مصعب الهلالي:
معنى "الدولة اليهودية"
ماذا يعني نتنياهو بالدولة اليهودية ؟ ...
إنها ببساطة تكريس رسمي لسياسة القضاء نهائيا على عقدة إمكانية التفوق السكاني الفلسطيني على اليهودي في داخل حدود الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948م ..... وعلى الرغم من أن عدد الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية لا يزيدون على خمس عدد اليهود في داخل حدود 1948م إلا أن نسبة النمو المتزايدة في أوساطهم قد بدأت تقلق مضاجع الصهاينة في تل ابيب ....
وفي سبيل القضاء على هذه العقدة الديموغرافية فقد اتخذت الحكومة الاسرائيلية الكثير من الإجراءات التعسفية تجاه من يحمل الجنسية الاسرائلية من الفلسطينيين منها على سبيل المثال عدم السماح لهم بالتزاوج من فلسطيني الضفة وغزة نساءا كن او رجال وذلك للحد باقصى قدر ممكن من فرص النمو السكاني والاختلاط بين أهل فلسطين مما يعتبر عزلا عنصريا غير مشروع ... ولكن طالما تجد إسرائيل من يحميها ويبرر لها أفعالها في الغرب والولايات المتحدة فلا احد يحاسبها او يسائلها على الرغم من انها بذلك تخرق بندا أساسيا من البنود والمباديء التي تقوم عليها مفاهيم وافكار "حقوق الإنسان".
إن معنى القبول بمفهوم وصيغة "الدولة اليهودية" هو ببساطة إطلاق يد إسرائيل لتسن ما تشاء من قوانين للحد من معضلة النمو السكاني الفلسطيني داخل حدود فلسطين 1948م المحتلة ويتيح لها أن تختلق ما تشاء من القوانين الخاصة بهذا الشان وكما يحلو لها دون رقيب ولا حسيب .. فلها على سبيل المثال وفقا لمبدأ الاعتراف بيهودية إسرائيل ... لها ان تضع قيودا على سن الزواج بالنسبة للفتاة الفلسطينية والرجل على حد سواء بحيث يمنع مثلا الزواج المبكر وبالتالي تقييد فرص الانجاب. ويمكنها مثلا ان تمضي أبعد من ذلك فتمنع تعدد الزوجات وسط الفلسطينيين وتحدد عدد المواليد الاناث والذكور أو ان تحدد مولودا واحدا لكل اسرة لا غير مختلقة في سبيل ذلك شتى المعاذير ليس أقلها تحديد النسل أو المحافظة على صحة الأم ... ويظل الباب مشرعا لكافة انواع القيود التي من شانها الحد من تنامي نسبة الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية ...
وتكريس "الدولة اليهودية" هو في حقيقة الأمر إلغاء ضمني لحق العودة وقفل الباب نهائيا أمام إثارة هذا الحق أو إمكانيات تطبيقه لأن حق العودة إنما ترفضه إسرائيل لأنه يشمل أهل فلسطين الذين تم طردهم وتشريدهم من أرضهم التي توجد حاليا داخل حدود عام 1948م
هذا من جانب ......
ومن جانب آخر يحق لدولة إسرائيل وفق قانون "الدولة اليهودية" إذا اعترف بها العرب والعالم .. يحق لها ان يكون الحكم بيد اليهود فقط (أقلية كانوا أم أغلبية) ويكفل لهم كل ما يتمتع به الأغلبية وفق الأنظمة الديمقراطية من هيمنة على المواقع الدستورية واحتلال المقاعد النيابية والتشريعية والمناصب التنفيذية واحتكار الترشح لها .. إلخ حتى لو أصبح اليهود في يوما ما اقلية قليلة داخل حدودها التي سيعترف بها العرب وفق اتفاقية سلام شاملة إن حدث ذلك.
لم يخجل نتنياهو إذن من أن يسفر عن وجهه العنصري البغيض وهو يفصح عن احلام الصهاينة الحقيقية بإعادة نظام الحكم العنصري الذي جرى تاسيسه في جنوب افريقيا وتطبيقه لعدة سنوات قبل ان يفشل كنتيجة حتمية ويرمى به في مزبلة التاريخ ...... ولكن الفرق الوحيد هنا هو ان إسرائيل تريده هذه المرة نظاما عنصريا معترف به من العرب "أصحاب الدار" ومن كل العالم.
من جانبها لم تحاول الولايات المتحدة مواراة سوءتها هذه المرة فأعلنت موافقتها على تكريس دولة بمفهوم وصيغة "ذات أغلبية يهودية" بدلا من مسمى "الدولة اليهودية" .... وهي مقولة ومقترح يؤدي في النهاية إلى نفس النتيجة ولكن فقط بطريقة "أين أذنك" ؟؟..... فما هو الفرق بين الإجابة هنا عن طريق إمساك الأذن اليمنى باليد اليمنى أو إمساك الأذن اليسرى باليد اليمنى ؟؟؟ ..... أسلوب غبي في الإجابة ولكنه يؤدي في النهاية إلى نفس النتيجة.
التعليقات (0)