مواضيع اليوم

معضلات قوميه

nasser damaj

2011-03-17 10:56:33

0

معضلات قوميه

 

ناصر دمج


مزيدا من الخيبات هي محصلة العمل العربي طيلة سنوات القرن العشرين،وما سيزيد من مرارة هذه النتيجة،هو أنه لا بارقة أمل تبدو في الأفق،للخلاص من هذه الحالة الملاصقة للمصير،وهي النابعة من استمرارية استهداف الغرب الرأسمالي للمنطقة العربية طمعا بخيراتها الوفيرة بدءا من أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي،إلى إمتلاك المنطقة لمصادر الطاقة الإحفورية كالنفط والغاز،ومصادرالطاقة المتجددة كالشمس والرياح، والتي من المتوقع أن لا تدركها النهايات الافتراضية بساعة محددة للزوال،أو الى أن يشاء الله أمر غير الأمر.مما سيعزز حاجة الغرب الرأسمالي للمنطقة،ومد أمد إقامته فيها،ولعل هذا الإستنتاج يقدم لنا قراءة قاتمة لمستقبل العرب المنظور،أنما السؤال الذي تتعدد عليه الإجابات ولم تسعفه واحدة منها بالشافية ،هو،لماذا فشلت الأمة منذ بداية القرن الماضي،ولغاية الآن ؟ في الخلاص والانعتاق من قبضة المستعمر الأجنبي .
في تتبع سبب العلل العربية كافة،والذي فيه إجابات عديدة على السؤال المطروح أعلاه،سنجد أيضا بأن هناك منشأ واحد لها،هو القضية الفلسطينية،وذلك بعد إستهداف المنطقة العربية من قبل الحركة الصهيونية العالمية،بعد مؤتمر بازل المنعقد في 29 أغسطس 1897م وشكل ذاك التاريخ،يوما لميلاد المعضلات العربية،التي طال عليها الأمد،والأيام تتراكض حولها كتراكض البريد،وتفوتها كل الفرص الممكنة للنهوض والأستقامة في صف الأمم،لا بل توسع نطاق المناطق العربية المصابة بالإعاقات ليصل الى دولا إسلامية في الجوار العربي كالباكستان وإيران وأفغانستان .
ومن أبرز المعضلات التي شكلت خط الإعاقة الأول،في وجه أي محاولة نهوض عربيه أو إسلاميه ،هي معضلة الكفاح الوطني الفلسطيني،وإخفاقه لغاية الآن في أنجاز أي تقدما يذكر في مضمار التحرير طيلة قرن كامل من الزمان،ومعضلة السلام الفلسطيني الإسرائيلي،والإنقسام الفلسطيني الفلسطيني،ومعضلة الخطاب الإعلامي الفلسطيني،وتعثر التكتيك السياسي الفلسطيني،ومتاهة السلطة الفلسطينية في تحديد هويتها الوطنية،في ضوء التحاقها بالمهام الأمنية الوظيفية للجيش الإسرائيلي،وفقدانها للمضمون الوطني،وتحولها إلى كيان أمني يقدم خدمات بالأجرة لصالح المحتل الإسرائيلي،وتحولها الى سببا في إنفضاض عرى التحالف العربي والإسلامي المناهض لإسرائيل،وشرعنت بسلامها الخاسر معها مساعي الأتصال والتعاون الرسمي العربي والإسلامي مع إسرائيل ،( انظر الى جدول حجم التجارة الإسرائيلية مع عدد من البلدان العربية والإسلامية 2008-2009 بالمليون دولار، في فصل الملاحق) حتى أضحت،سلطة بلا عقيدة وطنية وقوميه،وبلا معتقد فكري أو سياسي،فهي الآن في وضع ملتبس على الصعد كافة، قوامه أنها لا تريد الكفاح ضد المحتل،ولا تريد الإسلام كطريق للخلاص،وليس لديها برنامج سياسي واضح المعالم للتحرير،فأمست كأنها كيان وثني بلا دين،وبلا عقيدة،وبات لا ينافسها أحد،في ألجرأة على الحق الوطني الفلسطيني،عملا بقاعدة ميخائيل غورباتشوف " لا بأس من أنقاذ الوطن،عن طريق العدو " ويعود لها الفضل أيضا في تسويق هذا المنهاج على المستوى العربي،الذي ينشد بعض قادته،دعم الغرب ضد الخصوم الداخلين،بدءا بالزمرة العراقية التي أطاحت الرئيس السابق صدام حسين،بواسطة الصواريخ الأمريكية،إلى لهاث قادة الحراك الجنوبي في اليمن،خلف الوعود الأمريكية،لدعمهم ضد سلطة الرئيس على عبد الله صالح ،فبادر الجنوبيون إلى دعوة الغرب للتدخل المباشر في الشأن اليمني،بعد ان وجه قائد الحراك الجنوبي ( علي سالم البيض ) نداء لمؤتمر لندن،المنعقد في 27/1/2010م لبحث حالة اليمن،والتصدي للقاعدة فيه،حيث طالب المؤتمر بتأييد انفصال الجنوب عن الشمال،ولم يفت أصحاب هذا النداء،تذكير المؤتمر بأن قادة الشمال يدعمون الإرهاب،ولهم صلات وثيقة بالقاعدة،وينتهكون حقوق الإنسان،مدعمين بيانهم هذا بكل ما يلزم من وثائق وتقارير،عن المخالفات والإنتهاكات المذكورة .
ولعل هذا الطريق الذي يسلكه بعض الفلسطينيون والعرب،يذكرنا بأخر منقرض وهو الذي ساد خلال فترة وجود الصليبيين في المشرق العربي 1096- 1291م،عندما بررلأنفسهم بعض قادة الدويلات الإسلامية،التلاعب بمصير الأمة،والتحالف مع المحتل الصليبي ضد نور الدين زنكي،وعماد الدين زنكي،وصلاح الدين الأيوبي،كما وجدنا أمامنا أيضا معضلة تعثر مساعي النهضة العربية،منذ محاولة بعثها الأولى على أيدي الرواد الأوائل،ما بين 1800- 1950م،ومساعيهم المخلصة لأحداث نقلة حضارية ما،في حياة الأمة العربية،وهم رفاعة الطهطاوي 1800 – 1873،وعبد الرحمن الكواكبي 1852- 1902،وقاسم أمين 1863 – 1908م،ومحمد عبده 1848- 1905،وحسن العطار 1766- 1835،ووجدنا معضلة غياب الإجماع العربي،على اعتماد طريقة واحدة لمواجهة العدوالإسرائيلي،وخاصة دول الجوار الإقليمي لفلسطين،ومعضلة عدم الإدراك العربي لجوهر البناء القومي الحديث،والمعضلة اليمنيه،وفي الجوار العربي،وجدنا المعضلة الباكستانية الآخذة في التفاقم،بسبب ارتباط البلد بالمصير العربي والإسلامي،إن المستخلص من هذه الإطلالة على بعض معضلات الأمتين العربية والإسلاميه،يمكن إن نوجزه بالاتي :-
1- على أبناء الأمة التأكد من أن الغرب الرأسمالي قد قطع شوطا كبيرا في أعادة استعمار العالم العربي،وعندما قرر البحث عن مدخلا واقعيا لمباشرة هذه المهمة، فأنه وبعد نهاية الحرب الباردة 1990م،أعلن عن عثوره على العدو الجديد وهو الإسلام،وفي سياق هذه الحرب الصامتة أحيانا والاعلاميه في أحيان أخرى، وبالأسلحة الحربية في معظم الأحيان،فأننا سمعنا وطالعنا الكثيرعن الظلم الكبير الذي لحق بالإسلام والمسلمين عبر العالم،وعلى هذه الخلفية العريضة من التشويه 1990م- 2001م، تقبل العالم فكرة إنبعاث تنظيم أسلامي دموي،أسمه القاعدة كردة فعل على التعسف الغربي بحق الإسلام،وتمت مطاردة هذا التنظيم،داخل ديار المسلمين،بعد الحادي عشر من أيلول2001م،وكلما أرادت أمبريالية هذا القرن،إستهداف أي بلد عربي أو مسلم،أستبقت ذلك بإنبات غراس القاعدة في تربته،وتنتظر حتى يحين موعد حصادها،الذي يستهل بقرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن،مرورا بالضربات الجوية،وأنتهاء بالغزو العسكري المباشر،ان الخطر الأكبر الذي تواجهه الأمتين العربية والإسلامية،مع بداية هذا القرن هوخطر القاعدة،الذي اقترنت عملياته بأراضي الدول العربيه والإسلاميه،المستهدفة من قبل الولايات المتحدة الإمريكيه، وكافة هذه الدول ( دول المنطلق ) مدرجة ضمن الدول التي سيشملها التغيير ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد، كأفغانستان وباكستان والصومال واليمن والمملكة العربية السعودية ومصر والسودان والعراق،وغزة ولبنان وسوريا.
الأمر الذي يشكل مدخلا واقعيا لتصنيف هذه الدول،من قبل الولايات المتحدة وحلفائها كدول مصدرة للإرهاب،وتحتاج أحوالها للعلاج،فيكون التدخل الخارجي بهدف احتواء خطرها،أو إعادة أعمارها بعد تخريبها،إن تنظيم القاعدة يشبه القط ،الذي تشعل فيه النار ويطلق في الحقول بقصد حرقها بفعل فاعل،بناء عليه فأن كل واحدة من هذه الدول مرشحة ديارها للخراب،بسبب القط القاعدي،الذي سيلحقه رجل الإطفاء الأمريكي بآلاته الحربية، وبعد أنتهاء مهمتة،لربما سيستريح رجل الإطفاء في الديار بضع سنين، بعد إن يكون قد أخذ أجرة من خزائن وثروات الديار .
بعد مرور عشر سنوات على نشأة هذا التنظيم، في أعقاب تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك في 11/9/2001م، فأنه لم يقدم للأمتين العربية والاسلاميه،أي عمل نافع بالمقابل فإن ما حصل عليه الغرب، في سياق المطاردة العسكرية الساخنة له في ساحة الشرق الأوسط، فإننا سنجد بأن الخراب أنتقل من أفغانستان الى باكستان الى العراق والصومال والسودان والآن اليمن،ولاحقا الدول التي تم ذكرها في مشروع الشرق الأوسط الجديد،الذي أطلق عليه مصمموه " حدود الدم -Blood borders How a better Middle East would look " وعلينا إن نتذكر ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية،أيضا كونزاليزا رايس بهذا الخصوص،" بأن هذا المشروع لن ينجح إلا بتضحيات كبرى كشلال الدم " إن الوصول الى مثل هذا الاستنتاج،لا يحتاج إلى أكثر من قراءة عادية لمسار التحولات التي نشأت في المشرق العربي،خلال السنوات العشر الماضية .
2- بسبب القلق الكبير على غزة،فأني أرى بأن على حركة حماس، أن تقوم بمطاردة واستئصال القوى والتنظيمات السلفية،التي أعلنت بشكل صريح في 24/1/2010 تبعيتها المطلقة لتنظيم القاعدة،لأن هذا الإعلان سيقدم للإسرائيلين وحلفائهم الذرائع التي تلزمهم لمواصلة حصار غزة، وإحتلاله من جديد،وأرى أيضا بأن حماس مطالبه،برفع يدها عن أبناء فتح،والسماح لهم بالتعبيرعن حضورهم السياسي، وعليها إن تتخلى عن منهج الاستئصال السياسي للمنافسين الوطنين،وأيلاء التنمية الداخلية للقطاع الإهتمام اللازم،ومراعاة حقوق الإنسان والحريات المدنية،وحق الآخرين في الحضور والوجود السياسيين،وعلى حماس أن تعلم بأن هذين المسارين،هما اللذان سيؤمنان قطاع غزة،من خطر الهلاك القادم .
3- إن عدم أستثمارالمال العربي بشكل بناء،ليخدم أهداف الأمة الإستراتيجيه، كفيل بأن يبقيها مئة عام أخرى في مكانها الراهن،وكفيل هذا المال أيضا،بأن يعيد شراء فلسطين من جديد،وكفيل بأنتشال ألامه من ردهة التخلف والعجز،على نحو أكيد،أن نجاح تجارب بعض دول الخليج وخاصة دولة الإمارات العربية،ودولة قطر،أمر مثير للإهتمام،ويقدم لنا إضاءة هامة على المساحة المخصصة لنجاح العرب،أسوة بغيرهم من الهنود والصينيين،الذين تجاوز معدل نمو إقتصادهما 7% خلال الربع الأول من العام 2010م فقط ،مما يحسن من إمكانية إلتحاق العرب بحالة النهوض الأسيوي،التي يستعد للعالم للتكيف معها،كأبرز متغير جيوبوليتيكي،مع نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين،بعد تراجع النموذج الغربي للرأسمالية الليبرالية بسبب الأزمة الأقتصادية العالمية،مفسحا المجال أمام الدول الجادة في آسيا،لتعبئة الفراغ الذي نشأ بعد أنهيار كبريات المصارف الرأسمالية الغربية،وستلعب إقتصاديات دول آسيا دور المحرك الجديد لنمو الإقتصاد العالمي،ومن المتوقع إن يكون للعرب نصيب في هذا الدور الهام،في ضوء النجاح الذي حققته بعض الشركات العربية العملاقة،في خطى تنافسية حرفيه متقدمة،كشراء شركة دبي أنترناشونال كابيتال لشركة يورو ميديك الامريكيه للمعدات الطبية، وشراء ( شركة مبادله،التابعة لأبو ظبي شركة جون تاك العقارية الامريكيه الشهيرة) وكذا شركة صناعات قطر،فضلا عن النشاط المتميز الذي تنفذه شركة (موانئ دبي) في إدارة أكثر من أربعين ميناء من أكبر الموانئ العالمية،والمكانة الاقتصادية المرموقة التي تتبؤها دولة الامارات العربية المتحدة،بين دول العالم .
وتمكن قطر،من تحويل حلمها وحلم الأمة معها،الى حقيقه،بحصولها على شرف تنظيم مونديال 2022م،لتكون بهذا اول دولة عربية واسلامية،تحظى بمثل هذه الثقة من مؤسسة عالمية مثل الفيفا،حدث ذلك بفضل التوظيف الجيد للإمكانيات المالية الضخمة لديها،وحرفية الملف التنظيمي المذهل التي سوقته اللجنة القطرية المنظمة،امام الفيفا،والذي من شأنه ان يحول هذا البلد العربي الصغير الى واحدة من عجائب الدنيا في السنوات القليلة القادمة،الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي باراك اوباما،الى انتقاد قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا ( بمنح حق استضافة بطولة كأس العالم 2022م،لدولة قطر،ووصف القرار " بأنه قرار خاطئ "،حيث وصل الملفان الامريكي والقطري إلى الجولة الرابعة،والأخيرة من التصويت بين أعضاء اللجنة البالغ عددهم 22 ،وتفوق الملف القطري على نظيره الأمريكي بفارق كبير حيث حصل على 14 صوتا من أعضاء اللجنة مقابل ثمانية أصوات فقط للملف الأمريكي .
في الوقت الذي تحاول فيه،كافة دوائر صنع القرار الأقتصادي الغربي الليبرالي،تصوير تجربة دبي،بإنها مجرد فقاعة عقارية،أصبح العالم يترقب لحظة أنفجارها،الأمرالذي يجبر دولة الأمارات العربية المتحدة،وكافة الأقتصاديات العربية الناهضة،الى البحث عن سبل إستدراك أكثر نجاعة لحماية تقدمها،وذلك بإعادة ربط المشاريع والبرامج ألاقتصاديه،بمعززات النهضة الحضارية الشاملة،ودعم خطط التنمية المستدامة،لصالح وخير الداخل العربي،ودعم برامج البحث العلمي،ومنافسة إسرائيل في هذا المجال،وهي التي تنفق على البحث العلمي،أربعة أضعاف ما ينفقه العالم العربي بكافة أقطاره،حيث بلغ مجموع ما تنفقه إسرائيل في هذا المضمار أكثر من 9 مليار دولار سنويا،أي ما مقداره4.7% من ناتجها القومي الإجمالي السنوي،وهذا يمثل أعلى نسبة إنفاق في العالم، بينما تنفق الدول العربية ما مقداره 0.2% من دخلها القومي السنوي على ذات المضمار،ووفقا لتقديرات منظمة اليونسكو فأن إسرائيل سجلت في العام 2008م فقط أكثر من 1680 براءة أختراع،قادرة على أثراء الحياة الإنسانية،مقابل 836 سجلها العرب،منذ ان عرفوا بهذا الاسم .
بناء عليه، فأن هذه المعطيات،يجب أن تدفع قادة الأمة الى أيلاء هذا وغيره،من جوانب المنافسة الحضارية،الأهمية التي يستحق،لكي تتوج هذه المساعي بتمسك ألامه بكامل حقوقها الوطنية والقومية،وإسترداد المستلب والمغتصب منها،وهذا يبدأ بدعم ومساندة المقاومة العربيه والإسلاميه أينما وجدت.
4- على الأمة العربية مؤازرة إيران في تصديها للولايات المتحدة وإسرائيل،ومقاسمتها مساعي الصعود،لأن نجاح إيران سيؤدي الى تغيير وجه المنطقة برمته،وتبديل المشهد الجيوسياسي المحيط بالصراع العربي الإسرائيلي،وأنه من حق إيران كما من حق العرب التحول إلى قوة إقليمة وعالمية،مسلحة بكل ما يكفل سيادتها وهيبتها وأستقلالها،وإن هذا النجاح مقترن بأسباب أخرى عديدة، تتعلق بالداخل الإيراني،أهمها إرساء قواعد العدل والمساواة،وإعلاء راية حقوق الإنسان،والحريات العامة،وهناك أسباب خارجية،لا تقل أهمية عن تلك المتعلقة بالشأن الداخلي،وهي ضرورة إفصاح إيران عن إستراتيجيتها تجاه الوطن العربي،والتي ينبغي لها إن تكون قائمة على الشراكة والتعاون مع دول الجوار العربي،وعلى إيران إن تعلم،بأن تطلعاتها،لا يمكن إن تتحقق،إلا بدعم عربي وثيق .
وأرى بأن من حق الرئيس الإيراني أحمدي نجاد،أن يواصل مساعيه في جعل الأيرانين أمة نووية حقيقية،حتى لو تم ضرب طهران بالقنابل النووية،لأن أمتلاك القدرات النووية، وغيرها من خيارات التقدم،هو حق تكتسبه الأمم بالجهود المضنية لأبنائها،ولا يقدم لها من قبل الأخرين،والمتربصين بخيراتها كل طريق،ولعل هذا الخيارهوالذي سينقذ إيران من خطر الهلاك،وليس العكس،وهو الذي يكفل لها منطقة آمنه من الخطر الصهيوني،من أذربيجان الجنوبية،وبحر قزوين حتى قطاع غزة،والفوز بالمشروع النووي الإيراني، وبوحدة الساحة الإيرانية وبحلم الثورة الإسلامية.
5- إن التطاول على الحق العربي من قبل الأخرين أصبح أحد مجالات المنافسة بين الدول الرأسمالية والدول المحيطة بالعالم العربي،وهو تعبير عن إستفحال معضلة الهوان العربي التي يجب ان توقف بأي شكل من الأشكال،والتي لم يكن أخرها إحتلال إريتيريا لجزر حنيش اليمنية،إنما إقدام أثيوبيا أيضا على تنفيذ مجموعة مشاريع مائية،على منابع نهر النيل،ستؤدي إلى عطش الشعب المصري،وحرمانه من حقوقه التاريخية في مياه النيل،عدا عن الخطر الذي يهدد حصة مصر، بعد إنفصال جنوب السودان،مما يعني بأن دولة جديدة أضيفت الى قائمة الدول المستفيدة من مياه النهر،وزيادة المخاطر التي تهدد الشعب المصري بالعطش، لان النيل يشكل المصدر الوحيد لمياه الشرب والري في مصر.
