرأي الذي ورد في مقدمتك لأن الطيب صالح في أحد لقاءاته الصحفية صرح بأنه كان على علم أو بالأحرى كان يتوقع أن الرواية سوف تترجم إلى الإنكليزية إثر صدورها بالعربية. وفي الحقيقة يصعب علي تحديد نوعية القارئ الافتراضي الذي يكمن بين سطور هذه الرواية، وكل ما تيقنت منه هو أن الذين قالوا لي إنهم قرأوا الكتاب أعجبوا به أيما إعجاب بما فيهم فينشينتو كونسولو وهو من أكبر الكتاب الإيطاليين الأحياء إن لم يكن أكبرهم على الإطلاق. أما البطولة والفحولة فأعتقد بصفتي ناقدا أن الأمر هو على عكس تماما. فإن النص يورد جملة من الإشارات الواضحة إلى أن الفحولة والبطولة والعنصرية والنمطية هي كلها من صنع الإنسان أو من جنون الإنسان وأن البحث عن الذات يمر بمعرفة الغير والاعتراف به كما هو ليس كما يخيل إلينا أنه عليه.

الترجمة ليست عفويّة و تنطلق من خلف موقف إيديولوجي محدّد. ماذا يريده الغرب من ترجمة الرواية العربية نلاحظ تهافت كبير على ترجمة الرواية النسائية الجريئة وخاصة الخليجية وعلى ترجمة الروايات التي تفضح نقاط ضعف وتخلّف الشرق مثل روايا ت علاء الأسواني ...كيف تفسر ذلك؟
قد ينطبق الحديث عن تأثر الترجمة بالموقف الإيديولوجي على النشر بصورة عامة ولا يقتصر على الترجمة، فعلينا أن نذكر أن موضوعنا الترجمة الأدبية من وإلى العربية لا غير، وفي هذا النطاق المحدد وفي قمسه المتعلق بواقع النشر الإيطالي لا أرى في حقيقة الأمر شيئا من الخلفيات الفكرية الواقفة وراء اختيارات الترجمة. فإذا رصدنا أسماء الكتّاب العرب المترجمة أعمالهم إلى الإيطالية لم نجد وراء قائمتهم إلا المعيار الجغرافي ومعيار الشهرة في العالم العربي، بحيث تم نشر روايات لمؤلفين من شتى الأصول ومن الكلا الجنسين دون أي شكل من أشكال التمييز العنصري أو العرقي أو السياسي أو الديني أو الاجتماعي. الأسماء العربية المتوفرة في المكتبات الإيطالية عبارة عن عدد محدود جدا من أشهر الكتاب المعاصرين المتعارف عليهم بالإجماع (المشرقي والمغربي): فترجم عبد السلام العجيلي وفؤاد التكرلي وإبراهيم الكوني وغسان كنفاني وحنان الشيخ وأميل حبيبي ومريد البرغوثي وصنع الله إبراهيم وإبراهيم نصرالله وعلي الدعاجي وحسن نصر وغيرهم. ويسعدني أن أذكر أيضا أن أول ترجمة لأعمال إبراهيم الكوني هي إيطالية الأصل والجنسية ويعود الفضل فيها إلى الشخصية التي كانت ولا تزال المحرك الأول لحركة الترجمة الروائية والقصصية في إيطاليا، وهي الأستاذة الدكتورة إيزابيلا كاميرا دافليتو التي تبذل جهدها من أجل نشر الأدب العربي في الساحة الإيطالية.
أما كون الكتابات العربية المعاصرة المختارة للترجمة تسعى إلى تفخيم عوامل الضعف والتخلف الخاصة بالشرق فإن الأمر لا يعني الوضع الإيطالي ولو من بعيد، إذ إن حالة علاء الأسواني مثلا أعتقد أنها تندرج في خانة الاهتمام الواجب برواية أثارت نقاشا واسعا و(لما لا؟) نالت مبيعات لا بأس بها. فكان من باب الحماقة لو أن هذه الرواية بقيت مجهولة في إيطاليا، بغض النظر عن جودتها التي أحيل الحكم فيها إلى ذوق القراء الإيطاليين إحالة شاملة وعادلة.
ـ يقول الكسندر بوشكين :” المترجمون خيول بريد التنوير” هل مازال المترجم يحمل هذا الوجه؟ بعض المترجمين تصح عليهم عبارة خيول التزوير.

قد يكون مترجم الأدب جوادا يعدو على صهوته النص لخوض معركة بث الأنوار وقد يكون بهيما محملا بنص يسعى لتعتيم الظلام ، وهذا بحسب وجهة النظر الخاصة لكل واحد والمتاثرة باعتبارات سياسية أو إيديولوجية. إنما المترجم وسيلة النقل الضرورية والوحيدة التي يركبها النص ويصل بما لديه من جمال وجدة إلى نطاق أوسع من نطاقه الأولي.

ـ عندما ترجمت احلام مستغانمي اجهزت على قسم من النص الروائي واعتبرته حشوا لا خير فيه ولا يفيد القارئ الايطالي حدثنا عن الامر.من أي خلفية تمارس الترجمة ؟وكاني بك محرر لا مترجم لانك تعمل النقد في نص نشر اصلا؟
يمثل الحذف تقنية ضرورية ومقبولة في عملية الترجمة ويقابلها التوسيع والإضافة لأغراض توضيحية أو أسلوبية يفترض منها عدم إلحاق أضرار فاضحة أو الخلل بالنص الأدبي الذي يتميز عن غيره من النصوص لاستغلال كل الطاقات الكامنة في اللغة والتي تختلف طبيعة باختلاف اللغات والثقافات كثافة دلالية ووقعا صوتيا وتأثيرا نفسيا. لذلك كان ما طرأ على نص أحلام مستغانمي لم يتعد حدود اللزوم واللياقة، وكان بالتراضي مع المؤلفة نتيجة مراجعة مشتركة تناقشنا فيها كل الإشكاليات.

ـ لم تلتق الطيب صالح أبدا وترجمت روايته والتقيت بأحلام مستغانمي واشتغلت معها على الترجمة أي الأمرين أفضل بالنسبة إلى المترجم؟
لا وجود لأي سبيل إلى الشك في أن العمل المشترك مع المؤلف أفضل من العمل الانفرادي لمجموعة من الاعتبارات ، أذكر منها الاعتبار البيروقراطي المتمثل في كون المسؤولية عن الاختيارات الصعبة مشتركة بين الطرفين دون أمكانية مؤاخذة المترجم وحده عليها، ثم كون المؤلف أدرى الناس بماهية نصه إذ يمكنه أن يشرح ما التبس من نصه أو استعصى فهمه. كما أن العمل المشترك يتيح للمؤلف فرصة التثبت من كيفية تعامل المترجم مع نصه وطبيعة الأسباب التي تستند إليها اختاراته. ثم إن العمل المشترك يوفر من دراسة المترجم لكل ما هو خارج النص ، كالجوانب السيرذاتية التي قد تكون مستحيلة الاطلاع عليها دون العلاقة الشخصية المباشرة. لسوء الحظ لم استطع مقابلة الطيب صالح وسأظل أندم على ضياع هذه الفرصة التي كان من الممكن أن تساعدني على تبديد بعد الشكوك التي بقيت تساورني بعد الترجمة والتي ليست مرتبطة بالترجمة وإنما بالنظريات النقدية الناجمة عن الدراسات الحديثة حول روايته في نطاق البحوث في الثقافة البينية والعلاقات بين الثقافات السائدة الثقافات التابعة وإشكاليات الجنس والجنوسة.

ـ تقول أحلام مستغانمي أنا زاهدة في ترجمة أعمالي، والخمس لغات التي ترجمت إليها كتبي كانت بفضل الجامعة الأمريكية في القاهرة يوم حصولي على جائزة نجيب محفوظ. عندما صدرت أطروحتي بالفرنسيّة قبل ربع قرن في باريس وكانت في علم ا لاجتماع عن صورة المرأة في الأدب الجزائري وبتقديم البروفسور جاك بيرك.. أدركتُ أنّه لا يمكن اختراق الحصون الثقافيّة الأوروبيّة وفتح شهيّة الإعلام لكتابك إن لم تقدّم له وجبة من الانتقادات لوضع المرأة في الإسلام.. والتهجم على دينك ووطنك ورجال بلادك. " ما رأيك في هذا الكلام الصادر من روائية ترجمت لها أول رواياتها وربما آخرها؟
يجدر القول إنني بدأت أشتغل على ترجمة "ذاكرة الجسد" قبل جائزة نجيب محفوظ وجاء اقتراح ترجمتها من الأستاذة إيزابيلا كاميرا دافليتو مواكبة للنجاح الكبير الذي نالته الرواية في كافة البلدان العربية لا غير. علينا أن نفرق بين الساحة الأدبية والساحة الإعلامية حيث لا تتأثر .

ـ وقفت معها في محنتها وقصة الرواية التي أشيع أن سعدي يوسف كتبها لها. ذكّرنا بما قلتها ساعتها؟
كل ما في الأمر أنني اطلعت على مقالة صدرت في القدس العربي ظننت أنها تستحق الرد، خاصة وإنها وردت فيها طروحات لم تعجبني فيما يتعلق بكون الكتاب عملية تجارية بحتة لا قيمة لها. ولأنني أظن أن الرواية لا تخلو من القيمة لا لشيء إلا لأنها وصلت لجمهور واسع من العرب لم يسمع بعروبة الجزائر قط وفي أسوأ الحالات لم يقرأ رواية عربية معاصرة لكاتب مغاربي، فقررت أن أعبّر عن ملاحظاتي في الموضوع بأسلوب خفيف فيه شيء من المرح.

 

ـ أعلم أنك تتابع منذ سنوات الأدب التونسي وتستعد لترجمة بعضه ماهي النصوص التونسية التي تفكر في ترجمتها أو تتمنى ذلك ما أعرفه على الأقل انك تفكّر بجدّية في حدث أبو هريرة قال للمسعدي؟
لم أترجم إلى حد الآن شيئا من الأدب التونسي رغم أن علاقتي بتونس قديمة تعود إلى السنة الأولى التي بدأت فيها دراسة اللغة العربية في "معهد بورقيبة للغات الحية" ولم يثمر طول العشرة هذا إلا لهجة تونسية واضحة في كلامي. وسعيا لجعل هذه العلاقة رسمية لا كلامية فقط، أتمنى أن أترجم لكتاب تونسيين أسهموا ولا يزالون يسهمون في الإبداع العربي الحديث والمعاصر إسهاما لم يقدر تقديرا عادلا في سائر البلدان العربية بعد. فكيف لا يكون أحد أعلام الأدب العربي في القرن العشرين من عيار محمود المسعدي موضوع دراسات معمقة في تفكيره وأسلوبه وتعامله مع التراث في مشارق الأرض ومغاربها؟ منذ لقائي مع تلك الرائعة التي هي «حدّث أبو هريرة قال» وأنا أتساءل كيف يمكن ترجمة جمال هذا النص الفريد الذي يستوعب التراث العربي القديم متناولا القضايا المصيرية الإنسانية الأبدية في رحاب التساؤلات الوقت الراهن.






التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !