مواضيع اليوم

معركة غزة: خسارة إسرائيلية وقصر نظر حمساوي … بقلم : أشرف العجرمي

فلسطين أولاً

2010-06-07 08:52:45

0

معركة غزة: خسارة إسرائيلية وقصر نظر حمساوي … بقلم : أشرف العجرمي

أشرف العجرمي
لا شك أن السلطات الاسرائيلية خسرت معركة أسطول الحرية التضامنية مع قطاع غزة على كل المستويات إعلامياً وسياسياً ودبلوماسياً، فعنجهية القوة المفرطة أعمت قادة إسرائيل وخاصة وزير الحرب ايهود باراك عن رؤية ما يمكن أن يترتب على اقتحام السفن المدنية المتوجهة الى غزة
بهذا الشكل البربري الفظ الذي لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تمارسه. وعدا كون الهجوم الاسرائيلي جرى في عرض البحر في المياه الدولية وهو ما يجعل التصرف الاسرائيلي منافياً للقوانين الدولية، وغير شرعي او منطقياً بأي شكل، كان الاقتحام الاسرائيلي لسفن أسطول الحرية إجرامياً وفاشلاً بمقاييس القدرة على السيطرة على مدنيين دون ارتكاب مجزرة كالتي حدثت جراء هذا العدوان، وأيضاً يعبر عن عمل هواة متوترين وليس جيشاً محترفاً كما تدعي اسرائيل وتحاول وصف جيشها بأنه الافضل. ويمكن أن يسجل هذا الهجوم بمثابة فشل إضافي لجيش الاحتلال على غرار الفشل في لبنان أو غزة.
الآن تواجه اسرائيل حملة دولية لم تكن تحلم بها ليس فقط على مستوى الادانة والشجب كما عبر عن ذلك بيان مجلس الامن ومواقف العديد من دول العالم وخاصة روسيا والاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة وغيرها ما يجعل اسرائيل في وضع مأزوم دولياً قد يؤثر على علاقاتها مع جهات وأطراف دولية عديدة، وإنما كذلك لأن الاخفاق الاسرائيلي والطريقة الهمجية التي عالجت بها القوات الاسرائيلية موضوع الاسطول يفتح الطريق أمام جهود دولية كبيرة باتجاه رفع الحصار عن قطاع غزة، فهذه الجريمة فتحت أعين العالم أجمع بصورة غير مسبوقة على المأساة الانسانية الهائلة في القطاع الناجمة عن السياسة الاسرائيلية، وبالتالي أصبحت إسرائيل في وضع محرج لا يمكنها من مواصلة فرض الحصار لفترة طويلة قادمة، ولا بد أن تفعل شيئاً بهذا الموضوع حتى لا تبقى تحت نيران الهجوم الدولي.
حجة إسرائيل في إبقاء الحصار غير منطقية وغير مبررة سواء لوجود الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت في الاسر لدى حركة “حماس” أو لسيطرة “حماس” على قطاع غزة بالقوة. فالحصار على القطاع ليس موجهاً ضد حركة “حماس”، مع أن هذا هو الادعاء الاسرائيلي الجوهري، بل هو موجه ضد كل أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، وللحقيقة “حماس” هي أكثر الجهات استفادة من هذا الحصار أولاً لأنها تجبي أموالاً طائلة من وراء إغلاق المعابر الرئيسية التي تربط قطاع غزة بإسرائيل، وخاصة بسبب سيطرتها على تجارة الانفاق وتحصيلها نسبة عالية من الضرائب التي تفرضها على البضائع المهربة، وقيام “حماس” نفسها بعمليات التهريب سواء لمختلف أشكال البضائع المطلوبة والمسموحة أو المحظورة دولياً كالمخدرات والحبوب، أم للأموال التي يجري تبييضها في القطاع. وبسبب الحصار سيطرت “حماس” على اقتصاد غزة بالكامل وألغت بصورة كبيرة طبقة التجار وأصحاب رؤوس الاموال ورجال الاعمال التقليديين واستبدلتهم بطبقة جديدة من المهربين والقطط السمان الذين اثروا باستخدام النفوذ والسلطة والسيطرة على مقدرات القطاع.
