مواضيع اليوم

مصر و سؤال الديمقراطية

سعيد منصوري

2010-08-11 02:21:58

0

يبدو أن الأوضاع في مصر مرشحة إلى مزيد من الاحتقان و الغليان الداخلي في ظل غياب أفق سياسي و حل عملي لإشكالية من سيقود ارض الكنانة بعد انتهاء الفترة الرئاسية لحسني مبارك خاصة و أن كل المؤشرات و المعطيات تبرز أن صاحب الضربة الجوية الأولى في حرب رمضان 73 غير قادر بالنظر إلى الحالة الصحية و تقدمه في السن على خوض فترة رئاسية جديدة.
إن مقاربة الإشكالية الديمقراطية اليوم في مصر تقتضي بالضرورة العودة إلى قيام ثورة يوليو التي أطاحت بنظام الملك فاروق تحت عناوين الفساد السياسي و الإداري و الاقتصادي و إن كانت الكثير من الأقلام اليوم ترى أن الفترة الممتدة بين ثورة 1919 التي قادها سعد زغلول و نهاية النظام الملكي هي أفضل بكثير من الدولة التي أسستها ثورة يوليو من جمال عبد الناصر إلى حسني مبارك لعدة اعتبارات منها وجود حياة سياسية متسمة بالديناميكية و تعدد الرؤى و الأفكار في ظل سلطات محددة للملك منصوص عليها في الدستور على خلاف دولة الثورة التي أرست الاستبداد و السلطات المطلقة و عسكرة المجتمع و تغول الأجهزة الأمنية.
لقد شكلت المسألة الديمقراطية عنوانا بارزا في حركة الضباط الأحرار من خلال تضمينها في بيان النقط الست الذي نص على إقامة حياة ديمقراطية سليمة و قد عمل اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية على ترجمة هذا العنوان بإصداره قرارات 5 مارس 54 القاضية بإقرار دستور جديد و إلغاء حالة الطوارئ و رفع الرقابة عن الصحافة و إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين لكن مجلس قيادة الثورة و على رأسهم جمال عبد الناصر رأت في حزمة القرارات إقصاء للمؤسسة العسكرية و تهديدا للثورة فنتج عن ذلك صراعا انتهى بإزاحة محمد نجيب عن السلطة و وضعه رهن الإقامة الجبرية إلى غاية وفاته سنة 1984.المثير في هذه الأزمة التي سميت بأزمة مارس 1954 هو التحالف الذي جمع بين الإخوان المسلمين و جمال عبد الناصر في تكوين جبهة رفض القرارات قبل أن تفرق حادثة المنشية حبل الود و التواصل بينهما. و لكن الأكثر غرابة هي المظاهرات و الاحتجاجات التي نزلت يوم 28 مارس لشجب و التنديد بالجو الديمقراطي الذي حاول محمد نجيب إرساءه بل دعت إلى إلغاء الأحزاب و إقفال أبواب البرلمان.
الأكيد أن أزمة مارس 1954 لازالت تلقي بظلالها اليوم على المشهد السياسي الداخلي رغم وجود حراك سياسي و ثقافي و زخم شعبي لكن يبقى غير قادر على حسم الصراع لتأسيس حياة سياسية قائمة على التنافس و التداول السلمي للسلطة فحركة كفاية و 6 ابريل و جبهة التغيير الوطنية و الأحزاب ذات التوجهات الليبرالية و القومية و الإسلامية و الوطنية لم تستطع تعبئة المجتمع و فئاته وراء رسالة التغيير و الحرية فصور جمال مبارك مرشح الحزب الوطني الحاكم و المفضل عند المؤسسة العسكرية القوية تجتاح مدن و قرى مصر و تغطي على مجمل التحركات التي قادها المجتمع المدني الرافض للتمديد و الثوريت و كأن مظاهرات 28 مارس لازال صداها يتردد في الشوارع و إن كانت تحت عناوين أخرى و لكن ما يجمع بين الأمس و الحاضر هو إجهاض أي محاولة لبلورة عقد اجتماعي جديد يعمل على بناء حياة دستورية قائمة على ثنائية الحقوق و الواجبات




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !