مصر التي هانت علينا
كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 3689 - 2012 / 4 / 5 - 14:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
• "إذا كانت الجولة الأولى من الثورة المصرية قد تعثرت فهذا متوقع ويحدث في ثورات جميع الشعوب، وعلينا أن نتحلى بالمثابرة لتصحح الثورة مسيرتها وتتعلم من أخطائها. . الحداثة والتحرر قادم على المدى الطويل". . هذا ما أقوله لنفسي وللناس، فهل هذا حقيقي، أم أنني أردد ذلك من قبيل المكابرة خداعاً لنفسي، وحفاظاً على ماء وجهي أمام اللائمين من قرائي وأصدقائي؟. . لقد تعبت من المكابرة!!
• أبداً لن يأتي دستور توافقي عبر الديموقراطية، فالتوافق مفقود في الساحة، ولا يمكن أن يأتي عبر الممثلين للحالة المجتمعية السياسية الحالية. . الحد الأدني الإنساني المقبول عالمياً من التوافق يفرض إن كان لدينا ثمة قوة قادرة على فرضه، وإلا سيكون لدينا دستور لدولة دينية هي المعبرة بالفعل عن عموم ميل أغلبية الشارع المصري وفق نتائج الانتخابات البرلمانية التي لا مهرب لنا منها إلا بفضح لا دستورية البرلمان وحله.
• "ارتفعت هتافات تأييد الشاطر "يلا يا شاطر انهض بينا.. بكرة القدس يرجع لينا". . لن تعود القدس، أضاع زعيم العروبة سيناء، وسيضيع هؤلاء مصر كلها. . أظن أن هذا الشاطر يتجسد فيه ميول وأفكار وصفات ما لا يقل عن 75% من الشعب المصري. . أي نهضة هذه التي يتحدث عنها ويمكن أن يصنعها رموز التخلف والجهالة والعداء للحضارة الإنسانية؟!!. . توكلوا على بركة الله، ونتقابل بعد نصف قرن من الضياع والخراب لمن يمتد به العمر. . ربما كان الشعب المصري منطقي مع نفسه، إذا كان يريد خبزاً دون عمل جاد، ويحتاج للبركات السمائية، وليس للجهد المستند للعلم، هكذا يكون اختياره منطقياً، ولا مهرب من خوض التجربة معه حتى النهاية. . يتحدثون عن نور ونهضة وأنهم يحملون الخير لمصر، لكن أين حل هؤلاء في مكان وفعلوا ذلك، ولماذا يصاحبهم الخراب أنى يسيطرون، في أفغانستان وإيران والسودان والصومال ولبنان وغزة؟!!
• "دعوة الشباب الناصرى لـ"عبد الحكيم عبد الناصر" للترشح للرئاسة". . الخلل ليس في التيار الديني فقط، بل هو متغلغل في نخبة مأفونة أتاحت تفاهتها للتيار الديني أن يفترس شعب مسكين وجاهل. . صار الشرف والاستقامة عملة قديمة غير قابلة للصرف. . لا غرو إذن أن نخوض في بركة من الفساد والنفاق والكذب المتبادل بين الجميع. . إذا كان "فلاناً" كذاباً ومزوراً ومتعصباً وجاهلاً، فهذا يعني أنه الرئيس المعبر عن نبض الشارع المصري، ولا ينبغي حرمان الشعب ممن يمثله خير تمثيل.
• منهج الإخوان في الخداع يقوم على إطلاق خطاب لين متسامح، مع بقاء السلوك المستند لمرجعياتهم كما هو، على وزن من لا يكفون عن الحديث عن سماحة الدين وهم يمارسون قطع الرقاب، وليسأل أحدهم د. عبد المنعم أبو الفتوح مثلاً عن رأيه في تقطيع الأطراف والرجم، وإن كانت هذه العقوبات يصح تطبيقها الآن. . خطابهم أشبه بزجاجة مكتوب عليها "عصير فواكه" ومتى بدأت تشرب منها وجدت بداخلها سم ناقع. . عظيم أن استقال د. عبد المنعم أبو الفتوح من الإخوان، لكن هل استقال من فكرهم، هل استقال من ميراث سيد قطب التكفيري؟. . أتحداه أن يعلن موقفه من سيد قطب!!
• ما ومن تختار يعبر عنك، وكل ما يجره عليك هذا الاختيار إن كان خيراً أم شراً فأنت تستحقه. . حتى الندم على الأختيار لا يغير من الأمر، أنك اخترت ما يعبر عنك وإن كنت تبدي التبرم بنتائج أن تكون ذاتك، كما قد يصاب الخنزير بالمرض جراء أكل الزبالة التي يدمنها ويدفعه إليها تكوينه.
• "الشاطر: ترشحي لاعلاقة له بالعسكري.. والشريعة هي هدفي الأول والأخير". . محترف غسيل الأموال يريد أن يترأس جمهوريتنا ليس ليحل مشاكلنا، ولكن ليطبق علينا ما يعشش في رأسه من هلاوس!!. . ربما كان عمر سليمان هو مهندس صفقة إطلاق الإرهابيين علينا مقابل ولائهم للمجلس العسكري ولم الدور. . أحاول ولكن عبثاً الهرب من مقولة أنه لابد من "شنق آخر عسكري بأمعاء آخر رجل دين"!!. . يبدو أن معيار الاختيار سيكون تفضيل ابن ستين في سبعين اللي بيفهم، على ابن ستين في سبعين وبغل. . نشتهي الآن العودة إلى نقطة الصفر، بأن نختار رجل دولة ينتمي لنظام فاسد، أفضل من حمار ينتمي لزريبة.
• كلما ازدادت الشعوب العربية ولوغاً في الجهل والتعصب والإرهاب، كلما ازدادت أهمية دور إسرائيل بالنسبة للعالم الحر المتحضر، باعتبارها رأس جسر له في محيط التخلف والظلامية العربي.
• أعتقد أن رموز مصر المدنية على وعي كاف بأهمية عدم المساهمة في إنتاج دستور العار والظلام، وبضرورة ترك العار لأهل العار. . أدركت الآن عمق المعاني في نشيد: كشف النقاب عن الوجوه الغادرة، وحقيقة الشيطان بانت سافرة.
• أما وبعد أن ثبت أن أم أبو اسماعين أمريكية، أنتظر خبر تفضل المشير طنطاوي بإصدار استثناء رئاسياً له، أو كلفتة الموضوع بأية طريقة كانت، وما أكثر الطرق عند هؤلاء وأولئك، ذلك حتى تكتمل الباقة الكفيلة بأن يقول الشعب حقي برقبتي. . الثقب في جدار القانون الذي مرت منه الأحزاب الدينية يكفي بالتأكيد ليمر منه أبو اسماعين بأمه الأمريكية. . ألف خسارة على دماء الشباب الطاهر التي سفكت في ميادين التحرير!!
• من الطريف أن تكون المشكلة في الأم الأمريكية، وليس في ابنها المعوق عقلياً والمشوه نفسياً. . لقد أثبتت نتائج انتخابات مجلسي الشعب والشورى أن الكذب سيد الأخلاق، وكتر كذبك تاكل ملبن!!. . للكذب أنواع عديدة بعضها حلال مثل الكذب في سبيل مصلحة رجال الله.
• أعتقد أن حمى تقديس الأنبا شنودة ترجع في جزء منها إلى المرحلة الحرجة التي يمر بها الأقباط في الوطن، بما يؤدي لهروبهم إلى واقع متوهم يغرقون فيه كغيبوبة اختيارية وإجبارية في ذات الوقت، ويمكن اعتبار حالات الذين يموتون دهساً تحت الأقدام لرؤية جثته نوعاً من الانتحار. . أنتظر أن تتوقف القنوات التليفزيونية القبطية الأرثوذكسية عن تكريس عبادة نظير جيد بدلاً من الله. . هل سأنتظر طويلاً؟!!. . لم أعد آمل أن يتحرك الأقباط الأرثوذكس بعد رحيل نظير جيد باتجاه تطهير كنيستهم من الفساد والطغيان، فقد انكفأت مصر كلها على وجهها، وصرنا جميعاً نسعى نحو الهاوية.
مصر- الإسكندرية
التعليقات (0)