مواضيع اليوم

معاداة السامية anti-Semitism

أسامة هوادف

2011-10-25 09:54:46

0

بقلم ماجد كامل

مقدمة:

أثار فيلم (آلام المسيح ) الذي عرض مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية ضجة كبري من قبل جماعات الضغط اليهودية باعتباره يوجه اتهاما صريحا إلى اليهود باعتبارهم مسئولين مسئولية مباشرة عن صلب السيد المسيح فرفعوا شعار (معاداة السامية ) anti-Semitism 0 ولقد استغل اليهود هذا الشعار لمحاربة كل من يقف في طريق أهداف اليهودية العالمية 0 وكلمة سامية نسبة إلى سام بن نوح الذي ورد في سفر التكوين ذكره في سفر التكوين الاصحاح العاشر وهو أبو سكان المنطقة التي تعرف حاليا بالشرق الأدنى وتشمل شعوب (بابل – أشور – فلسطين – العبرانيين – العرب ) وفي هذا المقال سوف نعرض لاصل مصطلح معاداة السامية ثم نعرض للتطور التاريخي لاضطهاد اليهود علي مر العصور ومعاداة السامية في الأدب الإنجليزي والأدب الروسي واخيرا اضطهاد النازية للسامية

أولا :- بداية ظهور المصطلح:

كان الصحفي الألماني "ولهلم مار " "1818 – 1904 " هو أول من صك هذا المصطلح وذلك في كتاب شهير له بعنوان (انتصار اليهودية علي الألمانية من منظور غير ديني ) ظهر عام 1873 وطبع منه اثني عشر طبعة كما أسس جماعة تضم في داخلها كل أعداء اليهود وذلك عام 1879 ولقد اخذ مصطلح العداء للسامية في البداية معني العداء لكل ما هو سامي غير انه تدريجيا اخذ معني العداء لليهود بصفة خاصة أما عن أسباب معاداة اليهود فهي أن معظم اليهود اشتغلوا بالتجارة خلال العصور الوسطي وحققوا من خلالها ثروات طائلة فلقد آمنوا بأن الثروة هي مصدر قوتهم ومبرر وجودهم واتسم نشاطهم التجاري بالربا حيث أن الشريعة اليهودية تحرم الربا علي اليهودي غير أنها تبيحها علي غير اليهودي ونتيجة حرصهم علي تكوين الثروات فلقد اشتهروا بالبخل الشديد كما اتسم نشاط كثير منهم بالبغاء والجريمة والنشاط الخارج علي القانون بصفة عامة0

ثانيا :- الجذور التاريخية لمعاداة السامية:

بعد خراب أورشليم عام 70 ميلادية وتشتت اليهود في جميع أنحاء العالم اخذ كثير منهم في العمل بالتجارة المقترن بالربا كما ذكرنا سابقا مما أثار كراهية الجميع منهم وفي كتابات الأباء الأولين مثل العلامة اوريجينوس والقديس يوحنا ذهبي الفم والقديس اغسطينوس نجد النظر إلى شعب الله وأورشليم وصهيون والهيكل والذبائح بالمعني الروحي الرمزي فشعب الله هم المؤمنون بالمسيح في كل زمان ومكان فصانع البر مقبول أمامه بصرف النظر عن لونه أو جنسه وأورشليم والمذبح والهيكل هي كنيسة العهد الجديد وكان الأباء في تعاليمهم بشأن اليهود مستندين إلى الآية التي وردت في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي اص 2 :16 " بان غضب الله قد أدرك اليهود إلى النهاية 0 وفي الكنيسة الكاثولوكية وفي عهد البابا جريجوري الأعظم "590 – 604 " فلقد نادي هذا البابا أن اليهود لم يكونوا عميانا عن رسالة السيد المسيح وانهم مسئولون مسئولية مباشرة عن صلب السيد المسيح ولقد كانت هذه النظرة هي البذور الأولى للعداء ضد اليهود وظهور ضد السامية anti-Semitism بعد ذلك في القرن التاسع عشر 0 ثم جاءت الحروب الصليبية ومع بداية هذه الحروب أسس الصلبيون مملكة لهم في أورشليم واتسمت معاملتهم لليهود بالقسوة والظلم بصفة عامة 0 ومع ظهور محاكم التفتيش في أسبانيا وإيطاليا بدأت حقبة جديدة في اضطهاد اليهود حيث أشاعت هذه المحاكم عن اختفاء الأطفال وذبحهم علي يد اليهود وذلك لتقديمهم محرقة إلى الرب مع الفطير في موسم عيد الفصح وانتشرت هذه الشائعات بكثرة فكلما اختفي طفل أشاعوا أن اليهود قد خطفوه لتقديمه محرقة في عيد الفصح مما عمق من كراهية اليهود بصفة عامة 0 ثم جاءت الحركة البروتستانتية في القرن السادس عشر علي يد مارتن لوثر ففي البداية حاول لوثر كسب ود اليهود فكتب كتابا بعنوان " يسوع ولد يهوديا " فيه قدر كبير من المهادنة لليهود وكان هدف لوثر من هذا الكتاب هو كسب اليهود وتحويلهم إلى البروتستانتية باعتبارهم قوة مؤيدة لمذهبه الجديد ولما لم يستجب اليهود لدعوته انقلب عليهم 180 درجة وكتب كتابا أخر بعنوان ( في اليهود وكذبهم " On The Jews And Their Lies " وذلك عام 1543 وكان مما قاله لوثر في ذلك الكتاب (أن مجامعهم يجب أن تحرق ولا يبقي أي اثر منهم 0 وكتاب الصلاة اليهودي يجب إن يزال من الوجود 0 ويجب منع الربيين اليهود من الوعظ 0 ثم يجب أن تهدم بيوت اليهود وان يجمعوا كلهم تحت سقف واحد ليتعلموا انهم ليسوا أسيادا في بلادنا ويجب أن يطردوا خارجا باستمرار ) واقد اعتبر كثير من المؤرخين أن لوثر هو الأب الروحي للنازية كما سيجيء فيما بعد

ثالثا :- معاداة السامية في الأدب الإنجليزي:

وجاءت مسرحية تاجر البندقية للكاتب المسرحي الشهير "وليم شكسبير "1564 –1616 "لتعبر عن روح السخرية من الشخصية اليهودية من خلال شخصية شيلوك التاجر اليهودي المرابي العجوز ولقد أصبحت هذه الكلمة جزءا من القاموس الإنجليزي واصبح معناها ( الرجل الطماع الشره الذي لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلبه ) وذلك بالمعني الاصطلاحي للكلمة 0 كما كتب الروائي العالمي تشارلز ديكنز "1812 – 1870 " روايته الشهيرة " اوليفر تويست " " حيث يصور فيها شخصية شخص يهودي عجوز شرير يدعي "فاجين" وكان يعمل زعيم عصابة للنشل وهو الذي استقبل الطفل البريء "اوليفر تويست " ليعلمه النشل والسرقة ولقد قيل أن ديكنز ندم علي تصويره لليهود بهذه الصورة ولقد عبر عن هذا الندم في بعض كتاباته بعد ذلك 0

رابعا :- معاداة السامية في الأدب الروسي:

وجاء الأديب الروسي الشهير "فيدور ديستوفسكي " "1821 –1881 "ليعبر في أدبه عن الكراهية الشديدة لليهود وله كتاب شهير بعنوان (يوميات كاتب ) حيث اظهر فيه اليهود بمظهر الشعب الذي يعيش في عزلة عن كل شعوب العالم وهو شعب تحركه القسوة في شرب الدماء لذلك فهم يعملون في التجارة ويستغلون الطبقات الفقيرة أسوأ استغلال ويري ديستوفسكي انه حتى لو أعطيت لليهود حقوقهم كاملة فانهم لن يتنازلوا قط عن أن يكونوا دولة داخل الدولة وعلي أي الأحوال فان كراهية اليهودي أمر متأصل في الوجدان الروسي منذ القدم فمسرح العرائس الشعبي يصور اليهودي بمظهر الجشع الجبان ولقد ظهر هذا العداء أيضا في أدب كل من تورجنيف "1818 – 1883 " وجوجول "1809 –1852 " بل وحتى الأديب الروسي العالمي تولستوي " "1828 –1910 "الذي اظهر في أدبه نزعة إنسانية عالية لم تخلو بعض كتاباته من المعاداة لليهود 0

خامسا :- معاداة السامية والنازية:

كما ذكرنا في الصفحات السابقة فان جذور كراهية الألمان لليهود ترجع إلى كتابات كل من "مارتن لوثر" والصحفي الألماني "ولهلم مار " والذي ذكرنا عنه انه أول من صك مصطلح "معاداة السامية " ثم ظهر بعد ذلك الموسيقار الألماني فاجنر "1813 – 1883 "الذي تأثر بكتابات مار تأثرا شديدا وكتب كتابا بعنوان "(أضواء علي اليهودي في الموسيقي )مصورا إياهم باعتبارهم تجسيدا لقوة المال والتجارة 0 ومنكرا عليهم أي إبداع في الموسيقي أو الثقافة 0 ثم نشر سلسلة مقالات بعنوان (الفن الألماني والسياسة )اتهم فيها اليهود بالهيمنة علي الحياة الثقافية في ألمانيا وطالب بحرمانهم من حقوقهم السياسية وتطهير الحياة الثقافية من اليهود بالقوة أو دمجهم تماما عن طريق الفن والموسيقي 0 ولقد تركت أفكار فاجنر أثرا عميقا عند هتلر ( ولذلك كانت موسيقي فاجنر ممنوعة في إسرائيل حتى عهد قريب ) وجاء المفكر والسياسي الإنجليزي تشامبرلين "1855 – 1927 " وهو بريطاني المولد تجنس بالجنسية الألمانية وصادق فلجنر وتأثر بإبكاره ثم تزوج ابنته 0 ولقد أمن شامبرلين بتفوق الجنس الأوربي وان قدرهم هو قيادة الإنسانية جمعاء 0 وأكد تشامبرلين أن اختلاط الأجناس هو سر التخلف كما أكد أن اليهود عنصر هجين ودخيل لا جذور له وانهم غير قادرين علي الإبداع و وجودهم في حد ذاته جريمة ضد الإنسانية ولقد تنبأ شامبرلين بالمواجهة الحتمية بين الأوربيين والساميين 0

واخيرا ظهر هتلر 0 واسس الحزب النازي عام 1933 ( وكلمة نازية هي الحروف الأولى من كلمة حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني ) وفي عام 1934 اصبح الحزب النازي هو الحزب الأوحد في ألمانيا كلها وقام هتلر بتصفية كل معارضيه وفي البداية حقق هتلر نجاحا كبيرا إذ نجح في القضاء علي البطالة في ألمانيا مما زاد من شعبيته الجماهيرية 0 وفي نوفمبر 1938 قام هتلر بوضع 20 آلف يهودي في أفران الغاز ليبدأ بعدها عملية الإبادة الشاملة لليهود بما عرف في التاريخ بــ"الهولوكوست " Holocaust ( وهي كلمة يونانية معناها حرق القربان بالكامل واقرب كلمة عربية لها هي محرقة ) والحق أن اليهود لم يكونوا هم وحدهم المستهدفين من هذه المذابح وانما كل معارضي هتلر 0 وادعي اليهود أن ضحايا هذه المذبحة بلغ 6 مليون يهودي وهو ولا شك رقم مبالغ فيه كثيرا ولكن الدعاية اليهودية استغلت هذا الإدعاء بهذا الرقم أسوأ استغلال لتبرير كل جرائمها ضد عرب فلسطين في أعوام 1948 و1967 وما بعدها حتى ألان 0 كما رفعت شعار "معاداة السامية – anti-Semitism ضد كل من يتعرض لليهود ولو من بعيد مثلما حدث أخيرا في فيلم "آلام المسيح " واصبحت وسيلة ضغط قوية للتأثير علي الرأي العام العالمي 0

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !