التهرب الضريبى هو صفة منتشرة فى المجتمع المصرى لأنه من صفات القائمين فى أعلى المناصب السياسية والقيادية مما أكسبها طبيعية وواقعية لا جدال فيها، والتهرب من الحقيقة وراء شعارات التسامح والوحدة والضرب بيد من حديد أو من صفيح على كل من يخالف مبادئ الوحدة الوطنية التى يقودها منافقى المجتمع المصرى الذين أصبحوا اللسان الشرعى للسلطة السياسية فى مصر هى أيضاً صفة الفكر المصرى منذ عهد الثورة وحتى يومنا هذا.
هذا التهرب يمارسه النظام السياسى والرئيس " المصرى " مبارك الذى يردد كلام وشعارات سئمها الجميع وكأنه يتكلم إلى خواجات !
وسط النعيق الإعلامى الصارخ فى مصر لأحداث الأسكندرية ، أسمع الرئيس مبارك يتحدث بضرورة أن "... نتمسك بهويتنا وخصوصياتنا العربية والإسلامية ... " وكأن هويتنا وخصوصياتنا الفرعونية والقبطية المصرية لا وجود لها فى مصر الحديثة أو القديمة وكأنه عار الحديث عنها أو النطق بها إلى جانب كلمتى العربية والإسلامية المقدستين ، أتخيل أن مبارك ليس محايداً وأنه ليس رئيس كل المصريين وأن كلامه يقول بصريح العبارة أن ثقافته وهويته لا وجود فيها ولا أعتراف منها بشئ أسمه التاريخ المصرى وهذا ما يجعل مصر تتخبط بأستمرار بين أحداث الكشح وأحداث الأسكندرية ولا يعرف أحد موقعها على خريطة العالم الحديث والمسئولية تقع بلا أدنى شك على الأسلوب الديماجوجوى للخطاب السياسى المصرى !
من السهل على محبى الشعارات أن يقولوا أن المسلمين والأقباط أخوة وأن عنصرى الأمة المصرية واحد وأن الوحدة الوطنية لن ينال منها أحد ، هى كلها شعارات قد يقولها الرئيس المصرى أو بن لادن الله يرحم أيامه أو يقولها خليفته الظواهرى فى أفغانستان أو من يحل محلهم فى مصر المحروسة ، فالمعنى واحد أى النفاق الصريح والتلاعب بعقول البشر !
عندما تقيم رئاسة الجمهورية الأحتفالات والمهرجانات وتوزع الجوائز على المتسابقين ونسمع عن جائزة بأسم الرئيس المصرى مبارك للدراسات الإسلامية مقدارها مائة ألف جنيه ، ويتساءل المسلم والغير مسلم فى حيرة لماذا لا يكون هناك جائزة للدراسات المسيحية بأسم مبارك أسوة حسنة بالمسلمين لتكون تعبيراً حياً عن هذه الوحدة الوطنية ؟ أين رئيس الجمهورية الذى حلف اليمين وأقسم بأن يقيم العدل ولا ينحاز إلى مواطن على حساب آخر ولا يظلم فئة على حساب أخرى ؟
إذن نتحدث كثيراً فى كل شئ صالح وجميل لكن فى خفايا العقول والقلوب أشياء آخرى لا علاقة لها بحقوق الإنسان أو الإصلاح أو العدل أو المساواة أو الجمال ، بل هو قبح وأزدراء وظلم وعنصرية وتحدى سافر لقوانين الإنسانية بأسم الإنفعال الدينى.
ما يحدث فى مصر سيستمر إلى عشرات السنين القادمة لأن المجتمع وقادته هذه هى عقيدتهم وفلسفتهم ومبادئهم وضمائرهم التى عملوا بها طوال السنين الماضية وسيعملون بها فى المستقبل ، ليس صحيحاً أن الدين لله والوطن للجميع فى مصر المحروسة حتى ولو قالها بلسانه رئيس الجمهورية مبارك لأن أعماله وقراراته تناقض هذا الشعار الرنان ، لأن المواطن المصرى الأول حسنى مبارك هو من يحتكر الدين بأسم الأغلبية والواقع المصرى يعج بالأمثلة البغيضة التى تفرق بين مواطنى الدولة ، تلك التفرقة التى تعتبر بحق أكبر جريمة دينية يرتكبها النظام المصرى فى حق الشعب المصرى بأكمله ، إن النظام السياسى يعمل على تعميق المذهبيات ويستغل الدين فى تكوين جماعات دينية لتحقيق مآربه السياسية ويغطى بها فشله المستمر فى رفاهية المواطن المصرى وخططه ومشاريعه الأقتصادية وإغراق المجتمع فى مشاكل لا حصر لها وقضايا بلهاء وآخرها محاولة الغريق المصرى بقيادة وزير الخارجية أبو الغيط إنقاذ الغريق السورى الشاب من بلاويه المتلاحقة والتى أدانه المجتمع الدولى بالإجماع عليها ، لكن شهامة المصرى لا تقف عند حدود بل تمد يد المساعدة حتى للطغاة ومرتكبى الجرائم وهذا ليس مدعاة للعجب !
المشكلة ليست فى الإنسان بل فى النظام الذى يحكم هذا الإنسان ، وعندما لا يكون النظام غير شرعياً بأستمراره أكثر من عشرين سنة فى الحكم وما أنتجه من تربية وثقافة مجتمعية فى يدها السلطان والصولجان ، ونظام المعارضة الذى هو صورة إحتياطية طبق الأصل من النظام القائم هى أيضاً معارضة غير شرعية لأنها تمثل أغراضها ومصالحها ، أى أن النظام المصرى فى حاجة إلى إعادة تأهيل وهذا على ما يبدو ما يتم الآن على أيدى منتجى الهامورجر الأمريكى ومنتجى الزفت الوهابى السعودى " وكله عند العرب صابون " !
2005 / 11 / 3
التعليقات (0)