(مصر ليست تونس ) هذه العبارة تداولها البعض كثيرا بأغراض متباينة , فبعد قيام الثورة التونسية وظهور ارهاصات الثورة المصرية قالها دهاقنة الحزب الوطنى فى مصر استبعادا لحدوث ثورة على نظامهم الأكثر فسادا . وبعد أن نجحت الثورة المصرية , وظهر التيار الاسلامى على الساحة كما حدث لحزب النهضة فى تونس قال بعض الليبرليين المصريين نفس العبارة مستبعدين سيطرة الاسلاميين فى مصر على الساحة لأن لها تراثا ليبراليا راسخا فضلا عن التنوع الدينى لشعبها . الآن وبعد نجاح حزب النهضة فى تونس بنسبة أكبر من المتوقع ألقى الغنوشى بيانا أوضح فيه أن النظام الجديد سيدعم مكاسب المرأة , ويحترم حرية العقيدة بما فيها غير المتدينين , وقد جاء بيان الرجل متسقا مع تصريحاته قبل نتائج الانتخابات . وهنا يأتى السؤال ما الذى يمكن أن يحدث فى مصر ؟ . اذا نظرنا الى تصريحات الاخوان فسنجد أن مرشدهم قد صرح بأنهم سيكسرون أسنان رئيس الجمهورية القادم اذا حاد عن الطريق , كما صرح أحد قادتهم قائلا _ اننا سنقيم الحدود بعد أن نرث الأرض . , هنا أقول نعم مصر ليست تونس بكل أسف , تونس لا يوجد بها الأزهر بثقل تراثه , ولا يوجد بها مجمع البحوث الاسلامية الذى يراقب المطبوعات المصرية ولا يوجد بها هيئة علماء الأزهر التى تتصدى لكل ألوان الابداع الأدبى والفنى , تونس لم تنشأ بها جماعة الاخوان المسلمين ولم يتعملق بها تنظيمات الجهاد والتكفير والهجرة والجماعة الاسلامية وجماعة أنصار السنة بالاضافى الى السلفيين . تونس تختلف أيضا أن حكم بورقيبة كان حكما حداثيا تقدميا وضع أسسا اجتماعية مدنية يصعب تجاوزها بخلاف حكم العسكر فى مصر الذى بدأ عام 52 بانقلاب ضباط كانوا من الاخوان المسلمين بما فيهم عبد الناصر نفسه . اننى أشاهد الآن لافتات الاخوان المسلمين تنتشر فى كل مكان فى مصر وكذلك التيار السلفى دون وجود يذكر للقوى الليبرالية ولا القوى الشبابية التى أشعلت الثورة وضحت من اجلها . ان نظام مبارك قد رعى التيار الدينى فى مصر , ترك له عقل الشعب مقابل أن يترك له مقاعد السلطة , وهو الآن على وشك أن يسيطر على الاثنين معا - العقل والسلطة - وأنا بكل أسف لا أثق فى وعى الاسلاميين المصريين القادمين , ولكن عليهم أن يدركوا أن الطريق أمامهم ليس ممهدا وأن القوى الثورية المؤمنة بالاسلام لن تسلم بمنهجهم المتشدد فضلا عن رجال الثقافة والفكر والفن من مختلف العقائد ولكنى أخشى صداما ربما تدفع مصر له ثمنا فادحا
التعليقات (0)