مواضيع اليوم

مصر رايحة فى ستين داهية !

أحمد قيقي

2012-11-28 14:39:21

0

أحيانا ألجأ إلى اللهجة المصرية بديلا عن اللغة العربية حينما تتردد هذه اللهجة على لسانى  بعبارة دالة  ويطن صداها فى أذنى , وأتحدث بها إلى الآخرين  ,  ومن هنا فإن مجمل الصورة فى مصر تقول إنها -أى مصر - رايحة فى ستين داهية -    . كثيرا ما توقعت أحداثا  وكنت أتمنى ان يخيب توقعى ولكن دائما - وللأسف - يصح ما توقعته  , وكم أتمنى أ ن يخيب توقعى هذه المرة  ولا تذهب الإحداث السياسية بمصر إلى الداهية التى سوف  تذهل كل مرضعة عما أرضعت ,  مصر لا تتحمل ما تتحمله سوريا الآن وما تحملته ليبيا قبل ذلك  , فلو حدثت الحرب الإهلية فى مصر فسوف يضيع نصف سكانها قتلا   وقبلهم سيضيع النصف الآخر جوعا , ناهيك عن تدمير بناها التحتية والفوقية , وكل إرثها الحضارى والثقافى  , سيحدث ذلك فى سبيل إرضاء الله  على طريقة الإخوان  وصياغة دستور يطبق شريعته   بمفهومهم  , وذلك بإقصاء كل من له رأى مخالف للجماعة المستقوية بميليشياتها واستعداد   شبابها لتلبية النداء والاستشهاد فى سبيل الله ليكون مصيرهم الجنة ومصير باقى المصريين النار فهم الرابحون فى كل الأحوال .      ويبقى أن أوضح سبب تشاؤمى الذى قد يكون مفرطا  , هذا السبب يتمثل أنه لأول مرة فى التاريخ ينقسم الشعب المصرى هذا الانقسام الحاد   , ويكون انقسامه فى قضايا مصيرية تتعدى العدالة الإجتماعية وتوزيع الثروة بين الناس  , وتتجاوز  ذلك إلى ما يمس حياة الأفراد وخصوصياتهم وحقهم فى الاختيار  ,    حيث يوجد   فريق يرى أن نعمة وجوده أن يحيا للآخرة ويطبق على نفسه وعلى غيره ما يسميه  شرع الله حسب فهمه له  ليضمن جنة الآخرة , وفريق لديه تصور آخر لشرع الله  أويرى أن من حقه ألا يفرض عليه أحد شرعه ويحدد  سلوكياته وأنماط معيشته     , ويتحكم فى نوع طعامه وثياب نسائه  وما  يرى ويسمع من ألوان الفنون    .  .    ومن الأمور التى فجرت الوضع أن الرئيس  الإسلامى  أعلن قراراته الأخيرة دون أن يحسب رد الفعل الهائل عليها  ,  وقد  كشف  المسئولون  فى الرئاسة من الإخوان عن وجههم الحقيقى   وأن  ولاءهم لجماعتهم قبل أن يكون لمصر كلها . وقد  تجلى ذلك فى المواقف التالية    -  1-  خطاب مرسى وسط  جماعته وأنصاره  الذين تم حشدهم لتأييده وتطاول فيه على القوى المعارضة وفى مقدمتهم قضاة مصر  -2-   إعلان مدير مكتب الرئيس  أكثر من مرة محمد الطهطاوى أن الرئيس لن يتنازل عن قراراته قيد أنمله   , وتكراره هذا التعبير أكثر من مرة دون مراعاة لمشاعر الغضب الهادر فى ميادين مصر   , ودون أن يحاول استخدام لغة دبلوماسية أقل حدة  -3-  كل رموز الإخوان تحدثوا على الفضائيات حديثا استفزازيا مثل هذا الذى قال إن المعترضين  يريدون من ا لرئيس أن يكون مثل مبارك ولا يصلى صلاة الجمعة  !  و دون أن تصدر من أي منهم عبارة تدل على الاستعداد  للتنازل عن موقفهم  وإسداء النصح للرئيس  بتغليب المصلحة العليا للبلاد  تجنبا لعواقب لن يستطيع أحد أن يتحكم فى مسارها  . -4- قيام حرم الرئيس بزيارة أسرة الطالب إسلام  شهيد دمنهور, وتقديم العزاء لها  ولم تكلف نفسها بزيارة أسرة جابر شهيد شا رع محمد محمود  ,  رغم  تزامن  تشييع كل منهما إلى مقره الأخير,  ذلك لأن إسلام من شباب الإخوان الذين هم الأهل والعشيرة  , بخلاف جابر الذى هو من الفصيل الآخر  الذى  لا تنطبق عليه مواصفات أهل الشرع  ,وتصنيفهم  لأبناء الوطن الواحد    ! !      .   إننى أعتقد أن هذا التصرف فى حد ذاته قد أسقط آخر ورقة توت عن عورات الجماعة  , الجماعة الكبرى والصغرى خاصة أنه قد سبق للسيدة حرم الرئيس ان أعلنت أنها لن  تقوم بأى دور سياسى لأن سوزان مبارك كانت من الأسباب التى أدت إلى الثورة على زوجها  , ولكنها سارت على نهج جماعتها فى عدم الوفاء بوعودهم   وذهبت إلى دمنهور فى موكب رئاسى  مهيب   لتقدم العزاء فى ابن الجماعة بينما تجاهلت أسرة ابن مصر الآخر  والموجودة بالقاهرة على مسافة لا تقارن بمئات الكيلومترات  التى تفصل القاهرة عن دمنهور  ,    هذه  التصرفات وهذه التصريحات زادت من احتقان الشارع المصرى وضاعفت من غضبه  ,  وفوق ذلك وقبله موقف قضاة مصر الذين علقوا العمل فى معظم المحاكم  , بعد أن رأوا أن تراث مصر القضائى يتم اغتياله والقفز عليه   , هؤلاء الذين يمثلون حصن المقاومة المنيع   , ودرع العدالة  والحرية فى  مصر  هؤلاء  لن يسلموا  مصر لمرسى ولا لجماعته  , ومعهم   غالبية المحامين  ومعظم الصحفيين وكل رجال الفكر والفنون     , ومع ذلك تصدر  هذه التصريحات المتشنجة وغير المسؤولة بأن الرئيس لن يتنازل قيد أنملة  , هنا يجب  أن يعلم الإخوان أن ميليشياتهم  لن ترهب القوى الأخرى ويجب  أن يعلموا أن العالم الذى يهرعون إليه للاقتراض سوف  يغير موقفه  إذا رأى أن الأحوال فى مصر سائرة فى طريق الاضطراب   ناهيك عن ضياع دخل السياحة التى يحتاجها الوطن فى ظروفه الحادة , وانضمام العاملين  فى مرافقها إلى طابور العاطلين  ليكونوا إضافة إلى  الحشود المستعدة للموت  فى سبيل لقمة العيش قبل تطبيق شرع الله  ,   يجب  على الجماعة ومرشدها أن يدركوا أن شرع الله  وحكمته لايرضيان بتدمير وطن وضياعه فى حرب أهلية محتومة إذا لم يتراجعوا عن عنادهم وصلفهم  , حتى لا تذهب مصر على  أيديهم  وتروح فى ستين داهية !




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !