محمد أبو علان:
قد يكون طرح مثل هذا التساؤل بعدما أصبحت منظمات المجتمع المدني منتشرة كالفطر في العالم العربي فيه نوع من الاستغراب، أو شيء من التأخير الكبير في طرحه ونقاشه من كافة الجهات ذات العلاقة.
الدافع لهذا التساؤل كان النقاش الذي دار بين (30) شخص من الصحفيين والمدونين العرب في "الدورة الإقليمية للصحفيين والمدونين العرب في مجال حقوق الإنسان" والمنعقدة ببيروت وبتنظيم "مركز التأهيل والمعلومات لحقوق الإنسان".
المشاركون أجمعوا على ثلاثة عوامل رئيسة تشكل عائق أمام نجاح عدد كبير من مؤسسات المجتمع في تأدية رسالتها، وتحقيق الأهداف التي من أجلها انطلقت، أول هذه المعيقات هو عدم أخذ الموروث الديني والثقافي والاجتماعي للمجتمع بعين الاعتبار عند وضع برامجها الاجتماعية والتثقيفية مما يؤدي لعدم تقبل المجتمع المحلي المستهدف لهذه المنظمات المدنية مما يعكس نفسه على مستوى الأداء في نهاية الأمر، ويؤدي لإهدار مقدرات مالية تقدم كمساعدات للمجتمع المحلي لتحقيق تقدم ايجابي في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتثقيفية.
وعدم أخذ أولويات المجتمع المحلي بعين الاعتبار تشكل عامل آخر من العوامل التي تعيق نجاح منظمات المجتمع المدني، فعلى سبيل المثال لا الحصر العمل على مشاريع تمكين المرأة بشكل منفصل عن هموم وقضايا المجتمع بشكل عام في مجتمعات تخضع للاحتلال يمكن اعتباره نوع من الترف الفكري على اعتبار أن المجتمع هو كل متكامل لا يمكن العمل على تمكين شريحة محددة منه دون نيل هذا المجتمع لحريته واستقلاله بشكل كامل، ومن ثم تبدأ عملية التأهيل للمجتمع من مخلفات المرحلة السابقة، وإنهاء وجود بعض القيم والعادات السلبية التي تعيق تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحد من مشاركة بعض الشرائح الاجتماعية في عملية التنمية والنهوض بالمجتمع.
فموضوع تمكين المرأة موضوع على قدر كبير من الأهمية خاصة في المجتمعات العربية، ولكن برامج تمكين المرأة التي ممكن أن تعطي نتائج إيجابية في مصر والأردن وسوريا على سبيل المثال لا يمكن نسخها وتطبيقها بنفس الإطار ونفس السياق في كل من فلسطين والعراق وأفغانستان.
ولانعدام الشفافية الإدارية والمالية في بعض منظمات العمل الأهلي، وتحول بعض منظمات المجتمع المدني لإقطاعيات خاصة لبعض الأشخاص، أو عدد من الشخوص والتي أدت لظهور من باتوا يسمون "ببارونات العمل الأهلي" في المجتمعات العربية وصمها بتهمة الفساد بصورة ليست بأقل من الفساد الإداري والمالي الموجود في الكثير من الأنظمة السياسية في المنطقة العربية.
بالإضافة لما عرض يمكن إضافة مسألة أخرى ذات تأثير على أداء منظمات المجتمع المدني وهي اشتراط الجهات الممولة لبرامج ومواضيع محددة لكي تقوم بعملية التمويل ، وعدم تركها خيارات أمام منظمات المجتمع المدني لتحديد ماهية المشاريع والبرامج التي تريد العمل عليها وفق احتياجات المجتمع العاملة فيه كونها هي الأعلم بالاحتياجات لمجتمعها وليس الجهات الممولة.
moh-abuallan@hotmail.com
http://blog.amin.org/yafa1948
التعليقات (0)