مغرمة هى بهذه اللعبة ، ترتدي قبعة ، وبنطال جينز ، وحذاءً بمهماز .بركوب خيل تتباهى بين قرينات لها ، تركض فى ضبابة حلم .. لرعاة بقر ، مطاردة هنود حمر . تشتاق نهاية ما ، بأظافرها تنهش في رخام وقت .. أبيد هو . تصرخ فى بيداء ، تنقش اسمها على جذوع نخل و شجيرات ، لا يهم كانت توتا أو زنزلخت . طائرة محلقة تشدو . عيناها تعزقان دمعا ، ما طفر من جفن فى استدارة وجهها ، ما جاوز حدا من حزن وشجن . فى هباء تحلق ، تتعجل أزمنة قادمة بموت محقق ، معاندة أزمنة تأكلها عفونة مقابر ، ترمح تجاه ريح مواتية ، لا تمل من نخز بطن مهرها . يقفز طائرا ، بغية ملاحقة ثور شارد ، يحاورها بمزاج وتلذذ ، يقتلها شرودا . في قيظ كانت تطارده ، بمهارة ترمى حبلها ، مرة تلو الأخرى ، ما أدركها فتور أو ملل ، تعيد الكرة متلبدة بشعر طائرها ، تفلح أخيرا في قطع طريق له . محاصرا يخفف من ركضه ، يلهث محركا ذيله ، يتهادى برشاقة قط ، يلتقط أنفاسه ، يحدقها بنظرات ماكرة . تحوم كقدر نافذ ، بكبرياء تدنو ، تجذب حبلا يصلها بضحيتها . يتمايل قليلا ، بعينين غاضبتين يقابلها . تفزع متراجعة ، تتلوى على برذعة مهرها ، تبش فى وجهه . يهدأ ، يهز رأسه ، فجأة يتربع أرضا . تترجل متهللة ، تياهة بمقدرة تسكنها ، مبدية مهارة بحبلها . تخطو نحوه ، يحدقها بحنان عجيب . تضحك فجأة ، مقهقهة بافتعال واضح ، سادرة هى فى سعيها . يلاطمه ضحكها ، يحسه لطمات . ربما يتساءل : هل تسخر منى ؟!
تعلم ، ما كانت قادرة ، لولا روح طيبة تسكنه ، تتمايل .. ياله من مشهد صاعق . تتغنج ، تصبح عند رأسه . شيطانية نظراتها . تبص فى عينيه ، تشهد صورتها . تبدّى قزما أمامها . تبتلع ريق متعة . ينهكها انتشاء فاضح . تحط قدما على رأسه : "كيف شردت عن سربي ، كلهم خضع لي .. كلهم كان طوع يميني . أما أنت ، أ تلتذ بشقائي ، بمطاردتي لك .. ؟!! الآن تعرف من أنا .. من أنا ".
فجأة يفيق ، مباغتا كان هو ، يثور نافضا خطمه ، يوقعها أرضا ، يطوح رأسه بغضب ، وبكبرياء عجيب ينظر ، يستخف بها . فزعة متهالكة كانت . يخلفها ، يخطو مبتعدا . هي تصرخ . حبلها يجذبها إليه . لا يتوقف .. لا يلتفت لصرخات يعرفها ، بهدوء يبتعد . مجرورة هي ، بوحشية تنقض على الحبل ، تفك ارتباطها ، تفشل ، تصطدم بصخرة ، تتآوه . تتفجر دماء على جبهتها . غوثا ترجو .. لا مغيث . بأسنانها تحل أنشوطة حبل ، صاغته هي ، صنعته على عينها . في نفس الوقت يبعد بخطمه حبلها ، يتخلص منه ، يتلاشى الخطم ، كسحر كان أنفا أشم . تتنهد ، تمسح دماءها . يصبح نقطة ضئيلة . تهيج شجونها ، ترتعب . يغيب عن عينيها . يرتعد ألف نخاع . يبتلع صرختها رمل ومدى . تصرخ ، تئن متهالكة ، تهم راكضة ، تسقط أرضا ، تئن ، تصرخ ، تلهث متقدمة ، بصعوبة تنتقل ، تلاحقه باكية ، شاردة هي بين ثور تفلت من بين أصابعها ، و ثور يهجع في قفص يسكنها !
القاص ربيع عقب الباب
موقع ملتقي الادباء والمبدعين العرب
إرسال رسالة بواسطة MSN إلى ربيع عقب الباب MSN elbab_2004@hotmail.com
إرسال رسالة بواسطة AIM إلى ربيع عقب الباب AIM home_5010@yahoo.com
التعليقات (0)