لعل مايجرى الآن على الساحة المصرية يدعو كل المهتمين بالشأن المصرى للسؤال : مصر ... إلى اين ؟
وللإجابة على هذا التساؤل يجدر بنا الخوض قليلا فى تفاصيل مهمة قد تساعدنا فى فهم مايدور حولنا , ولنبدأ منذ البداية .. وبالطبع لاتوجد بداية أفضل من أهم حدث مر بمصر الحديثة ألا وهو الخامس والعشرون من يناير 2011 , فالوضع على الساحة المصرية بعد الثورة كان ومازال يتسارع بمعدلات لايستطيع أن يستوعبها الواقع الراديكالى الذى سيطر على عقولنا فأصبح أقصى أمانى التغيير والقفز على حالات الجمود السياسى والإجتماعى والإقتصادى هو تغيير وزارة أو حل للبرلمان .
أما وأن يتبدل الحال وتتجه البوصلة وتدور بزاوية دوران 180درجة فهو مالم يستوعبه او يتوقعه احد , حتى أكثر كتاب السيناريو شططا لم يستطيع أن يكتب سيناريو للأحداث التى تمر بها مصر ولا يستطيع أن يتوقع ماقد يحدث بهذا البلد .
لذلك نود أن نقوم بعملية تشريح للأحداث التى مرت بها مصر خلال العام المنصرم الذى لن يمر علينا كما مرت أعوام سابقة , ولسرد هذه الأحداث نرتبها كما يلى:
1- تورط النظام السابق فى الفساد السياسى والإقتصادى والإجتماعى وكل مايتعلق بهم من أنشطة من قريب أو من بعيد لنصل فى النهاية لدولة فاسدة وغارقة فى الفساد.
2- ثورة الشعب على هذا الكيان الفاسد وتسارع الأحداث حتى يغشاهم الله فهم لايبصرون .. فيسقط النظام كما تسقط أوراق الشجر فى الخريف ليتنحى الطاغية بكل جبروته وسطوته وتسقط معه كل الأقنعة الزائفة , ليفيق الشعب على حقيقة هؤلاء الأفاقين اللصوص .
3- بدء محاكمة هذه العصابة الفاجرة سواء برغبة أو بغير رغبة سدنة الحكم التى تسيطر على الوضاع إبان هذا السقوط المذهل.
4- بدء الصراع على مكتسبات الثورة ومحاولات القفز للفوز بمغانم وتهميش الغير وتخوين الآخر.
5- الدستور أولا ... الإنتخابات أولا , وبداية الصراع.
6- محاولة الوصاية على الشعب من الأقلية التى فشلت فى فرض رأيها على جموع الشعب وإتهام الأغلبية بأنهم يجهلون مصالحهم ولا يستطيعون إختيار الأنسب لهم على إعتبار أنهم هم الصفوة وغيرهم وقود للثورة وعليهم الطاعة لتسيطر الأقلية فيما يسمى بديكتاتورية التحرير.
7- مليارات داخل سجن طرة لا امل لها فى الخروج سوى بإشاعة الفوضى وفرض حالة اللادولة ليستطيعوا الخروج من هذا النفق المظلم الذى ليس له نهاية سوى ثورة مضادة وهى حالة مستحيلة أو فوضى تفتح فيها السجون ليخرج هؤلاء الطغاة المستبدون .
8- بدأت على غير رغبة الأقلية العلمانية أول إنتخابات برلمانية حقيقية تشهدها مصر عبر تاريخها الطويل , لتفرز نواب مختلفين فى الشكل والمضمون عن نواب الكيف ونواب سميحة والعبارة وسارقى أراضى الدولة وتجار السلاح وناهبى خيرات الوطن.
9- تلاقى أهداف قلة ممن يقدمون مصالحهم الشخصية على مصالح وطنهم مع شرذمة من البلطجية وأصحاب المصالح للنيل من هذا الوطن والدعوة صراحة لهدم هذا الوطن أو لتدخل دول مستعمرة تتربص بنا وتتحين الفرص للقفز علينا ونهب خيراتنا والسيطرة على مقدراتنا ليزيحوا من أمامهم حجر العثرة التى تقف فى وجهم لتغيير خريطة المنطقة.
10- محاولة تصحيح مسار الثورة من خلال دعوات صادقة من الثوار الحقيقين ليجبروا كل من تسول له نفسه للعودة لما قبل 25 يناير لتصحيح مساره والرضوخ لإرادة الشعوب.
وبقراءة متأنية لكل ماسبق يتضح لنا أن مصر تتجه نحو صراع حقيقى على السلطة تكون الغلبة فيه بكل تأكيد وبدون أى ريب أو شك للشعب وإختيارات الشعب .
وسنتابع فى مقالات قادمة إن شاء الله بنوع من التفصيل تحليل لهذه القوى المتصارعة وحظوظ كل فريق للنيل من هذه التورتة الدسمة التى تغرى ويسيل عليها لعاب الجميع الا من رحم ربى اللذين ينظرون للسلطة على انها تكليف لا تشريف وأن السلطة فى الأساس هى مسؤلية ضخمة لا يتقدم لها الا من هو على قدرها.
التعليقات (0)