6- على السلطة الفلسطينية،إن تضع حدا للهوان الفلسطيني،وإخراج الشعب الفلسطيني من متاهة السلام والمفاوضات،التي طال إنتظار نتائجها،وأضحت بغير ذي جدوى، وأن تتخلى عن أكاذيبها التي تضاهي لمعان السراب،حول المفاوضات والتنسيق الأمني، ومجمل العلاقة مع المحتل الإسرائيلي،بعدما تأكد للعالم أجمع،بأن الأستمرار في هذه المفاوضات،هي مجرد إطالة بلا أي طائل يرجى منها،وعليها أن تضع حدا لإستغلالها من قبل إسرائيل،وإستخدامها مظلة لإختراق العمق العربي،ومواصلة أستيطان الأرض وتهويد القدس،وخاصة بعد زيارة نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن الى اسرائيل ورام الله في آذار/2010م،وإعطاؤه الضوء الأخضر لحكومة إسرائيل، للأستمرار في التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية،مقابل إستجابتها،لمطلب الإدارة الأمريكية،بالإمتناع عن ضرب إيران،وأتضح هذا من خلال توقيت الإعلان عن إقامة 1600 وحدة استيطانية في محيط القدس الشرقية،علما إن إسرائيل كانت قد أعدت خياراتها جيدا،للتعامل السياسي والإعلامي مع زيارتي بايدن،والسيناتور جورج ميتشل من قبلها بيوم واحد،على أساس هذا التفاهم .
واستبقت الزيارتين،بالإعلان عن إقامة 112 وحدة استيطانية،في مستعمرة(بيتارعليت)،وهي مستوطنة لمن لا يتذكر،أرتبط أسمها بالخطوات الإسرائيلية الإستراتيجية،فقد توجه شامير الى هذه المستعمرة عشية سفره الى مؤتمر السلام،في مدريد في العام 1991م،وأعلن أمام المستوطنين هناك،عن أن إسرائيل ذاهبة الى ذاك المؤتمر،لكي تكمل مسيرة إنجازاتها،وقال لهم " ما لم نستطع تحقيقه بواسطة الحرب،سنحققه بواسطة السلام " واختتم حديثه معهم،بالهتاف الهستيري الشهير( استيطان استيطان،بلا توقف أو استراحة)،وأقدمت إسرائيل مرة ثانية،على توسيع نفس المستوطنة،قبل زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في مستهل العام 2008،وأعلنت مرة ثالثة،عن توسيع ذات المستعمرة،إثناء زيارة نائب الرئيس جوزيف بايدن .
حدث ذلك،كإنعكاس للتفاهم الأمريكي الإسرائيلي المسبق،وليس العكس،كما قد يبدو،وبهذا من المرجح إن تكون زيارة بايدن الى إسرائيل قد نجحت تماما في تحقيق أهدافها،لأن الهدف الرئيس لها كما ذكرت،هو ثني إسرائيل عن توجيه ضربة منفردة لإيران،حتى يتسنى للولايات المتحدة ترتيب أوراقها المحيطة بإيران،وبالنفوذ الإيراني،من أذربيجان الجنوبية،الى قطاع غزة،مرورا بلبنان وسوريا،مقابل ذلك سيتم إطلاق يد اسرائيل في الحالة الفلسطينية،على الأقل خلال كامل فترة حكومة نتنياهو .
لأن توجيه ضربة إسرائيلية،أو حتى أمريكية إسرائيلية مشتركة لإيران ستؤدى الى،تدمير الجبهة الإسرائيلية الداخلية،وهي التي لم تمس خلال ستون عاما من الحروب الإسرائيلية العربية،وستؤدي الى فناء السلطة الفلسطينية،حيث كانت وما زالت الصواريخ الإيرانية،موجهة الى مقرات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية،في إطار عملية إستراتيجية أيرانيه ماحقة تحمل اسم " قتل مرتزق" تقضي بإزالة كافة مقرات السلطة، ومنازل المسئولين فيها عن الوجود .
هذا من جانب،ومن جانب آخر،وفي إطار تضيق الخناق حول عنق السلطة الفلسطينية،فأن إسرائيل قررت الإستجابة لطلب حماس في سياق مفاوضات تبادل الأسرى،القائمة بينهما،ومنح حماس نسخة من أرشف التنسيق الأمني الفلسطيني،مقابل تخل حماس عن بعض الأسماء الإشكالية في قائمة الأسرى،وذلك على غرار ما تم بين اسرائيل ومنظمة أحمد جبريل،عام 1985م،عندما أعادت إسرائيل، أرشيف مركز الأبحاث الفلسطيني،الذي أستولت عليه خلال حرب العام 1982م .
إمام ذلك يبدو إن الأفق السياسي إمام السلطة أخذ في الانحسار،وبلا رجعة،وخاصة بعد أنحياز الولايات المتحدة الى جانب إسرائيل اثناء التصويت في مجلس الامن الدولي في شباط 2011م حول موضوع الاستيطان،بناء على طلب المجموعة العربية في الامم المتحدة،واستخدامها لحق النقد الفيتو في المجلس لمنع ادانة اسرائيل من قبل مجلس الامن،ولأنه أيضا لم يعد بحوزة السلطة الفلسطينية ما يمكن،ان تقدمه لإسرائيل،لتخفف إسرائيل عنها وطأة الخسران السياسي،لذا على السلطة الفلسطينية،ان تتخل وعلى الفور عن كافة التزاماتها السياسية،تجاه العملية السلمية،للنجاة من أثم المرحلة،لأن إسرائيل ستباشر في المرحلة القادمة،البدء بسلسلة إجراءات،من شانها ان تقوض أنشطة الحكومة الفلسطينية،وفي مقدمتها توسيع نطاق الاستيطان وتكثيفه،حيث لا يوجد ما يمنع حكومة نتنياهو،من تحويل مشروعات رئيس الوزراء الفلسطيني الخلاقة،الى كومة من رمال،كما فعل شارون مع مشروعات ياسر عرفات .
وعلى السلطة ان تعلم بأن المناخ الحالي في إسرائيل،يهيئ لرفع الغطاء السياسي عنها،لأن تغيب الشريك الفلسطيني،وهو إحد أهم انجازات شارون السياسية،هو الكفيل بمنح رؤساء حكومات إسرائيل الإمكانية والوقت،لتنفيذ مشروعات إستكمال،حلم الاستقلال الإسرائيلي،الذي استؤنف العمل به مع أندلاع انتفاضة الأقصى، ووصول شارون إلى سدة الحكم،في 2001م .
ونتنياهو غير منشغل إطلاقا خلال فترة ولايته،بغير أنفاذ هذه الرؤيا،فهو الذي دشن مشروع النفق التوراتي تحت الاقصى في العام 1996م،وهو الأن على وشك أفتتاح مشروعاته الكثيرة،تحت الأقصى،وفوق الأقصى،وبجوار الأقصى .
7- لكيلا تستقرالأرض،بعد حرثها بآلات الحرب الأمريكية،لإشاعة مناخات الفوضى الخلاقة،ويصار الى ترسيم الحدود الجديدة للدول الجديدة،وفقا لنبؤءة مشروع الشرق الأوسط الجديد،وتتحقق للأمبريالية،مآربها الخرائبيه في منطقتنا،علينا أن لا نسمح إطلاقا بإستقرار هذا التراب تحت أقدامهم،وعلينا إن نفجر الأرض والسماء معا،ونملأ الأفق بغبار المقاومة،ليحجب الرؤيا أمامهم،ويختلط إصرارهم على المضي في مخططهم،بضرورات الفرار.
وعلى أمتنا أن تعلم بأن خلاصها من أبدية الاستعمار،يكمن في إنحيازها المطلق والكلي للمقاومة،التي تفرض معطيات مقابل معطيات،ونتيجتة لهذه المناظرة الطاحنة بالذخيرة الحية،سيجلس العدو مقابلنا بإعتدال وإحترام،ويتأكد من أن أقوالنا هي إنعكاس لأفعالنا،وبها سنكفل لأمتنا مكانا مناسبا فوق هذه الأرض،حتى لوأدت هذه المواجهة إلى فناء الأمة عن بكرة أبيها، فأنها لن تخسرشىءسوى مذلة العيش المهين،وتكسب تاريخا مشرفا يعتز به الأحفاد،ولعل هذه الاستجابة لمتطلبات النهضة من قبل الامة،ستهيىء المناخ الامثل،لولادة قادة من جنس السلطان " محمد الفاتح " يتحقق على يديه تحول ما،كفتح القسطنطينيه،ويضع حد لزمن مهين،ولى واندثر،واخر مقبلا مشرقا أغر،يؤسس لحل المعضلات العربية كافة .

n-damj@maktoob.com





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات