معالي الوزيرة"هالة لطوف"..تقبلي اعتذاري!
لنبدأ بتعريف الاعاقة, فحسب مؤتمر الأمم المتحدة حول حقوق ذوي الاعاقة فانه يشير الى أن"فئة ذوي الإعاقة تشمل الأشخاص الذين يعانون اعتلالاً بدنياً، عقلياً، فكرياً أو حسياً يتأثر بمختلف الحواجز التي قد تعيق مشاركتهم بشكل تام وفعال في المجتمع مع الآخرين على حد سواء". وتشمل الاعاقة العديد من الفئات نذكر منها, اضطراب طيف التوحد, الإعاقة الفكرية, الاعاقات السمعية البصرية, ضعف السمع, صعوبات التعلم, صعوبات النطق, الاضطراب اللغوي, الاعاقات البصرية, الإعاقة الجسدية, الإعاقة المتعددة, الاضطراب العاطفي.
" وراء الشمس", مسلسل سوري تم عرضه في شهر رمضان وتتناول حلقاته ذوي الإعاقة الفكرية..مسلسل رائع يُسلط الضوء على معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة ورفض المجتمع لهم
حيث تناول هذا المسلسل ثلاث حالات من حالات الإعاقة..الحالة الأولي، لرجل يُمثل دور شخص مصاب بالتوحد، وهو الفنان بسام كوسا, والحالة الثانية، لشاب من ذوي متلازمة"داون" أي مما يعرف بمتلازمة"الشكل المونغولي", حيث قام بالدور الشاب علاء الدين الزيبق وهو بالفعل من ذوي متلازمة داون, وأما الثالثة ، فهي لجنين لازال في بطن أمه, وعندما عرفت العائلة بأنه من ذوي متلازمة داون, أصبح هناك صراع بين الزوج والزوجة من أجل إجراء عملية إجهاض للجنين..ان المسلسل يطرح تساؤلا أخلاقيا وقانونيا وعمليا في آن واحد..هل يحق للأهل الذين يكتشفون في وقت مبكر من الحمل أن الجنين سوف يولد معوقاً نتيجة خلل في الخريطة الجينية أن يسقطوا هذا الجنين تخلصاً من تبعات مستقبله المأساوي الذي يرتب عليهم أيضاً أثقالا وواجبات اجتماعية أو تربوية أو تأهيلية أو طبية. أثناء تصفحي لمواقع الشبكة العنكبوتية لفت نظري هذا الخبر:قام مواطن أردني برفع قضية ضد وزيرة التنمية الاجتماعية في حكومة سمير الرفاعي هالة لطوف متهما اياها بشتمه ووصفها الأردنيين بأنهم معوقين, ويأتي هذا الوصف في معرض مراجعة المواطن لها بشأن شقيقه المعاق من أجل الحصول على إعفاء طبي.
في بداية مقالي تعرضت لتعريف الاعاقة وأنواعها كما يرد في المراجع الطبية ومصادر الأمم المتحدة, ولكن هنالك أناس لا يعانون من أي نوع من أنواع هذه الاعاقة المذكورة, بل انهم أصحاء, وكل ما ينقصهم هو التعامل مع الحياة بواقعها والعيش في العصر الذي نعيشه, فلا يعقل أن نشاهد الكثيرين ممن كتب عليهم أن يكونوا رجعيين متخلفين يعيشون ويحملون أفكار حملتها عصور ما قبل الجاهلية, هذه الأفكار التي تنخر عظام مجتمعاتنا وتهدمها وتمنع تطورها وبالتالي تجعلنا فعلا أمة ضحكت من جهلها الأمم..ما أصيب باعاقة طبية فهذا أمر وارد ونشاهده في كافة مجتمعات المعمورة, وهو أمر قابل للعلاج والمراقبة واعادة التأهيل..انهم أناس حكمت عليهم الأقدار أن يولدوا معوقين.
وأما من حكم على نفسه بعد أن ولد طبيعيا أن يصبح معاقا فهذا شأنه ولكن ليس من واجبنا مراعاته والاهتمام به, بل يجب علينا لفظه وقوقعته فهو يعاني من حالة مزمنة معدية ان لم يتم وقفها فانها ستنتشر وتصيب الكثيرين من ضعفاء النفوس وبالتالي قد يصبح المجتمع برمته معاقا ومتخلفا وهنا المصيبة الكبرى.
أجزم بأن معالي الوزيرة بقولها لم تقصد بالفعل ما قالته, بل انه من صيغة المبالغة اللغوية والمجاز اللغوي, وهذا ما لا يفهمه المتخلفون الرجعيون أصحاب العقول المتحجرة, فجماجمهم لا تحتوي الا على نسيج عظمي وتخلو من أي نسيج دماغي, هذا النسيج الذي يمكن الانسان من التمتع بحاسة التفكير وأقصد هنا التفكير السليم المنطقي الحضاري, فلا يعقل أن تكون الوزيرة ضمن حكومة تمثل أو من المفروض أن تمثل خمسة ملايين معاقا, وعكس ذلك فانها بدورها ستكون معاقة أيضا هي والحكومة التي تنسب اليها.
ما قالته الوزيرة أو بالأحرى ما أرادت ايصاله هو أن مجتمعاتنا مليئة بالمتخلفين الرجعيين وهذه من أصعب حالات الاعاقة, والعياذ بالله.
لقد قامت الدنيا ولم تقعد على أقوال الوزيرة, وقام العديدون بالمطالبة باحالتها الى القضاء وتقديم استقالتها, ولا أدري لماذا يقوم البعض بتضخيم الأمور واعطائها حجما لا تستحقه, لم تكفر الوزيرة وما قالته لا غبار عليه اذا قمنا بفهمه كما يجب أن نفهمه, وما قالته ينطبق بالتمام والكمال على كل مجتمعاتنا العربية والاسلامية ولا أستثني أحدا منها, والا فعلى كل هذه المجتمعات أن تقوم بطلب محاكمتها وانزال أقسى أنواع العقوبات بحقها.
اننا نعيش في أوطان ليست لنا فنحن غرباء فيها..حرياتنا ممنوعة وحقوقنا مهضومة..أوطان يزني بها الفقر والجوع والمرض..أوطان يأكل فيها القوي الضعيف تماما كما في المحيط حيث تلتهم الحيتان الأسماك الضعيفة الصغيرة..أوطان تحكمها شريعة الغاب, بل ان هذه الشريعة أرحم وأعدل وأعطف.
معالي الوزيرة المحترمة, المعذرة على من حاول الاساءة لك, واني على ثقة تامة بأن صدرك يتسع لأقوال هؤلاء المساكين المتخلفين, فسامحيهم لأن التاريخ قذفهم الى مواقعهم المناسبة والتي تليق بهم, بل انهم لا تاريخ لهم..نعم,"اننا معوقون".
د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة
التعليقات (0)