معا إلى فلسطين
سارة بن حميدة تونس
جائر هو هذا العالم الذي جعل من شعب يتفتت ويتجزّأ، يتفكك ليس فقط إلى ضفة وقطاع وأراض محتلة، بل إلى مخيمات تنتشر في عدد من الدول العربية يعاني لاجؤها من كل مظاهر الفقر و الخصاصةوالاحتياج. ويُعد لبنان من بين هذه الدول التي تستضيف ما يزيد عن 430 ألف لاجئ فلسطيني يعيش معظمهم في 12 مخيماً وفي حوالي 20 تجمع عشوائي في ظروف قاسية غير إنسانية البتة تتجلى أساسا في حرمانهم من وظائف عادية حيث يُطبق عليهم قانون الأجانب رقم 17561 الصادر سنة 1962. بل والأسوء من ذلك هم محرومون من دولة يمكن من خلالها تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل الذي يشمل عددا من الأجانب الذين خولت دولهم الحق للبنانيين العمل على أراضيها. ونتيجة لهذا التشريع يبدو من البديهيّ جدا أن نجد أطفال المخيمات الفلسطينيـّة يغادرون مقاعد الدراسة في سن مبكرة محاولين بذلك المساهمة في ضمان استمرارية حياتهم وحياة أسرهم إذ تفوق نسبة التسرب المدرسي ال37℅ و لعل بعضهم يتساءل ما الغاية من دراسة تقودني إلى طريق مسدودولأجل الحد من هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية التي تهدد حياة اللاجئ الفلسطيني، نشأت جمعية معاً إلى فلسطين تلك الجمعية التي أسعدني فعلاً التعرف على أعضائها وعلى رئيستها جنى بشير، الشابة الفلسطينية الطموحة التي بذلت جهداً خيالياً في ظل أوضاع اقتصادية عسيرة تطال النسبة الأكبر من اللاجئين حتى تتمكن من رؤية مشروعها الإنساني يتحقق، لعل ولادته تُغير قليلاً من مجريات جور الحياة.تأسست معاً إلى فلسطين في 16 تشرين الثاني2009 بموجب علم وخبر رقم 453. وتعرّف الجمعيّة عن نفسها بأنّها منظمّة غير حكوميّة وغير تابعة سياسياً أو دينية، لا تتوخى الربح المادي إنما تسعى إلى تحقيق أهدافها. ويطال نطاق عملها التجمعات الفلسطينية أو ما يعرف بالمخيمات: بيروت؛ الشمال؛ البقاع والجنوب. أمّا التمركز الرئيسي فيحدد بمخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت؛ حيث يعتبر هذا المخيم الأكثر كثافة سكانيّاً بالمقارنة مع باقي المخيمات المتواجدة في العاصمة وضواحيها. وفي حوار لي مع رئيسة الجمعية سُقت من خلاله عدداً من الأسئلة التي أردت أن أستشف من خلالها أهداف الجمعية، اكتشفت أنها جمعية فتيّة تقودها إرادات قوية.تسعى كبداية إلى العمل على إبراز الوجه الثقافي والفكري للفلسطينيين من خلال تحفيز الطاقات الشبابية داخل المخيمات وخلق أُطر تعاون مع الشباب اللبناني والعربي: معارض مشتركة، لقاءات وغيرها من الفعاليات التي يمكن أن تجمع أكبر عدد ممكن من هذه الفئة إضافة إلى دعم وتوجيه شباب المخيمات لتحصيل التعليم الجامعي والمهني والتركيز على التعاون والتواصل بين المجتمع المدني اللبناني والمجتمع المدني الفلسطيني.أكثر من ذلك تتبنى هذه الجمعية هدفاً يُعتبر في نظر العديدين الأهم على الإطلاق وهو السعي من خلال الوسائل القانونية إلى إصدار تشريعات تحفظ حقوق اللاجئين الفلسطينيين ما يُساعد على تحسين أوضاعهم القانونية والإنسانية.تركز الجمعية أهدافها على فئتين من اللاجئين الفلسطينيين تضم الفئة الأولى تلامذة منخرطين في الدراسة اليومية ولكنهم يعانون من ضعف في التركيز، مما ينعكس سلباً على مستوى الاستيعاب لديهم. أما الفئة الثانية فتضم أطفالاً غادروا المقاعد الدراسية ولجأوا إلى العمل في مهن صعبة. كما أنّ هناك أنشطة لاصفيّة تشكل جزءاً أساسياً من البرنامج الدّراسي المدرسي وتشمل الفنون، الترفيه، الموسيقى، الرياضة...الجمعيّة، وككل الجمعيّات الأخرى، تحتاج إلى دعم مادي يسوقها إلى تحقيق ولو جزء من أهدافها – رغم أنّ هذا لا يُعتبر غاية أعضائها الذين يصرّون على طرق كل أبواب الأمل للوصول إلى مُبتغاهم كاملا – وتم التواصل لهذا الغرض مع عدد كبير جداً من الشخصيات والمؤسسات الفلسطينية واللبنانية المُمولة ولكنهم حتى الآن مازالوا بانتظار رؤية ما بعد الوعود حتى يتمكنوا من اقتناء المستلزمات اللازمة لمركز الجمعية ويحصلوا بذلك على مشروع من الأنروا يتعلق بالحد من التسرب المدرسي.كما تسعى معاً إلى فلسطين إلى تنظيم حفلات غنائية وملتقيات فنية برعاية عدد من الفنانين الذين يساهمون بجانب من مداخيل الحفل لصالح مشاريع الجمعية. كل ما أتمنّاه هو أن يتمّ النظر إلى هذا المشروع الفتيّ بعيون أمل و ثقة لأنّ القائمين عليه لهم من العزيمة والإرادة ما يفوق تصوّر ذهن عربي أفاق آماله محدودة.
التعليقات (0)