مواضيع اليوم

معهد الدراسات الإستراتيجية،، خطوة نحو الرؤية المستقبلية

 عبد الهادي فنجان الساعدي


لم يكن حصولي على الكتاب الأول لمعهد الدراسات الاستراتيجية (مأزق الدستور) مصادفة انما هو هذا الهاجس القديم الذي يؤرقنا ولا ينزاح حتى نحصل على الكتاب الذي سبب لنا هذا الارق وايقظ هواجسنا القديمة لكي (نعرف) .. والبحث عن المعرفة هو بحث ازلي ولكل انسان طريقة في البحث عن المعرفة اما نحن فطريقتنا (الكتاب) ، حتى لو كان الحصول عليه يمثل المشي بحذاء مثقوب او بسترة لم نبدلها لعدة مواسم .. او التنازل عن الكثير مما يُعد ترفا في زمن الجفاف .. والفقر .. والعوز .
لم اصدق بان سعر الكتاب يوازي حجمه .. او طباعته الجيدة او اخراجه او نوع الورق .. والاستغراق في هذه الاوصاف يعتبر دعاية مدفوعة الثمن .. ولذا سوف نقف هنا للبحث عن الحوارات الذاتية ... فمن الممكن ان يكون كتاب دعاية لقضية معينة ولكن لا باس .. وتمت الصفقة .. والمغري في الامر ان اسم المعهد يلتقي مع الطروحات الجديدة حول الرؤية المستقبلية (معهد الدراسات الاستراتيجية) .. لقد وجدت الكثير في هذا الكتاب الأول (مأزق الدستور) حتى لقد دفعني ذلك للحصول على الكتاب الثاني (المستبد) للكاتب المبدع زهير الجزائري فهو يدرس قضية مهمة جدا (صناعة قائد .. صناعة شعب) لقد استغرقت في عوالم هذه المنجزات فوجدت بان مواضيعها ملتصقة بهموم الشعب العراقي ومآسيه ..
وقصة المنجز الثالث وهو كتاب (المشروطة والمستبدة) لا تختلف كثيرا عن القصتين السابقتين .
كل ذلك دفعنا لاستقصاء منابع هذه الكتب الثلاثة والتي كان اخرها المشروطة للباحث العراقي الاستاذ رشيد الخيون .. وجدنا بان المعهد عراقي التاسيس ويهتم بطبع الكتب التي تختص بالشان العراقي .
وقد تابعنا رحلة الكتاب الرابع فوجدنا بان الكتاب قد اجبر على النزول قسرا في احدى المحطات الكيفية بين منفذ الوليد الحدودي وبغداد .. حيث يغيب القانون لتشرق شمس الضباع والافاعي او قانون الغابة .. وهي قصة ماساوية اكثر مما هي مشوقة .. وقد تم الاتصال بصاحب الشان وسؤاله السؤال المقرف المعتاد عن طائفته .. فاذا كان من الطائفة رقم واحد فسيكون مصير الكتاب طعما للنار .. اما اذا كان من الطائفة رقم اثنين فهذا يعني فسح المجال للمساومة !!!
انها ليست صفقة سلاح .. ولكنها صفقة ثقافة .. غذاء عقلي وروحي في زمن كثرت فيه الاغذية واصبحت تجارتها رابحة .. الا تجارة الثقافة فهي خاسرة في كل المعايير الاقتصادية العربية وخصوصا في العراق حيث يمثل طبع الكتاب صفقة خاسرة 100%.
لقد كنا ممن وقف مع نظرية الدراسات المستقبلية والرؤية المستقبلية التي دعونا اليها من صحيفة الاهالي الاسبوعية العراقية وجدنا بان الاستغراق في الماضي وجعله مقدسا حاجزا قد اصبح احد اهم العوائق في التطور المستقبلي .
هنالك الكثير من الاشارات الساخرة جاءت في ثنايا الكتاب الأول (مأزق الدستور) الذي شارك به ستة عشر باحثا معظمهم من الباحثين والاساتذة العراقيين ومن المتخصصين في الشؤون السياسية والثقافية والفكرية العراقية حيث جاء في ص112 من هذا الكتاب (ولم تحمل الدساتير العراقية منذ 1925 أي اشارة الى مصادر التشريع . لعل الاستثناء الوحيد هو دستور الجمهورية الثانية (عبد السلام عارف 1964) الذي تنص مادته الثالثة على ان (الاسلام دين الدولة والقاعدة الاساسية لدستورها) وكما نعلم ان هذه الجمهورية عرفت العراق بانه دولة ديمقراطية (بلا انتخابات) واشتراكية (يحكمها العسكر) وكانت اكثر الجمهوريات تعصبا بالمعنى الطائفي للكلمة ، رغم اسرافها في الحديث عن الاسلام(1).
الكتاب الثاني (المستبد) للكاتب والروائي زهير الجزائري وهو يبدأ بفقرات تؤجج كل ذكريات الخوف المزروع في نفوس العراقيين (فالكتاب محاولة لرؤية مالا يرى : التنقيب في حقبة البعث التوتاليتارية وهي في عز جبروتها وذروة هوسها بالتكتم والاسرار)(2) (والكتاب خاص ايضا بالمعنى الوجودي .. اذ كيف يتاتى للفرد المعزول ان يقف قبالة اللويثان ، الكائن الفاتك ، كلي الجبروت ، كلي القدرة ، كلي الحضور ، المسمى دولة شمولية)(3).
الكتاب الثالث يمثل بحثا في حركتين شملتا ايران وتركيا والعراق وهما المستبدة والمشروطة وقد بدأتا في مستهل القرن العشرين ودار حولهما صراع دام اكثر من عقد من الزمان (يحضر تاريخ الحركة المشروطة بعد مرور قرن من الزمان قويا في الاحداث الى درجة تثير الفضول في الدراسة والاطلاع فهي ما زالت صالحة كارضية للانطلاق من جديد الى مشروطة جديدة)(4).
ولا ادري اذا قلنا باننا بانتظار المنجز الرابع وهل سيطلق سراحه (المجاهدون) ليثبتوا فعلا بانهم مجاهدون ام انهم سيطلبون فدية ليثبتوا بانهم قطاع طرق وليسوا مجاهدين شرفاء .
ليس من الضروري ان نكتب منجزاتنا عن المستقبل فقط لكي نثبت رؤيتنا الصحيحة للمستقبل ولكن بالامكان الاستعانة بالماضي كمادة اولية لدراسات مستقبلية استراتيجية تجعل من الرؤية المستقبلية وسيلة لاستيضاح الافاق البعيدة من اجل البناء المستقبلي العلمي والرؤية المستقبلية الواضحة .
الحواشي:
(1) مأزق الدستور / مجموعة من الكتاب (معهد الدراسات الاستراتيجية / ط1 / 2006 موضوع التوافقية والدين والدولة وهوية العراق / فالح عبد الجبار / الفصل الخامس ص112 .
(2) مقدمة كتاب المستبد ، تاليف زهير الجزائري / المقدمة بقلم الباحث العراقي فالح عبد الجبار ص5 .
(3) المصدر نفسه ص5 ايضا .
(4) من مقدمة كتاب المشروطة والمستبدة للكاتب المؤرخ رشيد الخيون ص13 .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !