تازة ليست العيون و لا الداخلة، تازة لا توجد في منطقة متنازع عليها دوليا، تازة ليس بها انفصاليون و لا خلايا تابعة لدول الجوار...
رغم ذلك تازة و أحياءها تعرضت لهجمة أمنية، و لولا إعلام المواطن و شهادات النساء و الناشطين لما رج المشهد بمايقع في هذه المدينة الشمالية الشرقية، فالإعلام الرسمي تحدث بنفس اللغة الخشبية و لعلي أتذكر تقارير سابقة مرت على المدينة لتخبرنا بأن الهدوء عاد و أن سبب الفوضى لتي وقعت بسبب احتجاجات شعبية أججها طلبة أو معطلين....، غير أن ما ظهر الآن و مسيرة الجمعة تخبر نا بأن هنالك أمر جلل و شرخ عميق أصاب ساكنة تازة للأسف.
حكومة بنكيران، تجد نفسها في أول رهان حقيقي، و لعل الأمر ليس بيدها، بمحض إرادتها أو غصبا عنها، فالأمور واضحة، لن تنفع الخرجات و لا المزايدات الإعلامية و لا كلمات التطييب كما تحدث الخلفي وزير الإتصال أو العنصر أو منتخبوا التقدم و الإشتراكية بالمدينة....، مادام القرار الفعلي ليس بيدها، قرار التدخل و قرارات أخرى قد تعقبها بطابعها الأمني لن تخرج إلا من دوائر و جهات معينة، و في هذا الصدد أشير إلى خبر انتقال الوزير المنتدب في وزارة الداخلية الشرقي الضريس إلى المدينة و اجتماعه مع رجال السلطة و الأمن بالمدينة، و المعلوم أن الشرقي غير تابع لأي من أحزاب التحالف الحكومي و يحسب على رجال القصر و لربما هو الوزير الفعلي لوزارة الداخلية التي على رأسها الوزير الحركي العنصر.
بالعودة إلى الأحداث، و التدخل الأمني و طبيعته، و لماذا في هذا الوقت و بهذه الحدة و من المستفيد و هل هو أمر مدبر لتوريط الحكومة الجديدة ؟ أم أنه تكرار لمقاربة طالما تعاملت بها الدولة في أزمة من هذا النوع؟ ألا تخشى السلطات الأمنية توسع ظاهرة الإحتجاجات خاصة أنها الآن غير مغلفة بأي صبغة سياسية قد تجعل الناس يتعاطفون مع الدولة و الجهات الأمنية ضد من خرج و تظاهر؟ اليوم تازة و أمس بني عياش و الحسيمة و القادم مدن أخرى و قرى أخرى تعاني التهميش و الإقصاء.
أي تغيير ننشده في ظل نفس المقاربات الأمنية؟ و كأن ما وعد به من إصلاح و حقوق و حريات فرضه الربيع و الإنتخابات التي أتت بحكومة العدالة لا يعدو كونه حديث أماني و ووعود حملات و كراسي ، أحداث تازة تسلط الضوء من جديد على صورة نمطية ألفنها في الحكومات السابقة، و لعل الأمر قد ينطبق على حكومة بنكيران، إن لم يتعجل الرجل فيظهر أن هناك تغييرا حدث، و أن سلطة الظل الأمنية التي تدير الأمور آن لها أن تختفي، و أن على الحكومة أن تكون سيدة قرارها بصلاحياتها على جميع الإدارات التابعة لها و لوزاراتها خاصة وزارة الداخلية و ما يتبعها من أجهزة و سلطات محلية و هذا ما يبدو لي صعبا آنيا و قد يحتاج لتغيير جذري بمدة زمينة قد تفوق سنوات رئاسة بنكيران.
التعليقات (0)