إن أفضل قاعدة يمكن أن يسير عليها المرء في تحقيق الوصول للهدف المعرفي هو أن يدرك الباحث ميزان المقبولة في الشريعة الإسلامية فيجعل منها أساساً لإنطلاقه في تقييم الأحداث والشخصيات التي مرت عبر تأريخ الإسلام وأثرت في تشكيلة عقده ومفاصله عبر تأريخه الطويل ,سلبية كانت أو ايجابية.
فبدون هذه القاعدة المعرفية وبدون معرفة الثوابت الأخلاقية التي عُبر عنها بالتقوى لن تكون هنالك حصانة لذهن المسلم من الانحراف. فلمجرد أن يضخم الإعلام وأئمة الضلال زاوية أي حدث وإبرازه على أنه الأهم يتم تغيير عقيدة بأكملها وتمرير الانحراف على أنه تقوى وإحسان .
وحتى نفهم ما هو المراد من ذلك لاحظوا أن الإسلام هو نظام اجتماعي متكامل مبني على عبادات روحية وعلى قوانين أخلاقية تنظم حياة الفرد داخل المجتمع وتنظم علاقة الأفراد فيما بينهم بأحكام وثوابت مبدئية . ومن يخرج عن هذه الثوابت والأخلاقيات يعتبر خارجاً عن حدود الشريعة مارقاً عن الإسلام لكن إذا كان ذو سلطة وسطوة فبمجرد تسخير الأقلام والإعلام لجعله أمام المتقين وخليفة المسلمين سيتم له ذلك لعدم وجود أساس معرفي لدى العوام وكمثال على ذلك تطرق المرجع الصرخي الحسني إلى التيمية في تنزيههم ليزيد بن معاوية رغم أنه قتل سبط رسول الله ورغم أنهم يعترفون أنه أباح المدينة ثلاثة أيام فقتل الصحابة وأنتهك أعراضهم في موقعة الحرة
وهنا يؤكد المرجع المحقق الصرخي على ما قلنا من أن هنالك من يحاول أن يستخدم زاوية من حدث للتضلل على كل الجرائم التي افتعلها يزيد فيقول المرجع الصرخي ((أيها الذهبي هل غزو القسطنطينية حسنةٌ ليزيد ؟!!
سير أعلام النبلاء ج4 ، الذهبي، يقول: وممن أدرك زمان النبوة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الخليفة، أبو خالد، القرشي، الأموي، الدمشقي، قد ترجمه ابن عساكر، وهو في تأريخي الكبير. له على هناته ( أي على شروره وفساده) حسنة، وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش، وفيهم مثل أبي أيوب الأنصاري عقد له أبوه بولاية العهد من بعده .
أقول : التفتوا جيدًا ما هي الحسنة عنده ؟ غزو القسطنطينية، هذا هو المهم هذا هو المقياس، عندما تقرأ للشيخ ابن تيمية تجد المهم عنده ، غزو وحرب وقتال وإرهاب وسفك دماء وقطع رؤوس وتهجير، الاكثار بسفك الدماء وقتل الأبرياء وخوض الحروب، هذا هو المهم والمقياس عندهم !!! .
مقتبس من المحاضرة الثانية من بحث " الدولة..المارقة...في عصر الظهور ...منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)
وهنا يتضح جلياً أن المحقق المرجع الصرخي الحسني يريد أن يؤسس للقاعدة الإسلامية الرصينة القائمة على أساس أن التقوى هي ميزان المقبولية وليس إختلاق الأعراض الجانبية وتضخيمها فالقتال إن لم يقترن بالتقوى فليس له قيمة . فالملحد إن جعلته حاكماً سيدافع عن عرشه وهذه القاعدة لا تشمل يزيد فحسب بل تشمل كل منحرف في التأريخ سواء جيش الجيوش أم جلس على كرسيه فحسب والقرآن صريح بذلك {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة : 27] وإذا كان يزيد افتعل كل تك الجرائم والقبائح وعاقر الخمور فأي تقوى وكيف تنفعه غزوة غزاها لدنيا يلهو بها. وهذه القاعدة تسري على يزيد وعلى كل منحرف فاسق وضعه أئمة الضلال رمزاً لمذهب أو عنوان لنصرة طائفة .
عبد الاله الراشدي.
التعليقات (0)