وثانياً، لأن حماس تستغل الحصار ومعاناة الناس من أجل محاولة فتح خطوط سياسية مع العديد من الاطراف الاقليمية والدولية، ولأن بعض الاطراف بقصد او بدون قصد لا تميز بين الشعب في قطاع غزة وبين حماس التي تشكل سبباً رئيساً في معاناة أهالي القطاع، وهكذا طالما بقي الحصار مفروضاً على غزة ستبقى “حماس” في قلب الدعاية السياسية التي تستهدف موضوع الحصار والاجراءات الاسرائيلية الظالمة.
وفي موضوع الحصار هناك تناغم في مصالح كل من اسرائيل وحماس وخاصة لجهة الاضرار بالمشروع الوطني الفلسطيني وبالعملية السياسية وآفاق التسوية المستقبلية، فإسرائيل تريد فصل القطاع عن الضفة وتقسيم الوطن حتى تدعي أنه لا يمكن التوصل الى حل سياسي في ظل هذا الوضع القائم. ونفس الشيء ينطبق على حماس التي ترى مصلحتها تكمن فقط في بقاء سيطرتها على غزة والحفاظ على إمارتها الظلامية هناك.
“حماس” الآن تعيش نشوة بعد مجزرة أسطول الحرية وتعتقد أنها حققت انتصاراً مهماً في هذه المعركة، صحيح أن اسرائيل خسرت المعركة باعتراف جهات اسرائيلية ودولية كثيرة، بسبب ردود الفعل الدولية التي يمكن أن تتدحرج الى اتجاهات لا ترغب بها إسرائيل بأي حال. ولكن “حماس” لم تربح لأن المجتمع الدولي يركز الآن على رفع الحصار وفتح المعابر التي تربط قطاع غزة باسرائيل بدرجة أساسية وهذا ليس في صالح “حماس”.
إسرائيل خسرت المعركة ولكنها أغلقت طريق البحر، وقد تضطر لفتح المعابر أو على الاقل التخفيف من الحصار بصورة ملموسة، وحماس لا تستفيد سوى من بقاء طريق البحر مفتوحاً ومعبر رفح والانفاق وهي ليست معنية بفتح المعابر الاخرى، فقد حاربت فتحها بكل قوتها. وحماس معنية كذلك بالحفاظ على التفاهمات غير المعلنة مع اسرائيل بدليل انها نشرت قواتها بالقرب من الحدود مع القطاع لمنع اطلاق الصواريخ على الرغم من الجريمة الاسرائيلية ورغبة بعض القوى في القيام بأعمال انتقامية والرد على اسرائيل. وهي بذلك تتصرف مثل أي نظام عربي من الذين تنتقدهم لعدم السماح بممارسة المقاومة انطلاقاً من الاراضي العربية.
نشوة “حماس” وغرورها وقصر نظرها جعلها تفقد القدرة على رؤية الامور على حقيقتها والتقاط اللحظة التاريخية والذهاب فوراً نحو المصالحة الوطنية باعتبارها الخيار الامثل والصحيح للرد على الجرائم الاسرائيلية وتخليص شعبنا من محنته ومن المخاطر التي تهدد قضيته الوطنية بفعل الانقسام الذي تسببت فيه نتيجة لانقلابها على السلطة الوطنية. وبدلاً من ذلك ردت “حماس” على مبادرة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة “فتح” إرسال وفد مشترك الى غزة لبحث موضوع المصالحة، بوضع شروط في وجه القادمين الى القطاع. وهذا يعبر عن شعور زائف بالنصر ووهم بأنها قادرة على فعل كل شيء.
ما يحدث الآن هو نصر للشعب الفلسطيني لا بد من الاستفادة القصوى منه على طريق تحقيق انجازات سياسية ملموسة، وليتذكر الجميع أن بيان مجلس الامن ومواقف الاطراف الدولية المختلفة تركز جميعها على ضرورة فتح المعابر “الشرعية” وعلى إنجاح المفاوضات غير المباشرة أو المحادثات عن قرب. فالمطلوب الانتقال من الوضع القائم الى وضع سياسي مختلف مرتبط ببرنامج منظمة التحرير والسلطة الوطنية وليس ببرنامج “حماس”. وهذا ما يجب أن تعيه حركة “حماس” وتستخلص منه العبر والدروس لمصلحتها أولاً ولمصلحة الشعب ثانياً وأخيراً.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !