مواضيع اليوم

مصر والجزائر.... او داحس والغبراء ....توثيق

مباراة مصر والجزائر:
التيار القومي يعلو فوق المعركة

ونبدأ باستمرار ردود الأفعال على مباراة مصر هي أمي والجزائر خالتي ونعيد التأكيد بأن الحملات ضد مثيري الكراهية نحو الجزائر، تزداد قوة، ويشارك فيها من ينتمون لاتجاهات سياسية متناقضة، وهو ما يثبت من جديد، أن الإيمان بعروبة مصر ليس وقفا على تيار معين، وأنه انتماء يعلو فوق أي اتجاهات، كما تزداد الحملات ضد نظام الحكم، بسبب هذا الحادث، ذلك أن زميلنا في المصري اليوم محمد البرغوثي قال يوم الأربعاء: هناك عشرات الأدلة على ضلوع النظام السياسي الجزائري ونظيره المصري في استخدام مباراة كرة قدم لإلهاء جماهير البلدين عن حقوقها المهدورة، وتفريغ طاقة الغضب هنا وهناك في معركة رثة ومتخلفة يتاح فيها لهذه الشعوب المهانة استحضار مشاعر العزة والكرامة والريادة، واستهلاكها في مواجهة عدو لن يكلفنا عداؤه أكثر من إهانة عدد من المواطنين المصريين في الجزائر، وإهانة عدد من الجزائريين في مصر، هي حيلة إنسان رخيصة ومكشوفة، هنا في مصر تعصف البطالة والفقر وانهيار الخدمات بالمواطنين، ويتحول مجلس الشعب عاماً بعد آخر إلى مجرد مكتب لتسجيل القوانين التي تخدم مصالح التجار والسماسرة وأصحاب التوكيلات الأجنبية، وهناك في الجزائر إقطاع عسكري متوحش يستخدم الميليشيات المسعورة في سفك الدماء وإشاعة الرعب ويستعمل الآلة الإعلامية في دق طبول معارك آمنة تستنزف طاقة الغضب وتصرف الشعب الجزائري المطحون عن الالتفات لثرواته التي اختطفها الإقطاع العسكري.
وهنا وهناك مواطن يحطمه نظام سياسي فاسد ليفرغ غضبه وإحباطه في الاعتداء على نظيره العربي المهان مثله، فمتى يستدير هذا الغضب إلى الوحش السياسي اللئيم ويفتدي كرامة الشعوب والأوطان من بين أنيابه؟!.

ما يغيظ المصريين عدم ارسال بلطجيتهم للخرطوم

وفي اليوم التالي - الخميس - سارع زميلنا أسامة غريب في المصري بدعم البرغوثي، بقوله: لا أجادل في سفالة وإجرام العناصر التي حملتها الطائرات الجزائرية إلى الخرطوم، لكني على يقين بأن ما يضايق أصحاب الفيلم الرديء من جماعتنا ليس فقط خسارة المباراة، وضياع آمالهم في استثمار الحدث سياسيا، ولكن يضايقهم إخفاقهم الشديد في حمل عناصر بلطجية إجرامية إلى الخرطوم كما فعل الجزائريون. ان الحزب الوطني هو الذي هزم في أم درمان، وليس الشعب المصري، ولعل ما يثير حنق كوادرهم الحزبية، انهم لم يستغلوا خبرتهم في تجميع البلطجية كما عودونا أن يفعلوا أيام الانتخابات، لكنهم اصطحبوا معهم الشباب البسكويت من جماعة حورس وجيل المستقبل وما أشبه، وقد ولى هؤلاء الأدبار أمام أول نفخة من المجرمين العتاة من الجمهور الجزائري، ومن أطرف ما قرأت في هذا الشأن ما كتبه فراج إسماعيل عن أنهم نسوا أن يصطحبوا معهم عنترة إلى الخرطوم، وأخذوا بدلا منه شيبوب.
لا، لا، هذا خطأ سوف نتداركه ونستعين بخط الصعيد، وسفاح المعادي، وموعدنا إن شاء الله مع الجزائريين في أنغولا، حيث توعدهم في نفس اليوم رئيس تحرير جريدة روزاليوسف وعضو مجلس الشورى المعين، زميلنا عبدالله كمال، بقوله:
لا أعتقد اننا سوف نصفو لهؤلاء الكارهين قريبا، أو حتى في المدى المتوسط، بل انني أتخيل عددا لا بأس به من مشجعينا يسافرون الى جنوب أفريقيا، لكي يشجعوا الخصوم الذين تلاعبهم الجزائر في المونديال، وبالتأكيد فان هذا ما سوف يحدث في أنغولا.

الميدان: ليس هناك قتلى بيننا وعلى المثقفين
المصريين والجزائريين طي الماضي

وهكذا كشف عبدالله عن خطتنا في أنغولا، وبالتالي سوف يستعدون لنا، مما سيطيل أمد الحرب بيننا وبين أشقائنا، بينما المطلوب أن يتقدم العقلاء بالحلول للصلح.
وهو ما تكفل به مشكورا، مأجورا، على سعيه - صاحبنا محمد سلامة بقوله في الميدان - الأسبوعية المستقلة - موجها كلامه الى بارك الله لنا فيه: والحل يا سيادة الرئيس لكسر هذا الثأر المفتعل هو الحكمة التي يستخدمها عقلاء الصعيد المصري في التصالح وليس في هذه الحالة لحسن حظ مصر بهزيمتها من المنتخب الجزائري، فليس هناك قتلى لتقديم كفن وتعويض للوصول الى تصالح وبالتالي مطلوب من الجزائر إرسال طائرة تحمل عددا من الشباب المثقف من أوائل الجامعات الجزائرية وأوائل المرحلة الثانوية بباقات ورد كبديل للكفن تهدى إلى نخبة مماثلة من الشباب المصري مع تعهد بالتعويض عن جميع التلفيات التي حدثت بالمنشآت التابعة للشركات المصرية بالجزائر وتعويض أي مصاب، وأن يقابل هذه المبادرة الرد بالمثل بارسال نخبة من الشباب المصري الذي يحمل ورودا من مصر تمثل المحبة والتحضر مع التزام مصري بالتعويض ايضا عن أي تلفيات بأي منشأة جزائرية أو مصاب جزائري لنثبت للعالم وللإعلام بأننا شعوب عربية متحضرة، وأرجو من الله ان يحوز هذا الاقتراح على القبول من سيادتكم ومن سيادة الرئيس حسني مبارك متمنيا أن تنتهي هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن فهؤلاء البلطجية لا يمثلون الشعب الجزائري أو المصري.

أخبار اليوم: مصر كبيرة في كل شيء

ونبدأ بجولة سريعة في صحف السبت مع أبرز ما نشرته، ففي أخبار اليوم الحكومية قال رئيس تحريرها زميلنا ممتاز القط: محاولة النيل من مصر، هي محاولة للنيل من الدور والقيادة والحكمة، محاولة قد يعتقد بعض الواهمين أنها يمكن - بكل سذاجة وسطحية - أن تشغل مصر أو أن تغض طرفها عما يحدث وعما يحاك، غير أن المؤامرة تحتاج الى نوع من الهدوء والروية للتعامل معها، وإذا كان الرئيس مبارك قد قال انني انفعل مثلكم ولكني أتمالك نفسي، فقد كان ذلك إشارة واضحة تدعونا جميعا للتوقف عن مناقشة واستعراض تطورات ما حدث بما في ذلك استمرار جلد الذات، والحديث عن نوع من التقصير قد حدث من جانبنا، وهو الأمر الذي أعرف انه سيكون محلا للتحقيق الشامل لمنع تكراره مستقبلا، وفي حمى الاتهامات والاستياء والغضب يجب ألا نتناسى أن ما حدث من تلك الحثالة لا يمثل الشعب الجزائري إطلاقا، والذي يعاني الأمرين من جراء تسلط وإرهاب بعض العناصر الجزائرية التي أصبح لها أيضا الذراع الطولى داخل الحكومة وحزب الأغلبية هناك.

الاخبار: حب مصر بوحدتها الوطنية لا اتباع المهووسين

أما زميلنا وصديقنا بـالأخبار، نبيل زكي، فكان رأيه الذي عبر عنه في الوفد بنفس اليوم - السبت - هو: لا أستطيع أن أتجاوب مع أحاديث ودموع حب مصر التي تتكرر كثيرا هذه الأيام، والسبب واضح، وهو شعور بأنها غير صادقة، ذلك أن حب مصر كان يقتضي أن يتظاهر من يحبون مصر دفاعا عن الوحدة الوطنية التي يجري باستمرار توجيه الطعنات إليها هذه الأيام، وأن يتظاهروا ضد إهدار كرامة أي مصري يضع قدمه داخل أحد أقسام الشرطة، وضد ممارسات التعذيب التي تفضي الي الموت في أحيان كثيرة، جريمة قتل الأسرى المصريين على يد جنود إسرائيل خلال حربين متتاليتين وأن نتظاهر احتجاجا على قيام جنود إسرائيليين بقتل جنود مصريين من منطقة الحدود في رفح، فالوطنية وحب مصر لا يعنيان إلقاء تبعة جرائم يرتكبها أفراد متهوسون أو منحرفون أو مأجورون على مجتمع بأكمله، كل عاقل مصري وجزائري وبقية الأشقاء العرب مدعوون الآن الى التدخل وقيادة الرأي العام بدلا من ترك الساحة لغير المهنيين الذين يضللون الناس ولا يكفون عن الصراخ.

الأهرام: الاستثمارات المصرية
بالجزائر هي الأنجح

وفي الأهرام سدد زميلنا وصديقنا بـالأهرام أسامة غيث في بابه - الاسبوع الاقتصادي - ضربة أخرى الى أنصار الفتنة وأعداء عروبتنا حماها الله بقوله، وكان في الجزائر: السوق الجزائرية تشهد بالفعل منافسة ساخنة للاستثمارات وشركات المقاولات المصرية، التي كانت سباقة في الدخول منذ عشر سنوات خاصة من الشركات الصينية والفرنسية والإيطالية والبريطانية التي تتحرك في ظلال مخالفات مع الشركات الأمريكية، ويعزز ذلك أن الجزائر كمنتج كبير للنفط الخام والغاز الطبيعي والمكررات البترولية والغازية، أصبحت تملك فائضا ضخما من احتياطيات النقد الأجنبي يصل حاليا لأكثر من مائة وخمسين مليار دولار في ضوء الارتفاعات السعرية للنفط والغاز في العام الماضي، وأن الجانب الأكبر من هذه الاحتياطيات النقدية مؤهل لتمويل مشروعات تنموية ضخمة تلبي طموحات الانتعاش الاقتصادي الجزائري.
وتحتاج المشروعات الانتاجية الصناعية والتي ترتفع استثماراتها الى عشرات المليارات من الدولارات الى شركات خارجية للقيام بها، والمشاركة في مشروعاتها الصناعية، وهو ما يجعل الصراع محتما بين كل الأطراف الراغبة في المشاركة، ويتيح الفرصة لخلق أجواء منافسة خارج نطاق القواعد المتعارف عليها عالميا، وكان واضحا مع اشتداد أزمة مباراة كرة القدم، وتصاعدها، أن هناك استهدافا للشركات المصرية وتخطيطا منظما لإجبارها على التوقف عن العمل، وترويع العاملين بها. وهؤلاء المنفلتون الذين يعرضون مصالح مصر الاقتصادية والتجارية للخطر ويعرضون الأمن القومي المصري وركائزه الاستراتيجية للضياع، يمثلون نموذجا فريدا للجهل والسطحية، وقصور الفهم الى درجة السذاجة والغباء بالمفهوم الكامل والشامل للكرامة الوطنية، فهم لا يدركون بديهيات القوة المصرية القائمة على تشبيك مصالح كل العالم العربي، الإسلامي، وبالرغم من الصغائر وبالرغم من كل الكبائر لا يملك المصري إلا أن يحب الجزائر وأن يقدر شعبها ويحرص عليه حرصه على الأخ الشقيق ليس من باب الانفعالات العاطفية الكاذبة، أو التملق المريض لأن مصر أكبر من ذلك بكثير وكثير، ولكن لأن كفاح شعب الجزائر وثورته وانتصارها هو الذي يعطي الأمل والنموذج للطموح العربي، في إزالة الكيان الصهيوني الاستيطاني الناهب لأرض فلسطين العربية، فقد نجح الجزائريون في إجبار الاستعمار الفرنسي الاستيطاني على الرحيل.

الدستور: المصريون اتبعوا
للأسف رياضيين واعلاميين جهلة

طبعا مهاجمو أشقائنا في الجزائر من المؤمنين بعروبتنا مثلنا، أغبياء، كما وصفهم أسامة، أو كما قال في نفس اليوم في الدستور زميلنا طارق رضوان: نحن نسلم أمر سياستنا المهمة الى خالد الغندور وشوبير ومصطفى عبده، الذي قال عن الجزائر شعب المليون لقيط - كده مرة واحدة - ولمدحت شلبي ونهال عنبر ومحمد فؤاد ولرؤساء تحرير جهلة، ولوزير إعلام لا يعرف الفرق بين السياسة العليا للدولة وبين الموسوعات - كله بيتباع - ولمذيعين جهلة، الجزائر لو تعلمون - وأنا ضد ما حدث - من أهم الدول العربية لمصر، تملك ثلاثة ملايين جزائري في أوروبا يمكنهم إشعال أوروبا في أي وقت تريد الجزائر، وهي التي أرسلت كتيبة لتحمي القاهرة في حرب أكتوبر، الجزائر هي التي حملت سيارة عبدالناصر على الأعناق عرفانا بدوره في التحرير العظيم، الجزائر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك مصانع لصناعة المعدات الثقيلة ولقوتها قتلوها بالإرهاب اللعين في نفس توقيت وجوده في مصر، لا يمكننا أن نستغنى عن الجزائر لو تعلمون كما أنهم لا يستطيعون الحياة الآمنة من غير مصر، من يكفر بالعروبة فهو جاهل.
ما شاء الله، ما شاء الله، عبدالناصر هكذا غير مسبوق بخالد الذكر، خاصة في وصف هذا المشهد العظيم؟

الدستور تتهم خوفو وخفرع ومنقرع
بالتسبب بخراب مصر واضطهاد شعبها

أما مفاجأة عدد الدستور، فكانت عودة صاحبنا اليساري الدكتور إبراهيم السايح الى الكتابة بعد توقف طال، بتوقف جريدة البديل، وحرمنا من قلمه شهورا، فقد قرأ وسمع عما ينشره جهلة وموتورون عن أشقائنا الجزائريين، وغضب جدا، وقال عن أجدادنا الثلاثة، خوفو وخفرع ومنقرع: انتفاضة إخوانك عمر الشريف وحسين فهمي ومحمود ياسين وأختك يسرا أمام الأهرامات دفاعا عن كرامة زملائهم الفنانين والفنانات الذين لم يحسن السودانيون والجزائريون استقبالهم ووداعهم، قبل وبعد مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر! اختار الفنانون المثقفون موقع الأهرامات لأنهم لم يقرأوا التاريخ الحقيقي لبلادهم، ولا يعلمون حتى الآن أن هذه الأهرامات هي أول رموز القهر والاستبداد في التاريخ المصري القديم، وأن أجدادنا الأفاضل سخروا الشعب المصري بأكمله لبنائها، ودفعوا فيها كل موارد الدولة الى ان انتهى الأمر بكارثة اقتصادية وسياسية يعرفها التاريخ باسم الثورة الاجتماعية الأولى، أو عصر الإضمحلال الأول، ومثلما أساء الفنانون اختيار الموقع أساءوا ايضا اختيار القضية، فهؤلاء النجوم الكبار لم يذهبوا للاعتراض على قهر الشعب المصري بالقوانين العسكرية الاستثنائية طوال العقود الثلاثة الخالية، ولم يذهبوا للامتعاض من تزوير كل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية والنقابية والطلابية والرياضية التي أجريت في مصر طوال عهد الرئيس الحالي، لم تشمل انتفاضة الفنانين كلمة واحدة عن تلفيق الدستور ولا تفصيل القوانين ولا تأليه الرئيس، ولا فساد الحزب الحاكم، ولا محاكمة المدنيين أمام العسكريين، ولا البطالة الرهيبة التي تدفع الشباب للهروب او الانتحار او الإرهاب ولا انهيار التعليم ولا مسخرة الإعلام، ولا الشعارات والملابس والطقوس الدينية الزائفة ولا تبديد موارد وأرض وممتلكات الدولة على صانعي ورعاة الفساد والنفاق والتخلف، ولا شراء الوظائف أو توريثها، والأكثر إيلاماً من كل هذا، أن رموزا رائعة من النخبة الثقافية والإعلامية والسياسية المصرية سقطت في هذا المستنقع، بينما كنا ننتظر منهم التصدي بالعقل والموضوعية لصناع وزبائن هذه المسخرة. الاستاذ صلاح عيسى - مثلا - يعلم اكثر منا جميعا كل سوءات وعورات المصريين كأفراد ومجتمع وحكومة ونظام، لكنه كتب مقالا يشايع فيه مشاعر الإعلام الكاذب والنخبة الفاسدة، ويطلب من المصريين أن يرفعوا رؤوسهم في مواجهة الجزائر، رغم دراية سيادته الكاملة أن هؤلاء الناس فشلوا طيلة عقود أربعة في رفع أي شيء أمام الاستبداد وإهدار الكرامة وإهدار الحقوق في مصر نفسها، لا بد أن نعترف نحن أولا بدورنا في صنع الأزمة ثم نطلب من الجزائر أن تعترف هي الأخرى بأخطائها، ثم نبحث نحن والجزائر سبل وصول الشعبين الشقيقين الى الحد الأدنى من التحضر والموضوعية، والآدمية!.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وما دخل أجدادنا خوفو وخفرع ومنقرع، بوقفة أحفادهم من الفنانين والفنانات، وبعض المثقفين، حتى يهاجمهم إبراهيم؟!

الوفد تسخر من الهلافيت الذين يسيئون لروابط الاخوة المصرية ـ الجزائرية

ويوم الأحد، شن زميلنا في الوفد عادل صبري هجوما آخر عنيفا ضد أعداء حماها الله، وقال بعد أن سخر منهم ومن جهلهم واطلق عليهم لقب الهلافيت في كلا البلدين الشقيقين: فلا يمكن أن تمحو مباراة كرة قدم يقبل عليها العوام روابط بنيت على وحدة الدم عند الشدائد وأحيانا ما تظهر الخلافات اليومية كراهية باطنة بين العاشقين التي تدفع أحدهما مع غياب العقل الى قتل الآخر، في هذه الحالة لا تستطيع أن تقول إن أصل العلاقة بينهما قائمة على الكراهية، نظرة عميقة للأمور تؤكد لنا أن ما نحن فيه نتاج هذا الحب ولكنه الحب المكلوم في أهله والذي عبر عن إخفاقه في صورة غوغائية امتدت مسيرتها بين الجزائر والقاهرة، ثم حشرنا بدون ذنب الخرطوم لأنها لم تستوعب عراك المحبين فكادت تتحول الى مسرح جريمة بين العاشقين فالحب بين مصر والعرب تحول الى حالة مرضية جعلتهم ينتظرون منا الكثير في وقت لم نعد نقدم لهم النموذج الذي يبنون عليه قواعد هذا الحب، فقد كنا المعلمين والأطباء والمهندسين والكتاب والشعراء، اصبحنا ننافسهم في العري ورقص الأفاعي وشعر الغجر، ونرسل لهم الخادمات والراقصات والمرتزقة واللصوص، كنا نفتح لهم أبواب الحرية ونصدر لهم المستشارين والخبراء، اليوم نمتعهم في شوارع الهرم ووأدنا حلمنا وحلمهم بالديمقراطية وأصبحنا نستورد أساتذة الفرقة والتكفير.

سخرية من ملف مصر الرياضي المقدم للفيفا

وحتى لا يكون عادل وحيدا، فقد سانده في اليوم التالي الاثنين زميله بـالوفد محمد عبدالفتاح قائلا عن هكذا اتحاد كرة قدم مصري وعن الملف الذي قدمه للفيفا عن اعتداءات المشجعين الجزائريين على المصريين في الخرطوم: المتوقع والمنتظر، إن شاء الله، هو رفض الملف، وفرض عقوبة قاسية على مصر بسبب الأحداث التي وقعت في القاهرة قبل وبعد المباراة الأولى مع الجزائر، وتسجل مصر صفرا جديدا، كما هو معتاد، فالجزائريون قدموا ملفهم وبلاغاتهم بالمستندات بسواد مادة فيلمية أو صور، أو وثائق، وهذا معروف للجميع والعالم كله يعلم تماما أن مصر هي التي اعتدت على الجزائريين وعلى الفريق الجزائري، والذي نعرفه من لسان حسن صقر وسمير زاهر انهما لم يفعلا شيئا سوى مهاجمة الجماهير، ورئيس الاتحاد الجزائري، وأوعز إليهما بعض المسؤولين عندنا لإعلان الحرب على شعب الجزائر بوسائل الإعلام المصرية، وسب الشعب، والسخرية من شهدائه ووصفهم بالمليون لقيط، والدعاء عليهم مثل النساء، من الآخر، ملف مصر سوف يفشل في إثبات الاتهامات التي روجت في السودان على الشعب الجزائري، وبعد هذا الفشل المتوقع هل سنحاكم رئيس اتحاد الكرة وحسن صقر بتهمة إهدار المال العام وخيانة الشعب، أم سنكرمهما مثل لاعبي المنتخب؟.
لكن كان لزميلنا وصديقنا كرم جبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف موقف آخر إذ أراد مجاملة سمير زاهر وحسن شحاتة بقوله عنهما في نفس اليوم - الاثنين - سمير زاهر هو أحد الأسباب الجوهرية في أزمة مباراة الجزائر، ورغم ذلك يستمر في خداع المصريين وتخديرهم وإثارة أعصابهم مع سبق الإصرار والترصد، ولو سكت فسوف نكسب كثيرا لأنه حين يتكلم يخطىء وحين يتحرك نغرق، وحسن شحاتة محظوظ في الملعب وخارجه، فقد أفلت من الحساب في بطولة العالم بسبب ضجة فتيات الفندق، وأفلت من مباراة الجزائر بسبب أحداث العنف، في البطولتين لم يحاسبه أحد على أخطائه سواء في الاختيار أو التشكيل، أو خطة اللعب، بل تم تكريمه والوقوف بجواره رغم الإخفاق الكبير.
وكحل وسط بين البلدين تقدم زميلنا وصديقنا عمرو سليم باقتراح عن طريق طفل ممسك بكرة ويقول لرئيس الفيفا:
- البلدين أخيب من بعض وترتيبهما الـ111على العالم في مكافحة الفساد، أنا لو منك ما اطلعش حد منهم لكأس العالم يا مستر بلاتر.

المصري اليوم تشيد بعلاء مبارك

وأمس - الثلاثاء - كان علاء مبارك محررا لعدد من التعليقات، بسبب الأحاديث التي أدلى بها لعدد من البرامج التليفزيونية، ففي المصري اليوم قال الأستاذ بجامعة عين شمس وعضو المجلس الأعلى لأمانة السياسات بالحزب الوطني الحاكم الدكتور إبراهيم البحراوي مشيدا بعلاء: اعتقد أن تلقائية علاء وصدق مشاعره قد أديا وظيفة نفسية مهمة كان المصريون في حاجة إليها بشدة، في هذا التوقيت، كان الناس غاضبين ويبحثون كعادة المصريين عن المواساة والترضية وتطييب الخاطر ومعاقبة المعتدين عند القصر الرئاسي الذي يجد موئلهم وملاذهم منذ سبعة آلاف سنة، ولعل هذه الحقيقة هي التي جعلت الأمور تلتبس على بعض الكتاب، فخلطوا بين الانفجار العلني التلقائي لمشاعر علاء المتوحدة بمشاعر المصريين المجروحة وبين فكرة ركوب الموجة لأسباب سياسية، الحقيقة التي اعتقد في صوابها ان رجلا من البيت الرئاسي قد ضاق صدره بمشاعر الغضب التي سيطرت على نفسه فقرر أن يفعل ما يفعله الملايين بالتعبير عن مكنوناته علنا فنزل كلامه سلاما وبردا على قلوب المتألمين لكرامة المصريين وضحايا العدوان. انها حقيقة بسيطة لا تحتاج الى التفسير والتأويل على الوجه السيئ، وشكرا لعلاء لتلقائيته.

انتفخت اوداج علاء مبارك بجرعة كرامة
زائدة وهو يصرخ في برنامج البيت بيتك

ولكن كان بجواره مباشرة في الصفحة السابعة عشرة، زميلنا بوكالة أنباء الشرق الأوسط الدكتور عمار علي حسن ليقول: حين انتفخت أوداج علاء مبارك بجرعة كرامة زائدة وهو يصرخ في برنامج (البيت بيتك)، قال رجل على المقهى لصاحبه، يعملوها ويخيلوا، فرد عليه، يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته، فجاءهما صوت من الركن القصي، لا حرية لجائع ولا كرامة لعريان، فقلت لهم وأنا أهم منصرفا: كرامتنا هنا وليست في الخرطوم وعلينا أن ننتزعها الآن قبل أن نترحم عليها الى الأبد.
وبعد أن غادر عمار المقهى دخله زميلنا من الشروق وائل قنديل وجلس على نفس كرسيه وأكمل قائلا للزبائن: بعد أن هدأ الغبار وتوقفت طبول الحرب المصرية - الجزائرية، ينكشف المشهد عن عدد من المفارقات المضحكة حتى البكاء، لعل أولها هذه الخاصية العجيبة التي يتفرد بها قطاع كبير من الشعب المصري وهي القدرة اللانهائية على خداع الذات وصناعة الأساطير، ذلك أنه قبل نحو خمس سنوات كان علاء مبارك نجم الحكايات والحواديت الشعبية، السلبية للأسف - كما كان قاسما مشتركا في كل النكت التي صوبها المصريون على ما اعتبروه مظاهر فساد صغيرا كان أم كبيرا في المدن والقرى على حد سواء، بشكل ربما كان فيه الكثير من الظلم والإجحاف بحقه في الوقت الذي لم يكن فيه شقيقه جمال شيئاً مذكورا، وفجأة توارى علاء في الظل، واختفى اسمه من ماكينة الشائعات التي تعمل بلا توقف في المجتمع ولم يعد يذكر إلا في مناسبات رياضية كبيرة ترتبط بصراع الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمنتخب، حتى جاءت أحداث مباراة الجزائر ليزاح الستار عن مجموعة من اللاعبين الصغار قرروا فجأة تبديل المواقف والثياب وتحولوا الى تدبيج قصائد المديح والغزل في فضائل الابن الأكبر، والذي ارتفع فجأة من اسم ارتبط بعديد من حواديت امتزاج البيزنيس بالسلطة، الى المعبر عن وجدان المصريين والمتحدث باسم المشاعر الوطنية الى الحد الذي ذهب معه البعض الى طرح فكرة استبداله بشقيقه جمال في لعبة التوريث، وهكذا في قفزة واحدة تحولوا من جماليين مخلصين إلى علائيين بامتياز، ولله في خلقه شؤون.

الاهرام: الجزائريون
اكبر من بعض مشجعيهم الصغار

وبمجرد انتهاء وائل من كلامه حتى فوجىء الزبائن بزميلنا وصديقنا بـالعربي وعضو مجلس نقابة الصحافيين، جمال فهمي يصرخ مهللا من الدستور: عاش الاستاذ علاء مبارك، وعاشت الست إسعاد يونس وعاش تامر الهربان من الجيش وتامر الهربان من الإصلاحية وإخوانهم عبده وعمرو وغندور ومنصور وزرزو وخلافه، وما تزعليش يا مصر، سايق عليكي النبي.
وجمال يقصد المطرب تامر حسني، ومقدم البرامج في التليفزيون المصري تامر أمين، وعمرو أديب في أوربت، والآخرون لاعبون سابقون ومقدمو برامج رياضية وهم مصطفى عبده وخالد الغندور.
وكدت وسط هذا الزحام ان أنسى الإشارة الى قول زميلنا وصديقنا بـالأهرام رجب البنا يوم الأحد: لا أظن أن ما حدث من اعتداءات على المصريين يمكن اعتباره إهانة لمصر أو للشعب المصري في عمومه لأن الشعب الجزائري في عمومه أشرف وأكبر من هذه الصغائر وهذه الجرائم، ومشاعره تجاه المصريين لا تقل عن مشاعر المصريين نحوه ونحو كل الشعوب العربية. مهما حدث لا أظن أن فيما حدث إهانة لأنه لا أحد يستطيع أن ينال من كرامة مصر والمصريين، أما الغوغاء وقيادتهم في أجنحة السلطة الجزائرية فهم غثاء سوف يجرفهم السيل، سيل الحكمة والعروبة التي ستبقى وسيذهب هؤلاء بما يستحقونه من لعنة في عبارة واحدة: لم تكن هذه هي الجزائر.

الساخرون والمباراة ونتيجة
امتحان التضامن العربي

وإلى ردود أفعال الساخرين على المباراة وما حدث فيها، ونبدأ من الأحد قبل الماضي مع زميلنا خفيف الظل جلال عامر وقوله في المصري اليوم: - مصر هي أم الدنيا ومصر هي الشقيقة الكبرى للعرب وقريبة ونسيبة عائلات مظلوم.
- إذا صممت الفيفا على عدم إعادة المباراة فعندنا الشريط وممكن التليفزيون يعيدها.
- اختيار السودان الشقيق الحبيب لإقامة المباراة كان خطأ، القرار الصحيح هو إقامة المفاعل في أم درمان وإقامة المباراة في الضبعة.
- مشكلة لاعبي المنتخب أنهم جاءوا بالتعيين.
- الأغاني الوطنية الجديدة ركبوا عليها مباريات كرة، والأغاني الوطنية القديمة ركبوا عليها إعلانات سمنة، نريد أغاني وطنية يركبوا عليها الناس بالنفر.
وفي مجلة أكتوبر عرض علينا نائب رئيس تحريرها زميلنا محسن حسنين، الآتي في نفس اليوم - الأحد قبل الماضي - بصراحة لأني بأغرد دايما خارج السرب فلن أعلق على نتيجة مباراة مصر والجزائر، بل على نتيجة امتحان التضامن العربي، والحب والإخاء والتسامح، والدم الواحد والمصير الواحد، والبطيخ الواحد، كل دول، لم ينجح أحد!
- بالمناسبة، ما دام إن مجلس الجامعة العربية قد بحث الأسبوع الماضي أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فياريت يتم جميله ويبحث بالمرة أوضاع الأسرى المصريين المحاصرين، في الجزائر!!.

صوت الأمة تقارن
واقع مصر والجزائر في ما مضى

أما كاتب صوت الأمة الساخر محمد الرفاعي فساهم بما هو آت في ذات اليوم: كان المثقفون والمناضلون زمان - سواء من فريق الأسد المرعب الحنجوري بتوع أنا شجيع السيما أبو شنب بريمة، أو من فريق صمت الحملان، بتوع وأنا مالي يابوي وأنا مالي، يعتبرون حفلات أم كلثوم الشهرية التي كان يستعد لها السميعة بالحشيش والسبرتو مثل الحقنة المخدرة التي يفقها النظام للمواطنين في العضل، عشان ما يحسوش بالتلطيش وضرب البلغ، وما تيسر من اللطع على القفا وحتى لا يلاحظوا البنية الاجتماعية وهي تتقلب رأسا على عقب وتقف على دماغها زي الحاوي الغلبان، الذي تضحك عليه الزباين.
والآن لم تعد هناك أم كلثوم ولا كلثوم نفسه بالإضافة الى اننا أصبحنا جبلات والحمد لله، وسارحين في غيطان البانجو، يعني ما فيش حاجة تحوق في جتتنا لذلك، بدأنا نلخم أنفسنا بالقضايا التي تخترعها الحكومة أو القضايا التي يجعلها الإعلام، مثل الغازية التي تفقه الزباين هزة وسط، تجيبهم الأرض، وبالتالي، لم يكن غريبا خاصة ونحن لا نمتلك أي مشروع قومي ولا هدفا وطنيا على اعتبار أن الحاجات دي مكروهة شرعا والعياذ بالله - أن تصبح القضية الأساسية المحورية هي من سينتصر في معركة داحس والغبراء بلد المليون شهيد واللا بلد التمانين مليون شهيد؟! نحن نحب مصر مهما فعلت بنا، ونشجع مصر حتى لو كانت عرجاء وبتلعب برجل واحدة لكن ليس بهذا الهوس الذي يجعل من المنتخب المشروع القومي الأوحد، وحسن شحاتة البطل القومي الأوحد، لدرجة أن السيد الرئيس أصر على حضور التدريبات مع أن سيادته لم يحضر في أي مأساة شعبية، وآخرها مأساة العياط.
نعم من حق الناس أن تحلم وتفرح، لكن ليس بكرة القدم وحدها ورجالة وطول عمر ولادك يا بلدنا رجالة.


القدس العربى

 

 

---------------------------------------------------

 

قبل وبعد واقعتي القاهرة وأم درمان: هل هذا إعلام ام إعدام للثوابت والقيم؟
ياسين الوسلاتي

2009/12/01

 


إنها الحرب بكل المقاييس ... حالة استنفار قصوى ... رص للصفوف .... تجييش غير مسبوق... حملات نفسية منظمة من هنا وهناك للحط من معنويات الطرف الآخر.... أعصاب مشدودة ... توعد بالويل والثبور ... الأصبع على الزناد ... هستيريا بينة .... الأوضاع تسير نحو الأسوأ وتنبئ بالخطر الداهم والعقلاء صامتون لا يتحركون ... البركان جاهز ليأتي على الأخضر والأزرق والأصفر والأحمر واليابس والجميع في استقالة تامة ... الأمر يتعلق بمباراتي كرة قدم تدوم كل واحدة منهما تسعين دقيقة، الأولى كان مسرحها إستاد القاهرة والثانية كان مسرحها ملعب أم درمان بالسودان وجمعتا بين منتخبين يمثلان بلدين شقيقين هما مصر والجزائر ... الرياضة تقرب بين الشعوب فإذا بها تصبح حربا بين الشقيق وشقيقه، وهذه عادة عربية بامتياز ... ولقد كان من الأفضل أن يتخلى الاتحاد الدولي لكرة القدم عن اعتبار هذين المباراتين تأتيان في إطار تصفيات تابعة له حتى توضع في سياق البند السابع من قوانين الأمم المتحدة الذي يتيح استعمال القوة لفض النزاعات بما أن الحرب بجميع الأشكال والمظاهر واقعة بين البلدين الشقيقين لا محالة: دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا والله أعلم ماذا ينتظر البلدين ... فعل ورد فعل وعنف وعنف مضاد قبل المباراتين، وفعل ورد فعل وعنف وعنف مضاد بين المباراتين، وفعل ورد فعل وعنف وعنف مضاد بعد المباراتين ... الرياضة في المباراتين لم تجد حظها إلا بنسبة قليلة جدا، أما البقية فخصصت للتداعيات والنتائج الكارثية، غابت مفردات الرياضة لتحل محلها عبارات السب والشتم والتهديد وفضح الطرف الآخر ...
في فلسطين المحتلة تقترف إسرائيل ما بدا لها من جرائم وتزيد في انتهاك حقوق الفلسطينيين فتواصل سياسة الاستيطان وهدم البيوت الفلسطينية بينما العرب مشغولون بالحدث المصيري وهو مباراتا كرة قدم بين شقيقين ما يجمع بينهما أكثر مما يفرق، بينما العرب متفاعلون كأفضل ما يكون مع كرة تتقاذفها وتركلها الأرجل ومتفاعلون أكثر مع ما خلفته واقعتان من مآس وكوارث ... المشكلة كانت بين طرفين هما مصر والجزائر فإذا بطرف ثالث يدخل على الخط وهو السودان الذي وجد نفسه فجأة وسط معمعة، وسط بؤرة توتر من الصعب أن ينجو منها، وجد نفسه في كماشة تضغط عليه من جهتين، وجد نفسه بين شقيقين ينبغي أن يعدل بينهما لأن العصا ستهوي على رأسه إن مال إلى هذا الجانب أو ذاك، ولكن في النهاية لا أحد رضي عن السودان وألفى نفسه وسط صراع لا علاقة له به من بعيد أو قريب .... يعني أن سعدية وسعد تعاركا فوضعا سعد الله في الحبس ... السودان وجد نفسه في لحظة من اللحظات عرضة لتدخل أجنبي حقيقي ومهددا به تهديدا صريحا وذلك لضمان أمن جمهور دولة ما ...
والسؤال لماذا كل هذا التوتر والتشنج والتخمر وملء القلوب؟! لماذا كل هذا العنف في التعامل مع الآخرين والتعاطي معهم بهذا الشكل الاستفزازي الوقح ؟! لماذا كل هذه الإثارة وهذا التضخيم المبالغ فيه لمجرد مباراتي كرة قدم تدومان 180 دقيقة لا أكثر ؟!
إن المتابع للإعلام الرياضي المصري وخاصة الفضائي منه سيلاحظ دونما شك أنه خال من أمر أساسي وهو الموضوعية والشفافية والاحترافية، وهو إعلام عودنا منذ سنوات بالانحياز الأعمى والمفضوح لمصر على حساب الآخرين وخاصة في مجال الرياضة وبصفة أخص في كرة القدم، بطبيعة الحال من حق أي إعلام وطني أن يدافع عن مصالح البلد الذي ينتمي إليه ولكن ليس إلى درجة أن يبادر إلى تزييف الحقائق فيجعل الأبيض أسود والأسود أبيض ويضخم الصغير ويقلل من شأن الكبير، وليس إلى درجة أن يقع تغييب الآخر وعدم الاعتراف به أو احتقاره ... في ما سبق كان مثل هذا الأمر مقتصرا على الصحافة المكتوبة، أما في التلفزيون فلا يظهر ذلك إلا أثناء نقل المباريات، ولكن اليوم مع تطور الإعلام المرئي وتعدد الفضائيات أصبح الصوت المصري يصل إلى كل الدول العربية التي يصطدم مواطنوها صغارا وكبارا بانحيازه الأعمى والمفضوح إلى مصر، وقبل مباراتي مصر والجزائر وبعدهما ظهر ذلك الانحياز الخالي من الموضوعية والمملوء بالمغالطات والنرجسية والتعالي على الآخرين مما هيج مشاعر كل المتابعين وجعلهم يستغربون مما يقال وخاصة الجزائريين . فهذا الإعلام يمجد مصر تلميحا أو تصريحا بشكل لافت وباستعلاء واضح جدا: يبدأ هذا التمجيد بكل المجالات لينتهي إلى كرة القدم، يبدأ من أن مصر أم الدنيا والبقية الباقية لا شيء ... الإعلام الرياضي المصري أو أكثر الإعلام الرياضي المصري يريد أن يكيف قوانين كرة القدم حسب أهوائه وحسب مصلحة المنتخب المصري ويشن حروبا على الحكام إذا لم تكن النتيجة لصالح المنتخب المصري، هم يريدون قوانين على مقاسهم تؤدي بهم إلى الفوز الدائم ...
المعلقون المصريون يتحدثون عن مباريات منتخبهم بطريقتهم الخاصة ومن وجهة نظرهم حتى يخيل إليك أنهم يعلقون على مباريات لم تشاهدها أنت، هم لا يعترفون إلا بنتيجة واحدة وهي الانتصار أما غير ذلك فهو اعتداء على حقوق منتخبهم من المنافس ومن الحكم ومن مراقب المباراة ومن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ومن الاتحاد الدولي لكرة القدم ... من الجميع الذين يتآمرون على المنتخب المصري المسكين، هم يؤمنون بمبدأ واحد وهو : إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا ...
قبيل واقعة أم درمان شاهدت صدفة برنامجا رياضيا على قناة النيل الرياضية ( طبعا قناة مصرية ) فسألت مذيعة بالأستوديو مراسل القناة بالسودان عن الأجواء قبل المباراة فأخبرها أن الجمهور الجزائري أكثر عددا من الجمهور المصري، إضافة إلى أن عددا من السودانيين انضموا إلى الجزائريين، وهنا انتفضت المذيعة المصرية واحتجت وأعربت عن غضبها من السودانيين الذين انضموا إلى مشجعي الجزائري وقالت للمراسل: ألم يعلم السودانيون أننا اخترنا بلدهم حتى يساندونا ؟! .
و في نفس السياق أشار المراسل إلى أن جماهير المنتخب الجزائري اقتحمت قبل المباراة الميدان مرتين مما جعله يتصل بمسؤول إعلامي بالفيفا اسمه منذر التونسي (على ما يبدو أنه منذر الشواشي) ليسأله عن الأمر فأخبره أن المسألة في مثل هذا الحالة تعني المنظمين وهم بطبيعة الحال السودانيون وعندها علقت السيدة المذيعة المحترمة قائلة : طبعا هو تونسي ..! وهذا بطبيعة الحال يوحي أن المنتخب المصري يتعرض إلى مؤامرة، والسؤال ما دخل تونس في الحكاية، وهل ذلك المسؤول الإعلامي ـ وهو موجود في السودان ـ يمثل الفيفا أم يمثل بلاده ...؟!
قبل مباراة القاهرة تعرض الوفد الجزائري إلى العنف وبعد المباراة وقعت اشتباكات بين الجماهير المصرية والجزائرية، وسعى الإعلام المصري إلى التقليل من حجم ما وقع، وبعد مباراة أم درمان وقعت اشتباكات بين الجماهير الجزائرية والمصرية، وهذه الاشتباكات عادية جدا تقع في جميع أنحاء العالم، بل تقع بين جماهير الأندية في البلد الواحد ويمارس عنف شديد بينهم، إلا أن الإعلام المصري قفز على الحدث ـ خاصة بعد هزيمة المنتخب المصري وفشله في الوصول إلى نهائيات جنوب إفريقيا ـ وضخم الحكاية وسلك الإثارة في كل شيء، وخرج الأمر من الرياضيين ليصبح من مشمولات الرؤساء ومدير المخابرات والوزراء والسفراء والعلاقات الدبلوماسية ولم يبق إلا قادة الجيش، وأصبحت الفضائيات وبرامجها بمثابة غرف العمليات، وصار الحديث ـ على الهواء مباشرة ـ عن التهديد بالتدخل في السودان وعن احتلال الجزائريين للخرطوم وضرورة تحريرها من هذا الاحتلال عن حصار للمصريين وعن وصول الاستغاثة من بعضهم في أكثر من نقطة بالخرطوم، والمشاهد أثناء ذلك يعتقد أنه يتابع فصول حرب بكل معنى الكلمة: حرب بين دولتين على أرض
دولة ثالثة، وقد اجتهد كل الإعلاميين الرياضيين المصريين من أجل تصوير الجمهور المصري الموجود بالسودان على أنه ضحية لا حول له ولا قوة بتعرض إلى مظلمة قاسية ...
بعد واقعة أم درمان صرح اللاعب المصري الدولي السابق إبراهيم حسن قائلا إنه سيشجع تل أبيب لو لعبت مع الجزائر، لكن فات إبراهيم حسن أن هذه الأمنية لن تتحقق له أبدا لأن المصريين لن يلعبوا أبدا ضد تل أبيب، ولذلك عليه أن يشجع تل أبيب في مباراة أخرى لا تهم الجزائريين . وبعد واقعة أم درمان تحدث إبراهيم حجازي في برنامج دائرة الضوء بالنيل الرياضية عن الرعاع وعن أولئك الذين يعتدون على المصريين وقبل سنوات كان الذباب يعاف أن يحط على وجوههم ...!!
وعبر كثير من المصريين ـ فنانين وسياسيين ـ بعد مباراة أم درمان عن خيبة أملهم بسبب أن مصر أصبحت مكروهة من كل الشعوب وقد تأكدوا من ذلك الكره، ولكن الحقيقة أن كل الشعوب ـ وخاصة العرب ـ لا يكرهون مصرا ولا المصريين، وإنما هم مستاؤون من الإعلام الرياضي المصري الذي يتعامل مع الآخرين بكل استعلاء واحتقار، هذا الإعلام الذي أعدم كل الثوابت والقيم وهو يعملق الرياضة المصرية ويقزم الرياضة عند الآخرين، العرب أو أكثر العرب لا يكرهون مصر والمصريين وإنما يكرهون أنانية الإعلام الرياضي المصري وتشجيعه الخفي على الكراهية والعنف، العرب أو أكثر العرب لم يشمتوا في مصر والمصريين بعد هزيمة أم درمان وإنما شمتوا في الإعلام الرياضي المصري الذي صور فوز مصر على الجزائر في مباراة القاهرة على أنه إنجاز عظيم، ومن يتابع ذلك الإعلام ليلة المباراة سيذهب في اعتقاده أن المنتخب المصري ترشح إلى جنوب إفريقيا وانتهى الأمر وأن هذا المنتخب بكل لاعبيه لا قبله ولا بعده ولا يقدر أي منتخب على منازلته، وهذه الطريقة في التناول أضرت بالمصريين أنفسهم وكانوا ضحية لذلك الإعلام واعتقدوا أن الترشح صار من تحصيل الحاصل وبعد المباراة فهموا أن إعلامهم ضحك على ذقونهم، وأيضا شنجت تلك الطريقة الجزائريين وجعلتهم قنابل موقوتة مهيأة للانفجار في كل لحظة وقد شعروا بالاحتقار

---------------------------------------


هذا ما كان يجب أن تبكوا عليه.. يا رجال

واذا بقينا في نفس الموضوع وتوجهنا الى صحيفة المصري اليوم فنقرأ مقالا لاذعا للدكتور طارق الغزالي حرب يقول فيه: لعل ما لفت النظر بشيء أثناء هوجة مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر التي أقيمت بالسودان وخسرناها بشرف هو أنه أثناء التغطيات الإعلامية الطويلة، التي استمرت لأكثر من عشرة أيام عقب انتهاء المباراة في مختلف القنوات والفضائيات عامة وخاصة محلية وعربية هو ظاهرة دموع الرجال!!
فبعد الغناء والرقص والطبل والزمر الذي أعقب المباراة الأولى بين الفريقين، التي جرت في استاد القاهرة وأهلتنا لمباراة ثانية فاصلة، والتي استمرت على مدار أيام أربعة لا حديث فيها يعلو على حديث المباراة الفاصلة وعن الاستعدادات الهائلة لها بما فيها شحن الجماهير معنوياً وجسدياً بطريقة تنم عن قصور في التفكير وانعدام في الكفاءة ودرجة عالية من الغباء السياسي والخلل في المستويات العليا للإعلام المصري العام والخاص وكذا في إدارة الدولة ذاتها.
ربما يكون الشحن المعنوي مفهوماً ويتحمل مسؤوليته قادة الإعلام المصري المغيبة عقولهم والمحصورة في نقطة واحدة وهي كيف يستفيدون أكبر استفادة من هذا الوضع الشاذ، الذي جعل الفوز في مباراة كرة قدم أعز وأغلى ما يتمناه المصريون!!
أما الشحن الجسدي فأقصد به هذه الطائرات، التي حملت الآلاف من أعضاء الحزب الوطني الذين تم جمعهم واختيارهم بأوامر قيادة الحزب المسيطرة، التي للأسف الشديد لا علاقة لها البتة بالسياسة أو الرياضة وكل علاقتها هي بالحديد منذ أن كان خردة وحتى أصبح حديد تسليح!!
ربما كان معظم من تم شحنهم لم يدخلوا ملعب كرة في حياتهم أو غير مهتمين بها أصلا، ولكنهم وجدوها فرصة لركوب طائرة والسفر إلى بلد آخر دون أن يدفعوا شيئا.
وأنهم أفهموهم أنهم ذاهبون إلى مهمة قومية هي الأهم في التاريخ المصري الحديث.. وكيف لا وقد شبه بعض الجهلاء المسيطرين على الإعلام المصري في هذا الزمان الأغبر هذه المباراة بالموقعة الكبرى التي نكون فيها أو لا نكون!!
المهم أنه كان طبيعياً جداً بعد انتهاء هذه المباراة بالهزيمة وهو أمر متوقع - أن يبادر جهلاء وغوغاء وأغبياء في البلد الآخر برد الصاع صاعين، وأن ينفلت زمامهم بفرحة هدف جاء بتوفيق غير عادي، ضمِن لهم التأهل بدلاً منا إلى كأس العالم القادمة.
لن أعلق كثيرا على رد فعل الإعلام المصري لهذه الهزيمة، الذي ظهر مباشرة على الفضائيات المختلفة، ولن أستفيض في وصف مناظر السادة إعلاميي آخر الزمان، الذين ظهروا على الشاشات في هيئة وطريقة أداء ذكرتنا نحن أفراد جيل الثورة، الذي عاش انتصاراتها وانكساراتها بأيام بيانات حروب الاستنزاف ومقتل الرجال الشجعان على خط النار بل بأيام أخبار هزيمة 67 والنكسة العسكرية المؤقتة لقواتنا المسلحة.. إلى الدرجة التي اغرورقت فيها عيون بعض من هؤلاء المذيعين وهم ينعون إلى الأمة خبر ضياع ما يسمونه حلم التأهل إلى كأس العالم وإلى الدرجة التي شاهدنا فيها حالات من التشنج والعصبية والانفلات لبعض الوجوه التي تظهر في هذه الفضائيات، والتي تقوم بدور السنيدة للبطل المذيع.
ووصل ببعضهم الأمر أن أخذ يدعو المصريين للخروج إلى الشوارع وقتل كل جزائري يقيم على أرض مصر!! والله الذي لا إله إلا هو لو حدث هذا الانفلات على الهواء مباشرة من إعلامي أياً كان في بلد محترم ولديه قيادة حكيمة واعية فعلا، لصدر الأمر فوراً بمنع عمله في أي جهة إعلامية ونقله إلى وظيفة إدارية فوراً. الشيء المثير للضحك ولكنه ضحك كالبكاء - أن يظهر العديد من المذيعين وضيوفهم وهم لا يستطيعون التحكم في مشاعرهم من فرط الانفعال فتفيض عيونهم بالدموع!!
ربما يكون ذلك معقولاً أو مبرراً بالنسبة للنساء خاصة اللاتي تعرضن لاعتداءات الغوغاء الجزائريين، لكن غير المعقول أو المبرر أن تدمع عيون من يفترض أنهم رجال في مثل هذا الموقف، سواء منهم لاعب الكرة الذي يؤدي دور مذيع فشاهدناه يذرف دموعاً أثناء حديث نجل الرئيس إليه.
أعتقد أنها كانت دموع فرح، لأنه تصور أنه باتصال نجل الرئيس به سيجني نقاطاً في صالحه أمام من يهاجمونه أو يطالبونه بالتعقل. وبالتالي كان يفكر في وضعه الشخصي.. أو دموع رجال آخرين ممثلين ورجال أعمال وإعلان وهم يدعون أن تلك الدموع إنما هي في حب مصر!!
لقد فاضت الدموع من عيني أيضاً في هذه الفترة الحالكة من تاريخ الإعلام المصري. ولكن كان ذلك لسبب آخر بعيد عن تفكير قادة الإعلام والرأي العام في هذا البلد المنكوب.. ففي أثناء هذه الهوجة نشرت صحيفة الأهرام أن تصنيفاً عالمياً وضع إسرائيل في المرتبة الرابعة على العالم بالنسبة للبحوث العلمية.
هذا ما جعل الدموع تترقرق في عيني وأنا أقرأ هذا وأقلب صفحات الصحيفة فلا أجد فيها موضوعاً يشغل البلد بمن فيه قياداتها العليا سوى مباراة كرة القدم، التي جرحت كرامة المصريين وكبرياءهم!! بالله عليكم.. أليس حالنا المزري هذا هو الذي يستحق بكاء الرجال؟! يا الله.. كم نحن تافهون وعن وعينا غائبون؟!.
معارك بين نواب البرلمان
حول الموقف من الجزائر

واذا اتجهنا الى عدد مجلة حريتي يوم اول من امس فسنشهد وقائع وتفاصيل الاجتماع المشترك للجان الشباب والدفاع والأمن القومي والشؤون العربية الذي تم تخصيصه لمناقشة التحركات المصرية للرد على الاعتداءات الجزائرية على الجماهير المصرية بالسودان مواجهات ومشادات ومشاحنات وصراخا ودعاوى لتدويل الخلاف المصري الجزائري كانت هذه هي الأجواء التي سيطرت على هذا الاجتماع. الذي ناقش الأحداث التي حدثت في السودان في أعقاب المباراة الفاصلة بين الفريق المصري والفريق الجزائري أو الاعتداء على الممتلكات المصرية في الجزائر قبل المباراة: كان النواب ثائرين. وطالبوا جميعاً بالتصعيد ضد الجزائر. واتهم عدد من النواب الحكومة والحزب الوطني بالمسؤولية عما حدث. وهذه ليست هي المرة الأولي التي تشتد الخلافات بين الأعضاء فقد شهد هذا الفصل التشريعي العديد من هذه الخلافات ولن نتحدث عنها الآن.
في البداية تساءل النائب حيدر بغدادي كيف تقام مباراة بين أسدين مصر والجزائر ونختار السودان ليكون مكان المباراة الفاصلة؟
أما النائب جمال الزيني فقد دافع عن الحزب الوطني قائلاً: إذا كان الدكتور جمال زهران ومصطفى بكري حملا الحزب الوطني المسؤولية فأنا أسألهما أنتما بعتما مين؟ وأكد الزيني أنه لولا قيام الرئيس مبارك بالاتصال بالرئيس السوداني عمر البشير لما تمكن المصريون من العودة من السودان.
دخل نواب الوطني وبعض النواب المستقلين في مشادات مع رؤساء اللجان الثلاثة والدكتور مفيد شهاب الدين وزير الشؤون النيابية والقانونية بعد أن طلب رؤساء اللجان وقف المناقشة مؤقتاً عند هذا الحد والاستماع إلى بيان شهاب وارجاء باقي المناقشات إلى وقت آخر. ووقعت مشادة بين نائب الوطني علاء حسنين والوفدي محمد مصطفى شردي. حمل د. مفيد شهاب الإعلام المصري خاصة القنوات الخاصة والإعلام الجزائري مسؤولية زيادة التوتر والاحتقان قبل المباراة وأدان شهاب بشدة العنف الجزائري.
أكد أن الرئيس مبارك يتابع بنفسه ملف الأزمة ثانية بثانية. وتعجب شهاب من عدم صدور أي اعتذار جزائري.
أكد شهاب أن الحكومة بذلت أقصى ما في وسعها في الأزمة. وأضاف: علينا أولاً أن نعرف أسباب العنف لدى الجزائريين، سواء من ناحية مصر خاصة أو عنفهم بصفة عامة ضد جميع الدول.

الوفد: على فين؟ انزل يا واد!

ونتجه الآن الى الوفد لنقرأ رأيها فيما آلت اليه الاحوال بين مصر والجزائر نتيجة مباراة الكورة، فيطالعنا الزميل محمد أمين بالتالي: قصيدة ولا أروع .. كما يقول شوبير في تعليقه على مباريات الكرة .. أعني قصيدة انزل يا واد .. والتي يقول فيها صاحبها انزل يا واد من فوق كتاف القاهرة .. وقد سرت كلمات هذه القصيدة في الشارع المصري، كما تسري النار في الهشيم .. وبرغم أنها بلغة عامية إلا أنها ربما طاولت قصائد فصحي لشعراء عظام .. كانت أيضا نتاج أزمة مباراة الجزائر .. لكن يبقي السؤال الأهم .. متى تتراجع نغمة انزل يا واد في الشارع السياسي المصري .. ومتيى يستجيب الشارع لجهود الوساطة العربية .. هل يمكن أن ينهي هذه الأزمة اتصال بين مبارك وبوتفليقة .. هل يمكن أن تنجح جهود الوساطة العربية، والتي قيل إنها تضم تحركات ليبية وسودانية وسعودية .. وهل صحيح أن الأزمة لم تكن بسبب مباراة كرة .. وإنما لأن هناك أيدي خفية .. قيل مرة إن وراءها قطر وإسرائيل .. وقيل مرة أخرى إن إيران هي التي تلعب في المنطقة .. وخطتها عزل مصر .. أو تقييد الدور المصري ! أعرف أن الوزير أحمد أبوالغيط قال في أول تصريح له تعقيبا على الأزمة .. إن هناك جهات أجنبية وراء الأزمة المصرية الجزائرية .. وأعرف أن الأنظار اتجهت إلى إسرائيل في البداية .. وحاول البعض إيجاد علاقة من نوع ما بين روراوة الجزائري وإسرائيل، سواء بالنسب أو التمويل .. وأعرف أن هناك من أشار إلي دور قطري لعبت فيه الجزيرة الجانب الأهم، حين أذاعت خبرا عن وفاة مشجعين جزائريين عقب مباراة القاهرة .. وبرغم كل هذا أعرف أيضا أن الوزير أبو الغيط تراجع مؤخرا، وقال ليس لدينا دليل على تورط قطر وإسرائيل .. إذن نحن لا نحتاج إلي مصالحة مع الجزائر وحدها .. ولكن مع العرب جميعا .. وفي هذا السياق لا بد من وقف التلاسن المتبادل .. وقبلها لا بد من وقف لغة انزل يا واد ، حتى تهدأ الأحوال !! نغمة انزل يا واد وانزل يا كلب لا تصلح معها أية جهود وساطة .. ولا يستطيع أن ينجح معها لا الملك عبدالله بن عبدالعزيز .. ولا الفريق عمر البشير .. ولا العقيد معمر القذافي .. ولا أمة لا إله إلا الله .. فالمصالحة تكون بين شقيقين ندَّين .. وليس بين كبير وصغير .. وليس بين هرم وسفح .. جائز أن نعشق القصائد، وأن نرددها وأن نقولها في مجالسنا الخاصة .. أما حين تذاع على الملأ .. فإنها تهدم أكثر .. وحين نتحدث بأنهم يكرهوننا .. فكيف ننتظر أن يقولوا .. نحن نحبكم .. وحين نسكت فلا نصحح شيئًا فنحن نستحق ما يحدث لنا .. وأظن أن الخبر الذي نشرته الجزيرة يوم العيد عن اتصال مبارك لتهنئة بوتفليقة .. كان يستحق أن نصححه أو نؤكده، أو نجد له أثرا في الإعلام الرسمي .. ولكننا أيضا لم نفعل ولم نستخدم حقنا .. لا في المرة الأولي التي أشارت الجزيرة إلى وفيات .. ولا في المرة الأخيرة التي كشفت عن تهنئة وتهدئة .. فهل يعني هذا أن مصر كبيرة .. أم أنها لا تحترم حق الإعلام .. ولا تؤمن به أبدًا !!

رد الكرامة: ما الذي نمتلكه ليحسدوننا عليه؟!

والى زاوية السكوت الممنوع في المصري اليوم ورسالة من القارئ مصطفى عكاشة من مدرسة الخطارة الإعدادية بنين قنا، حيث يقول: ذكر بعض نوابنا وكتابنا أن ما حدث ينم عن حقد وحسد دفين من إخواننا العرب تجاه مصر!! وأنا أتساءل مثل الكثيرين لماذا يحسدوننا؟ هل يحسدوننا على المحسوبية والفساد الذي ينمو بشكل جعلنا نحتل المرتبة 111 في الترتيب العالمي للفساد؟ أم على الفقر الذي ينتشر في ربوع مصر؟ أم على طابور البطالة الذي يمتد بطول وادي النيل، أم على الأمراض التي تنهش في أجساد المصريين حتى أنهكت أجسامهم وجيوبهم؟ أم على التلوث الذي أصبح سمة أساسية في حياتنا؟
أم علي الإهانة والسخرية التي يلقاها أبناؤنا بالخارج بسبب تقاعس وتخاذل حكومتنا في حمايتهم؟ أم على إعلامنا الرسمي الهابط وفننا الذي أصبحت مشاهد العري والرقص والألفاظ البذيئة من سماته؟ أم على مؤسساتنا الدينية والتي أصبحت قضية النقاب هي شغلهم الشاغل؟
إن الذين أحسوا بأن كرامتهم قد أهينت هم أصحاب الحظوة والمكانة من شباب ونواب ورجال الحزب الحاكم، أما جموع المصريين في قراها ونجوعها فلم يشعروا بالإهانة، لأنهم في الأصل مهانون داخل بلدهم!! من سوء تعليم وفقر ومرض وجوع وتلوث ومحسوبية.. إلخ.. صونوا لنا كرامتنا أولاً.. تصان كرامة مصر في الخارج!!

المصري اليوم: كن سفيهاً تصبح أكثر وطنية!

واذا عدنا الى المصري اليوم فنطالع معاناة المصريين في الخارج عبر تعليق كتبه الزميل علاء الغطريفي قائلا: يجثو على ركبتيه ليضع في يد أحد السائحين بعضا من حبات الذرة ليرميها للحمام أمام دومو، أشهر الكنائس في ميلانو الإيطالية، ليحصل على بعض النقود ليعيش.. رمقني بنظرة ذليلة عندما عرف من هيئتي أنني مصري، ألقيت عليه السلام، فرد بتحفظ عدائي، لم ينتظر لأحادثه فعاجلني بغضب قائلا: هم فعلوا بي ذلك، السبت الماضي أحد المصريين مات تحت إحدى البنايات من الصقيع بعد أن فشل في إيجاد مأوى، ومصري آخر يحاكم حاليا لأنه حاول اغتصاب فتاة أمريكية، لم أسمع ما قال بعدها، فكان مزيجا من الشكوى والتبرير والبكاء. طاردتني صورة هذا الشاب طوال الأسابيع الماضية، أثناء متابعة تداعيات مباراة مصر والجزائر، التي في القلب منها حديث نجل الرئيس لبعض الفضائيات.
ووضعني عقلي في مقارنة بين المناسبتين: في الأولى الشاب يبكي شاكيا بلاده التي لم تعره اهتماما، فاستقل قارب الموت أربع مرات ليهرب من جحيم الحاجة، والأخرى لنجل الرئيس، وإعلام مستنفر، وغوغاء يطلقون أحط الشتائم والأوصاف، تحت راية الدفاع عن كرامة مصر.. وبينهما تساؤلات عن الغضب لتداعيات مباراة كرة دخلت نفق السياسة المظلم، ومثلها عن غياب الإرادة لحماية شباب هزمناهم في مصر قبل أن نهزمهم في شوارع أوروبا، ومن ثم أتساءل: ألم يكن أجدى بنجل الرئيس أن يغضب لخبر مثل وفاة شاب مصري في طرقات أوروبا أكثر من غضبه على كرة القدم؟ ألم يكن أولى به أن يختار ظهوره الأول في قضية محورية في حياتنا، ولا ينضم إلى آلاف المتعصبين الذين شغلتهم الهزيمة في المباراة أولا، قبل أن تشغلهم إهانات الجزائريين؟!
المهزوم يبحث بعد انكساره عن شماعة ليعلق عليها أخطاءه ويغرق في دوامة التبرير، للهروب من الفشل في حيازة النصر على البساط الأخضر، فلو فزنا وقتل البعض، كانت المسائل ستختلف جملة وتفصيلا، ولو رسم أحدنا سيناريو في خياله سيجد الأمور جد لطيفة، فالقتلى سيصبحون شهداء ويزور شحاتة وأولاده أسرهم، وستطغى هتافات النصر في موقعة المونديال على ما دونها من آلام وأحزان. أغار مثل الآخرين على وطني ولكن أغار أكثر على شباب مصريين لجأ أحدهم إلى أن يتسول بحبات الذرة، وآخر لقي حتفه من الصقيع، وثالث تنتظره عقوبة سالبة للحرية، لأننا خناهم جميعا ولم ندافع عنهم وألقينا بهم إلى مصير مجهول.. والخيانات كثيرة فهي تبدأ يوميا منذ الصباح حتى المساء، فهي في الشارع، في العمل، في السياسة.
لقد عشقنا خيانة أنفسنا، نصرخ على كرة تتقاذفها الأقدام، ولا نصرخ عندما نصبح نحن الكرة في لعبة قذرة غير قانونية.
وشغلني في هذه الملهاة، التي تذكرك بسوداوية أعمال أبي العلاء المعري وجحيم دانتي، أن المنطق تم شنقه على مقصلة التعصب، فسارت الأمور في سياق دراماتيكي يعجز عن صنعه الروائيون العظام، فالخاسرون يستقبلهم الرئيس استقبال الفاتحين، ويحصلون على ستة ملايين جنيه!
وشركات ورجال أعمال ينشرون إعلانات استنكار لما حدث في السودان وتأييدا للرئيس ونجليه لمواقفهم فيما يخص المباراة، ورؤساء تحرير حكوميون يضعون مقياسا جديدا للوطنية، وهو كن سفيها تصبح أكثر وطنية، فأنت وطني بقدر تعصبك.. وكانت أقسى صور اللامنطق، ترديد بعض العامة مقولات مثل: الجزائر هي العدو قبل إسرائيل.
في البلاد التي لا تعرف المنطق، تكريم المهزومين والفاسدين شريعة، والسؤال خطيئة، وتغييب العقل حياة، والاستسلام للغوغاء فريضة، ومن ثَم تذكروا أن أبطالنا في معركة التحرير في الألفية الثالثة هم: مدحت شلبي وعلاء صادق ومحمد شبانة ومصطفى عبده وخالد الغندور وآخرون.. عليكم أن تحفظوهم عن ظهر قلب حتى يرضوا عنا، فهم منحوا الوطن أكثر مما منحه محمد السيد سعيد وكتيبة النضال المصرية طيلة عقود.

---------------------------------------

مصر التي لا تستمع إلا لنفسها ولا تشاهد إلا نفسها

2009/12/01

 


بداية أود أن أؤكد أني لست من المهتمين بشؤون كرة القدم، ولست من الذين يريدون صب المزيد من الزيت على النيران المشتعلة بين الشعبين الشقيقين مصر والجزائر، ولا حاجة بنا في هذا المقام إلى التذكير بالتاريخ المشترك والدين واللغة والثقافة. والمصالح... والدماء المصرية الجزائرية التي سقطت في الثورة التحريرية وحرب 1973. فالشعبان المصري والجزائري إخوة في الدم والعرق فالجيش الذي فتح قاهرة المعز منتصف القرن العاشر الميلادي معظمه من الجنود الجزائريين الذين استقروا بمصر، و أصول كثير من الجزائريين من قبائل بنو هلال التي استقرت زمنا طويلا بصعيد مصر. وقدمت أيضا أواخر القرن العاشر الميلادي من مصر إلى الجزائر. وأن هذا الذي حدث لا يعدو أن يكون سحابة صيف عابرة، ستنقشع عن قريب.
لكن ما لاحظته من خلال متابعتي لوسائل الإعلام المصرية والجزائرية قبل أثناء وبعد المباراة الفاصلة، خصوصا بعد تصريحات كثير من العلماء والإعلاميين ورجال السياسة والثقافة المصريين، والتي تميزت بكثير من التعصب المقيت والشوفينية الضيقة، والتي مست التاريخ والمقدسات ورموز الدولة الجزائرية والتي يجلها الجزائريون، جعلت من السكوت أمرا غير مقبول، وأنه يجب الرد وتوضيح بعض الحقائق الغائبة والمغيبة عن كثيرين من الإخوة المصريين، وقد ترددت بعض الشيء قبل كتابة هذه الأسطر ولكن بالنظر إلى شدة الحملات المصرية على الجزائر رأيت من الواجب الديني والوطني والإنساني والأخلاقي الرد على هذه الترهات والأباطيل.
أولا يتحمل الإعلام المصري المسؤولية كاملة، بنسبة تزيد عن الـ 90، وكانت البداية من تصريحات أحد الإعلاميين بمصر في برنامج القاهرة اليوم، على تلفزيون أوربيت، عشية مباراة العودة بين الجزائر ورواندا: لماذا الجزائريون يكرهون المصريين؟ فقد ساندنا ثورة المليون شهيد، إحنا اللي طوّرنا الجزائر، وعلّمناهم العربية...، وإن كان كرهه للجزائر وصوته لا يعبر عن موقف الشارع المصري وقد تصدت جريدة الشروق اليومي مشكورة لحملة هذا الفاسق الذي يأتي للناس بأخبار كاذبة ويحاول نشر الفتن والقلاقل النائمة.
ويبدو أن الذي يقف وراء هذه الحملة ضد الجزائر هو بعض الأجنحة في النظام السياسي المصري، وتوظيــــف هذه المباراة توظيفا سياسيا، ففي ظل ضعف الانتماء، يستخدم النظام المصري الوطنية الكروية ويوظفها بهدف إلهاء المواطنين عما تمر به مصر من مشكلات سياسية واقتصادية ومعيشية، حتى لا يفكروا مثلا في التوريث السياسي أو القضايا القومية الكبرى مثل الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى. كما تذهب إلى ذلك المعارضة المصرية.
وما يعضد هذا الطرح هو مشاركة الرئيس حسني مبارك نفسه وحضوره شخصيا لتدريبات الفريق المصري، وطالبهم بتحقيق النصر.. كما لو كنا في معركة يحاول فيها التعبئة النفسية للجنود، كما علقت بعض الصحف المصرية على ذلك، ثم الحضور القوي لولديه جمال وعلاء منذ بداية المواجهة بين الفريقين. وقد جاء في تصريحات خاصة لـإسلام أون لاين.نت أنه: كان أجدى بالإعلام مناقشة أسباب ما حدث من توتر، بدلا من الثناء على الدور البطولي للرئيس ونجليه الشجاعين.
ثانيا أريد أن أؤكد فقط على أمر واحد ووحيد، والذي دار حوله جدل طويل عريض، هو أن هذه الهبة الشعبية العفوية والمؤازرة الوطنية الصادقة لأعضاء الفريق الوطني كانت بسبب حادثة الاعتداء على الحافلة التي أقلتهم إلى الفندق ـ ولا أريد الدخول في تفاصيلها فقد شاهدها العالم بأسره إلا مصر ـ، والاعتداءات التي تلتها من إهانة للنشيد الوطني بداية المقابلة وسوء معاملة رجال الدولة الجزائرية الممثلين للشعب الجزائري والدولة الجزائرية، أثناء المقابلة. ولم يكن ذلك بسبب كرة قدم، أو على حد تعبير بعضهم من أجل جلدة هواء، فالأمر في اعتقادي أعمق من هذا بكثير وأخطر، فلم يكن الجزائري لينتفض هذه الانتفاضة الرائعة ويقف هذه الوقفة البطولية التاريخية لو لم يحدث هذا الظلم والتعسف والاحتقار لضيوف مصر من طرف المصريين أنفسهم، وصمت سلطاتهم السياسية وكافة طبقاتهم الاجتماعية على اختلاف مستوياتهم، فلم نسمع كلمة واحدة من عالم أو داعية أو رجل سياسة وثقافة أو فنان أو أديب تدعو إلى دفع البغي عن الجزائريين، لا بل تدعو فقط إلى التعقل وإيقاف المهازل التي كانت تحدث تحت نظرهم وبحضورهم وموافقتهم ومباركتهم.
ويبدو لي أن المواقف المشرفة للسلطات العليا في الجزائر كان نتيجة وردة فعل على المواقف المخزية التي قامت بها أجهزة المخابرات المصرية تجاه أبنائنا في القاهرة. ودعك من محاولات بعضهم تفسير ما جرى من أنه نتيجة الاحتقان السياسي والفشل الذريع في إدارة شؤون البلاد، قد يصدق هذا الكلام على الإخوة بمصر، لكن بالجزائر الأمر مختلف تماما.
وفي تصوري أن المصريين لو تركوا الأمور على الطبيعة، لسارت بشكل عاد ولما أخذت كل هذه الأبعاد، ولما رأينا كل هذه الحشود المناصرة للفريق الوطني ـ وحتى لو خسرت الجزائر المباراة لكنا أول المهنئين ـ ولما نزل البعض إلى هذا الحضيض الأسفل من التعاطي مع الأحداث، ولما خسروا الصداقة والمحبة والاحترام .

الدكتور عبد المنعم القاسمي الحسني

--------------------------------


من جانبه أبدى الفنان محمد صبحي موقفا مغايرا، وطالب بمقاطعة كل ما هو جزائري، وقال في اتصال هاتفي لبرنامج تسعين دقيقة على فضائية المحور، إنه بعد أحداث المباراة بين مصر والجزائر في الجزائر والسودان شعر بأنه ولأول مرة يطعن في عروبته. وأضاف: أقول أن الجزائر دولة خرجت من النسيج العربي ومن العروبة، فهي دولة لا تعرف شيئا عن عروبتها ولا تاريخها، فهم شعب يتحدث الفرنسية ونسوا أنهم عرب.
وتساءل: كيف تقبل الجزائر على نفسها أن تهين المصريين وتعتدي عليهم في بلادهم بالطوب والسكاكين، فهل هذا هو واجب الضيافة عندهم ويكررون ما حدث في السودان ويعتبرون الهمجية والوحشية انتصارا.
وقال: لما الموضوع يصل للإهانة لا تعنيني العروبة، حيث ختم مطالبا بالمقاطعة الشاملة لكل ما هو جزائري.
في ذات الموضوع نفت المطربة وردة الجزائرية ما روجت له بعض وسائل الإعلام بشأن تعرضها لمشاكل مع الأجهزة الأمنية من أجل حضها على الرحيل عن مصر وأكدت أنها تعامل باحترام بالغ وأنها شديدة الحزن على تلك الحرب المشتعلة في وسائل الإعلام بكلا الدولتين، مشيرة إلى أنها تأمل في ان تختفي تلك السحابة السوداءالمخيمة على الدولتين.
وقالت انا موجودة في منزلي بالقاهرة ولم أغادره فقد شهد نجوميتي ونجاحي.
من جانبه قال الشاعر إسلام خليل الذي تخصص في تأليف أغاني المطرب شعبان عبد الرحيم ، إنه سيخوض أولى تجاربه الغنائية من خلال أغنية مصر بنت الأكابر التي يرد بها على الجرائم الجزائرية التي ارتكبت في حق الجماهير المصرية، مشيراً إلى أن غضبه الشديد تجاه ما حدث دفعه لإنتاج الأغنية وتحويلها إلى فيديو كليب أيضا على نفقته الخاصة. وأضاف أنه سيبدأ في تصويرها قريبا لإهدائها إلى أكبر عدد من الفضائيات لبثها على شاشاتها.
تقول كلمات الأغنية:
وحياة أبويا لكل واحد في الجزائر
لازم تلفوا كلكم كده كعب داير
وهاييجي يوم تتكتفوا والكدابين يتأسفوا
والعلم اللي انداس يتباس
وتبقوا فرجة لكل الناس
دي مصر غصب عنكم بنت الأكابر
خلاص العيال اتنططوا ونسيوا الكبير
مصر اللي وقفت جنبهم أوقات كتير
أول مامشيوا خطوة
شالولنا سيف ومطوة
آدي اللي كانوا بيمشوا يلموا أعقاب السجاير
هاييجي يوم يتكتفوا والكدابين يتأسفوا.
وأكد إسلام خليل الاستعانة بالمخرج هاني عبد اللطيف لإخراج الكليب، والذي سيتضمن العديد من المشاهد المهينة لمصر وللجماهير المصرية على أيدى المشجعين الجزائريين، إضافة إلى تصوير عدد من المشاهد الأخرى بمنطقة القناطر.
وحول العنف والقسوة اللذين تتسمان بهما كلمات الأغنية، والتي قد تزيد من حدة الأزمة بين مصر والجزائر، أكد إسلام أن ما فعلته الجماهير الجزائرية أشد وأقوى من أية أغان أو ردود.
--------------------------------------------

 

الذين أهانوا مصر
عبد الحليم قنديل

2009/11/30

 


الحملة الغوغائية التي يشنها إعلام نظام مبارك ضد الجزائر هي أعظم إهانة لمصر، وقد نتفهم دواعي الغضب المصري من سلوك وعدوانية بعض المشجعين الجزائريين في مباراة الخرطوم، لكن القصة تجاوزت حدود مباراة كرة قدم، يفوز بها من يفوز، ويخسر من يخسر، وتجري بعدها حوادث مؤسفة، وتحولت ـ ردا على عنف مشجعين ـ إلى بلطجة ألفاظ، وإلى سوقية مهينة تحط من كرامة الشعبين المصري والجزائري، وتحول غالب إعلام البلدين العربيين الشقيقين إلى مقالب زبالة لفظية.
وقد يكون للنظام الجزائري المأزوم أسبابه في الصمت على الحملة المعادية لمصر والشعب المصري، وهي حملة مدانة بكل المقاييس، تماما كما تتوجب إدانة الحملة التي يديرها النظام المصري، والتي تتذرع بدعوى الدفاع عن كرامة مصر، بينما نظام عائلة مبارك هو السبب الأعظم في الحط من كرامة المصريين، والدموع التي يذرفها زائفة، وأقرب لدموع التماسيح .
وقد كانت للنظام المصري أسبابه الظاهرة في تسييس مباراة مصر والجزائر، فالنظام يفتقر إلى أي قاعدة اجتماعية أو سياسية، وأراد تعويض الخلاء الاجتماعي والسياسي بافتعال قاعدة كروية، وبدأ حملته قبل أسابيع طويلة من المشهد الأول للمباراة في استاد القاهرة، وظهر جمال مبارك الموعود بتوريث الرئاسة في قلب الصورة، وجرى التعامل مع المنتخب الوطني لكرة القدم كأنه فرع من الحزب الوطني الحاكم، والحديث عن تشجيع فريق مصر كأنه تشجيع لجمال مبارك، وجرى أسوأ استغلال لشعبية كرة القدم، وطمس كل التمايزات في مصر، بما فيها التمايز بين النظام والشعب، وبما فيها التمايز بين الذي يمثله جمال مبارك كعنوان لجماعة النهب العام ، وبين الأغلبية الساحقة من المصريين الموحولين بالفقر والبطالة والمرض والعنوسة وقلة الحيلة، وجرى القفز بالغوغائية الإعلامية إلى مستويات غير مسبوقة في أي مباراة كرة قدم على طول التاريخ المصري، ونشطت جماعة المليارديرات المحيطة بابن مبارك في ترويج صورة زائفة، وهي أن مصر على وشك الدخول في معركة حربية وليس مجرد مباراة لكرة القدم، وجرى استخدام سافل لمخزون الاغاني الوطنية التي ظهرت فى حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973، وبدا جمال مبارك كأنه جنرال حرب في مدرجات المشجعين، وكلما سجل الفريق المصري هدفا، تركزت فلاشات الكاميرات على طلعته البهية، وكأنه هو الهداف الأعظم، وحين جاءت النتيجة لصالح الفريق المصري في مشهد استاد القاهرة، بدا أن جمال مبارك قد قطع نصف الشوط إلى كرسي الرئاسة، ولأن النتيجة لم تكن حاسمة في سباق الأهداف، ولم تضمن للفريق المصري فرصة تأهل أكيدة للمونديال، كان على جمال مبارك أن ينتظر نتائج امتحان الملحق في الخرطوم، وهنا تبدى المعنى العاري للتعبئة السياسية لا الكروية، فقد تعاملت جماعة جمال مبارك مع مباراة الخرطوم كأنها قضية حياة أو موت، وجرى تجنيد إمكانات الدولة كلها لدعم فرص الوريث الموعود، 28 قناة تليفزيونية حكومية شاركت في التعبئة، وقنوات تليفزيونية رديفة مملوكة لمليارديرات النهب العام شاركت في التعبئة، فضلا عن ركام صحف الورق المملوكة في غالبها للحكم، أو القريبة من التوجيهات الأمنية السامية، وبدت القصة كلها كأنها مارش عسكري زاعق، دعمته مبالغات وتهويلات الاعلام الجزائري عن اعتداء محدود تعرض له مشجعو الجزائر في القاهرة، ثم كانت المفاجأة في الخرطوم، وعلى ملعب استاد المريخ، بدا كأن حلم جمال مبارك يسكن المريخ، فقد فاز فريق الجزائر بالهدف القاتل، وتبددت فرصة المنتخب الوطني المصري في التأهل لمونديال الكرة، كما تبددت فرصة لاحت لجمال مبارك في التأهل لمونديال السياسة، وحرم جمال مبارك وهذا هو الأهم من فرصة العودة المظفرة، والتي كانت ترتيباتها جارية، وبحيث يزدحم طريق المطار إلى قلب القاهرة بمئات الآلاف إن لم تكن الملايين من المصريين، وبحيث ينزل جمال مبارك من الطائرة إلى الحفل الكروي، ويخطو في عربة مصفحة مزدانة بأعلام النصر، ويلوح بالأيادي للجماهير المحتشدة، وكأننا في حفل تتويج مبكر للوريث، وبدلا من احتفال التتويج الذي كان ينتظره جمال مبارك، فقد كان عليه أن يهتم بنفسه، وأن يتخفف من ذعره، وأن تحمية أجهزة الأمن في رحلة هروب سريعة من الخرطوم للقاهرة!.
نعم، لم يكن الفريق المصري وحده هو الذي خسر فرصة التأهل لمونديال جنوب أفريقيا، بل خسر جمال مبارك فرصة تأهل بدت سانحة لمونديال الرئاسة، وهنا بلغ ضيق العائلة حافة الحلقوم، بدا مبارك الأب أقل تأثرا، بينما بلغ الغضب إلى ذروته عند جمال مبارك ورجاله، وكان الحل مدمرا كاسحا على طريقة أنا ومن بعدي الطوفان، وصدرت الأوامر بتصعيد الحملة الاعلامية الغوغائية ضد الجزائر والشعب الجزائري، ودعمتها هذه المرة أيضا تجاوزات الاعلام الجزائري، وتبارى الطرفان في الحط من كرامة الشعبين الشقيقين، وبطريقة أوقعت الأذى بالمصريين بالذات، فقد بدا المصريون في الجزائر كأنهم رهائن حرب، وبدا المصريون في مصر كأنهم رهائن لرغبات وإحباطات جمال مبارك، فحين ينظر للمصريين من منظور جمال مبارك وعائلته، فإن النتيجة بالطبع لا تكون لصالح المصريين، وتلحق الاهانة العظمى بالمصريين في الجملة، وهذا هو الظلم الأفدح الذي تعرض له الشعب المصري، فإذا كانت العائلة تخدم اسرائيل، وهذه حقيقة لا مراء فيها، فإن ربط صورة المصريين بالعائلة جعلهم كالذي يخدم اسرائيل، وتلك تيمة مزورة استخدمها الاعلام الجزائري بكثافة في حملته المفزعة، والتي لم تميز بين النظام والشعب في مصر، ورددت أكاذيب وسفالات عن المصريين تجعلهم يهودا ، بينما لا يوجد شعب في الدنيا يؤخذ بجريرة نظامه الحاكم، وخاصة إذا كان الحكم ديكتاتوريا طاغيا، ومفروضا على الناس بضغط السلاح الأمني .
ولعله من عبث الدهر أن يتحدث نظام مبارك عن كرامة المصريين، وأن يصور نفسه مدافعا عن كرامة المصريين، وهو الذي أذلهم وأفقرهم وأهانهم بالجملة، وجعلهم يفرون من مصر، ويهيمون على وجوههم، ويطلبون خبزهم وفرص العمل على أرصفة الدنيا العربية وغير العربية، فقد ضاقت عليهم سبل العيش في مصر، وجرى نهب وتجريف ثرواتهم إلى جيوب الكبار بالقرب من منزل العائلة، وهذه مأساة لا ينهيها ولا يخفف من بؤسها ألف فوز في ألف مباراة لكرة القدم، بل تنتهي فقط بحل النظام الذي يملك أكبر جهاز أمن في العالم ربما باستثناء الصين، ويدهس المتظاهرين في الشوارع، وينتهك الأعراض، ويقتل المصريين في العبارات والقطارات وعلى الأسفلت، ويعذبهم حتى الموت في السجون وأقسام الشرطة، ويجرف الأراضي والمصانع، ويعرض مصر كلها في سوق النخاسة، ثم لايكون له من مهرب غير شيطنة الجزائر وتحقير الجزائريين، وخلق عدو وهمي، وصرف أنظار المصريين عن رؤية عدوهم الحقيقي، وتصوير المشجعين الجزائريين كجيش غزو منظم، وكأن عنف بعض المشجعين الجزائريين هو عنوان الجزائر كلها، ثم ينحدر بالحملة الغوغائية إلى جهالات تتنكر لعروبة مصر وعروبة الجزائر، وكأن العروبة رداء نلبسه أو نخلعه، وتتنكر لتاريخ عظيم جمع الشعبين المصري والجزائري في حروب تحرير واصلة من وهران إلى سيناء، وكأن روابط الدم صارت ماء، أو كأن العروبة صارت جربا، وعلى طريقة حملة غوغائية مماثلة أدارها السادات قبل ثلاثين سنة، وكان حصادها مريرا كالعلقم، فقد انحطت بمصر وأهلها ومكانتها، ووصمت المصريين بعار النظام الحاكم الخادم للأمريكيين وللإسرائيليين.
وربما لم تكن صدفة أن العمل السياسي الأبرز الذي قام به النظام مع حملته الغوغائية ضد الجزائر وضد عروبة مصر، لم تكن صدفة أن الحدث الأبرز كان لقاء مبارك مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس في شرم الشيخ، فقد باتت القصة مكررة، وصارت مدونة سلوك مزمن لحكم العائلة، فكلما أراد خدمة إسرائيل، يشن حملة غوغائية في إعلامه ضد العروبة، مرة ضد الفلسطينيين، ومرة ضد الجزائريين، وثالثة ضد قطر، ورابعة ضد إيران، وبهدف إطلاق ستار دخان كثيف يتخفى بجرائمه في خدمة إسرائيل، والتي تحفظ الود لعائلة مبارك، وتحلم باستنساخ نظام الأب في صورة الابن معتل المزاج، والذي حرمه فريق الجزائر من حفل تتويج مبكر.

كاتب مصري
Kandel2002@hotmail.com

------------------------------------------

سقوط الاعلام المدوي في مباراة الجزائر ومصر والاجهاز على ما تبقى من عروبة
فادي عزام

2009/11/30

 

يصف أدورادو كالينو في كتابه كرة القدم بين الشمس والظل المتعصب كيف يصل الملعب ملتحفا علم فريق، مدمرا وجهه بطلاء الألوان الحارقة، مطلقا العنان لحنجرته المبحوحة، مسلحا بأدوات مقعقعة وكيس من الشتائم. ويتحول المتعصب حين ينسل بين قطيع يشبهه من المُهان إلى المهين يخرج حقدا دفينا لشتى أنواع الثأر في يوم واحد.
كرة القدم نموذج لقياس حالة الإحباط الجمعي العام، لحجم الكبت وتعتبر واحدة من أدوات التنفيس الكبرى والعلاج الأسبوعي لاحتقانات المدن الصناعية الكبرى، أما في العالم العاشر وما دون وهي الدول المتصدرة قائمة أكثر الدول فسادا وفشلا ومرضا وأمية، تصبح كرة القدم معركة وطنية، وخاصة حين تصدر الأوامر الأمنية من أعلى السلطات بتكنيس الغبار عن الأغاني الثورية القديمة، وشحن همم الأرواح المتعفسة بروح الوطنية الفاشلة، للذود عن حمى الوطن المستباح فينسى المتعصب ورفاقه كل هزائمهم والنتيجة بحجم مباراة الجزائر ومصر.

دروس في الفن

دروس مشرفة أتحفنا به إعلام الجزائر ومصر، عن نفسه وعن الآخر. هكذا تكون الحمية الوطنية، هكذا تسترد كرامة الشعوب السليبة وإرادتها الحرة، هكذا يتورط الفنانون بالتحول إلى ملقمي ذخيرة لاطلاق الصراخ بدلا من الغناء، بإطلاق الزعيق بدلا من الأنحناء لنشيدين وطنيين كتبت حروفهما بالدم والألم والروح الحرة والتوق لصباحات نشرب فيها قهوة الوطن كبيرا يتسع للجميع ويضيق على الكراهية، لا يتسع بالكراهية ويضيق على كل شيء آخر.
ما نراه من هياج وسخط وبصاق وسخام، هو تراكم كمي يولد نتائج نوعية، أليس هذا هو المنطق؟ أليس التناوب على حرق العلمين، هو هدف جديد يهز شباك الفريقين في مباراة هي الأردأ بتاريخ الكرة.
ألا يكشف هذا لنا بعضا من خواصنا الجمعية في بلدين يعتبران في قاع الشفافية، والحرية وحقوق الإنسان اسوة بأخوتهما العشرين الآخرين.
نكتشف انهما نظامان بوليسيان ليس لديهما أي فكرة في مثل هذه الظروف عما يتلاعبان، فهما لأول مرة في تاريخهما الطويل الذي تجاوز البيعات الطبيعية للحكم، يشعران بحب الشعب، ياه ما أروع حب الشعب؟ شيء حرموا منه طويلا، يريدون التمتع به أطول زمن ممكن قبل عودة الأدرينالين الجمعي إلى منسوبه الطبيعي، ويكتشف الثوار الحمر والخضر إن عدوهما المشترك ليس بلدا آخر، ولا شقيقا بعيدا، بل هو السيد المتوحش الذي يجثم على صدورهم وتاريخهم ويصادر شهداءهم واحياءهم ويحولهم إلى عرض كبير في سيرك، يعرف كيف يوقفه ويعيد النمور إلى أقفاصها والأسود إلى أوكارها، والمهرجين واللاعبين والمتشقلبين ورماة الحجارة والمطاوي إلى حاراتهم ومقابرهم وأحيائهم المليئة بالتلوث والفقر والألم السرمدي.

سقوط الفنانين

والأغرب أن يقبل من يسمي نفسه فنانا، مبدعا، أن يكون في هذه الفتنة ظهرا فيركب أو ضرعا فيحلب.
كل من ينفرد بالحمية على وطنه، يحترم، وكل من يهين وطن الآخرين ويعمم عليهم ألفاظا وصورا، استمدها من صندوق النفايات في جوفه أو حلقه او عقله، وخاصة حين يكون فنانا او إعلاميا مبدعا أو نخبويا، جدير بأن يغلق على نفسه غرفة قمامته ويخرس، يعتزل، يلتحق بأقرب مكب للنفايات لاعادة التدوير علنا نحظى بشتائم وتعميمات أقل شناعة مما (خردقنا) بها نحن من لا نحمل أيا من جواز سفر البلدين ولكن كنا حتى قبل 14 -11 المنكوب نظن أننا نكبر بسمومها، فوجدنا أنفسنا نريد ان نهيل التراب على أنفسنا.
أوجعتمونا نحن من لم تشتمونا، أذقتمونا شيئا حنظليا بامتياز، أفقدتمونا البوصلة مرة أخرى طعنتمونا بالظهر والوسط والمقدمة، في كل شتيمة في كل وليمة من الشتائم استمطرتموها كنتم تغرقون 300 مليون عربي بالمزيد من الوجع وجعلتموهم في فم الشماتة من حكامهم قبل أعدائهم، حتى صحف إسرائيل طالبتكم بالتحلي بالصبر بعد أن أشبعتنا سخرية.
سقوط نخبة الفن في مصر والجزائر، من داعين للمقاطعة والمتظاهرين وحارقي الإعلام، وكائلي الشتائم، لم يعهد يوما، بين أشد الأنظمة والشعوب اقتتالا. لم يعهد حتى بين فريقي سلتك الكاثوليكي ورينجر البروتستانتي في أيرلندا نفسها، المعروفة بانقساماتها الحادة، فكيف وأنتم أبناء فقر واحد ومصيبة واحدة، وجع واحد قبل أن ننجرف ونهدر كلاما عن التاريخ واللغة والدين.
فتصريح لسيدة فنانة تدعى (زينة) وهي وسط مهرجان يعنى بالفن، بالفن يا خلق الله، بالفن الذي لا يعرف حدودا، يجعل من كل ما يقدمه وينتجه من أشباه الفنانين في كلا البلدين، مشكوكا به للأبد. أن ترد الممثلة يسرا الجائزة التي حصلت عليها ويتبعها أحمد السقا ومنير شريف وغيرهم، فيرد عليهم الفنانون الجزائريون بمقاطعة السينما المصرية يجعلنا نرى كيف تستثمر النخبة الفنية المشاعر وتسجل مواقف وفي غير محلها. ولكنه الهيجان، أغلق باب الروح قبل باب العقل، حرك الغريزة الذئبية في القطيع المريع، يحتاج إلى علماء وخبراء ومحللين كونيين، لربما يستطيعون رده إلى أسبابه، ولكن ان يقوم الفنانون والكتاب والإعلاميون بالانجرار وراء القطيع، الذي طالما أدانوه، وترفعوا عنه واغتربوا عن قضاياه، ليصبحوا ذيولا له، فهذا دلالته هي الأخطر.
أن يقوم فنان بلعب دور ضحية،لأنه لم يجد حجزا له في المطار، او لأن ثلة من الأشقاء الأعداء يرمونه بالطوب، فيتحول إلى قضية رأي عام، وتجعل من صحافي وإعلامي ، يعلن على الهواء محرضا ومناديا ومكبرا، لقتل الأشقاء الأعداء الموجودين في مدينته. أهكذا تورد الأبل يا شباب؟.
لماذا لم يسمع صوت الشاعر جمال البخيت؟ لماذا لم يرد أحد الإصغاء إلى الشاب خالد ومحمد منير؟ لماذا ينجر الفنانون إلى حفلة الهيجان المجاني؟، لماذا تطال لوثة الشر والعنف والألم أكثر الأرواح المشغولة بالصفاء والفن والموسيقى؟ أليس كل من يدعو لمقاطعة عربي وطرده، وحرق علمه والتشويش على نشيده الوطني؟ يهزم نفسه أولا، ويطرد نفسه، ويحرق جزءا من جسده.
وهل يجوز وسط الصهيل والنقيق والجعير، ان نسمح للألم أن يجهز على بقايا ما نملك من عروبة؟ وهل يدرك المشككون والمطبلون والغوغاء إنهم حين يخلعون ما تبقى من عروبتهم، وانتمائهم كم شهيدا من أبناء وطنهم يعاودون قتله ودفنه؟.
فنانو مصر والجزائر، لقد خذلتمونا، أذللتمونا، أهنتمونا، جردتمونا من بارقة فرح، واستطعتم أن تدمروا حضارة 7000 سنة في مصر وخذلتم روح الشهداء في الجزائر.
يا أيها المحتقنون بالنصر والهزيمة، لقد خسر كلاكما النصر وأضحت هزيمتكم مثل وحمة في أرواحكم.
ميزة الهزائم أنها تعلم الشعوب، فأعظم المهزومين في التاريخ، أصبحوا في مقدمة الوقت مثل اليابان والمانيا. الا أن هزائمنا عادة تضاف إلى مسبحة نسبح بها كلما جاء ذكر الوطن، نلمعها نتباهى بها، ومع الزمن نحيل الهزيمة بقدرة قادر إلى نصر من نوع آخر نصر إن قادتنا بخير وأنهم مازالوا يواصلون حفر حاضرنا بكل معاولهم ريثما التاريخ يهيل علينا ترابه.
آه يا نجيب سرور آه يا طاهر وطار.

أغنية للتذكير

مش كسبوا مش خذوا المطش طيب بيضربونا ليه؟ هذا التساؤل البريء الذي أطلقه واحد من ابرز اسوأ الإعلاميين العرب دون أن يرف له جفن، متناسيا أنه قبل أسبوعين، كان يقول يارب يا قادر تمرغ أنف الجزائريين بالأرض؟ نسي كيف ساهمت لامسؤوليته ولا حرفيته ولا مهنيته وضيق أفقه، بتوفير الأرضية التي ستنطلق منها الجموع للثأر، والثأر المضاد.
يوم الواقعة في السودان، يعود آخر يندب مثل ندابات الشؤم، ويطلق جهادا إعلاميا.
لدينا جزائريون في مصر؟ نروح نقتلهم؟ زي ما بيذبحوا أولادنا نذبح أولادهم؟

كيف يمكن لأعلامي يقول مثل هذا الكلام ولا يحاكم؟ كيف له أن يبقى يطل على الفضائيات ويستطيع أن يقول للناس صباح الخير؟
في الجانب الأخر، الفقير بالفضائيات تقوم صحيفة من الطراز الرخيص، باستخدام كل الأدوات التي تعلمتها في مدرسة الأنظمة العربية الخاصة للصحافة بتحويل الشعب الجزائري إلى قارئ نهم، محطما اسطورة إن الشعوب العربية لا تقرأ، مليونا نسخة تبيعها في يوم واحد، تحت عنوان واحد (كراهية مصر) صارت هذه الجريدة الصفراء خط الدفاع الأول عن شرف الجزائر. لقد حلوا كل مشاكلهم دفعة واحدة واتحدوا ضد العدو المصري، فتحت حدودهم مع المغرب، وعادت طوابير المهاجرين قسرا من فرنسا إلى أرض الوطن، اختفت البطالة ، وزعت الثروات البترول على الجميع، مصانع عمرت، وجامعات تردف الكون بالعلماء.
فعندما ينهار الإعلام والفن والضمير الحي، على الدنيا السلام فهؤلاء من صبوا البنزين على الحرائق، نطالب بمحاكمتكم في محكمة العدل الدولية، وطردكم من وسائل الإعلام ووضعكم في الإقامات الجبرية ومنعكم من استخدام أي وسيلة إعلامية حتى 150 سنة قادمة.
ويبقى أن تنجلي هذه المحنة ويعود صوت الحق، صوت الروح. أن يقوم الفنانون من كل البلدين بالغناء معا لمصر والجزائر، ان يقوم صاحب الأوبريت طارق العريان بجمعهما معا، ويغنون معا. ليس أغنية وطنية ولا أغنية عاطفية عن الأخوة وتجلياتها السقيمة بل هذه الأغنية التي نريد التذكير بكلماتها علهم يهدؤون وينصتون.
فنحن إخوانكم لا يعنينا أي شيء من مهزلتكم سوى هذين النشيدين ومن يمثلانه ومن ماتوا لأجلهما.
بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي
مصر يا أم البلاد أنت غايتي والمراد
قسما بالنازلات الماحقات
والدماء الزاكيات الطاهرات
وعلى كل العباد كم لنيلك من أيادي
مصر يا أرض النعيم فزت بالمجد القديم
والبنود اللامعات الخافقات
في الجبال الشامخات الشاهقات
مقصدي دفع الغريموعلى الله اعتمادي
مصر أنت أغلى درة فوق جبين الدهر غرة
نحن ثرنا فحياة أو ممات
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا...
يا بلادي عيشي حرةواسلمي رغم الأعادي
مصر أولادك كرام أوفياء يرعوا الزمام
نحن جند في سبيل الحق ثرنا
وإلى استقلالنا بالحرب قمنا
لم يكن يصغى لنا لما نطقنا
سوف نحظى بالمرام باتحادهم واتحادي
بلادي بلادي بلاديلك حبي وفؤادي
فاتخذنا رنة البارود وزنا
وعزفنا نغمة الرشاش لحنا
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا
كاتب من سورية
fadiazzam2@gmail.com

80
------------------------------------


لا مصر ولا الجزائر تستحقان تمثيل العرب في كأس العالم

2009/11/30

 


إذا كانت الرياضة هي مجهود جسدي يعمل على تقويته ويؤدي إلى تهذيب النفس والروح والسلوك الانساني، فكل ذلك للأسف لم نره لا في الجانب المصري الذي ابدى اهتمامه برياضة كرة القدم كما لو كان الفوز فيها أعظم انجاز على وجه الأرض ولهذا خسر، ولا رأيناه في الجانب الجزائري الذي فاز في مباراة المريخ بالسودان .. كلاهما بنظري لا يستحقان أن يمثل اي منهما العرب في كاس العالم لأنهما افتقدا الروح الرياضية الأصيلة التي تدفع اي فريق لتقبل فكرة الهزيمة بروح رياضية عالية، أو تقبل الفوز بتواضع بعيد عن الغرور والمكابرة .. الفريقان المصري والجزائري ربما على درجة كبيرة من المهنية والحرفية في اللعب، أظهرا إبداعهما في المبارتين لا احد ينكر ذلك، ولكنهما للأسف تركا أنفسهما لأيادي الشر والفساد تعبث بهما وتتاجر بهما، ورضيا الاثنين معا أن يكونا حصانين يراهن عليهما المقامرين في سباق للخيل، وبالتالي فالحصان الفائز عليه ان يكون ركوبة سهلة أو مطية ينطلق حيث الوجهة التي يريدها ذلك المقامر !
السيد جمال مبارك الذي كان يراهن على فوز المنتخب المصري ليسجل لنفسه انجازا لم يحصل عليه في اي مجال من المجالات الحيوية في مصر، مستغلا رغبة المصريين المحمومة في اي انتصار ولو على الساحة الرياضية بعد أن فقد الأمل في اي إصلاح مصري في كافة المجالات الأخرى، ولعب على الوتر وعزف سيمفونية مصر هي امي، نيلها هو دمي، واهتم بالمباراة بين الفريقين وسخر لهذا الهدف كل إمكانيات الدولة من إعلام وفضائيات وأموال، وحول الأمر كما لو كان ساحة معركة شحن فيها عواطف المصريين وحولها من مجرد مباراة رياضية إلى قضية انتماء وهوية مصرية تستحق القتال والدفاع عنها بشراسة وسمح للأقلام الفاقدة للضمير والوعي أن تؤجج مشاعر كل مصري بالداخل والخارج، وكأن تشجيع الفريق المصري واجب وطني لا يعلو فوقه اي واجب آخر، ونسى أو تناسى أن (الكورة ) ماهي إلا رياضة من حق كل إنسان أن يشجع الفريق الذي يراه لاعبا أفضل في الساحة دون أن يكون لأحد حق التشكيك في انتمائه ووطنيته، فهل يحق لأحد التشكيك في انتمائي ووطنيتي وحبي لبلدي لو شجعت الفريق الجزائري مثلا ؟ ولكن لأننا في زمن ضياع الهوية وطمس الانتماء واختلاط المفاهيم والأوراق .. باتت (الكورة) هي عنوان الهوية ودليل للانتماء .. واخشى ما أخشاه أن يأتي يوما يسأل فيه كل مصري عن انتمائه الكروي !! إن كان ميالا للمنتخب البرازيلي فيعتبر من وجهة نظر السادة رجال لجنة السياسات الخارجية خائنا وعميلا وفاقدا للهوية المصرية ومشكوكا في انتمائه للوطن !!
السيد عبد العزيز بوتفليقة اعتبر فوز الفريق المصري بهدفين في القاهرة عارا على الجزائر لا يمحوه إلا الدم فشحن كل إمكانيات الدولة للمباراة النهائية، ووصل به الأمر إلى تسخير الطائرات الحربية للجيش الوطني الجزائري لنقل المشجعين الجزائريين إلى السودان وسمح للإعلاميين بالتطاول على مصر وشعبها، ونسى الجميع أن حكومة بوتفليقة التي تتهم بالتزوير والفساد أرادت من الفوز التغطية على مشاكل النظام الداخلية وحالات الفساد المستشرية في كل أرجاء الجزائر فتحول المنتخب الجزائري من مجرد فريق كروي رياضي إلى حصان في حلبة سباق المقامرين، وكارت رهان رخيص يلعب به السكارى والفاسدين .
حينما تتحول ساحات الرياضة إلى ساحات ردح وشتم وانحطاط اخلاقي، حينما يصل الفساد ويطل برأسه على الرياضة فعلينا أن نلعن تلك اللعبة ومن بدعها، وان نركل تلك الكورة بأرجلنا وأحذيتنا إلى مزابل التاريخ لأنها لم تعلمنا الأدب ولم تسم بسلوكياتنا حتى نجبر العالم على احترامنا وتقديرنا، وعندما يصل الأمر بنا إلى الدرك الأسفل ونرى كتابا كانوا في نظرنا كبارا يقذفون بسلاطة لسانهم كل ماهو جزائري ومصري ويشوهون تاريخ البلدين ويتبادلون الشتائم والمعايرة ..فهذا يذكر الجزائر بفضل جمال عبد الناصر على الثورة الجزائرية، وآخر يرد بان (الجزائر بلد المليون شهيد ومصر بلد المليون راقصة) حينها لابد أن ندرك أن الرياضة أفسدت أخلاقنا ولم تعمل على تهذيبها .. وحينها لابد أن نصل إلى حقيقة ألا وهي أننا لا نستحق أن يكون لنا اي موقع على خارطة العالم لان لا الدين هذب أخلاقنا ولا الرياضة علمتنا أدب الحوار والتواصل .. ولا هذا الفريق يمثل العرب والعروبة ولا الآخر عنوان الشرف والفضيلة .
تبعات جريمة الشحن الاعلامي من كلا الطرفين (المصري الجزائري) لم ولن تنتهي فإفرازاتها ستستمر بين البلدين وسيدفع الثمن الشعبان، فها هي مصر تستدعي السفير المصري في الجزائر للتشاور، على خلفية أحداث العنف التي صاحبت مباراة منتخبي البلدين لكرة القدم المؤهلة لنهائيات مونديال 2010 في جنوب إفريقيا (سابقة خطيرة لم تحدث من قبل)، وسيعقبها بالطبع سحب السفير الجزائري من القاهرة على خلفية التظاهرة التي قام بها بعض الغوغائيين أمام السفارة الجزائرية، تلك التظاهرة التي طالبت بطرد الجزائريين من مصر، وعلى خلفية تصريحات السيد علاء مبارك التي صرح فيها أن جماهير الجزائر مجموعة من المرتزقة .. وهاهم الفنانون المصريون يعلنون مقاطعة المهرجانات الفنية التي ستقام في الجزائر، وهاهو الإعلام الجزائري يصب جام غضبه على كل من تمنى الفوز للمصريين، وهاهو الإعلام المصري بصحفه وفضائياته يستغلون ماحدث من أعمال شغب في الجزائر ضد المصريين هناك ليبرر حملته الشعواء التي شنها على المنتخب الجزائري وشعب الجزائر قبل مباراة القاهرة ..هذا الزلزال الذي دمر العلاقة بين بلدين وشعبين شهد لهما التاريخ يوما بأنهما مفخرة للعرب والمسلمين في نضالهما وهما عنوان الكرامة والشرف .. هاهو التاريخ يسطر لهما أسوأ انحطاط اخلاقي على يد زبانية السياسة والأقلام المسمومة، في الوقت الذي تسطر فيه منظمة الشفافية الدولية فضيحة لكلا البلدين في تقريرها والذي صدر أول أمس يفيد ويؤكد على: (احتلت مصر والجزائر المركز الـ111 مكرر في الشفافية، بينما وضع قطر في المركز الـ22 باعتبارها أكثر الدول العربية شفافية، تلتها الإمارات 30 وعمان 39 والبحرين 36 والأردن 49 والسعودية 63 وتونس 65 والكويت 66 والمغرب 89 واليمن 154، والصومال الأخيرة عالمياً ) وبما أن الشفافية مفقودة في كلا البلدين فعلى الشعوب أن تعي أن النظامين في البلدين استخدما تلك المباراة لأغراض سياسية، وان الشحن الاعلامي كان مقصودا وهدفه التغطية على ماهو أسوأ بالداخل من فساد وتزوير وتدليس وانحطاط وفشل ذريع في إدارة الأزمات وحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية على وجه الخصوص . لم أكن يوما أتمنى لاي بلد عربي أن يخسر في اي مجال من المجالات بقدر ما تمنيته اليوم .. لأننا كشعوب وأنظمة لا نستحق الفوز .. فالفوز شرف يستحقه من يعرف معنى الكرامة والشرف، ويستحقه من يفهم معناه، ومعناه عندي كان (سواء فازت مصر أو الجزائر فكلاهما بلد عربي يمثل الجميع ) أما وقد سعى كل طرف لنيل الفوز لنفسه .. نفسه فقط دون الآخرين .. نفسه الأنانية ..فهو له ولا يمثل إلا نفسه ..ولا يدعي احد بعد الأحداث التي أدمت قلوب الشرفاء انه يمثلنا نحن كعرب، فالكل خاسر في تلك المعركة حتى لو فازت الجزائر بكأس العالم، ومصر لم تخسر المباراة فقط بل خسرت الجزائر كدولة وشعب، خسرت دولة شقيقة لها مكانتها في قلوب المصريين، والجزائر وان فازت فمن المؤكد أنها مع الأيام ستدرك أن هذا النصر ليس أهم من محبة شعب كان يوما لها سندا وأرضا احتوت كل العرب (يوم كانت مصر أرض لكل العرب) فلتفرح الجزائر بفوزها ولكنها أبدا لن تمثل كل العرب، ولتبكي مصر على خسارتها ولكنها خسارة تستحقها ربما تفيق من غيبوبة الإعلام الرسمي الموتور الذي تاجر باسمها وشعبها لكسب ود الوريث القادم لها .. إنها معركة الفاشلين ، الكل خرج منها مهزوم وخاسر ..وهل نستحق نحن كشعوب من يمثلنا في المحافل الدولية خاسر أو مهزوم؟ ربما فعلا نستحق لأننا أيضا مهزومين على يد عصابات تحكمنا وتتحكم بنا وتوجهنا إلى الوجهة التي تريد .. ومادمنا كذلك فالقادم انتظروه فهو أسوأ مما فات.
وفاء إسماعيل

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !