مواضيع اليوم

معنى منح السودان مصر مليون فدان زراعي بلا شروط؟

مصـعـب المشـرّف

2014-11-01 16:19:13

0

 معنى منح السودان مصر مليون فدان زراعي بلا شروط!

 
مصعب المشـرّف
1 نوفمبر 2014
 
مصطفى عثمان إسماعيل
الخبر الذي يجري تداوله هذه الأيام بمنح مصطفى عثمان إسماعيل (وزير الإستثمار) مليون فدان زراعي من الأراضي السودانية إلى مصر . والموافقة على أن تكون جميع العمالة ومدخلات الإنتاج مصرية . وأن يكون كل الحصاد من حق مصر .... مثل هذا الإتفاق لا يبدو منطقياً وغير فعال من الناحية الإقتصادية ..... وواضح أنه يخلط بين السياسة والإقتصاد متجاوزاً المنطق والمسلمات القانونية ؛ والخطوط الوطنية الحمراء . مما يجعله على غير اساس يكفل له الإستمرارية ... وجميع ذلك يحدث في وقت تحتل فيه مصر أرض حلايب وشلاتين السودانية بالقوة.
 
هناك محاذير أمنية  أخشى أنها غائبة عن ذهن مصطفى عثمان إسماعيل .. صحيح أن المعادلة الأمنية الحالية في شمال ووسط السودان تميل إلى السلم والموادعة المطبوعة ؛ ولا يتجاوز معظمها سقف الإحتجاج في أقصى درجات تفاعلها مع القرارات الحكومية التي تنتقص من مصالحها.

 
ولكن من يضمن أن هذه المعادلة (عند مستويات مليون فدان زراعي) لن تتغير سريعاً إلى درجة تبني العنف المسلح ، على نحو شبيه بالآلية التي تغيرت بها موازين المعادلة السلمية في دارفور وشرق السودان ؟
وهو ما قد ينذر بأن يصبح المناخ الأهلي مهيئاً لنشوء حركات معارضة يائسة مسلحة في وسط وشمال السودان تلجأ لحمل السلاح دفاعا عن وجودها وحقوقها المشروعة في أراضيها سواء على طريقة المك نمر أو عبد القادر ود حبوبة ..
وبالتالي فإن الإعتماد الدرويش غير المدروس على إستمرار حالة ما سائدة في منطقة ما لايقتضي بالضرورة إهمال جانب ردود الأفعال فيها ، وصرف النظر عن إمكانية تغيرها لاحقاً جراء ظروف إستجدت على نحو قاصم لظهر المواطن ومصلحته في تلك المنطقة.
 
ثم من يملك الحدس بأن لاتدخل الحركات السودانية المسلحة غداً في "اللعبة" ؛ فتفرض على الحكومة المصرية في القاهرة  شروطها لجهة العلاقة بين الأطراف السودانية المتنازعة ؛ مستغلة تواجد مواطنيها المصريين كمستوطنين رهائن داخل الأراضي السودانية ؛ وخشية مصر من فقدان إستثمارات إستراتيجية مكلفة تطلبها النشاط الزراعي في مساحة مترامية الأطراف؟
 

وعلى كل من يراهن على قدرات مصر الأمنية والعسكرية أن يتذكر ما يجري اليوم في سيناء من كلفة باهظة وفشل واضح في القضاء على الحركات والتنظيمات المسلحة على مختلف توجهاتها ومسمياتها .. وأن يتذكر ما يجري في قطاع غزة من تحدي لإمكانيات وتكنولوجيا (إسرائيل) أقوى دولة عسكرية في المنطقة .. لا بل وما جرى للتحالف الدولي بقيادة السوبر الأمريكي في أفغانستان على يد أصحاب السراويل من طالبان...



ومن ثم فعلى ذوي العقل التفكير ، والتقييم المنطقي لمدى إحتمالات فداحة وتصاعد الكلفة الأمنية الباهظة التي ستتكبدها خزائن حكومة القاهرة من جهة وحكومة الخرطوم من جهة أخرى ؛ لحماية هؤلاء الفلاحين من هجمات إرهابية أو إنتقامية مسلحة ؛ طالما أنهم سيتم الإحتفاظ بهم ككتلة بشرية منفصلة منعزلة غير مندمجة مع المجتمع السوداني الأهلي المحيط بها .. وهو ما يعني أنهم سيصبحون مكشوفين وبلا غطاء أو عمق إجتماعي حيوي.
 
 
معنى التوقيع على هذه "المنحة" السودانية لمصر يتلخص في الآتي:
 
1)  إفقار خصوبة مليون فدان زراعي بلا طائل لمصلحة دولة أجنبية ؛ بدون مقابل مادي أو جدوى إقتصادية لمصلحة الشعب السوداني . سواء على المدى القريب أو البعيد.
 
2)  تقنين لتواجد مصري إستيطاني داخل الأراضي السودانية ؛ قد يقود لاحقاً إلى سيطرة مصر على هذه الأراضي والطريق المؤدي إليها في الإتجاه من مصر إلى السودان وبالعكس ؛ بوضع اليد وشرعية القوة ؛ مثلما فعلت في حلايب وشلاتين. وحيث تظل هناك دائما مخاوف سودانية عن سابق تجربة في هذا المجال ؛ ليس أقلها الغزو المصري للسودان عام 1821م لأهداف تتعلق فقط بالحصول على عبيد وباشبوزق وهجانة يرفدون الجيش المصري في معاركه بالشام وشبه الجزيرة العربية . ثم والحصول على ذهب بني شنقول لتمويل الخزانة والفتوحات المصرية التي كان يقودها إبراهيم باشا الإبن الأكبر لمحمد علي باشا في الشام وشبه الجزيرة العربية... إضافة إلى التحكم بمجرى نهر النيل الذي يشكل الهاجس الأعظم لديهم على مر الزمان.
 
 
 
3)  منح مصر كميات ومقادير إضافية من حصة السودان في مياه النيل بدون عائد للخزينة العامة .. اللهم إلا عوائد مالية وتفضيلية يحصل عليها كبار الساسة والمسئولين في الجانب السوداني لمصلحتهم الشخصية .... وهذا أس البلاء وسبب الفشل المزمن في العلاقة "المؤسساتية" بين مصر والسودان . حيث تستسهل الحكومات المصرية المتعاقبة هذا الطريق الأسهل والأقصر [بمنهج الوزير الذي تقمص شخصية صفوت الشريف في مسلسل إبن حلال مسلسل حبيشة) ] ؛ وهي الطريقة القائمة على حشو الجيوب بالمال تارة ، وفرش غرف النوم بالملذات الجنسية تارة أخرى .... ثم الإبتزاز المكشوف بعد التصوير بكاميرات الفيديو السرية .... كل هذا في الوقت الذي لا نزال نرجو ونناشد فيه بضرورة  التخطيط والعمل على تكريس علاقات منافع مثمرة مؤسساتية بين الشعبين تدوم أبد الدهر. ولا ترتبط بأشخاص زائلون لا محالة ولو بعد حين.
 
4)  مصادرة ملكية الآلاف من المواطنين السودانيين لهذه الأراضي لمصلحة الفلاح المصري . وهو ما قد يؤدي إلى تكلفة أمنية باهظة و؛ عدم إستقرار في المنطقة على المدى الطويل . . ولا شك أن " تحكير" هذه المساحة الخرافية لأجل مصر على ضوء الشروط المشار إليها .... لابد أنها ستستلزم تهجير الآلاف من المواطنين خارج قراهم وأراضيهم. على غرار تهجير أبناء وادي حلفا وقراها في مطلع الستينات من القرن الماضي تمهيداً لبناء السد العالي.
 
 
5)  بالنظر إلى التكلفة الأمنية التي ستنشأ نتيجة مصادرة أراضي وأملاك وتهجير آلاف من المواطنين السودانيين  . فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستتولى مصر مهام توفير الحماية الأمنية لهذه الأراضي والتجمعات السكانية المصرية الوافدة للأراضي السودانية ؟.. أم هل ستتولاها الحكومة السودانية؟ واقع الحال فإن كلا الخيارين أحلاهما مــر .... وأقله أنه سيؤدي إلى إختلالات عظيمة لو وافقت الحكومة السودانية على تولي مصر مهام المتابعة الأمنية ، وتوفير الحماية للمشروع والعاملين به من المواطنين المصريين ... وهو ما يعني منح مصر ممرات أمنية آمنة إستثنائية سريعة بطول المسافة ما بين الحدود بين البلدين وحتى أرض المشروع . وقد تمتد إلى مساحات من أراضي عازلة  حوله .. وهو ما قد يؤدي إلى إحتكاكات مباشرة مع المواطنين السودانين من جهة . وإنتقاص من سيادة القوات النظامية السودانية داخل حدود أراضيها .....

 
ثم أنه حتى إذا جرى الإتفاق على أن يتولى السودان مهمة الحفاظ على الجانب الأمني داخل وخارج المشروع وطوال طريق الصادر والوارد الخاص به من وإلى مصر .. فمن سيكون عليه سداد كلفة هذه الترتيبات الأمنية التي لن تكون بالأمر البسيط ؟ وهي تشمل الرواتب والبدلات والمكافآت للعناصر الأمنية ؛ ثم مصاريف الإسكان والإنتقال والصيانة واللوجستيات الضرورية الأخرى .. إلخ مما لا يعد ولا يحصى من نوافذ وأبواب مصاريف تنشأ ضمن هذا الإطار الحيوي.

ومن أطرف ما يمكن أن يثار في مجال هذا التواجد الإستيطاني المصري هو التساؤل عما إذا كانت الجهات لأمنية السودانية هي التي ستتولى حفظ الأمن وفض المنازعات والإحتكاكات والشجارات والجنح والجنايات والجرائم التي قد تنشأ بين هؤلاء الفلاحين المصريين أنفسهم ؟ وهل ستكون الجهات القضائية السودانية هي التي ستنظر في أمر هذه المنازعات ؟ .. أم ستتولى مصر أمنيا وقضائيا المسألة ولتنشأ جراء ذلك دولة داخل دولة بكل معانيها وأدواتها؟
 
إن أكثر ما يثير قلق المواطن السوداني هو أن الأراضي المصرية لصيقة بالأراضي السودانية .. وهو ما يجعل من أمر التمدد السكاني الإستيطاني المصري داخل الحدود السودانية أمر في غاية السهولة والإمكانية ومفتوح الأبواب .. خاصة وأن واقع الحال المصري بالنظر إلى الإنفجار السكاني وفشل مشروع توشكي الزراعي . والتدهور الأمني في سيناء ؛ والمخاطر المتعلقة بسطوة إسرائيل ومشاكسة حماس وحلفاءها من منظمات وكتائب جهادية ... يجعل هذا الواقع من خيار التوسع جنوبا تجاه السودان هو الحل الإستراتيجي الأفضل والأكثر أماناً لمصر.
 
 
ومن جهة أخرى فإن الذي تتوقعه حكومة عمر البشير من هذه "المنحة" هو الآتي:

1)  أن تساعد القاهرة حكومة عمر البشير في إعادة العلاقات بينها وبين دول الخليج الثرية إلى سابق عهدها ونقاء مجاريها..... ولاشك أن حكومة البشير متفائلة على درجة ساذجة بقدرات مصر الحالية على ضوء التغير المشهود في المنطقة . وحيث تعاني مصر اليوم من عدم إستقرار داخلي شامل فرض عليها خيار التمترس في الداخل . وبما يحد من قدرتها على لعب أدوار جوهرية في خانة الوساطة . خاصة وأن منهج النظام السياسي الحاكم في مصر يختلف عن مثيله في السودان .. وبالتالي فلاتستطيع القاهرة تقديم ضمانات لطرف ثالث بشأن الخرطوم.
 
2)  أن تساعد القاهرة بشكل أو بآخر في سحب أو تجميد مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بمثول عمر البشير وآخرين أمامها لمواجهة إتهامات متعلقة بحقوق الإنسان والإبادة البشرية .. إلخ مما هو معروف لدى العالم بأجمعه...
 
لقد بح الصوت ... واشتكى الكي بورد ... وجفت الأقلام ... ورفعت الصحف  التي تصدت بالنصائح أو الشماتة في شأن المحكمة الجنائية الدولية .. وكيف أنه من رابع المستحيلات أن يصدر تعديل مّا من شأنه أن يغلق ملف مطالب هذه المحكمة الدولية القائمة على مؤسساتية نعرفها جميعا في دول الغرب .. لا بل ونرى كل يوم وسنة تمضي ؛ كيف يجري تكريس مطالب هذه المحكمة على نحو أشد من قبله .. وحيث أدى مثول الرئيس الكيني "أوهورو كينياتا" أمامها إلى تسجيل سابقة مفصلية لا تصب في مصلحة الرئيس عمر البشير وغيره من متهمين في حكومته ... وكذلك جاء الحكم على الرئيس السيراليوني السابق تشارلز تايلور رغم محاولته الإستنجاد بسطوة الأصولية المسيحية.

