معارض الكُتب أدوات تجميل

لمعارض الكُتب دورُ بارز في تنشيط حركة التأليف والنشر والسياحة التي يمكن إطلاق مسمى سياحة ثقافية عليها ، ذلك الدور لا ينسجم مع بروز ظاهرة المؤلفين الجُدد الذين ازدحمت المكتبات بمؤلفاتهم الغير قيمة ، تلك الظاهرة لم تكن لتوجد لولا وجود الجهل المعرفي والتعطش الاجتماعي لكل ما هو جديد وخارج عن المنظومة  السائدة ، مؤلفات لا قيمة لها في مجملها عبارة عن شخبطات مراهقين وتخيلات حالمين وشطحات قارئين شتتهم أضواء الشهرة ، تلك سلبية الثقافة التي لا يعالجها ويطبطب جراحها إلا النقد الأدبي الحقيقي الذي يضع المؤلفات تحت المجهر العلمي المنهجي ليُبين للقارئين الغث و السمين من كُتب ومؤلفات قُدر لها أن تكون خارج نسق الذوق الأدبي العام ، النقد الأدبي فنُ له رواده ذو أهمية كبرى لكنه يغيب أو بالأحرى مُغيب فذلك الفن الأدبي بحاجة لصحافة شجاعة وبرامج تلفزيونية حقيقية ودعمِ من الأندية الأدبية التي بينها وبين اقسام النقد الأدبي بالجامعات قطيعة واضحة العيان .

ليست ظاهرة بروز المؤلفات العقيمة هي وحدها التي تشوه جمال معارض الكتب في الخليج وتحديداً في المملكة بل هناك ظاهرة منع بعض المؤلفات واستبعادها في ليلةِ وضحاها وهذه الظاهرة ناجمة عن صراع التيارات الفكرية ومثلبة في حق المعرفة والحرية الفكرية ، معرض الرياض للكتاب الأشهر في السعودية لأنه المولود الأول والشقيق الأكبر لمعرض جدة للكتاب يُكرر الفعاليات والشخصيات ويُقدم للقارئ الغث بجانب السمين فضلاً عن ارتفاع الأسعار مقارنة بالسوق وبلوغ مقص الرقيب سقفاً عالياً بعد أن توقعنا أنه سيكون مميزاً ومتميزاً ، معارض الكتب ليست للوجاهة بل للمعرفة وليست أدوات تجميل تُخفي تجاعيد الجهل بل هي وسيلة حضارية لنشر المعرفة وتفعيل أدوات النقد الأدبي وتغذية العقل البشري بطريقةِ مباشرة وتنمية الذوق العام واحتضان المواهب وإعلاء شأن المسرح والندوات الفكرية فهو جامعة صغيرة يرتادها من يبحث عن المفيد فالكتاب الحقيقي هو ذلك الذي يُفجر العقل ويطلق العنان للتفكير والتساؤلات فالتساؤل يقود إلى الشك والشك يقود إلى اليقين ولا يقين في ظل وجود مؤلفات ورقها يئن ويقول ليتكم تركتموني اتنفس هواء الطبيعة بدلاً من تسويقي بعباراتِ بينها وبين الإبداع مسافة شاسعة   ..