أوضاع مصر الحالية المتردية أمنياً وسياسياً وإقتصادياً نتيجة طبيعة لتراكمات الماضي البعيد والقريب , وحالة الإحتقان والتردي الأمني ردة فعل عكسية لممارسات مؤيدي ومناصري جماعة الأخوان ومؤيدي الرئيس المعزول مرسي , فالجميع شاهد مواكب ثورة الثلاثين من يونيو التصحيحة التي أعقبها تدخل للقوى السياسية والفكرية والدينية لرأب الصدع بين الرئاسة وبين شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير مطلقي حركة كفاية لكن الرئاسة المصرية ممثلة بالرئيس مرسي وحلفاءه عجزوا عن فهم الحالة المصرية فكان ما كان من عزل للرئيس بعدما تدخل الجيش وبتأييد تلك القوى , فتأييد كان سببه وصول الداخل المصري لنقطة الصفر فكل شيءأصبح مهدداً و بات الطوفان قريباً . الوضع المصري اليوم أكثر حساسية من السابق فالمرشح الوحيد والمحتمل للرئاسة المصرية هو الفريق عبدالفتاح السيسي المتهم بقيادة وتدبير إنقلاب على الرئيس الشرعي مرسي , تلك التهمة لا يمكن إثباتها أو نفيها لأنها تحتمل الصحة والصواب , فالجيش تدخل بعدما أوشكت مصر على الإنهيار كدولة وذلك واجب وطني لأن يتدخل الجيش لأنقاذ الكيان المصري كدولة تدخل لاقى تأييد شيخ الأزهر وبابا الكنيسة وكافة القوى الوطنية ولاقى أيضاً إستنكار كثيرين بالداخل المصري والخارج , تدخل قضى على وقوف الجيش بعيداً عن المسرح السياسي وهنا إشكالية وحساسية المشهد السياسي المصري الذي لا يكاد ينفصل عن العسكر الإ ويعود لها , لكن الحقيقة تقال أن شرعية الرئيس مرسي أكتسبها من الشارع وسقطت بالشارع بعدما خرج الجمهور مطالباً بتنحيه في الميادين ؟ مصر الأن تقف على مفترق الطرق إما أن ترجع وإما أن تذهب هباء وهذا ما لا يتمناه ذو عقل ولب , بغض النظر عن اخطاء الرئيس مرسي وتدخلات الجيش وصفوف التأييد والمعارضة تحتاج مصر للعقلاء اكثر من السابق وتحتاج لتطبيق وثيقة الأزهر التي حوت 11 بنداً وتحتاج لمصالحة سياسية ووطنية شاملة قبل إجراء الإنتخابات الرئاسية وتحتاج لجراح ماهر يضع يده على الجرح , وتحتاج لعاقل يفتح الباب للجميع فليس من المعقول إجراء مصالحة وكثيرٌ من قيادات جماعة الإخوان بالسجون متهمين بلا محاكمة حتى الأن , فالخلاف السياسي لا يبرر الإجحاف وكذلك الإختلاف الفكري لا يبرر التأييد واستدعاء القوى ضد من يٌختلف معه , تحتاج أيضاً لضبط العواطف والتمعن في الامور بعين فاحصة وعقل راجح ! جماعة الأخوان وغيرها من القوى والأحزاب السياسية بمصر بها عقلاء ومتطرفون ومستبدون , والجميع من داخل مصر وخارجها يعولون على العقلاء الذين هم أمل مصر ومنقذها من حمامات الدم وشفير الإنهيار فإن ذهبت مصر ذهب العرب جميعاً في مهب الريح . الشوارع تحتضن الغاضبين والمؤيدين , والتفجيرات بدأت تغزو شوارع مصر والمستفيد من كل ذلك أعداء مصر العروبة فأين عقلاء الأطراف وأصوات الحكمة الذين تركوا الداخل المصري وتركوا الخارج المصري يحتقن مع إحتقان شعب مصر . لو نال عبدالفتاح السيسي كرسي الرئاسة وهو الأقرب والأوفر حظاً من غيره , فإن ديموقراطيتة لن تكتمل طالما بقي خصومة غائبون عن المشهد السياسي , وإن كانت ناقصة فإن ديموقراطية السيسي سيٌطلق عليها ديموقراطية العكسر وتصبح مشابهه لديموقراطية الإسلاميين المتأسلمين ! عندئذِ ستعود حلقات العزل والخلع من جديد للداخل المصري وتبدأ موجات الإستقطاب السياسي والحشد الجماهيري تلف وتدور من جديد وتلك هي الكارثة التي لن تبقي ولن تذر . الرئيس المصري القادم أمامه ملفات عدة لعل أهمها ملف تحسين واجهة وصولة لكرسي الرئاسة وملف التنمية والبطالة والسكن والمصالحة الوطنية الشاملة والمدنية والقانون والعدالة وملفات متعددة , ولن يحقق رغبات الشارع المصري الإ بديموقراطية حقيقية يؤيدها الشارع تكون حاضنة للجميع معارضين ومخالفين شريطة أن يكونوا وطنيين لم يسيئوا لمصر بأي طريقة كانت . مصر العروبة مختبر الامة الإقليمي تعود لواجهة الأخبار من جديد بطريقة مختلفة , على شعب مصر ترك الخلافات السياسية جانباً والإلتفات نحو المستقبل فالرئيس القادم سيكون مصيره كمن سبقه إذا وقع فيما وقع فيه السابقون من أخطاء مهما كانت الالة المحيطة به , أنصار الرئيس المعزول بالميادين يعبرون عن رفضهم بطرق مختلفة يلف حولها إتهامات بالدموية لكن عليهم التفكير بالمنطق ولو قليلاً فالصراع السياسي حله لا يكون بالإحتقان والتأزيم وخلق الفوضى بل يكون بالعمل السياسي والتوجه لبوابة المدنية والحياة السياسية بطريقة مدنية حضارية عندئذِ سيكون هناك قول وفصل أخر بمصر التي ينتظرها العرب أن تعود رائدة وصانعة لكل شيء .. مصر المحتقنه تواجة إحتقان الداخل بخطى متثاقلة وتواجه أصوات العواطف الخارجية بخطى متثاقلة أيضاً وهنا مفارقة عجيبة , فأين العقلاء عن الداخل وعن الخارج فأصوات العواطف الخارجية تحتقن كل يوم لأنها لا تعلم شيئاً عن الداخل سوى ما يٌنقل لها من وسائل الإعلام الذي في كثير منه يفتقد للمصداقية وأينهم عن الداخل المصري فالأجيال المصرية القادمة ستلعن الجيل الحالي إذا طرق الموت باب كل بيت مصري ؟ حمى الله مصر وشعبها وكل من سكن بها من كل مكروة .
التعليقات (0)