ولن يكون في إنشاء المحكمة الجنائية الأفريقية حلاً قانونياً مقبولاً بالنظر إلى سمعة القانون السيئة في أفريقيا ، وعدم الشفافية السياسية والقانونية في القارة السوداء ... وربما لو كان أمر المحكمة الجنائية "سياسياً" .. لربما سهل الأمر .. ولكننا ندرك جميعاً ذلك المدى الذي يخضع إليه المجتمع الغربي في التعامل مع القانون .. وأن النجاة من يد القانون حلم بعيد المنال.

والشيء الذي يؤسف له أن مسألة المحكمة الجنائية قد أصبحت تشكل صداعاً شخصيا ملازما للرئيس عمر البشير .. وصارت تجارة وبيزنس ومدخلاً سهلاً للعديد من الفاشلين الذين يعدون عمر البشير ويبشرونه بين الحين والآخر  بقدرتهم على حل المسألة داخل الكواليس . فيجري تقريبهم وتعيينهم في أرفع المناصب الدبلوماسية . وإن هي إلا عدة شهور حتى تتبين هرطقتهم وتبليسهم .... وكذب وعودهم العرقوبية الهلاميةً.  
 
3)  وكذلك يرجو نظام المؤتمر الوطني من هذه المنحة لمصر أن تقوم القاهرة بلجم نشاط المعارضة السياسية وتلك المسلحة لنظام الإنقاذ أو المؤتمر الوطني الحاكم (سمـه ما شئت) التي تتخذ من القاهرة مقاماً مؤقتا لها ...

ولكن الذي أتوقعه من خلال رصدي لتوجهات السياسة والإدارة المصرية نحو السودان منذ سالف العصر والأوان ...... أتوقع إن تتردد مصر طويلاً في التوافق مع حكومة المؤتمر الوطني فيما يتعلق بهذا المطلب ..

إن الأساس الذي يحكم علاقة مصر بالأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية بما في ذلك القبائل والطوائف وحتى الطرق الصوفية ... هذا الأساس دائما ينبي على إستراتيجية أمنية تلعب فيه أجهزة الإستخبارات المصرية الدور الفاعل والحاكم والقدح المعلى الذي يضع مصلحة مصر الدائمة فوق كل إعتبار آخـر.


 
وعليه فإن مصر في حالة إرسال آلاف من مواطنيها إلى السودان وإستثمار مليارات الجنيهات المصرية والدولارات العربية البترولية ؛  تدرك أنها بذلك إنما تدخل عــش الدبابير السوداني بمحض إرادتها .. وأن تواجد هؤلاء الفلاحين في الأراضي السودانية قد يجعل منهم هدفا إنتقامياً مباشراً وسهلاً  للحركات المعارضة المسلحة أو حتى السياسية السلمية ... وأنه يكفي شن هجوم بسيط خاطف من تدبير حركات دارفوية صغيرة ، أو الحركة الثورية . وقتل وأسر وإيقاع جرحى من بين بعض هؤلاء الفلاحين ... سيكفي ذلك لوضع أي حكومة مصرية في حرج بالغ وسط شعبها ويقلل من مصداقيتها وهيبتها في محيطها الإقليمي والعربي .
 
الخلط بين الأمن والسياسة والإقتصاد هو لب المشاكل المتأصلة في أضابير العلاقة بين السودان ومصر منذ قرون ما قبل الميلاد ... ولن تتغير هذه المعادلة بمرور الزمان وإستحداث أدوات ومعايير  ...
وعليه فإن على المؤتمر الوطني الحاكم أن يضع في حساباته من بديهيات ؛ القناعة بأن ما يجري بناؤه على غير واقع ومنطق . وأساس إقتصادي إجتماعي أمني محكم ... من البديهي أن ينهار هذا البناء بمجرد تعرضه لأقل إهتزاز ؛ ناهيك عن تعرضه لزلزال بمقياس ضربة عسكرية خاطفة تشنها حركات مسلحة معارضة لجمت مصر نشاطها في القاهرة لأجل خاطر المليون فدان زراعي.
واضح أن البعض الساسة لدينا أو من رمتهم الأقدار والصدف في حوش العمل السياسي التنفيذي الشمولي البعيد عن قواعد الإنتخاب الشفاف لذوي الموهبة والعقل الراجح  ..  واضح أنهم يبالغون كثيراً في تقدير حجم الفوائد والثمرات التي يمكن أن يجنيها نظام الحكم القائم من التقارب الإستسلامي لمصر ..

