مواضيع اليوم

معاً ضد سياط الجلاد..

جمال الهنداوي

2009-07-14 19:20:11

0

  " انها من الاخبار التي تصيب الانسان بالشلل "..عبارة شهيرة للفنان سعيد صالح لا يستذكرها المرء الا وابتسامة تعلو شفتيه..ولا ادري كيف مرت على خاطري –ولكن بتجهم ظاهر -  وانا اقرأ الاخبار التي تتحدث عن إحالة الصحفية المعارضة" لبنى احمد الحسين" للمحاكمة بتهمة ارتداء ملابس "تخدش الحياء والذوق العام" ..

حيث ذكرت الانباء القادمة من السودان أن الاجهزة الامنية الساهرة على راحة واستقرار المواطنين قد وجدت في ملابس الصحفية (لبنى) خطراٌ على المجتمع وقيمه السمحة !! والعقوبة لهذه الجريمة هى الجلد 40 جلدة وبشكل علني وذلك وفقاً لنص المادة (152) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 والمتعلقة بتهمة "ارتداء ملابس مُضايقة للشعور العام".

الغريب ان هذه الاخبار جاءتنا من بلد تقادمت فيه الحروب الاهلية حتى شاركت الناس زادهم واحلامهم والمعاش من ايامهم .. ومن بلد ينافس على المراتب الاولى – حضيضيا – في مجال الحريات الاساسية وحقوق الانسان وتتآكل فيه تدريجيا سيطرة الدولة على كامل ارض البلاد .. والاغرب ان تنشغل الاجهزة الامنية في ملاحقة ملابس النساء ..ولا تلتفت الى ان رئيسها مطلوبا دولياً في تهم ترقى الى الابادة الجماعية ..

إن المحاولات العبثية للتطبيق الانتقائي والمضلل للشريعة الاسلامية في ظل المفهوم والهوية السائدة في السودان كدولة  وطنية تعددية لا يعد الا ضرباً من التدليس السياسي والأوهام ، ونمط رخيص من ذر الرماد في العيون، ونوع من المؤامرة على الوحدة الوطنية السودانية ..خصوصا في ظل التنوع الديني والثقافي وسريان برتوكولات نيفاشا التي تؤكد إن المرجعية في الحقوق والواجبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية هي الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية  في جميع الاقاليم السودانية..

ان الاسلوب التقليدي للانظمة فاقدة الصلاحية والشرعية في التستر وراء الشعارات ذات القبول الجماهيري الواسع في استهداف المعارضين السياسيين في اعراضهم وسمعتهم لهو دليل على الافلاس الشعبي والاخلاقي للنظام في مواجهة الانتقادات التي تطاله من الاقلام والفعاليات الوطنية الشريفة..

 ان قيام الصحفية الفاضلة بتوجيه الدعوات للشخصيات الاعلامية لحضور جلدها في حالة ادانتها –طبعا -  هو لتكون السياط التي تنزل على جسدها صرخات احتجاج تؤرق عسس الضمير ورصّاد الفكر..كما ارقهم  قلمها الجريء الذي ما انفك يعري الممارسات الفاسدة للنظام وتسلطه على مقدرات وحريات وانفاس الشعب السوداني الطيب الشريف..ولتكون محاكمتها محاكمة لقانون النظام العام والمادة المستهدفة منه ولاسلوب الانتقام الرسمي من الاقلام التي يضيق بها صدر النظام..

تقول لبنى الحسين:" طبعت 500 بطاقة دعوة ليحضر الناس والمتضامنون والاصدقاء والاخوان والشامتون أيضاً.. انها دعوة عامة.. وكما ترون أنني لم اسرد حتى الآن تفاصيل ما جرى.. تعمدت ذلك.. وحتى يسمع الناس بآذانهم ويروا بأعينهم من أقوال الاتهام وشهوده.. وليس مني أنا.. "

 وتضيف " أرجو أن يسلط الضوء على المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991، ذلك أن قضيتي في بدايتها ليست قضية استهداف شخصي لي أنا ككاتبة... ولا هي تفلت عرضي من بعض أفراد شرطة النظام العام "

وتضيف كاتبة العمود الشهير "كلام رجال ": "قضيتي هي قضية البنات العشر اللواتي جلدن في ذات اليوم.. وهي قضية عشرات بل مئات بل آلاف الفتيات اللواتي يجلدن يومياً وشهرياً وسنوياً في محاكم النظام العام بسبب الملابس.. ثم يخرجن مطأطآت الرأس لأن المجتمع لا يصدق ولن يصدق أن هذه البنت جلدت فى مجرد ملابس.. والنتيجة الحكم بالاعدام الاجتماعي لاسرة الفتاة وصدمة السكري أو الضغط او السكتة القلبية لوالدها وأمها.. والحالة النفسية التي يمكن أن تصاب بها الفتاة ووصمة العار التي ستلحقها طوال عمرها كل هذا في بنطلون.. والقائمة تطول، لان المجتمع لا يصدق انه من الممكن ان تجلد فتاة او امراة في (هدوم)."

ومن هذا المنبر ..منبر الحرية والتعددية والفكر الحر..منبر الدعوة الى كل ما من شأنه اعلاء الانسان كقيمة عليا وغاية وهدف..منبر التقاليد الصحفية المبنية على احترام الرأي الآخر..ادعو الى التضامن مع الزميلة الصحفية السودانية لبنى احمد الحسين لكي لا تكون كلمة التلبس بالدين هي العليا..وادعو ادارة وكتاب وقراء المدونات الكرام الى اعلان الوقوف مع الجانب المشرق من الانسانية والخير واعلان رفض استخدام الشريعة السمحاء للاقتصاص من المخالفين في الرأي..والانحدار الى حد الخادش للمروءة..فيا سادتي.. فلنعلن تضامننا مع الاخت الفاضلة ولو بالدعاء الا لعنة الله على الكاذبين.. 

 

ملاحظة: لصعوبات تقنية لم اتمكن من ادراج صورة الصحفية بالملابس التي ضبطت فيها مع الموضوع..للاطلاع على الصورة تصفح البوم الصور لطفا




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !