لقد أحبط آمال الشعب المصري تصريح لقائد الجيش المشير طنطاوي بأنه سيعمل على المحافظة على كل المعاهدات التي كانت قائمة بين حكومة مصر السابقة والدول الأخرى، في الوقت الذي كان ينبغي لهذا الرجل إن كان يحترم إرادة شعبه أن يعلن أن هذه المعاهدات موقفة لحين تشكيل دولة جديدة ورئيس جديد، ومن ثم يقرر الشعب إن كان موافقاً على هذه المعاهدات أم يصوت على إلغائها.
والى هذه اللحظة يماطل هؤلاء في محاولة منهم للدفاع عن القيادات السابقة المجرمة وتوفير كل رفاهية لهم حتى وإن كانوا داخل سجونهم، بينما الأصل في الأمر أن يتم إعدامهم جميعاً دون أي تردد أو تغطية على المجرم، الجريمة حدثت ورئيس الدولة هو الذي بيده إعطاء الأوامر، وتصريح مسجل للعادلي يوجه أمره للجنود بأن يطلقوا النار على المتظاهرين، فلماذا المماطلة اليوم في تنفيذ الحكم العادل بحقهم، وهو قتل كل من ثبت تورطهم في دماء الشعب المصري بدءاً من المخلوع مبارك وابنيه وصفوت الشريف والعادلي وبقية الضباط والجنود الذين أطلقوا النار بدون أي مماطلة، هذا حقيقة إذا كان القائمون على إدارة حكومة مصر يريدون أن تعود الأمور إلى نصابها، لأن تردي الأوضاع سببه أن أذناب النظام السابق رأوا أنه لم يتم محاسبتهم، وبما أنهم لم يحاسبوا رغم ما أجرموا بحق الشعب المصري فلماذا لا يستمروا في غيهم وضلالهم، والمثل يقول من أمن العقوبة أساء الأدب.
ولذا فإن الحل الأمثل هو التعجيل في تنفيذ الحكم في كل من سفك دماً حراماً، وليس هذا فحسب بل يجب أن ينال العقاب كل من أساء للشعب خلال حكم المجرم مبارك وبدون أي تأخير، وإلا فإن أي مماطلة وتأخير يتحملها الجيش والمصري وقيادته وحكومة "عصام شرف" لأن تبعاتها ستكون وبالاً على مصر، الحل واضح ويجب العمل فوراً على تنفيذه.
وهذا التجاهل المقصود لمطالب شباب الثورة دفعهم للإعلان عن ثورة ثانية سميت " بجمعة التغيير الثانية" لأنهم وجدوا أن مطالبهم في الحرية والقصاص من كل من أساء للشعب المصري كان مصيرها الإهمال والتجاهل، والغريب أن يكون موقف جماعة الإخوان في مصر سلبياً من دعوات الشباب المصري لثورة جديدة، محذرين من خروج الشباب، ويبدو أنهم قد اكتفوا بما حققوه من انجازات على ظهر الثورة المصرية، فرفع الحظر عن هذه الجماعة، والانخراط في العملية السياسية تحت حزب ولد بعد الثورة، كان كل مطالبهم!!
وفي سوريا أعلن المجرم الأسد أنه على علم ودراية بما يحدث داخل سوريا بعد أن كان البعض يحاول أن يعتذر له بأنه لا يعلم ما يحدث داخل بلده، وذلك في خطابه نهاية الشهر الثالث من هذه السنة، حيث قال: " وأؤكد نقطة أيضا كما هي عادتي صريح معكم كان يسألني هذا السؤال أكثر من مسؤول مروا لسوريا مؤخرا من الأجانب، يريد أن يطمئن أن الرئيس إصلاحي ومن حوله يمنعونه قلت له بالعكس هم من يدفعوني بشكل يعني .. "ضحكة بكل سخرية"... كبير، نقطتي التي أريد أن أصل إليها لا يوجد عقبات يوجد تأخير، لا يوجد أحد يعارض" وهذا يثبت أن الإجرام الذي يجري في سوريا يأتي من القيادة التي تتحكم في هذا الشعب عقوداً طويلة من الزمن، وهم المجرم بشار ومن حوله الذين يدفعونه إلى الإجرام كما اعترف بهذا في خطابه، بل ولهذه اللحظة لم يقدم أي مجرم من أذنابه للقصاص؛ ولا زال الشعب السوري يقدم أبطاله ليشوهها هذا النظام المجرم، كالمدرس حسين الزعبي والذي سلمت الحكومة المجرمة جسده المشوه لأهله، والطفل ابن الثالثة عشرة من عمره حمزة الخطيب، الذي ذهب ليناصر إخوته المحاصرين في درعا فكان أن عاد إلى أهله مقتولاً مشوهاً!!
ولذا فإن هذا ما يجب أن يستفيد منه شباب الثورة السورية، وأن يعمدوا من فور إنهائهم هذا الحكم الإجرامي إلى أن يقدموهم إلى خشبة الإعدام، وعلى رأسهم المجرم بشار وأخوه ماهر وابن خاله رامي مخلوف وعلي مملوك وكل رؤساء أجهزة الاستخبارات في بقية المدن، ومن ثم التفرغ لكل من أساء إلى الشعب السوري طيلة سنوات حكمهم، وإيقاع الحكم المناسب بحقهم، وإلا فإن المتسلقين الذين ينتظرون لحظة انتصار الثورة سيركبون الموجة، ويعلمون بكل جهد لمنع محاسبة هؤلاء المجرمين، لكي لا يكونوا بعدها عرضة للمساءلة والمحاسبة.
هذه هي النقطة الأهم التي يجب أن ينتبه لها شباب الثورة في كل الدول، ويجب أن تكون قاعدة لكل ثائر: إن مطالب هذه الشعوب التي ضحت بدمائها وأبنائها وأطفالها وشيوخها ونسائها؛ هو التطلع إلى حياة كريمة، تحقق العدل وتنصف المظلوم، فهي ما خرجت وضحت بكل ما ضحت لتطيح بفرعون متجبر ومتكبر، ثم يظهر فرعون آخر أكثر فرعنة من سابقه ويعود لإذاقة شعبه كل أنواع العذاب، وتذهب الدماء والتضحيات هدراً، وهو ما جعل شباب مصر يدركون بأن ثورتهم لم تحقق الأهداف التي قامت من أجلها، بل وجدت أن هناك من يحاول تعطيل تحقيق هذه المطالب فأعلنوا عن قيام جمعة سموها بالتغير الثانية.
ولكي تحقق الثورات أهدافها يجب أن يتم وضع كل الذين أجرموا بحق الأمة تحت طائلة العقاب وبدون أي تأخير، حتى يدرك من يأتي بعدهم أنه عرضة للمحاسبة كما حوسب من قبله في حال تقصيره، وبذلك يتحقق الهدف الذي تسعى إليه الشعوب، وحتى لا يتسلق ظهور هذه الثورات كل من هب ودب، ويعمل على سرقتها وحرفها عن المسار الذين قامت من أجله، والشعب الذي كسر جدران الخوف عليه أن لا يعود إلى بيته إلا بعد أن يرى مشانق القتلة قد أقيمت، وبغير هذا فإن أي كلام بغير هذا يعتبر ضرباً من ضروب الجنون!!
وبهذا فقط تخلق الشعوب الثائرة حكومات عادلة تقيم العدل والأنصاف، وإلا يكون أكثر ما عملته تلك الشعوب أنها قد تخلصت من فرعون ليظهر فرعون آخر لا يخشى المحاسبة والمتابعة وإن تغيرت الوجوه، وعند مفترق طرق هذه الثورات، كانت كلمات لا بد أن تقال.
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
http://ahmeed.maktoobblog.com/
التعليقات (0)