 
ثم أن هؤلاء يبالغون كثيراً في تقدير المدى والفائدة التي يمكن أن تجلبها مصر لنظام حاكم ما في السودان  ... لاسيما وأنه بالعودة إلى الماضي البعيد والقريب دائما ما نلاحظ سيادة مفاهيم "الكرت رالمحروق" في تحديد قرارات مستويات الدعم أو ضرورات التخلي ، التي تتبعها مصر تجاه الأنظمة السياسية الحاكمة في السودان .. ولنا في نظامي إبراهيم عبود و جعفر نميري خير دلالة عن هذه الكيفية.... ونتذكر في هذا الإطار على سبيل المثال ما كان يردده الرئيس الأسبق حسني مبارك كلما ثار طلب من الخرطوم بضرورة تسليم جعفر نميري لمحاكمته .. وحيث دائما ما كان ينوه حسني مبارك أنه أنزل جعفر نميري من الطائرة و "إحتجزه" في القاهرة بناء على طلب مباشر من سوار الدهب تفاديا لحدوث مواجهات ومجازر في الخرطوم في حالة السماح لنميري بالعودة إلى السودان على طائرة الخطوط المصرية من مطار القاهرة. .. ولا ننسى أن العذر الذي سربته السلطات المصرية للصحف كان أن كابتن الطائرة هو الذي رفض الإقلاع إلى الخرطوم بسبب عدم إطمئنانه لشروط السلامة في مطار الخرطوم. وأن قانون الطيران الدولي هو الذي يفرض ذلك على كافة شركات الطيران المدنية والنقل  التجارية.


وفي كل الأحوال فإن السؤال الذي يطل برأسه كلما حاول المؤتمر الوطني الحاكم التقارب مع مصر ؛  في الوقت الذي نراه مربوطاً من ساقيه بعلاقة إستراتيجية لا فكاك ولا مناص منها مع الأصولية العالمية المتحالفة مع طهران حالياً .. السؤال الذي يطل برأسه هو:
 
1)  هل يظن المؤتمر الوطني أن الفلول والدولة المصرية العميقة ؛ يمكن أن تثق فيه بهذه البساطة ؛ ودون أن يتخلى عمر البشير عن تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين نهائيا ويرمي بهم في غياهب السجن ؟
 
2)  هل يظن المؤتمر الوطني أن السعودية وبعض دول الخليج العربي قاصرة عن إدارة مصالحها بنفسها وتحديد مواقفها بناءاً على رؤاها الذاتية ؛ لدرجة تجعل من مصر الوصية عليها في علاقتها بنظام الحكم في الخرطوم وغير الخرطوم .....  وحسبها أن تقول لهؤلاء العرب  كونوا فيكونوا؟
 
3)   هل يظن المؤتمر الوطني أن قرار بعض دول الخليج العربي بإعتبار تنظيمات وأحزاب الإخوان المسلمين منظمات إرهابية قد جاء عفو الخاطر وأنه سيكون حبرا على ورق ؟ .... وأن مثل هكذا قرار يمكن أن يتجاوز واقع وحقيقة أن النظام الحاكم في الخرطوم هو جزء لا يتجزأ من الإخوان المسلمين؟
 
4)  هل يظن المؤتمر الوطني أن أجهزة الإستخبارات في جميع الدول العربية نائمة ولا تدرك ولا تعلم بما يجري في الكواليس من علاقة ومخططات . ودور يلعبه السودان في إطار تحالفه مع إيران ، وإرتباطه بحبل سُـرِّي مع الأصولية العالمية؟ ... وأنه لا حيلة له في الموافقة أو الرفض فيما يتعلق بأداء الدور المنوط به على النحو المطلوب؟  
 
5)  هل هناك مخطط لتوريط مصر في الملف السوداني المتعلق بالصراع المسلح في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ؛ وذلك عبر التمهيد بوضع شراك منافع إقتصادية تجبرها على التدخل عسكريا لمناصرة المؤتمر الوطني الحاكم في حربه تجاه التمرد في تلك المناطق؟.. وهل نتوقع أن يخيل مثل هذا المخطط على مصر؟

 
وعليه وطالما كان الأمر كذلك ؛ فما هي جدوى تقديم تنازلات لا فائدة ولا طائل من ورائها لمصر بمنحها مليون فدان زراعي مجاناً هكذا ؟ .. ومنذ متى رأينا الحِدَّايَة تَحَدِّفْ كتاكيت؟  ... كل هذا مع الأخذ في الإعتبار أن تقديم مثل هذه التنازلات قد أضرت ولا تزال يتوقع لها أن تضر بمصالح الشعب السوداني المحروم ؛ وتثير المزيد من حنقه وغضبه .... ومن تمدد المسافة بينه وبين النظام الحاكم وتفقده الثقة فيه.



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات