معاً الى فلسطين... رغماً عنكم جنى بشر
منذ قررنا التلاقي-شباباً لبناني وفلسطيني- على وثيقة عمل مشتركة، توالت الصعاب والعوائق. وصمدنا حتى اليوم.
ورغماً عن الجميع ... سنبقى .
لأن دمعة طفل منزوٍ في المخيّم، مهدور الأحلام، محطم المعنويات تساوي عندنا كلّ ما شرّع عالميّاً من حقوق الطفل والإنسان، أطبق أم لم يطبّق.
منذ قررنا هذه الخطوات العمليّة، إنهالت علينا دعوات للمشاركة في لقاءات ومؤتمرات وإعتصامات كلّها خصصت لفلسطين. وفي غمرة زهونا؛ أو لربما تفاؤلنا نسينا أنّهم تجّار... وبأننا قد نتحول الى قطيعٍ من جماهيرهم. إبتعدنا وكان الأسوأ.
من لم يهنّئنا ؟ لا أحد.
من لم يأخذ منّا وعداً باستعمال مركزنا لتلاقي شباب أحزابهم مع شبابنا ؟ لا أحد.
من وعدنا وصدق ؟ لا أحد.
بين مقابلة مدوّية على أحد الاذاعات اللبنانيّة، أو احدى الفضائيات العربية الأكثر شهرةً وانتشاراً، قررت التغاضي عن الألم... فاكتفيت بالكتابة، ذلك لأنها أسرع وسيلة لانتشار أفكارنا بين من نحبهم... بين من نعمل لأجلهم. وتركت الشاشات لتجّار القضيّة، ولكل من يقبض من هذا المحور أو ذاك ليقرأ بيانات استنكار جاهزة الطباعة.
عدد كبير جدّاً من السياسيين قد وعدنا خيراً.
صدقوا أو لا ... شأنكم.
لكن المقربين كانوا على اطّلاعٍ بجدول مواعيدنا... فظننّا بأن من تبرعاتهم الموعودة قد ننشأُ مدرسة تعنى بالحدّ من التسرّب المدرسيّ لدى الأولاد. إضافةً الى دورات تكثيفيّةٍ في اللُّغات والفنون والموسيقى والرياضة، إضافةً الى برامج خاصّة ً بالشباب والنساء والعجزة.
ولكنّنا رغماً عنهم... قد نصمد.
منذ أكثر من شهر وُعدنا خيراً: تجهيز المركز والمساعدة في تحمّل جزء من كلفة الايجار السنوي وأشياء أخرى وأخرى و...
وبين "يوم وآخر" و"تعالوا غداً "و"سنتلاقى غداً في هذه النّدوة" و"أراكم في هذا المؤتمر" ... تسعة أسابيع ولم نرى من الوعد الا بطاقات دعوة؛ فحضرنا نحن وغابوا عن المشاركة.
لماذا ؟
أوّلاً: لأننا رفضنا المشاركة في التظاهرات؛ رفضنا أن ننضمّ الى محور عمره ستون عاماً، اي من عمر القضيّة. محور لا يملك الا أن يستنكر ويشجب ويدين.
ثانياً: لأننا رفضنا أن نتطرّق الى القضيّة من شقّها السياسيّ رغم كل المحاولات لجرنا الى هذا المستنقع.
فاتهمنا هنا بأننا أنصار فتح أمّ الثورة؛ وهناك بأننا بتبع حماس،
ولم يدركوا بأننا نرى فلسطيننا ما قبل ال 48 وبأننا لم نجزأ الضفة والقطاع والأراضي المحتلّة.
ثالثاً: بسبب صداقتنا مع العديد من الرفاق في المملكة الأردنيّة مما دفع بعض الأغبياء الى اتهامنا بالإنضمام الى الأبواق المعادية لقسم من الدول العربيّة. فقلّصنا هذه العلاقات؛ لا لإرضائهم إنّما حمايةً لقضيتنا... لهذه الجمعيّة التي أخذت على عاتقها العودة الى فلسطين من خلال تحرير الفكر، إحياء التراث الفلسطيني، تنشيط الذاكرة، تقريب شباب الشتات من كل المخيّمات داخل وخارج الوطن.
ورغماً عنكم ... صامدون هنا.
لأننا حاولنا محاربة العدو فكريّاً، لا سياسيّاً أو خطابياً أو جماهريّاً.
لأننا حاولنا توعية الشباب والحدّ من إنجرارهم خلف التجار، أكانوا فلسطينيين، لبنانيين أو من أي جنسيّة عربيّة أخرى.
وكانت مكافأة الكبار لنا بدعوة عشاءٍ الى هنا... ودعوة أخرى الى أحد أفخم الاوتيلات لليلة ورديّةٍ... وبين هذه الدعوات ما يشتري لنا مركزنا المتواضع، لا فقط يغطي الايجار السنوي.
ورفضنا عروض المقابلات كي لا نحطّم ما سعينا لبنائه بجهد شخصيّ بحت. فاعتمدنا على ما نملك وإقتصر الدعم على الأهل فقط - هذا ان كانوا قادرين عليه.
من هنا... عهد بالصمود رغم العذاب المعنوي والجسديّ ... رغم الضغط الماديّ والنفسيّ.
ورغم كل المحاولات السخيّة لتشويه صورتنا، والمحاولات المنحطّة لتحطيم أحلامنا.
وزير سابق... نائب سابق... يعتبر نفسه من كبار المناضلين والمناصرين للقضية المركزيّة: فلسطين، ولوطنه لبنان. رجل شارف على الثمانين من العمر، كان من الغرور حدّ الغباء لظنه أنه قادر على محاربة وتدمير حلم ابن العشرين. أكان خائفاً من قوة إرادتنا؟ أم من هذا التحدي القويّ الذي قطعناه على ذاتنا.
لذلك رغماً عنكم سنبقى. وستبقى هذه الجمعية المتواضعة وهذا المركز الحلم.
شكراً لكل الرفاق... شكراً لك من دعمنا.
شكراً لكل المحبّين... لمن كان يمدُّنا بالأمل: في لبنان – مصر – الأردن – العراق المدمّر – في فلسطين الممزّقة بين الضّفة والقطاع والأراضي المحتلّة وفي الجولان الحبيب.
شكراً لكم يا أصحاب القضيّة على إختلاف إنتمائكم السياسي والإديولوجيّ.
شكراً لكل من وضع مدوّناته ومواقعه الإلكترونيّة في خدمتنا.
شكراً لمن ساندنا بالأفكار والعلاقات.
صمدنا حتى الآن ... على أمل الصمود دوماً.
"جمعيّة معاً الى فلسطين"
علم وخبر/453
جنى بشر
التعليقات (0)