معاصي سعوديات الخارج!!
عندما أتواصل مع سعوديين الداخل يسألني البعض دائما عن سعوديات الخارج، ولا أعلم لماذا لا يسألونني عن سعوديين الخارج أيضا فأنا رجل أقرب إلى الرجال ولست امرأة قريب من المرأة، هؤلاء ربما تناسوا أن معرفتي بتفاصيل حياة المرأة السعودية في الخارج، أين تذهب ومن أين تأتي ومع من تمشي وماذا تفعل ؟!، يتطلب مني على الأقل اختلاطي بهن وقربي من محيطهن وهذا ما يتنافى مع مبادئهم المعقدة، إلا أن تكون قاعدة الضرورات هي من تبيح المحظورات وفق فقه هؤلاء!!.
هم يسألونني ويسألون غيري عن المرأة لأنهم يتوقعون مني تأييدا للحكم المسبق الذي وضعوه وصاغوه بسلبية مطلقة ضد المرأة وأفعالها السيئة في الخارج -على حد تعبيرهم- وأخذوا يروجون له، وللأسف استنادا لبعض ترهات الرجال في الخارج الذين لا زالوا يحملون السلبية ذاتها معهم من بيئة المنشأ، ولك أن تتخيل معي أن معظم هؤلاء الذين ينقلون صورة سلبية عن المرأة إلى الداخل، إما أنه من طبقة الذين يعتبرون أنفسهم من حراس الفضيلة (المتدينون)، أو من طبقة (المتدنيون) سلوكيا وأخلاقيا، لكن عندما يتحدث عن المرأة تظهر غيرته وعفته ويبدأ بكيل الشتائم على تبرج المرأة وكلامها مع الأجانب وعن وجودها في الخارج من غير محرم !!!.
هناك في الداخل السعودي ممن لا ليله ليل ولا نهاره نهار من شدة تفكيره عن ما يسميه معاصي المرأة في الخارج، ولربما لا تتعجب أن نرى قريبا جهاز الجمس وهو يقوم ببرامج ابتعاث لكوادره الى الخارج كسائر المؤسسات الحكومية، لا للدراسة بالطبع ولا للاطلاع على تجربة المجتمعات الحضارية في التعامل الراقي مع الإنسان بغض النظر عن معتقده، وإنما لمراقبة أحوال هؤلاء السعوديات وأوضاعهن والتأكد من وجود محارمهن معهن، مع أن هذا دور تكفل بالقيام به ملاقيف سعوديون الخارج الذين أخذوا يراقبون النساء ويكتبون التقارير الدورية ورسائل الماجستير والدكتوراة عنهن إلى الملاحق الثقافية، ولا تعجب من أن حمية البعض العربية قد أوصلته الى أن يقوم بتصوير السعوديات لنشر ذلك على شبكات الانترنت، لأن عقله الصغير يقول له: كي تكون الفضيحة رادعا لها ولغيرها من النساء!!!.
لكن يا ترى ما هي معاصي المرأة في الخارج وفق هوى هؤلاء ؟.
باختصار هو كل ما هو ممنوع ومحرم عليها في الداخل وفق ما شرعته البيئة والعادات الصحراوية الجافة القديمة وتم بطريقة واخرى دمجها بتشريع السماء، كأن تذهب المرأة الى النوادي الرياضية فتلعب البلياردو والبولنق، أو الى السينما والمقاهي، أو حديثها مع زملاء فصلها أو أن تقود السيارة، فهذه كلها من الذنوب العظام التي ما بعدها حساب إلا نار جهنم!!.
هم يتناسون على الأقل أن لكل مجتمع ثقافته، فإن كنا شرّعنا للمرأة على أن تلبس العباءة السوداء وتغطي وجهها دون خلق الله من سائر نساء البلدان الإسلامية وسار الأمر بالاجبار على هذا المنوال، فإنه يصبح من المخاطرة على المرأة أن ترتديها في خارج بلادها فهو لباس غير مألوف، إضافة إلى كونه ارتبط في ذهنيتهم بالمجاميع الارهابية، فما الفائدة من عباءة وضعت على فرض أن تصون المرأة واذا بها تتحول إلى وبال عليها وملفتة لنظر الآخرين!!!، وما الفائدة من وجود محرم ما دام أن بامكانها أن تباشر سائر أمور حياتها بنفسها من استئجار السكن إلى التسوق واجراء المعاملات حيث لا يوجد في قوانين المجتمعات الأخرى ما نسميه ولي أمرها فتلتجئ إليه، وعندما نتكلم عن ضرورة وجود محرم للمرأة فنتكلم عن حاجة الإنسان رجلا كان أو امرأة إلى سند في أولى أيام الغربة، لكن هذه الحاجة تنتفي مع الاعتياد على المحيط وتوفر الأمن والقانون الذي يحمي الجميع، فليس هناك خوف على من هم في الخارج، وانما الخوف دائما على القادمين الى بيئتنا من جفوة المعاملة والاكراه الملحوظ وانتهاك الحقوق وعدم وجود قانون يقف في حماية الأقليات والأجانب.
سلوك المرأة والرجل في الخارج على حد سواء، إنما يخضعان إلى مستوى التربية الأخلاقية والدينية المبنية على العقل والحكمة وليس الجبر والإكراه في الداخل، فسطحية التدين والإجبار مع الإنغلاق والحرمان التي ينشأ الجيل عليها، هي من تجعل البعض ينفلت في الخارج، وعلى هؤلاء أن ينشغلوا بتحديث عقولهم والمجتمع الذي دمروه وجمدوه وجعلوه أسير الرجعية والتناقض والقشرية في التدين بدل الانشغال بمراقبة أحوال الآخرين.
2/2010
التعليقات (0)