مواضيع اليوم

معسکر أشرف: تضارب المبادئ و المصالح و السياسات

نزار جاف

2011-07-14 08:31:17

0

يحتدم صراع سياسي دبلوماسي فريد من نوعه بين مختلف الاطراف التي لها صلة بمشکلة معسکر أشرف(معقل أفراد تابعين لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة)، ويبدو أن العراق وعلى لسان کل من رئيس الجمهورية جلال الطالباني و رئيس الوزراء نوري المالکي، قد صمم على حسم مشکلة أشرف حتى نهاية هذا العام من خلال العديد من التصريحات المتباينة وقد يکون أهمها ماأدلى به الطالباني في(مؤتمر مکافحة الارهاب)الذي عقد في طهران، وفي الوقت الذي تعتري رجال الدين الحاکمين في طهران نشوة عارمة من سماع هکذا تصريحات او"إلتزامات"، فإنهم في نفس الوقت لايملوا أو يکلوا من بذل جهود مضاعفة أخرى على مختلف الاصعدة من أجل إنهاء و تصفية مشکلة معسکر أشرف التي باتت تسبب لهم أرقا و تقض من مضاجعهم ولاسيما وان الاوضاع الداخلية في إيران باتت تتفاقم و تتجه صوب المزيد من التأزم واحتمال أن تتمکن منظمة مجاهدي خلق من الامساك بطرف"خيط"مهم في الاحداث و تغير من أشکال و مضامين السيناريوهات المحتملة لإيران مابعد الملالي، ولذلك فإن النظام الديني على مايبدو قد صمم أيما تصميم من أجل ممارسة کل مافي جعبته من إمکانيات و وسائل متاحة و حتى غير متاحة من أجل التحرك على محورين أساسيين هما:
1ـ غلق معسکر أشرف و إبعاد أفراده الى خارج العراق و بعيدا عن المنطقة تحديدا.
2ـ السعي لتحجيم دور منظمة مجاهدي خلق و حصره في إطار محدد وجعله خارج اللعبة.
الولايات المتحدة الامريکية التي تشهد العديد من الاجتماعات و جلسات المناقشة بخصوص معضلة أشرف و دور منظمة مجاهدي خلق في القضية الايرانية و آفاقها المستقبلية، ولايبدو أن هناك ثمة إجماع أمريکي محدد و واضح المعالم بهذا الاتجاه، إذ لايزال هنالك نوع من التضارب في الآراء و التوجهات بهذا الصدد، مع ملاحظة أن وجهات النظر المتفهمة بل و حتى المؤمنة بمظلومية سکان أشرف و حقانية النضال السياسي الدؤوب الذي تخوضه منظمة مجاهدي خلق ضد النظام الايراني، قد باتت تتصاعد في أمريکا و تتبلور ليس فقط في الاوساط التشريعية و السياسية الامريکية لوحدها وانما حتى باتت تتعداها الى الرأي العام الامريکي الذي صار هو الاخر ينظر بعين الشك و الريبة الى دور کل من الحکومة الامريکية و حکومة نوري المالکي بشأن سکان أشرف، ولايبدو أن مجزرة الثامن من نيسان/أبريل المنصرم ستذهب سدى خصوصا وان قتل 36 فردا أعزلا عن سابق قصد و إصرار و جرح أکثر من 350 آخرين من ساکني أشرف، لن يکون هينا أبدا إقناع الرأي العام الامريکي بتلك التبريرات الضعيفة و الواهية للحکومة العراقية و قطعا أن المسألة تتجه للتصعيد و قد تصل الى الذروة من خلال حث الاوساط التشريعية و السياسية الامريکية للذهاب أبعد من مجرد إصدات تحذيرات او تنبيهات لفظية او خطابات إعلامية، وهو أمر تتخوف منه طهران کثيرا ولذلك فقد صممت هي الاخرى للمارسة دورها الخاص من خلال لوبيها الخاص في الولايات المتحدة الامريکية و الذي يقوم بممارسة دور تضليلي للتمويه و الطمس على الحقائق و قلبها و جعلها بسياقات تخدم النظام اولا و اخيرا.
منظمة مجاهدي خلق من جانبها، وخصوصا ضمن إطار(المجلس الوطني للمقاومة الايرانية) والذي يضطلع فيه بدور قيادي بارز، تسعى و من خلال إمکانياتها المحدودة و مجال تحرکها الضيق نسبيا، لإيصال ثمة رسالة مهمة جدا للعالم أجمع بشکل عام، و للغرب و دول المنطقة بشکل خاص، مفاد هذه الرسالة ان نجاح النظام الايراني في حسم قضية معسکر أشرف لصالحه، سيمنحه المزيد و المزيد من القوة و يضخ الى شرايينه"المتصلبة و المسدودة"المزيد من الدماء لکي يعود من جديد الى الساحة و يمارس دوره الکبير في دعم و مساندة الارهاب و تقوية شوکته في المنطقة بصورة خاصة، ذلك أن غلق معسکر أشرف بالطريقة و الاسلوب الذي يريده النظام الايراني، سوف يساهم بخلق حالة من الاحباط داخل الساحة الشعبية الايرانية و تزرع نوعا من بذور التشاؤم، إذ أن معسکر أشرف يمثل لدى الشارع نموذجا و مثالا للتصدي و يستلهم منه العبر و العزيمة لمقارعة النظام و إسقاطه، فمعسکر أشرف يمثل تأريخا حافلا للنضال السياسي العملي و النظري الممتد الى أکثر 45 عاما بالاضافة الى سجل حافل بالکفاح ضد الدکتاتورية الدينية الشمولية منذ الايام الاولى لتسلط التيار الديني على نظام الحکم في إيران و نجاحه في إقصاء و إبعاد معظم الاطراف السياسية المخالفة له و على رأسها منظمة مجاهدي خلق التي بدأ الخلاف بينها و بين التيار الديني و شخص الخميني من نقطة رفضها لنظام ولاية الفقيه بإعتبارها تمهد لنظام دکتاتوري، لکن النجاحات الکبيرة التي حققتها منظمة مجاهدي خلق على الصعيد الاوربي و تمکنها من إقناع الاوربيين بحقانيتهم و بالتالي إخراجهم من قائمة المنظمات الارهابية التي أقحموا فيها قسرا، لايبدو أبدا بأنها سترضخ للمساعي السياسية التي تتصاعد منها رائحة رجال الدين في طهران و الواضح أنها ستستمر في الصراع غير المتکافئ ولکن بإيمان أکبر بالنفس و بالمستقبل.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات