انتشرت فى الآونة الأخيرة تساؤلات عديدة عن هل يجب ان تتمسك مصر باصلها الفرعونى ام ان الانتساب لا يكون إلا للاسلام , وهنا نود ان نشير :
أولاً :أن "الاسلام دين" و"الاسلام وطـن" و"الاسلام نسب " ,وهى حقيقة خالدة دائمة , ان الاسلام هو دين الله الذى ارتضاه لعباده اجمعين لا فرق بين كبير وصغير ولا بين ابيض واسود ولا بين غنى وفقير إلا بالتقوى , وهو الدين الذى بعث الله به الرسل من اول آدم عليه السلا حتى خاتم الرسل والانبياء سيد الخلق اجمعين محمدٌ صلى الله عليه وسلم وهو دين التوحيد الخالص لله , والاسلام هو الوطن الذى ننتمى اليه ونلجأ اليه فى كل زمان ومكان ولا وطن سواه ,والاسلام هو النسب الحقيقى الذى لا نسب سواه وكل المسلمين هم منتسبون للاسلام ولرسول الاسلام وزوجاته امهاتهم و ومعنى ذلك اننا جميعالا ندين إلا بالاسلام ولا ننتمى إلا الى الاسلام وطنا ولا ننتسب إلا الى الاسلام
ثانيا :لم يأمرنا الاسلام ولا الرسول بأن نقطع نسبنا القديم (ولو كان نسبا الى دول كافرة ) بل إن من اعظم الصحابة للرسول من كان يلقب بنسبه ( صهيب الرومى ) نسبة الى اصله الرومى , و( بلال الحبشى ) نسبة الى اصله الحبشى , و(سلمان الفارسى) نسبة الى اصله الفارسى بل إن الرسول ضم سلمان الى آل بيته قائْلاً ( سلمان منا اهل البيت) .
ثالثا :هناك خطأ شائع بين الناس فى فهم كلمة (فرعون) وما مدلولها وقبل الخوض فى التفاصيل نشير الى ان كلمة ( فرعون) جائت فى القران الكريم اربعة وسبعون مرة ( 74) فى شتى سور القرآن وكلها تقصد وتشير الى ملك مصر فى عهد موسى عليه السلام والذى اختلف المؤرخون وعلماء المصريات فىتحديد هويته هل هو رمسيس الثانى ام انه ملك آخر , ومن هنا فالقران فى كل اياته عن فرعون يقصد رجل واحد هو ملك مصر فى عهد موسى وبالتالى لايجب ان نطلق كلمة فرعون على كل ملك حكم مصر فى العصور القديمة, وهناك تفسيران لمدلول كلمة فرعون اولهما انها من كلمتين " فر" و " عا " ومعناها ساكن القصر أى الذى يسكن القصر ويحكم , وهذا يكون لقب كل من يحكم مصر وحرفت بعد ذلك الى فرعون , وقد يكون " فرعون" هو اسم ملك مصر فى عهد موسى أى انه اسم لا لقب , وفى الحالتين فكل ما قاله القران من لعنة لفرعون كان لرجل واحد هو ملك مصر فى عهد موسى , ولا يجب ان نطلقه على جميع ملوك مصر عملا بالآية القرآنية ( ولا تزر وازرة وزر أخرى) صدق اله العظيم.
وملحوظة غائبة عن الجميع ان ان كلمة مصر كلمة مصرية قديمة باللغة المصرية القديمة وقد استعملها القران الكريم ولم ينكرها , وقد جاء ذكر" مصر " فى القران خمسة مرات , اربعة منها تقصد مصر كبلد معروف , وواحد ة فقط تعنى "مصر" اى اى بلد من البلاد وهى كالآتى:
- ( وأوحينا الى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا) سورة يونس آية 87
- (وقال الذى اشتراه من مصر لامرته اكرمى مثواه) سورة يوسف آية 21
- ( وقال ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين ) سورة يوسف آية 99
- ( ونادى فرعون فى قومه قال اليس لى ملك مصر) سورة الزخرف آية 51
- ( إهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم ) سورة البقرة آية 61 , وهى هنا تعنى مصراً اى بلدٍ من البلاد .
رابعا :يشهد التاريخ ان مصر وشعبها هو الدرع الواقى للاسلام وهى كنانة الله فى ارضه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والكنانة هى الجراب الذى يحوى السهام ) وقد كانت مصر دائما هى مصنع الرجال والقادة والعلماء فى الاسلام على مر العصور وسوف تظل دائما هكذا , وقد اوصى رسول الله المسلمين باهل مصر خيرا فقال ( استوصوا باهل مصر خيرا فإن لى بها نسباً وصهرا ) وذلك اشارة الى ام ولده ابراهيم ( مارية القبطية ) والى ام اسماعيل ( هاجر المصرية) زوجة ابوالانبياء ابراهيم وهى ام العرب جميعا .وقد كانت مصر احدى دولتى المهجر الأولى وهما الحبشة ومصر وهما اللتان اختارهما رسول الله لهجرة المسلمين وكيف كان (المقوقس) ملك مصر فى ذلك الوقت يميل الى الاسلام ويعتبره دين التوحيد .
خامسا :ان الحضارة المصرية القديمة كانت هى الحضارة الوحيدة التى تؤمن باليوم الآخر وبالبعث والحساب والعقاب وان المصرى القديم كان يؤمن بالتوحيد وهى اول حضارة نادت بالتوحيد , تذكر كتب التفاسير ان نبى الله (ادريس) وهو من اقدم الاتنبياء ويقال انه قبل نوح كان بعثته فى مصر , أى ان دين التوحيد كان فى مصر , وكذلك معظم الانياء والرسل عاشوا فى مصر فمن ادريس الى ابراهيم ويعقوب ويوسف وموسى وعيسى عليهم السلام كلهم اتوا الى مصر ونشروا دعوتهم فيها , ويذكر ايضا انه فى الدولة الحديثة وفى عهد الملك (امنحتب الثالث) بدأت دعوة توحيد الآلهة فى اله واحد يرمز له باشعة الشمس وقام امنحتب الثالث بتحطيم كل الآلهة وامر بعبادة اله واحد واطلق على نفسه (اخناتون) ولكن هذه الدعوة لم يكتب لها النجاح .
وفى جميع العصور لمصر القديمة كانت كلمة ( معات) هى اصل التشريع للمصرى القديم ومعناها ( الخير والحق والعدل) وهى مفهوم آمن به المصريون على مر العصور حيث كانوا شعبا لا يحب العنف ولا الغزو للدول المجاورة إلا دفاعا عن مصر وامن مصر وهى صفة غالبة حتى اليوم فى جميع المصريين , ويذكر عن المصرى القديم انه لا يحب الاغتراب عن مصر ابدا ولكنه لا يمنع اى غريب من ان يأتى الى مصر ويعيش فيها معه بل انه يكرم هذا الغريب ويفضله على نفسه , وأخيرا نصل الى حقيقة اخيرة وهى ان كلمة فرعون تستعمل استعمالا خاطئا ومجازيا فعندما نقول فرعون نقصد ملك مصر فى عهد موسى ولا يجب ان نطلق كلمة الفراعنة لنقصد بها المصريين فالفراعنة ان جاز النسب للكلمة تعنى كل ملك متكبر طاغٍ , ولكن ان كنا نقصد بالفراعنة وهو المصريون القدماء فلا عيب فى النسب الى المصريين القدماء لما لهم من تاريخ فى الحضارة وفى التوحيد وفى العلوم ,و لايجب ان نكون محدودى الافق فنفاضل بين الاسلام والانتماء الى مصر القديمة , فالمفاضلة هنا لاتصح ولكننا ننتسب الى الاسلام ونطيع الرسول ونتمسك باصولنا المصرية القديمة تمسكا ليس تعصبا ولكنه تمسكا بالاصول , اصول الحضارة والتوحيد . ومازال تاريخ مصر كنزا لم يكتشف بعد وخطوة فى تاريخ البشرية تحوى الكثير وسرا من اسرار الكون مازال مجهولاً .
التعليقات (0)