مواضيع اليوم

مصر التي في خاطري...

جمال الهنداوي

2009-04-23 11:52:28

0

قد تكون جرعات الثقة الزائدة التي يوفرها الرضا المفترض من قبل المسئول الأعلى.. وراء بعض المبالغات الإعلامية التي تؤطر تصريحات السيد أبو الغيط ..ولكن من المستبعد جدا ان لا يكون وزير الخارجية المصري واعيا او مدركا لمدى الضرر الذي تسببه بعض مقارباته لعقود من السياسة الناشطة والمتفاعلة والمتصدية للدور القيادي والمؤثر والضابط لايقاع حركة المنظومة السياسية العربية برمتها..ولا نجرؤ على الظن –مجرد الظن- ان رئيس الدبلوماسية غير مستوعب للأثر المدمر لتعاطيه غير الموفق مع الملفات الشائكة في المنطقة والذي لها الدور الخطير على مجمل الدور المصري الرائد في المنطقة.
ولكي لا يفهم الموضوع خارج سياقه..فإننا, كعرب, ووفاءً منا للتضحيات الجسيمة والشهداء المصريون الذين سقطوا دفاعاً عن قضايا كانوا يؤمنون بأنها تهم المحيط العربي وكانت توصف بالمركزية في وقت ما. نستطيع الادعاء بالانتماء الطبيعي-ثقافيا على الأقل –إلى الشقيقة الكبرى مصر. وبأنه لنا وعلينا بعض الحقوق والواجبات تجاه المحروسة تجعلنا نجرؤ على الهمس في إذن راسمي سياستها بأن الأسلوب المتبع حاليا قد لا يكون في مصلحة إعادة الروح إلى الدور المصري الذي هو حاجة عربية أساسا قبل أن يكون مطلب مصري.
فالخطاب السياسي الرسمي المصري يبدو مأزوماً بفوبيا تراجع مكانتها الدولية وانحسار نفوذها وخصوصا بعد تجاهل الرئيس الامريكي زيارة القاهرة ضمن جولته في المنطقة كنوع من الاعلان الرسمي عن حالة الانحدار السياسي الذي تعاني منه الدبلوماسية المصرية منذ ما قبل العدوان الاسرائيلي على غزة وتضاؤل التأثير الذي من المفترض ان يكون لها على مراكز القرار الاقليمية والدولية وفقدان تفوقها التقليدي في المنطقة. بل وإحراجها أمام العرب والعالم بتوقيع اسرائيل اتفاق حماية الحدود ومنع دخول السلاح الى غزة مع الشقيقة العظمى,الولايات المتحدة متجاهلة مبادرة الرئيس مبارك مع ساركوزي تمام التجاهل..
وحتى النجاح المصري بعيد العدوان في تنظيم مؤتمر "مخملي" ضم مجموعة من الدول ذوات الخمسة نجوم ومعززة بكل القدرات الشخصية اللافتة للرئيس المصري,والذي اسفر عن ابقاء الملف الفلسطيني بيد مصر.. فأن الخارجية المصرية يبدو انها لم تنجح في استغلاله في الضغط على الموقفين الامريكي والاسرائيلي ,وحتى على حركة حماس التي تلاعبت بها وحرمتها من الذهاب الى مؤتمر القمة بوفد فلسطيني موحد كنصر كان سيجير لصالح الدبلوماسية المصرية..
وتندرج قضية عدم مشاركة الرئيس حسني مبارك في قمة الدوحة ,والذي كان بالتأكيد نتيجة نصيحة من الخارجية المصرية..ضمن الاخفاقات السياسية والذي كان له تأثيرا عكسيا خصوصا بعد مشاركة دول محور الاعتدال وباعلى مستوى ممكن .. مما يدل على ضعف القراءة وتأخرها للمتغيرات السياسية في المنطقة..والمقاربة المصرية مع الملف العراقي لا تختلف كثيرا عن الامثلة السابقة.
وهنا ,لوضع الامور في سياقها الصحيح .وبدون الخوض في الازمة الناشئة بين مصر وحزب الله.. يجب التأكيد على ان مصر لها كامل الحق في اتخاذ كل ماتراه ضروريا لحفظ امنها وسيادتها على اراضيها..وهي محقة في احترامها لاشتراطات الاتفاقيات الدولية التي ابرمتها مع اسرائيل كشأن مصري داخلي من غير اللائق التدخل به من قريب او بعيد.. وقد يكون من الحكمة ان يكون التعاطي مع بعض الازمات ذات الشأن البالغ الحساسية والامتدادات المتعددة , مغلفا بالكثير من التروي والاحتراس والحذر ، وخصوصا في القضايا التي من الممكن ان يكون الخوض فيها –وخصوصا الخوض غير المتبصر – من العوامل التي تعوق جهود ازالة عوامل الاحتكاك بين الاطراف المختلفة التوجهات.
ولكن المتابع المستقل والمحايد للازمة سيصاب بالحيرة والاشفاق وهو يتابع الاداء الهزيل للدبلوماسية المصرية , وتعاملها مع موضوع امني بامتياز او ذو صفة جنائية على اسوأ الاحتمالات من منطلق التضجيج الاعلامي والنفس الزاعق واشراك عناصر قد تنقل الموضوع من طوره السياسي الى الطور المجتمعي المدمر للعلاقات الازلية بين شعوب المنطقة..ومما يعرقل أي امكانية لتكوين ارضيات مشتركة لاستنباط الحلول الناجعة للازمة....والاسوأ هو تقزيم دور مصر الريادي القومي العربي الى مجرد حارس او شرطي سني ضد تغلغل شيعي مفترض لشعب عرف عنه استيعابه التام للثقافات المختلفة وعدم تأثر ثوابته الدينية والقومية..والاكثر ماساوية هو انهيار كل هذه الجلبة امام خطاب متلفز يتيم للسيد حسن نصرالله .. وهذا يعتبر قمة الخطل في الدبلوماسية..
ان الاتكاء الكامل على الصلابة التاريخية للدور المصري القائد في المنطقة ,قد لا يكون عاملا مساعدا في هذه الحالة بسبب التصدع الكبير والانكماش الطاريء على هذا الدور نتيجة الاخطاء المتكررة للدبلوماسية المصرية وخصوصا في عهد السيد ابو الغيط ..ومع وجود اطراف عديدة متربصة لهذا الدور .. و من حق مصر علينا بالمصارحة..ان نتأمل من الشقيقة الكبرى مراجعة بعض الممارسات الصادمة للشعارات المتبناة من قبل القيادة والشعب المصري الكريم ..ونتمنى ان تبحث الدبلوماسية المصرية عن المعطيات التي تعيد لمصر مكانتها التي نعرف..والتي نريد..والتي نحتاج.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !